تأملات .. أين نحن من ثقافة الصيانة¿ (3) 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

       محمد العريقي

علق أحد القراء على موضوع الصيانة الذي تناولته في حلقتين بهذه الزاوية قائلا: شيء جيد أن تطرح هذه القضية, ولكن لاتنسى أن ما يسمى (بالصيانة ) يعتبر في بعض الحالات مصدر هدر على المستويين العام والخاص والسبب أن هناك عشوائية وارتجالا وإهمالا وفهلوة تتحكم بهذا المفهوم .

وكان هذا القارئ يقصد العيوب والأخطاء التي تحدث على مستوى الجهاز الحكومي على وجه التحديد, فنحن نقدم على انجاز مشاريع كبيرة, وشراء أجهزة ومعدات حديثة , دون ان نؤهل كوادر تشرف على التشغيل ,وتقوم بعملية الصيانة اللازمة والدورية لبقاء تلك المرافق, والأجهزة تؤدي وظيفتها بصورة متقنة ولفترة طويلة.

مع العلم تكاليف الترميم أو الصيانة في بعض الحالات والتي تتم  تحت إشراف خبرات أجنبية يتم طلبها وإحضارها من الخارج وتحرير عقود معها بعشرات آلاف الدولارات.

وفي بعض الجهات هناك كادر محلي, يمكن أن يقوم بهذا الدور وبأكثر من ذلك إذا اهتم بتأهيله عبر دورات مستمرة, ومنحه الحوافز المشجعة لقام بهذه المهمة بأقل التكاليف, لكن المشكلة ان الاعتمادات في الموازنة  للصيانة محدودة جدا, وحتى هذا المحدود يوجهه  لأغراض ليس لها علاقة بالصيانة .

كثير من المعدات والأجهزة التي اشترتها الدولة  قبل فترة, أين مصيرها بعد إحلال أجهزة حديثة, لا أحد يسأل عنها¿

كان يمكن ان يستفاد منها إذا كان هناك ثقافة حقيقية للصيانة , بل يمكن لو كان هناك خبرات محليه فنية أن تطور من قدرات تلك الأجهزة  .

حتى الدول المتقدمة لم ترم الأجهزة والآلات القديمة, تستفيد منها وتطورها, أو تحويلها إلى صناعات أخرى, المهم لاتعتبرها سلعة منتهية الصلاحية .

أما  على المستوى الخاص فإن مفهوم الصيانة  مرتبط  بالحظ, لأن كل من يملك ورشة إصلاح سيارات, أو أجهزة الكترونية أو كهربائية, أو أو , فإن اللجوء إلى مثل هؤلاء الذين يدعون العلم والدراية بخبايا المهنة  يعتبر بمثابة المغامرة التي قد تنتهي بالنجاح أو الفشل .

وهذا ليس من باب  الخيال والمبالغة, فإني متأكد أن الكثير منا لديه تجربة بل تجارب مريرة, مع من يصف نفسه مهندس سيارات, أو مهندسا كهربائيا أو الكترونيا, وما تعرض له من كذب وتضليل ونزيف مال, وقد ينتهي بهما المطاف إلى قسم الشرطة .

أما على المستوى الفردي, فثقافة الصيانة بعيدة كل البعد من اهتماماتنا, نشتري الأجهزة ونضعها في أي مكان, بل وربما بهذه الطريقة البلهاء يمكن أن تصبح مصدر خطر لسكان البيت, وإذا اشتريت السيارة بملايين الريالات , تجدها تلمع ونظيفة, وأنيقة, بعد أيام ستجد ذلك الشكل قد تحول إلى قمامة من الداخل, والمقاعد  ملوثة ببقايا العصائر اللزجة, ويفوح منها روائح الأكل المتعفن الملقاة على أرضية السيارة, هذا كله يعكس ذوق صاحب السيارة واستهتاره, وهو بالمناسبة يعكس طباعه الخشن مع المحيط الذي يعيش فيه .

نحن نحتاج إلى إشاعة ثقافة الصيانة بمفهومها الواسع الشامل يترتب عليها  الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة, فنحن أحوج إلى هذه الثقافة, باعتبارنا بلدا فقيرا نستورد كل شيء من الخارج ويكلفنا أموالا طائلة نحن بأمس الحاجة إليها لبناء الإنسان وتحسين مستوى حياته .

قد يعجبك ايضا