حرب سعودية على أرزاق اليمنيين

تحقيق/ طارق وهاس
تسريح عمال برسائل قصيرة عبر الهاتف المحمول ..والإجراءات القضائية لم تفلح
لم تتوقف آلة العدوان التدميرية عند القتل وتدمير البنية التحتية بل امتدت معاولها إلى سوق العمل الذي تأثر بشكل كبير جدا..وعندما تطلّع على أعداد من سرحوا من أعمالهم بسبب العدوان تصاب بالصدمة..
(الثورة) التقت عددا ممن سرحوا من وظائفهم..وناقشت معهم أوضاعهم وماذا قدمت لهم مواقع أعمالهم..وكيف تعاملت معهم..؟كل هذا ناقشناه من زوايا اجتماعية وقانونية واقتصادية.. نتابع:
ماهر محمد صالح يعمل في شركة للمقاولات تم تسريحه من الشركة وتعليقا على الحال الذي وصل إليه يقول : لقد سرحت من عملي بعد أن اكتشفنا أننا نعمل لصالح شركة أخرى هي شركة توتال..ولكن للأسف رغم سمعة هذه الشركة إلا أن أبسط حقوقنا أهدرت ولم نحصل عليها.
وناشد صالح الجهات المعنية بتطبيق نصوص قانون العمل في مثل هكذا حالات .
فيما يقول عمر باوزير وهو عامل في شركة توتال: نحن شركة تعمل في الباطن لصالح شركة ماس والشركة الأساسية توتال التي تصدر القرارات والتوظيف وغيره وقد سرحت الكثير من العمال الذين افنوا سنوات من عمرهم في خدمة هذه الشركة التي قامت بتقدير ذلك بالاستغناء عنهم للأسف الشديد.
تسريح غير قانوني
توفيق الحمدي موظف في إحدى الشركات النفطية من عام 94م وتم تسريحه من الشركة بعد هذه المدة الطويلة من الخدمة المخلصة كما يقول .. وبحسرة كبيرة يضيف: لقد راسلت الشركة عدة مرات ولكن لم يتم التجاوب معي وكانت مكافأة نهاية خدمة 21 عاما من الصدق والجد والمثابرة في العمل صرف راتب واحد فقط وتسريحي بعده .
وتابع :لست وحدي من تم تسريحه من العمل لقد تم تسريح 64 عاملاً في الشركة أيضا.
لا يختلف حال الحمدي كثيرا عن ذكرى المقطري فقد تم تسريحها من أحد المستشفيات أيضا.
وترى أن أساس المشكلة في التسريح للعمال شخصية ولكن أزمة 2011م كانت بداية كارثة تسريح العمال كما تقول المقطري.
وتقول أيضا: إن عمتها تم تسريحها هي الأخرى بعد عمل دام 13عاما دون أعطائها أي حقوق والسبب في ذلك الإدارة الأجنبية.
وطالبت المقطري بيمننة الوظيفة وتسريح العمال الأجانب وتوظيف أبناء الوطن .
من دون سبب
سامي الحرملي عامل في نفس الشركة النفطية تم تسريحه بعد خدمة 11عاما، يقول: لقد تم تسريحي من دون سبب وحتى دون صرف أي مستحقات نهاية خدمة وليس هذا فحسب بل لم يصرفوا حتى راتب الشهر الذي تم فيه تسريحنا .
وبحنق بالغ يتابع الحرملي:لقد تم تسريحنا عبر رسائل قصيرة من الهاتف المحمول وعند لجوئنا للقضاء تم الحجز على الشركة لمدة أسبوع فقط..
وأمام هكذا مأساة يطالب الحرملي بتطبيق القانون فيما يتعلق بالفصل التعسفي والتأمين الصحي وبدل المخاطر والإضافي والإجازات الرسمية بما فيها الأعياد .
