«نوفمبر» المجيد و«خليجي» السعيد.. التوقيت والدلالة 

طه العامري


طه العامري

 
 
إبراهيم الحكيم
صار معلوما بفضل تغطيات وتحليلات الصحف والمجلات والإذاعات والتليفزيونات أن ثمة جماليات عديدة ازدانت بها الدورة العشرين لبطولة كأس الخليج لكرة القدم ليس أقلها انعقادها وللمرة الأولى في اليمن السعيد ولا انطلاقها في موعدها المحدد دون تأجيل أو نقل وتحويل أو ترحيل وتعطيل أراده بشدة حناظب التهويل وندابات العويل!!.
لكن غير المعلوم -ربما للكثيرين- هو أن ثمة خصوصية فارقة لهذا الموعد المحدد في «22 نوفمبر-4 ديسمبر» الذي تدخلت ترتيبات القدر في تعيينه بل وفي جعله موعدا دائما لقادم دورات بطولة كأس الخليج لكرة القدم لتنطوي البطولة على دلالات أعم وأبعاد أهم تجعل من «خليجي 20» أكثر من مجرد بطولة رياضية كروية إقليمية.
ذلك أن الموعد المحدد لانطلاق «خليجي 20» وفق مقررات اجتماع أمناء سر اتحادات كرة القدم بدول الخليج واليمن والعراق على هامش فعاليات «خليجي 18» في أبوظبي كان قد تحدد في ديسمبر 2011م, ثم تقدم الموعد إلى ديسمبر 2010م وفق مقررات اجتماع اللجنة الدائمة لأمناء سر الاتحادات بمسقط على هامش «خليجي 19».
لكن القدر تدخل ولحكمة يجب ألا تفوت بلا تدبر ليتقدم الموعد إلى نوفمبر 2010م.. والموعد الأخير الذي تقرر وعليه استقر رأي اللجنة الدائمة لأمناء سر الاتحاداتيتزامن مع ذكرى أحداث عظيمة ومناسبات عزيزة وغاليةليس فقط على قلوب اليمنيين المستضيفين للبطولةوإنما على قلوب شعوب كل دول الخليج العربي.
هذه الأحداث العظيمة والمناسبات العزيزةعنوانها الجامع في الحقيقة هو «ميلاد شمس الحرية» وانتزاع الاستقلال والسيادة الوطنية من فكي الاحتلال الأجنبي الذي أطبقهما على شعوب المنطقةإبان انهيار الإمبراطورية العثمانيةومؤامرة «سايكس بيكو» لتقسيم ولاياتها العربية وجعلها فرائس سائغة انفرد بكل منها على حده وجعلها مستعمرات ومحميات صاغرة لأطماعه الجشعة.
وقد ظلت غالبية دول منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية حتى 30 نوفمبر 1967م ترزح تحت وطأة الاحتلال الأجنبي ونير الاستغلال البريطاني الغاصب للأرض والسالب لحرية أهل الأرض والناهب لخيرات هذه الأرض..أكان بصورة احتلال مباشر عسكري أو غير مباشر عبر قيود اتفاقيات الحماية والوصاية البريطانية السالبة للحرية والسيادة الوطنية.
بيد أن نجاح الكفاح المسلح في اليمن والثورة اليمنية (26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م) في إرغام سلطات الاحتلال البريطاني على الرحيل من جنوب اليمن المحتل في 30 نوفمبر 1967م كان البداية الفعلية لجلاء الاحتلال البريطاني بشتى صوره من المنطقة وإلغاء «الحماية» و«الوصاية» البريطانية التي ظلت تفرض الهيمنة البريطانية على دول الخليج العربي.
مöنú هنا كان تزامن توقيت أو موعد الدورة العشرين لبطولة كأس الخليج لكرة القدم مع ذكرى استقلال جنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967م وذكرى مناسبات استقلال دوله قطر (18/12/1970م)واستقلال وقيام اتحاد دولة الأمارات العربية المتحدة (2/12/1971م)واستقلال مملكة البحرين (16/12/1971م)واستقلال سلطنة عمان (18/11/1972م)
وهذا التزامن البهيج لذكرى هذه المناسبات الوطنية العربية الخليجية الغالية والعزيزة مع توقيت هذا الجمع والالتحام الحميم لشعوب دول المنطقة في بطولة «خليجي 20» هنا في ميدان النضال ومشرق شمس الحرية والاستقلال.. عدن يبعث إلى الأذهان أكثر من دلالة تفرض قراءتها أو -على الأقل- التوقف عندها بقليل من التأمل.
أولى هذه الدلالات لهذا التزامن هي قيمة الحرية والاستقلال وامتلاك سيادة الإرادة والإدارة في تشكيل الحلم وعقد العزم وشحذ الهمم واتخاذ القرار وتدشين مسيرة البناء والإعمار والمضي بكل ثقة واستقرار نحو إحداث النهضة والازدهار الحضاري الشامل لدول وشعوب منطقة الخليج العربية وشبه الجزيرة العربية.
هذه النهضة التنموية المحدثة والازدهار الحضاري القائم لدول وشعوب المنطقة لم يكن بفضل ظهور النفط العربيوإنما قبل ذلكبفعل استعادة الحرية المسلوبة وانتزاع السيادة الوطنية المنقوصة ودحر عهود الانكسار وهوان الانحسار الذي فرضه عليها بالحديد والنار الاحتلال الأجنبي الممدوح زورا بصفة «الاستعمار»!!.
أما الدلالة الثانية لهذا التزامن فنحسب أنها الآن أكثر ما تكون حاضرة في هذا العرس الرياضي الذي يحتضنه اليمن في مدينتي عدن وأبين في كل مظاهر الفرح والمرح والألفة والمودة والبهجة والغبطة وما يجسده من معاني الإخاء المعمد بدماء الأشقاء والمؤبد بقواسم اللغة العصماء وعقيدة الدين السمحاء والهوية الحضارية الشماءوالثقافة العربية الغراء.
وبقدر ما تجدد بطولة كأس الخليج لكرة القدمتلاحم أبناء الجزيرة العربيةوتطل في كل دورة بحلة جديدةمترعة بالمحبة وشاخصة بمعاني الإخاء والمصير المشتركفإن الدل

قد يعجبك ايضا