احتفالات التخرج الطلابية في الجامعات اليمنية..ترف أم ضرورة 

د محمد نايف


د/ محمد نايف

يبدأ الطلاب المتوقع تخرجهم من الجامعات اليمنية رحلة العناء والشقاء في الإعداد لحفلات التخرج منذ الوهلة الأولى لبدأ الدراسة في السنة النهائية وذلك باختيار اللجان المختلفة بدءا باللجنة التحضيرية والفنية والمالية والإعلامية و انتهاء بما لانهاية له من اللجان! ولا يحق لأي أحد أن يلومهم أو ينتقدهم على ذلك على الإطلاق فقد تخلى عنهم من يجب عليهم أن يقوموا بهذا العمل ويدعوهم يتفرغوا للعلم والتحصيل العلمي الذي جاءوا من أجله في المقام الأول إلى الجامعات خاصة في السنة الأخيرة من الدراسة. وفيما يلي طائفة مختصرة جدا من أشكال وصنوف العذاب والشقاء والمعاناة التي يخضع لها الطلاب مجبرين وبعض الحلول التي أرى من وجهة نظري المتواضعة أنها قد تلفت الانتباه إلى هذا العناء المزمن وتسهم في تحفيز الطلاب والأساتذة و إدارة الجامعة على وضع بدائل أخرى للتخلص مما يحدث للطلاب نتيجة لهذه التقاليد الاحتفالية التي تكلف الطلاب الكثير من العناء مقارنة بما تمنحهم من لحظات فرح وبهجة وسرور:
1. لا شك أن هناك الكثير من الطلاب الذين يعانون ماديا ولا يتحملون تكاليف الاشتراكات في هذه الاحتفالات وقد يضطر بعض أولياء أمورهم إلى الاقتراض ويتحملوا أعباء الديون ويقتصدوا في مأكلهم ومشربهم وملبسهم إلى درجة التقتير حتى لا يحرموا أبنائهم من أن يفرحوا مع زملائهم بهذه المناسبة وربما يتعذر على بعض الطلاب وأسرهم المشاركة بسبب ضيق اليد والحاجة الماسة لكل فلس لتغطية احتياجات ملحة وأكثر أهمية و قد يشعرون نتيجة لذلك بالحزن والحسرة على عدم القدرة على المشاركة في مثل هكذا مناسبة مدى الحياة.
2. ما يسهم به الطلاب من مبالغ مالية لا تغطي تكاليف الاحتفالات المختلفة بالتأكيد فيلجأ الطلاب المنظمون لهذه الفعاليات الاحتفالية في وقت مبكر من السنة الدراسية الأخيرة إلى طلب المساعدة من رجال الأعمال والشركات والمؤسسات ولا يخفى على الجميع ما يلاقيه الطلاب من مواعيد عرقوبية ومماطلات واعتذارات واستخفاف الخ.
3. يقضي الطلاب الفصل الأول والثاني من العام الجامعي في الإعداد لهذه الاحتفالات ويكون هذا على حساب محاضراتهم وتحصيلهم العلمي وراحتهم وهذا أمر يعلمه الطلاب أنفسهم وهيئة التدريس في كل قسم وكلية وإدارات الجامعات المختلفة. فتبدأ الأفراح والأيام الملاح في بداية آخر عام دراسي ولا تنتهي إلا قرب موعد الامتحانات والتخرج الذي يحتفى به لمدة عام كامل قبل أن يحدث فعلا فنضع بذلك العربة قبل الحصان كما يقول المثل الإنجليزي!    
4. تحدث انقسامات وانشقاقات بين الطلاب وصراع له أول وليس له آخر قد يصل في بعض الأحيان إلى العراك بالأيدي والعصي وأشياء أخرى أكثر خطورة ربما تحدث عاهات وتشوهات تحتم على المحتفöل أن ألا ينعم بالاحتفال أو يحرم من الاحتفال! طبعا لا داعي للخوض في أسباب هذه الانشقاقات والانقسامات بين الطلاب لأن السبب يعرفه الجميع بل قد يفاخر به البعض أحيانا ويشجعون عليه وهي مأساة ابتلöيت بها الأمة اليمنية منذ أمد بعيد!
5. تقام الاحتفالات قبل التخرج الفعلي وقبل الامتحانات والنتائج النهائية وهو أمر لا يحدث على حد علمي إلا في بلاد الإيمان والحكمة وأصبح قاعدة وتقليد راسخ لا جدال فيه ولا يناقشه أو يعترض عليه أحد فترى بعض الطلاب يحتفلون بتخرجهم قبل الأوان مرة أو اثنتين أو ثلاث مرات ولا يجدون في ذلك حرج!
6. يحتفöي الطلاب بأنفسهم ويكرموا أنفسهم بل إنهم يكرموا رؤساء الأقسام وأساتذتهم وإداري كلياتهم بدلا من أن يكرموا هم من قبل أساتذتهم ورؤساء أقسامهم وكلياتهم وجامعاتهم وقد يسأل من ليس له علاقة بالجامعات وما يدور فيها وفي كواليسها لماذا يتحمل الطلاب كل هذا العناء¿ والإجابة ببساطة هي أن الطلاب وجدوا أن من يفترض بهم أن يقوموا بهذا العمل قد تخلوا عن مسؤولياتهم وأداروا ظهورهم لهذه التقاليد المتبعة في جامعات العالم فحاولوا أن يملئوا الفراغ ورويدا رويدا انقلبت الأمور رأسا على عقب فأصبحوا هم المسئولون عن تكريم من يفترض به أن يكرمهم.
بناء على ما تقدم فإنه من الواضح أن هذا العمل الذي يقوم به الطلاب ليس ترفا وإنما ضرورة اقتضتها الظروف وغياب المسئولية والتغاضي عما يجري وهذه فقط نبذة مختصرة من المعانات والصعاب التي أصبحت تقليدا راسخا ولا بد أن يعاني منها خريجي الجامعات اليمنية في كل عام حتى تتعمد شهاداتهم الجامعية وتحصل على الاعتراف المحلي والإقليمي والدولي!! على حد علمي لم يتحدث أو يحاول أي أحد حتى الآن أن يناقش هذه القضية أو يلفت الانتباه إليها بحيث تتم معالجتها ووضع الحلول لها. وهنا أريد أن أطرح تساؤلا: لماذا لا تقوم الجامعات اليمنية بدورها في هذا الجانب وتنظم حفل تخرج لجميع الخريجين في كل جامعة بعد انتهاء العام الدراسي والامتحانات وبعد الإعلان عن نتائج الخريجين كما

قد يعجبك ايضا