الصغار..وفوبيا القراءة! 

عبدالله حزام



عبدالله حزام

قريبا يتسلم كل طفل يولد في سويسرا مجموعة من الكتب مجانا بفضل البرنامج الوطني (المطالعة منذ الصغر)..وطبعا لسنا هنا بحاجة إلى مذكرة تفسيرية تشرح ما بين القوسين لكن للتكرار الذي يفيد الشطار.. الجماعة أصحاب سويسرا حسبوها على طريقة “ألبرت هيوبارد” عندما قال:لن يكون هناك بلد متحضر حتى ينفق على شراء الكتب أكثر مما ينفق على شراء “العلكة”!!
 سيقول البعض منا :إنه كلام في سويسرا..! صحيح هو كذلك لكن يبقى في محيطنا الأرضي وليس في المريخ..والمهم الفكرة التي تتحول بالتخطيط والإرادة إلى فعل تنبجس منه المشاريع المثمرة!
 ماذا عملنا نحن طيلة 27معرضا للكتاب أقمناها وبانتظام آخرها أوصد أبوابه الأربعاء الفائت سوى رثاء الأطلال¿ بعد أن فشلنا خلال هذه المسيرة في أن نجيب على السؤال المسكوت عنه.. كيف نطبع علاقة “فلذات الأكباد” بالكتاب¿.
 والنتيجة دوما :يبقى الحال على ما هو عليه ويؤجل فرض العين الملقى على عاتق الجهات المعنية الرسمية والأسرة والمدرسة والأحزاب وووووووووو إلى يوم يبعثون وعلى الصغار أن يلجأوا إلى الشاشة الصغيرة ومصائب مخرجات العولمة غثها وسمينها ولاتستغربوا بعد ذلك قفز طفل من النافذة مقلدا سوبرمان أو أبطال أفلام الاكشن على الفيسبوك..ويحدث مثل هذا!!!
 في معرض الكتاب الاخيرابو450الف عنوان والعهدة على الراوي فتينا وعجنا في الصحافة وتحدثنا عن أفواج الزائرين (الكبار) ولم نقرأ الواقع كما ينبغي لأن عددا كبيرا منهم اكتفوا بالفرجة على ذمة توقيت المعرض الذي أتى بعد ثلاث معارك اقتصادية عاشتها الأسرة اليمنية على التوالي (رمضان والعيد ومتطلبات المدرسة) وبدون فواصل راحة تجعلنا نغمض أعيننا ولو قليلا..
 لكن مع كل ذلك أجدني إزاء حال الكتاب وثقافة القراءة أردد مرثيات غياب ذلك التأسيس الذي ينبغي أن يبدأ من الأسرة والمدرسة ..وأشجب لكن ليس على طريقة بيانات العرب السياسية حال إدارة الظهر لحسنة الأخذ بيد الصغار إلى معرض الكتاب كسوق كبير”لخير جليس” وعلى طريقة: زورونا في السنة مرة ..المهم الحاصل ..والحاصل كثير. طبعا بعد تذكير الآباء والأمهات في الصحيفة وعبر الأثير والشاشة الصغيرة بأهمية اقتراب الصغار من الكتاب واطلاعهم على ما يناسب أعمارهم لأنها قضية أهم من اصطحابهم إلى مهرجانات فضائيات أغاني الأطفال التي تتكاثر كالفطر.!
 ولن يكون الأمر خرقا للعادة لوأن الهيئة العامة للكتاب جندت مجموعة من المتطوعين تتولى مهمة أخذ الصغار في جولة داخل المعرض وتعريفهم بأهمية القراءة وماذا يمكن أن يقرأوا¿..وصدقوني حسنة برنامج من نوع تحويل الصغار إلى هواة مطالعة ستمنع بلاوي كثيرة أهمها وأخطرها التخلف والأمية..!
 ولكم أن تتخيلوا في عداد هذه البلاوي كيف سيكون الحال إذا ما علمنا أن نسبة الأمية في اليمن تبلغ نحو 62.1% يعني هؤلاء لا يمسكون بالقلم ولا يقرأون ما يعني أن القرائية تواجه أزمة كبيرة تضاعف من محنة الكتاب.!
 والأسوأ أن معدلات الأمية تشهد درجات أعلى فأعلى من الارتفاعات تسحب أوكسجين القراءة ومثله ارتفاعا في تراجع القراءة عند المتعلمين وغيابها عند الصغار.. يعني ابشروا بحياة أجواؤها ثاني أكسيد الكربون!..
 لاحظوا أن المشكلة تبدأ وتنتهي عند الصغار وهذه القضية التي لم نهضمها بعد فمناهجنا التعليمية لا تحض على القراءة بل تركز على المادة العلمية وزيادة على ذلك لدينا آباء وأمهات لا يقرأون لأبنائهم قبل النوم لأنهم أصلا ليسوا من أنصار القراءة مع أن من تداعيات القات سهر الليالي لكن أصحابنا يسخرون الليل للقيام بمهمة نتاف الشعر مهمة الحلاق الأساسية!!..
 واسأل في الموضوع ذاته كم من الوالدين يصطحبون كتب القراءة الممتعة و المجلات إلى قاعة الانتظار عند مراجعة الطبيب أو أثناء السفر لتشجيع الأطفال على تقليد والديهم¿ ومن منا أيضا يضع مكتبة طفل صغيرة جوار صيدلية المنزل تحوي حتى الكتب المصورة عن شخصيات الكرتون التي يحبها أطفاله ويتدرجون من خلالها بالقراءة¿…وحتى إن تحقق الأمر ببيضة ديك ستجده من خلال والدين أو احدهما يرفعون سوط الإجبار على أطفالهم لقراءة مالا يحبونه كقراءة أمور دينية محضة لا تتناسب مع مداركهم وهذه مشكلة المشاكل.
 لا تفسير عندي لكل ما نمارسه على أطفالنا وعلى أنفسنا نحن الكبار من غبن إلا أننا قوم منذ التأريخ القديم نركز على الإلقاء والمخاطبة الشفوية التي طفحت بالشعر ولم نهتم للكتابة بالقلم يعني نحن أمة نبالغ في تعظيم أنفسنا ثم أليست الكتابة مساحة للنقد والنقد لدينا غير مرحب به لا في البيت ولا حتى في سوق القات .
 خلاصة الخلاصة من الواحد حتى المليون علموا الصغار”أن أول كلمة نزلت في القرآن:اقرأ وأول عبارة في التوراة تقول: في البدء كانت الكلمة”..بدلا من تخصيب فوبيا القراءة في عقولهم!!

قد يعجبك ايضا