الفوز الأهم 

طه العامري


طه العامري

 
إبراهيم الحكيم
يقال في المثل اليمني الشعبي:«منú غلبك¿ أو منú زاد عليك¿ قال: أخوك».. ولهذا يقال في المثل اليمني أيضا:«كله في البيت».. ويقال:«منú أنا ومن أخي».. وفي نفس المعنى يقال:«أنا وأخي واحد».. والكثير الكثير من الأمثال التي تردد محليا لتجسيد الإيثار في مواقف الحياة عموما وهذه الأيام تحديدا بصورة أكبر وأعم.
أما أنا فزيادة على إيماني بهذه الأمثال أو الأقوال المتوارثة أقول اليوم الفوز بالنسبة لليمن في الدورة العشرين لبطولة كأس الخليج لكرة القدم أكبر بكثير من مجرد كسب المنتخب اليمني مباراة أو التعادل في أخرى ولا يقاس بلغة الأهداف والنقاط التي قد تكون الأهم للمنتخبات السبعة الأخرى المتنافسة في البطولة.
الفوز الأكبر الذي يعني اليمن وأحرزه حقا أو يواصل إحرازه فعلا هو هذا النجاح المبهر في تنظيم البطولة للمرة الأولى على أرضه إنشائيا وخدميا إداريا وفنيا ثقافيا وإعلاميا وبالطبع جماهيريا والأخير وحده فوز يمني فريد بشهادة رؤساء وأعضاء مختلف وفود وبعثات المنتخبات ومشجعيها المرافقين.
تميز الجمهور اليمني بأعداده الغفيرة وتنوعه من حيث الجنس: ذكورا وإناثا والفئات العمرية:أطفالا وشبابا وكهولا واتسامه بصفة قلما يتسم بها جمهور أي بلد أخر وهي حماسته للبطولة في ذاتها وللعبة الجميلة وتشجيعه جميع المنتخبات الثمانية المتنافسة في البطولةبكل حب وذوق وأخلاق.
وإعلاميا أجدني منتشيا حد الثمالة بهذا الرواج الإعلامي منقطع النظير وغير المسبوق بالمرة في طابعه الإيجابي البشير لا السلبي النذير لليمن.. اسما وعلما مكانا وكيانا إرثا وحضارة شعبا وأصالة هوية وثقافة تراثا وسياحة ولعبا ورياضة عبر الإذاعات والتليفزيونات والصحف والمجلات.
لم ينحصر هذا الحضور الواسع لليمن في المتابعات الإعلامية الرياضية لأجواء وترتيبات البطولة في مدينتي عدن وأبين ومجريات منافساتها وتدريبات المنتخبات وتغطية مبارياتها من جانب موفدي هذه الإذاعات وقنوات التليفزيون والصحف والمجلات والمواقع والمنتديات على الشبكة الدولية للمعلومات.
كما لم ينحصر هذا الحضور الاستثنائي لليمن على البرامج والصفحات والملاحق الصحفية الرياضية فحسببل امتد إلى برامج وصفحات السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون والمجتمع والأطفالالذين حضرت اليمن في البرامج الإذاعية والتلفزيونية المكرسة لهموبخاصة التفاعلية منهاوأسئلة مسابقاتها.
وسياحيا تغمرني أيضا غبطة وسعادة عارمة حيال الانطباعات العامة البهيجة المنبهرة والمعجبة للأعداد الغفيرة من الواصلين لليمن من مختلف دول الخليج العربية الشقيقة وزائري عدن وأبين ولحج وحرصهم بل وتنافسهم في انتهاز كل فرصة تتاح لهم للتحدث عبر وسائل الإعلام المختلفة.
كثيرة هي هذه الأحاديث وقد اتفقت في التعبير عن تفاجئهم بما شاهدوه وما لمسوه ووجدوه وابتهاجهم بما أحسوه وشعروا به من حفاوة ترحيب وبشاشة ومودة وطيب وعوامل استتباب أمن وشيوع آمان وأسباب سكينة واطمئنان لدرجة ولدت لديهم الشعور بالمسئولية وأمانة الشهادة بالحقيقة.
حقيقة أن واقع الحال في اليمن الذي خبروه بزيارتهم له نقيض تماما لكل ما سمعوه وما ظلوا يقرأونه قبل زيارته وأن اليمن -على العكس تماما- آمن ومطمئن ويعيش نهضة حضرية عمرانية وخدمية وتنموية وجدير بالاكتشاف وفيه ما يجعل زيارته مكسبا حد التعبير عن «الندم للتأخر في زيارته قبلا».
مثل هذه الانطباعات مكاسب كبرى في ذاتها وبذور مكاسب أكبر لليمن.. ولا تقدر بثمن فهي بحساب عائداتها على المدى المنظور تفوق أية مكاسب كروية والقيمة الآنية للنقاط والأهداف وتتجاوز أية مكاسب مادية وقتية إلى مكاسب حضارية ثقافية واجتماعية واقتصادية: سياحية واستثمارية وتجارية…إلخ.
ولا نبالغ بالقول أن هذه الانطباعات الواقعية الإيجابية الأكثر موثوقية وصدقية ستغدو النواة لعهد انفتاح خليجي أكبر على اليمن ومدنها.. عهد انفتاح خليجي شعبي: ثقافي ومعرفي واجتماعي وسياحي واقتصادي (استثماري وتجاري) يدعم بدوره ويضاعف بل ويقود مسارات الانفتاح الخليجي السياسي على اليمن.
هذا ما يحتاجه اليمن أرضا وشعبا وهو بالضبط ما يسعى إليه حكومة وقيادة.. تنقية الرؤية وتوضيح الصورة وتصحيح المعلومة وتنقيح المعرفة بشأن اليمن لدى دول الخليج العربية الشقيقة شعوبا وحكومات وقادة..وتوكيد الأخوة وتوطيد المودة وتمديد الصلة وتبديد المظنة وتفنيد الهواجس وتجديد الثقة.
كل ما من شأنه ترسيخ القناعة بقدرية الصلة وحتمية تفعيل العلاقات الشعبية والرسمية والانتقال بها من التواصل إلى التفاعل ومن التعامل والتعاون إلى الشراكة والتكامل في

قد يعجبك ايضا