وأضاف : الآن كلنا في الشارع 64 عاملا بدون عمل خصوصا وان العمل كان المصدر الوحيد لدخلنا جميعا.
مخالفات
مأساة أخرى بطلتها خلود الزارقة مساعد مدير العمليات في شركة الغاز المسال تقول :لي 4سنوات اعمل لدى الشركة بالتعاقد مع أن كل المناصب التي اشتغلت فيها مثبتة ولي حق التثبيت ولكن ظلت الشركة تجدد العقد معي مع العلم انه تم تثبيت موظفات دخلن العمل بعدي وتم تثبيتهن من أول يوم لهن عمل ونحن 30متعاقداً تم تسريح البعض منا وتم إبلاغنا عن طريق الشركة الوسيط التي تم التعاقد معها بالتسريح ولم يتم تسلمينا أي من مستحقاتنا .
مبادرات
لمناقشة القضية مع الجهات المعنية بمتابعة حقوق العمال التقينا علي احمد بامحيسون أمين عام الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن الذي أكد أن ملايين العمال لا يعرفون لمن يلجأون والمشكلة أن شركات القطاع الخاص لا توجد معها هيئة أو جهة تستطيع النقابة التواصل معها لحل المشكلة حتى اللجنة التحكيمية نفسها !
وأشار بامحيسون إلى انه يتم الرفع للقضاء ولكن في ظل هذه الظروف القاسية نسعى للمبادرة لكي يأخذ العامل حقوقه بدون ضرر وتسويف.
تدمير الاقتصاد
محمد لقمان رئيس منظمة محامون بلا حدود يوضح المسائل القانونية فيما يتعلق بحقوق العامل بالقول :علاقة العمال بصاحب العمل في القطاع الخاص يحكمها قانون العمل وقانون العمل أعطى صاحب العمل أو رب العمل أمر تسريح أي عامل بحسب ظروفه بشرط أن يعطي كل عامل كافة حقوقه.
لكنه لا يقلل من تداعيات الحصار والعدوان على البلد ..وهنا يقول :لقد أدى ذلك إلى تعطيل المنشآت وإغلاق الكثير من الشركات الأجنبية وبكل تأكيد هذا الأمر جريمة من جرائم الحرب لأنه أثر على دخل العامل ..
وواصل لقمان حديثه: القانون الدولي ينص على عدم استهداف المصانع حتى وإن كانت جوار أهداف عسكرية ولكن حقيقة العدوان انه جعلها من أهدافه الأساسية ليشدد الخناق على الشعب بأكمله.
ودعا لقمان الجهات المختصة الى توثيق وحصر المباني والعمائر والمصانع التي تم استهدافها والعمال الذين سرحوا من اعمالهم وفقدوا مصادر دخلهم الذي هو قوت أسرهم حتى تكون الرؤية واضحة بأن العدوان يعمل على تدمير اقتصاد البلد حتى ينتهي الأمر باليمن إلى الهاوية.
ويتفق معه الدكتور جميل حفظ الله أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الذي يقول : إن تسريح العمال هذه الأيام يشكل أزمة مالية على الأسر والكثير من الناس يجدون أنفسهم في العراء نتيجة انقطاع الدخل ويختلف الأمر من شخص إلى آخر حيث أن البعض له دخل آخر أو تكافل اجتماعي .
لافتا إلى أن هناك قصوراً كبيراً من مؤسسات الدولة المختصة لعدم توفيرها بدائل لتلك الإشكالات التي إن استمر غيابها قد تنتهي ببعض المسرحين من أعمالهم إلى الجريمة.
إحصائيات
فيما اشارالقاضي عبد السلام السماوي رئيس اللجنة التحكيمية بوزارة العمل إلى أن الإحصائية القضائية للقضايا العمالية الواردة في إطار اختصاص اللجنة التحكيمية بأمانة العاصمة بلغ خلال الفترة المنصرمة من العام 2015 م (272) دعوى و(114) أمراً على عريضة بالحجز التحفظي أو تسليم رواتب متأخرة و(65) قضية تنفيذية .
