عقد أول من الشراكة 

محررو الموقع


محررو الموقع

عبدالعزيز الهياجميوم أمس السبت مرت الذكرى العاشرة واكتمل العقد الأول لتوقيع معاهدة جدة الحدودية الدولية بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية التي وضعت أوزار أكثر من ستة عقود من الخلاف الحدودي بين بلدين شقيقين جارين يربطهما من الوشائج والصلات وأواصر القربى والدين والتراث والتاريخ أكثر مما يفرقهما من الجغرافيا والحسابات المرحلية والمصلحية والتفاوت في الإمكانيات والمقدرات بصورة متناوبة على مر الأزمنة وهو العامل الذي لم يكن دائما ولا يجب أن يظنه البعض كذلك.
ومن يقرأ المراحل التي سبقت ذلك يستشف أن الحكمة والنوايا الحسنة كانت هي الآلية المثلى لتبديد المخاوف والهواجس والشكوك خصوصا حين يجد طرف ما نفسه أمام متغيرات وتحولات يشوبها عدم الاستقرار لدى الطرف الآخر وأقصد به اليمن الذي احتاج لوقت حتى يثبت أن ثورته ونظامه الجمهوري ليس مصدر تهديد لجيرانه وأشقائه وإنما مصدر توافق وتعايش واتفاق إذا ما استوعب كل طرف الطرف الآخر كما هو لا كما يريده.. ثم احتاج لوقت حتى يؤكد أن وحدته أيضا ليست مصدر قلق وإنما عامل أمن واستقرار للجيران والمنطقة والعالم. ونحن عندما نقيم في اليمن تلك الاتفاقية, هناك من يقرأها من جوانب الربح والخسارة بالنسبة للأرض المجتزأة من هنا أو هناك ويبدي تحفظا ورأيا مغايرا.. لكن من لا يتوقف عند لحظة يعتقدها وليدة وطارئة ويدرك تراكماتها وخلفياتها يعرف جيدا أن الحكمة والواقعية كانت تقتضي السير في طريق الحوار والتفاوض حتى ولو كان هناك تنازلات مؤلمة فإن اتفاقا حدوديا دائما يستحق ذلك كونه سيضع حدا لتكتيكات مرحلية واللعب بأوراق كانت فاتورة تكاليفها باهظة على صعيد عدم الاستقرار وعلى الوضع الاقتصادي والتنموي وعلى الحياة السياسية والاجتماعية والجهوية وعلى استقلالية القرار وصناعة الموقف .
والحق يقال أن القيادة السياسية الحكيمة للأخ الرئيس علي عبدالله صالح كان لها دور في تجاوز عقبات ومحطات فاصلة انطلاقا من أن السياسة هي فن الممكن والقدرة على الوصول إلى أقل الضرر بدلا من المواقف الرعناء والمتشنجة التي تجلب كل الضرر , ووفق ذلك كان التعاطي الذي أوصل إلى خطوات ناجحة.
وإذا كان قدرنا أن نحقق الوحدة ثم لا نلتقط أنفاسنا إلا وقد وجدنا مباشرة زلزالا يهز المنطقة متمثلا بحرب الخليج الثانية التي لم يفهم موقفنا بشكل صحيح وكان علينا أن ندفع ثمنا باهظا أراده لنا البعض.. فقد ظللنا متمسكين بنهج التفاوض والحلول الودية والنوايا الحسنة في حل خلافاتنا مع جيراننا وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية, وعندما تلاقحت حكمة وحنكة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مع حنكة وحكمة جلالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز” ومنذ كان وليا للعهد ” فقد وفر ذلك مناخا ملائما لتسارع خطوات التفاهم والوصول إلى اتفاق مشترك واتفاقية دائمة.
والشيء الذي كان ينبغي أن يوفره مثل هذا الاتفاق وطي صفحة خلاف ومشكل حدودي امتد لعقود هو أن ما كنا نهدره وننفقه على التكتيكات المرحلية وحسابات الخوف والتوجس من مواجهات أو صدامات محتملة, يعد كافيا لأن نوجهه في صالح التكافل والتعاون والأخذ بيد بعضنا البعض بما يجسد حقيقة أن أي خير أو فائدة هو في مصلحة الجميع وليس هناك طرف مستفيد وآخر غير مستفيد.
وطبعا لا يمكن لأحد أن ينكر أن تلك الاتفاقية الحدودية كان لها انعكاسات ملموسة تمثلت في التقارب اليمني الخليجي بداية من قمة مسقط ديسمبر2001م التي دشنت انضمام اليمن لعدد من مؤسسات مجلس التعاون وبطولة كأس الخليج , كما أن هناك مواقف خليجية وسعودية بالدرجة الأولى منذ مؤتمر لندن للمانحين 2006م والتوجهات نحو دعم التنمية والبنية التحتية لليمن .. لكن يظل الشيء الأهم والذي يمكن أن تكون نتائجه سريعة وملموسة بالنسبة لليمنيين هو ما يتصل باستيعاب العمالة اليمنية في سوق العمل الخليجي والسعودي بصورة رئيسية.. لا بد أن يكون هناك توجه وتفهم صادق لهذه الحاجة الماسة والملحة والتي لا شك سيكون مردودها في صالح تعزيز مناخات الأمن والاستقرار وتمتين قيم وأواصر الجيرة والتلاحم والتعاضد والتضحية من أجل خير ومصلحة بعضنا البعض , وذلك هو الرافعة والضمانة القوية والدائمة لكل الاتفاقيات والاتفاقات.

قد يعجبك ايضا