السفراء والسفارات!!

عبدالرحمن بجاش


 - لفت نظري ما قاله أحد الطالبين اللذين عادا من الهند بعد أن تخلصا من مشكلتهما هناك ولولا أن الكهرباء غائبة عند الساعة السابعة والنصف صباحا موعد كتابتي لـ «ن ... والقلم» لنقلت حرفيا ما قاله ونعلمه علم اليقين!! فقد
عبدالرحمن بجاش –

لفت نظري ما قاله أحد الطالبين اللذين عادا من الهند بعد أن تخلصا من مشكلتهما هناك ولولا أن الكهرباء غائبة عند الساعة السابعة والنصف صباحا موعد كتابتي لـ «ن … والقلم» لنقلت حرفيا ما قاله ونعلمه علم اليقين!! فقد وصف السفارة هناك بأنها «مكتب بريد وليست سفارة» وليست لي قضية مع سفارة «أو مكتب بريد» بلادنا هناك أنا أكرر إشارته هنا فقد فتح بابا للحديث عن معاناة دائمة اسمها السفارات والسفراء حيث الصورة ليست مشرقة فلم تعد وزارة الخارجية الوزارة التي يشار إليها بالبنان والدبلوماسي ذاك الذي يحسده الآخرون على مكانته الهامة منذ اللحظة التي أرسينا فيها تقليد تعيين أصحاب الحظوة والمغضوب عليهم وتقليدا خاطئا آخر أن تأتي القرارات بالتعيين بدون علم الوزير المختص هذا لكي نكون منصفين وأتذكر أن الوحيد الذي أشار إليها كمشكلة قبل فترة زميلي ناجي الحرازي ويومها كانت هناك نية لتغيير سفراء.
في العالم كله يتم اختيار السفراء من بين أكفأ الدبلوماسيين أو رجل عظيم تتطلب مرحلة ما من السياسيين كأن تعين واشنطن أو موسكو أحد ساستها الكبار لأهمية وحساسية العلاقة بين العاصمتين أبان الحرب الباردة أو في مفصل زمني مهم وتعين دول العالم المتخلف سفراءها من «المغضوب عليهم» كأن يتم التخلص من قائد عسكري أو سياسي لا يراد بقاؤه في الداخل ونحن أضفنا تقليدا جديدا «خلوه يسير يرتاح» أو «يدبر عمره» أو كان وزيرا وكأنه قضاء وقدر أن يظل يعتلي الكرسي قالوا عينوه سفير!!
وانظر يبدأ وزيرا يذهب سفيرا يعود عضوا في مجلس الشورى ولذلك ترى معظم السفراء من خارج السلك الدبلوماسي ومن العام 1990م وبدمج وزارتي الشمال والجنوب تضخم جهاز الخارجية وبتوافد السفراء من خارجها ظلم كثيرون وأحبط أكثر ممن يستحقون أن يصلوا إلى مرتبة سفراء!!
وفي الخارج للأمر وجهه الآخر حيث لا علاقة للسفراء والسفارات بمواطني هذه البلاد ولا علاقة للسفراء ببقية أعضاء السفارة ببعضهم!! لإحساس منú أتوا من السلك الدبلوماسي أن سعادة السفير «مغتصب» للمكتب الذي يشغله ثم إن القادمين من خارج الوزارة لا يدركون من قواعد العرف أو علم الدبلوماسية أكثر مما أعرف أنا عن جهاز تليفون السامسونج الذي أحمله!! ولا يفرقون بين فيينا وفناء السفارة التي يشغلون سيارتها رقم (1) وتحول الأمر إلى عرف بوحي من النكتة التي سادت بعد سبتمبر 1962م حين أصر أحدهم على والده أن يذهب إلى المشير السلال للتوسط لديه «لجل أوقع سفيه في الخارج» فما كان من الأب وهو من فئة القضاة إلا أن رد عليه ما قاله السلال للأب : «قدك مكسور ناموس هانا أحسن» ومع الاحترام لأقدار الناس الشخصية إلا أن قصة تعيين السفراء خارج العرف الدبلوماسي والقواعد المتفق عليها انعكس على أدائها فصار كثيرون ينظرون إلى الخروج على أنه مجرد «تدبير أمور»!! فالسنوات الأربع في الخارج فرصة لتجميع دولارات للعودة لشراء أرضية وبناء بيت وهو أقصى الحلم هذا للبسطاء من الدبلوماسيين الذي يعود فيموت جوعا في الداخل!!
وهناك منú دعت له والدته من السفراء وبعض الدبلوماسيين فيظلون سنوات وسنوات وكلما حان موعد العودة جاء منú يهمس في الأذن «ولا يهمك أنت باق»!! على أن هناك سفراء من داخل وخارج الجهاز الدبلوماسي – كأشخاص وليس توجها – رائعين وتركوا أثرا طيبا لكنه انتهى بمجرد أن تركوا ولذلك ترى العلاقة مفقودة بين المواطن المغترب والزائر والضيف وبين السفارات اليمنية لإحساس طرف السفير تحديدا أنه غير معني بواجب فقد أتى تكريما أو مغضوبا عليه ولذلك فلا يعنيه أمرك!! أو يأتي من داخل الجهاز الدبلوماسي بعد عناء فيهتم بتدبير أمر مستقبله الشخصي على أن يهتم بأمر الطلبة مثلا وهناك – أيضا – نماذج جيدة فردية!! لذا لا بد من إعادة النظر في كل شيء حتى نرى سفراء وأ عضاء سفارات يخرجون من أجل البلد مع التأكيد على حسن نيتي فليس لي هدف سوى الإصلاح والسفارة والسفير وجه البلد فهل نعيد النظر في كل ما نعرفه من…

قد يعجبك ايضا