عن جامع الصالح

خالد الصعفاني


خالد الصعفاني –

خالد الصعفاني
هناك قريب من نصب شهداء حصار السبعين يقع هذا الحاضر الفخم في مبناه ومعناه .. مسجد أطلقت مآذنه لقوامها العنان لتعانق السحاب ما مر في سماء المكان وتبرجت الظلمة في سماء العاصمة التي عادة ما تفعل ذلك كل مساء – إلا إن كان لإخواننا قاطعي سبيل الكهرباء رأي آخر فيه ضمير وفيه عقل ..
يقف هذا العملاق الديني والمعلم البنائي بمناراته السامقة وقبابه البهية يدعو القريب والبعيد لزيارة لن تخلو من الفائدة والمتعة ومشاهدة الإبداع الذي لا يعلى عليه محليا .. جامع الصالح في العاصمة صنعاء حيث يحلو للمتأمل التدقيق وللمعجب ان يسرف ما شاء الله له في وصفه والغرام به ..
الجامع يفترش مساحة منظمة ونظيفة تشكل مع أعمدة الإنارة وأشجار الزينة مطلعا مميزا لقصيدة الإبداع في بناء هذ الصرح المهيب .. وما أن تقترب حتى تحاصرك قداسة من نوع ما نشعر به لدى الولوج اليها , ومن غيرها , بيوت الله , ورويدا رويدا تتمكن منك قداسة المكان وتتهيب من هذا الصرح الذي لا يفوق بهاء خارجه إلا إبداع وروعة ما بداخله ..
أما القصة من البداية فكانت رغبة الرئيس السابق علي عبد الله صالح في جامع مميز يصبح معلما من معالم اليمن وصنعاء تحديدا , جامع يجعله في مصاف الجوامع العبقرية التي شيدت في بقاع محدودة من خارطة العالم الإسلامي .. سبقه إلى ذلك جامع الشيخ زائد في أبو ظبي الإماراتية وجامع الحسن الثاني في العاصمة المغربية الرباط .. ومن هنا كان مصدر التميز والإبداع الذي برز في شكل ومكونات وزخرفة جامع الصالح ..
زرت الجامع مرات معدودة منذ إنشائه وكان لي ما شاء الله أن يكون تأملا وتصويرا فوتوغرافيا ومنذ اللقاء الأول كانت المتعة وبتكرر الزيارات ازدادت لدي القناعة بأن هذا الصرح رائعة من روائع اليمن وصنعاء تحديدا وان له مع الجمال والتميز رواية لن تنتهي فصولها .. لمست نظاما متناسقا لتسهيل الصلاة فيه , وانضباطا في تقديم الخدمة للوافدين إليه , وآلية واعدة للحفاظ على الق الجامع وتألق مضمناته .. وهذا فقط ما سيتكفل بحفظ الجامع واستمرار بهائه وسحره ..
وكم أتمنى أن يحوي الجامع مستقبلا في إحدى باحاته الشاسعة مبنى مكتبة عامة تحشد جيشا من كتب السيرة وأمهات الكتب والفقه والشريعة والمعرفة الحديثة , حتى يسهم هذا في جلب شريحة اكبر من الناس من كل فئات المجتمع من اجل المعرفة ومن اجل الصلاة , ولربما تحول هذا الصرح العبقري في المستقبل إلى (جامعة معرفة وإيمان) معتدلة الأفق متوازنة السلوك ومعتدلة الولاء .. فالجامع بالفعل يمكن أن يكون رسالة بالغة الوضوح بأسبقية اليمني للإيمان وللحكمة كيف لا وقد كنا لقرون عديدة منارة من منارات الإسلام وعمودا من أعمدته ..
جامع الصالح إن حافظت عليه الرعاية والاهتمام اللازمين سيظل منارة تميز صنعاء عن غيرها من مدن اليمن وعواصم العرب , وإذا تفوق طموح إدارته فإنه سيتحول إلى نقطة جذب معرفية وسياحية فضلا عن حضوره القدسي بيتا لله في حلة بهية متباهية – او ليس الأصل تعظيم شعائر الله كونها من تقوى القلوب ..
أخيرا :
منذ جاء جامع الصالح أضحى لنا في العاصمة صنعاء معلما رائعا نأمل أن يتحول إلى منارة للعبادة وللمعرفة وأن يصبح موقعا يزوره أهل البلد وضيوفها ومن العيب المعيب أن يصنفه البعض زورا في الشهادة عليه وبهتانا في حقه انه مسجد الرئيس السابق أو المؤتمر وأنصاره .. كما نتطلع إلى عمل جاد ورؤية طموحة من القائمين على الجامع – أنا طبعا لا اقصد هنا قيم الجامع أو الخطيب – بل إدارة الجامع نفسها , وبهذا فقط سيظل جامع الصالح منارة يمنية بامتياز لا تقل شأنا حتى مع الفارق الكبير في الحجم بينه وبين منارات دينية أخرى ..

khalidjet@gmail.com

قد يعجبك ايضا