حمل السلاح!!

مصلح صالح المرهبي


مصلح صالح المرهبي –
> الشيء المثير الذي يحز في النفس ويشعر المرء تجاهه بالإحباط والألم والحسرة هو أن إطلاق النار في المناسبات كالأعراس والأعياد الدينية في اليمن بشكل عام وفي القرى الريفية بشكل خاص يعتبر نوعا من أنواع التفاخر بين القبائل وتقليدا تتناقله الأجيال رغم خطورته وفظاعته وريبته حيث قد يتسبب حمل السلاح واستخدامه سواء في الأعراس أو المهرجانات والأعياد والحفلات أو في استقبال ضيف عزيز كأن يطلق شخص الرصاص بشكل عشوائي في الهواء «ويطحس» من على حجر أو أي حادث أو عارض يعترض طريقه -لا قدر الله- ويده في نفس اللحظة على الزناد «فيرش» بالرصاص الموجودين من البشر أمامه فمنهم من يموت ومنهم من يصاب وحينها يقول هذا المعتوه: يا ريت اللي جرى ما صار.
* وكثيرا ما نسمع عن وفاة أبرياء وإصابة آخرين في بعض الأعراس ويتحول الفرح إلى مأتم وحزن شديد بسبب ظاهرة حمل السلاح الخطيرة التي ينجم عنها أضرار جسيمة تعود على المجتمع اليمني بعواقب وخيمة ونتائج كارثية لا تحمد عقباها.
والمشكلة أن اليمن لا يوجد له مثيل في العالم بوجود ظاهرة السلاح ناهيك عن وجود محلات تجارية لهذه الأسلحة تباع نهارا جهارا وعلى مرأى ومسمع الدولة وحسب المعلومات المتداولة في الإعلام بأنه يوجد في اليمن 60 مليون قطعة سلاح بين خفيف ومتوسط وثقيل أي أن كل مواطن لديه 3 قطع سلاح وذلك نتيجة انتشار أسواق السلاح في مختلف محافظات الجمهورية.
إلا أن الأجهزة الأمنية شنت منذ نحو ثلاثة أعوام حملات واسعة النطاق على تلك الأسواق وأغلقت أكبرها وأشهرها كما تقوم أيضا بين حين وآخر بحملات في الشوارع ومداخل ومخارج المدن وتضبط الأسلحة التي يتجول بها المواطنون وقد تم مصادرة عشرات الآلاف من القطع مؤخرا ففي يناير الماضي فقط ضبطت الأجهزة الأمنية 13154 قطعة سلاح من أنواع مختلفة في جميع المحافظات.
ولو نظرنا إلى ما يثيره مطلقو النار في الأعراس من مخاوف وهلع وإقلاق السكينة العامة وإزعاج للمواطنين الساكنين بجوار العرس سنجد أن الواجب يحتم على أجهزة الدولة المعنية أن تضطلع بدورها وتمارس عملها وتضبط كل من تسول له نفسه إقلاق الأمن والاستقرار ويمارس هذه الظاهرة المنبوذة من مجتمعات العالم ككل ولو كلف ذلك ضبط العريس لجعل الناس يعتبرون ويمتنعون عن إطلاق الرصاص مرة أخرى وأنا متأكد أنه لو حصل مرة وقامت أجهزة الدولة بالقبض على عريس واحد فقط ولمرة واحدة فلن تتكرر هذه الظاهرة على الإطلاق.
والغريب أن أجهزة الدولة الأمنية تضطلع بدورها وتمنع التجول بالسلاح في المدن والعواصم فقط في حين أن أكثر من 75% من سكان اليمن يعيشون في الأرياف ومعظم أبناء الشعب اليمني مسلحون.
والعجيب أيضا أن مشروع تعديل القانون رقم 40 لسنة 1992م الخاص بتنظيم حمل وحيازة السلاح الذي وافق عليه مجلس الوزراء وتم إحالته لمجلس النواب يهدف إلى وضع المزيد من الضوابط الخاصة بحمل وحيازة السلاح الشخصي وإلى جعل أمانة العاصمة والمدن الرئيسية خالية من كل مظاهر حمل السلاح ويظهر من نص القانون أن الإطار الجغرافي الذي تم تحديده لتنظيم حمل السلاح وإخضاعه لسلطة القانون محصور في عواصم المحافظات والمدن وبهذا يكون الريف كله غير خاضع للقانون بنص هذه المادة.
كما أن المادة العاشرة من القانون حددت بشكل واضح هذه النقطة حيث نصت على ما يلي: «يحظر على أي شخص يحوز سلاحا ناريا حمله في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات والمدن التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير إلا بترخيص من سلطة الترخيص ساري المفعول.
وطالما أن الريف اليمني كله غير خاضع لقانون تنظيم حمل السلاح فلا بد أن يساهم المثقفون والعقلاء والخطباء في القضاء على هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي بين الناس وإظهار مخاطرها على المجتمع من جوانب عدة عن طريق الإعلام بدرجة أساسية والوعاظ والمثقفين عبر المجالس والتجمعات المناسباتية التي يحضرونها وتعريف الناس بأن حمل السلاح ظاهرة غير حضارية وهي سبب في عدم الاستقرار والتخلف وتأخير التنمية والتطور في البلاد وسبب رئيسي أيضا في الانفلات الأمني وإراقة الدماء بين الأفراد وتؤدي إلى الفتنة بين القبائل كما هو حاصل الآن.
وأناشد عبر هذه الصحيفة الغراء «الثورة» كل مشائخنا في اليمن من أكبر شيخ إلى أصغر شيخ وقاداتنا من منتسبي القوات المسلحة والأمن ومسؤولينا والذين يمشون في العاصمة والمدن العامة بالمرافقين المدججين بالأسلحة والمواكب الطويلة والعريضة والهنجمة الفاضية أن يمثلوا القدوة الحسنة ويكتفوا بمرافق واحد أو اثنين بدلا من الجيش الجرار من المرافقين والهيلمان كونهم قدوتنا ومشائخنا الذين نلجأ إليهم وقت الشدة لمعالجة مشاكلنا ونحتكم إليهم لحل قضايانا ولكي يكونوا عند هذه الثقة والمسؤولية فلا بد أن يخضعوا للقانون جميعا ودون استثناء لأحد مهما كان منصبه أو

قد يعجبك ايضا