الشاعر الكبير إسماعيل الوريث في آخر مقابلة صحفية : سأظل أبحث عن مدينة أخرى وأناس آخرين إلى أن أموت

صنعاء – أحمد الأغبري



ينتمي الشاعر الكبير إسماعيل الوريثإلى جيل استلم لواء الحداثة الشعرية في اليمن من جيل الستينيات جيل الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح ليمثل جيل السبعينيات حلقة الوصل ما بين جيلي الكبار و الشباب في المشهد الشعري اليمني الحديثهذا المشهد الذي يعد (الوريث) من أهم أسمائه وممن تميزوا كثيرا في كتابة الشعر الشامل حسبما وصفه شاعر اليمن الكبير الراحل عبد الله البردوني.
وهو بالإضافة إلى ذلك ممن فضلوا العيش في الظلال على الأضواء لتبقى قصيدته متفردة بخصوصية إبداعية لا يتجاوزها دارس للشعر اليمني الحديث.. وقبل ذلك ينتمي هذا الشاعر إلى عائلة يمنية عريقة في علاقتها بالأدب.
تولى منصب أمين عام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ عام 1992م إلى عام 2001م وصدر له منذ عام 1984م نحو ستة دواوين بالإضافة إلى كتب منها كتاب بعنوان “ واقع الإعلام اليمني (1872م – 1992م )” وآخر بعنوان “ رواد التنوير في مدرسة الحكمة اليمانية” و صدر له عن وزارة الثقافة الأعمال الشعرية الكاملة. الشعر بالنسبة له يعني الحياة والحياة بدون الشعر لا تعني له شيئا..” فالشعر بالنسبة لي مثلما التغريد بالنسبة للعصفور لا يمكنني العيش بدونه”.
* هل تتذكر بداياتك الأولى مع الشعر¿
– بدأت علاقتي بالشعر في سنوات الطفولة المبكرة..ساهم في ذلك انتمائي إلى أسرة عريقة كان لها بجانب الاهتمام بالعلوم الدينية والشرعية اهتمام كبير بالأدب ومن أجدادي الأوائل وصل الشعر إلى عندي كما لو كان متوارثا مع انه ليس بالضرورة أن يكون هنالك ميراث شعري فكثير من الشعراء الأماجد لم يتوارثوا الشعر.. ما أريد قوله:إن البيئة والأسرة مثلت عاملا مؤثرا في ميلاد موهبتي الشعرية مبكراولكن لا يعني هذا انه يمكن أن يرث الإنسان الشعر أو يحصل عليه مثلما يرث الأشياء الأخرى أو يحصل عليها فموهبة الشعر بحاجة إلى التهذيب والتكثيف حتى تتشكلوتتبلور خصوصيتها.
* بالنسبة لك أنت.. إلى أين وصلت اليوم علاقتك بالقصيدة¿.. اقصد لو نظرت إلى ما مر من تجربتك الطويلة مع الشعركيف تقرأها¿
– الشاعر يمر بمراحل عديدةحتى تستكمل تجربته نضجهاوهو يحس بهذا الأمر من خلال نقد الآخرين ومستوى اهتماماتهم به أو حتى من خلال اطلاعه على تجارب الآخرين ممن سبقوه من الشعراء أو من هم يجايلوه.. وبالنسبة لي فقد تمكنت من كتابة الشعر العمودي منذ وقت مبكروكتبت قصيدة التفعيلة كما كتبت قصيدة النثروحسب الشاعر الكبير الر احل عبدالله البردوني فأنا أكتب ما يسمى بالشعر الشاملولا أتوقف عند حد معين أو على شكل محددفأنا اكتب الشعر بأشكاله المختلفة..
* و لمن تكتبه¿
– الشاعر في بداية الأمر يكتب لنفسه ولكن بعد ذلك وخصوصا عندما يخرج النص إلى الناس فهو يصبح ملكهم وهنا كأن الشاعر يكتب لهم.
* إلى أي حد تشبه ما تكتب¿
– عندما أقرأ للآخرين كالذين أعرفهم و أحبهم أجد ما يكتبونه يشبههم لذا أنا ممن يقول بان الإنسان هو أسلوبه !..
* تقصد أن الكاتب هو النص ¿
– نعم فانا لا أفصل بين الشاعر والقصيدة.. وكيف لي أن أفصل بينهما والثاني قد جاء ترجمة للأول وتعبيرا صادقا عنه. * مرت تجربتك بمحطات عديدة لكن هناك من رأى في ديوانك “ بعد رحلة صيد مع موسى ابن نصير”منعطفا هاما في مسار تطور قصيدتك¿ – أنا لا اهتم لما يقال عني على الإطلاق . وبالنسبة لي فكل قصيدة كتبتها هي شيء هام . واعتقد أن الشاعر منذ كتابة القصيدة الأولىإلى آخر قصيدة يكتبها هو يكتب عملا شعريا واحدا وفي الأخير فأنا لا أستطيع أن أميز كما يميز القارئ.
* تتوسد قصائدك الكثير من الغربة و التشاؤمية و الضيق بالمدينة و بالناس ..إلى ما تعزو هذا ¿ وبماذا تفسره ¿
– منذ طفولتي وأنا أعيش في القرى و في الأرياف وأصدقائي الأول كانوا بعيدين عن المدينة. ولأن الطفولة ترسم نفسها على الإنسانحتى لو وصل إلى الشيخوخة تجدني اليوم – وقد صار عمري 56 عاما- مازلت اعتبر نفسي ذلك الطفل الذي عاش في الريف مع الفلاحين البسطاء.. أأكل معهم وألعب معهمو احضر معهم حفلات الزار وأشاركهم معيشتهم البسيطة.. فالتشاؤم من المدينة والإحساس بالغربة هو شيء يشاركني فيه معظم الشعراء و ربما كلهم لان المدينة تطحن الإنسان طحنا.. وأنا أضيق بها وبالتالي فالحياة في المدينة تجعلك تشعر فيها بالغربة وتلجأ إلى الوحدة أحيانا لعلك تجد فيها نفسك وتجلس إلى الإنسان الذي تحتفظ به في داخلكوتحميه من الوقوع في طاحونة المدينةالتي تحاول المدينة سلبه منك عنوة…
* وهل ما تزال تبحث عن مدينة أفضل و أناس آخرين كما قلت في إحدى قصائدك¿
– نعم سأظل ابحث عن مدينة أخرىو أناس آخرين إلى أن أموت .
.* تنتمي إلى جيل استلم لواء الحداثة الشعرية ف

قد يعجبك ايضا