استنفار فكري 

عبدالعزيز الهياجم


عبدالعزيز الهياجم

عبدالعزيز الهياجم
الحديث عن جرائم الإرهاب والأعمال الإرهابية لا يتوقف عند مقالة أو مقالتين أو أكثر ولا عند أيام أو أوقات بعينها بقدر ما أن الحاجة ماسة إلى حالة استنفار وجاهزية ليس فقط على مستوى الأجهزة الأمنية ويقظتها العالية وإنما على مستوى الفكر والثقافة الدينية القائمة على زرع قيم التسامح والوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف والعنف. نحن نعلم بأن وزارة الداخلية وأجهزتنا الأمنية تبذل قصارى بل وأقصى الجهود في التصدي للظاهرة ومحاربتها واستطاعت تحقيق نجاحات كبيرة خلال الفترات الماضية مكنت من إفشال العديد من العمليات الإرهابية وإجهاضها قبل وقوعها وذلك عبر الضربات الاستباقية والوقائية ولا أحد يخفاه الفارق الكبير بين ما كان عليه الحال في السابق وما هو عليه الآن علما أن البون شاسع بين الإمكانيات والتجهيزات المتواضعة لدينا وبين ما لدى دول كبرى وعظمى لا تزال مسرحا لأعمال إرهابية ولم تستطع أن تحول دون وقوع عمليات إرهابية أكبر من تلك التي تقع لدينا.. وبالتالتي فإن النجاحات لا يمكن تحقيقها فقط بالاعتماد على الشق الأمني والعمل الاستخباراتي والضربات الوقائية والاستباقية فقط. الجانب الأمني والاستخباراتي مهم جدا لكن لا بد أن يوازيه ويعززه مسار الفكر والتوعية والحوار الذي كانت بلادنا سباقة إليه عبر تشكيل لجنة الحوار الفكري والتي كانت قد قطعت شوطا خلال السنوات الماضية وأنجزت حوارات قيمة مع قيادات وعناصر متطرفة وأفضت حواراتها تلك إلى قبول مجاميع كبيرة بنتائج الحوار وأعلنت التزامها بالعودة إلى جادة الصواب والطريق القويم كمواطنين صالحين لهم ما لأبناء هذا الوطن من حقوق وعليهم مثل ما على الآخرين من واجبات تجاه هذا الوطن. صحيح أن البعض ممن قبلوا بنتائج تلك الجلسات الحوارية عادوا مجددا للطريق الضال ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون محبطا وسببا في توقف وانكماش روح الحوار الفكري وجلسات لجنته لأن هناك في المقابل من كان للحوار تأثيره عليهم ولا زالوا حتى الآن عند التزامهم وتوبتهم.. وبالتالي لا بد أن يظل الحوار الفكري في حالة استنفار قصوى لمواجهة الفكر المتطرف بالفكر الديني المعتدل والوسطي والمتسامح والمستنير تجسيدا لكوننا خير أمة أخرجت للناس وترسيخا للقيم والمفاهيم الدينية الصحيحة وتصحيحا للمفاهيم المغلوطة عن ديننا الإسلامي الحنيف وتبرئة لديننا السمح من الأعمال المشينة التي جعلته موضع اتهام ومحاكمة جائرة من قبل الآخرين الذين بعضهم ربما بغير قصد وكثير منهم بقصد وعن سابق إصرار وترصد دأبوا على تشويه الإسلام والإساءة إليه وإلى النبي الكريم الذي جاء به استنادا إلى عمليات قام بها شباب مغرر بهم وهم أصلا لا يعرفون إلا القشور عن هذا الدين العظيم. ومعروف أن تلك القوى والدوائر وخصوصا منها الصهيونية دأبت على اتهام الإسلام وأهله بالإرهاب لأغراض عدائية ودينية وثقافية وفكرية وسياسية ومعروف أن هناك من يعمل من وراء الكواليس ويستغل انحراف فكر جماعات من المحسوبين على هذه الأمة بل ويغذي مثل هذا الفكر المتطرف والضال عن طريق أطراف أخرى باسم الدين والمتمسحين به وبما يشق عصا الأمة ويخلق الفتنة داخل الأوطان والشعوب المسلمة لتبقى بلداننا رهن خلافات ومشاكل وفتن وتتجه قدراتها وإمكانياتها وقواها محتشدة في خندق التصدي لكل ما يشق صف الأمة ويثير الفتن والقلاقل ويزعزع الأمن والاستقرار بينما تكون القوى المعادية خالية البال متفرغة في غفلة من الزمن لتنفيذ مخططاتها واستراتيجياتها وشاهد ذلك ما تقوم به الدولة العبرية من أعمال استيطانية توسعية وأعمال تنكيل وجرائم بحق أبناء شعبنا العربي الفلسطيني في حين أن أغلب بلدان الأمة مشغولة بالتصدي لأعمال وعمليات الجماعات والعناصر الإرهابية المتطرفة من شباب الأمة المغرر بهم. وبالتالي نحن أحوج ما نكون الآن إلى أن نضع أنفسنا في حالة استنفار قصوى للتصدي لفكر التطرف عبر مختلف المؤسسات التعليمية والثقافية والفكرية والإعلامية.

قد يعجبك ايضا