وأكد السماوي أن نسبة تسريح العمال زادت إلى ما يقارب 60 % والسبب يعود إلى مغادرة الشركات الأجنبية البلاد وهذا قد ينتج خطرا على العمال وحقوقهم.
لصالح العمال
المحامي والناشط الحقوقي معين الصباري يبين وجهة النظر القانونية من زاوية حقوقية بالقول : هناك حقوق أساسية يستفيد منها العمال في حال التسريح من العمل نتيجة لأسباب اقتصادية ونتيجة لما يتعرض له البلد من عدوان غاشم وبالرجوع إلى المواد (100،101،36) من قانون العمل تبين أن هناك بعض الحقوق الأساسية التي يستفيد منها العمال الذين تم تسريحهم في هذه الحالة وهي: استفادة العمال في الأسبقية في العمل في حال إعادة نشاط المنشأة والتعويض عن مهلة الإشعار سواء كان صاحب العمل قد قام بإبلاغ مكتب العمل أو لم يبلغه بالتسريح أو الإغلاق وهكذا فان القانون راعى في هذا الشأن وضعية العمال إذ يجب على رب العمل أن يشعر العمال بالتسريح من العمل أي يعطيهم مهلة الإشعار حتى لا يفاجأوا بالتسريح أما في حال تسريح العمال لأسباب اقتصادية دون إبلاغ مكتب العمل ففي هذه الحالة يعتبر فصلاً تعسفياً .
ويرى الصباري قصورا في نصوص قانون العمل فيما يتعلق بتسريح العمال لأسباب اقتصادية وهنا يقول : ينبغي على المشرع أن ينص على إمكانية إعادة إدماج العمال في وظائف أخرى في حال تعرض المنشأة لمشاكل اقتصادية ويكون ذلك بالتنسيق مع ممثل العمال أو المندوب النقابي والاتحاد العام لعمال اليمن وبالتالي فان التسريح سيكون هو الإجراء الأخير وليس الأول .
إشكالات
يضيف المحامي والناشط الحقوقي معين الصباري أن قانون العمل اعتبر القضايا العمالية من القضايا المستعجلة التي أجاز قانون المرافعات في المادة 336 منه أن يتم الأمر بتنفيذ الأحكام الصادرة فيها تنفيذا معجلا كما حدد قانون العمل سقف نظر الدعوى العمالية أمام اللجنة خلال ثلاثين يوما إلا انه في الواقع تبقى الدعوى العمالية لسنوات طويلة دون بت يذكر .
ويدلل بمثال : عامل كان قد تقدم بدعوى عمالية إلا أنه توفى قبل أن يحصل على حقوقه فاستمر فيها ورثته بالإضافة إلى كثرة الدعاوى العمالية ووجود تحفظ من الغرفة التجارية على تسمية ممثلين لها في اللجان التحكيمية العمالية .
ومن بين الإشكالات أيضا حسب الصباري أن الغرفة التجارية سحبت ممثلها من اللجنة التحكيمية قبل عام ولم تعين لها ممثلاً جديداً وأصبحت اللجنة تعقد جلساتها بهيئة ناقصة فقط رئيس اللجنة وممثل العمال دون وجود ممثل لأصحاب العمل وبالتالي تكون مسودة الحكم والحكم الصادر بنسخته الأخيرة موقعا من رئيس اللجنة وممثل العمال فقط وهو ما يترتب عليه بطلان الحكم وفقا لقانون العمل الذي اشترط أن تكون الأحكام الصادرة من اللجنة موقعة ومسببة من جميع الأعضاء والطعن بها من قبل أصحاب العمل (الشركات) وبالتالي يصبح العامل هو الضحية في حال استئناف الحكم من قبل أصحاب العمل.

قد يعجبك ايضا