وزارة السياحة والعدوان

عبدالوهاب محمد شمهان

السياحة في العالم تمثل أحد أعمدة اقتصاد الكثير من البلدان وأصبح تهديد هذا القطاع ومحاولة زعزعة استقراره والتشكيك في قدراته وإثارة مخاوف الاستثمار فيه من أي بلد وضد أي بلد في العالم يشكل حالة من حالات العدوان الاقتصادي والسياسي الواجب الرد عليها بكافة الوسائل المتعارف عليها في المنابر الدولية والدبلوماسية والمحافل والمؤتمرات الاقتصادية والسياحية دفاعا عن حق من الحقوق الإنسانية القائمة على المنافسة في تقديم الخدمات وتوفير البنية الأساسية للسائح القادم وتوفير الأمن والسلامة الشخصية بكافة جوانبها ، وتحت ظل تلك الخدمات وقناعة الحكومات بأهمية السياحة وامتلاك الرؤية السليمة لتوظيف قطاع السياحة في خدمة المجتمع والحفاظ على كيانه وقيمه وعقيدته المحمية أصلا على ضوء ماورد في المدونة العالمية لآداب السياحة حيث ورد في الفقرة (2) من المادة الأولى مايلي: ينبغي القيام بالأنشطة السياحية على نحو ينسجم مع خصائص وتقاليد الأقاليم والدول المضيفة ، ويحترم قوانينها وأعرافها وعاداتها.
وبهذا يكون من حق الدولة المضيفة أن تبين للزائر الكثير من المعلومات التي تحيطه بطبيعة البلد وسكانه وديانته وعاداته وتقاليده وقوانينه التي قد تجرمه لتصرف أو سلوك بالنسبة له يعد أمرا طبيعيا فتمنحه القدرة على تلافي الأخطاء وتجنب السلوك المستفز والمثير لردود الفعل ، وكون السياحة لا تنمو إلا في مجتمعات مستقرة آمنة فما هو دور وزارة السياحة في ظل العدوان ، هل تقف حركة العمل والتمسك بأن لا أداء إلا في ظل الحياة الآمنة والمستقرة ، أم هناك واجبات تحتم عليها القيام بها،  والبحث عن كيفية استغلال القدرات في ظروف العدوان ، وعلى سبيل المثال فإن السياحة ترتبط بمنظمات إقليمية ودولية تلك المنظمات تقع تحت ضغط الوسائل الإعلامية ونشاط دول العدوان والشرعية المرتهنة  الذين يمتلكون  حرية الحركة والتعبير ونقل المعلومات  وفقا لمقتضى مصالحهم ، ومن ثم فإن الصمت وقطع التواصل مع تلك المنظمات يعد خطأ فنيا بالغ الخطورة لا ينبغي حدوثه،  فلابد على الوزارة  بصفتها الجهة المسؤولة أن تقوم بواجبها  دون تراجع أو تسويف  ، ولايمكن أن يتم هذا الأداء ما لم تتوافق الرؤى نحو قضية السياحة والقطاع السياحي وأهميته وكيفية تناول آثار العدوان مع المنظمة العالمية للسياحة بإعطائها حقائق ومعلومات في منتهى الشفافية والبينة لتبيان واقع العدوان وأضراره المتواصلة والمتصاعدة العدد  أولا بأول وإحاطة المنظمات الإقليمية والأسواق السياحية ومنظمي الرحلات بكافة المعلومات المعروضة على المنظمة العالمية للسياحة لإبراز همجية العدوان وتركيزه على تدمير البنى التحتية المدنية السياحية وتدمير كل مقومات إعادة بناء الإنسان العامل في القطاع السياحي ، ومن ثم تناول آثار العدوان على المقومات السياحية الطبيعية والبيئية والثقافية والاقتصادية وحجمها وعلاقتها بالحياة السكانية المدنية الواجب حمايتها وتجنب الإضرار بها وهو ما يصر العدوان على تمشيطها بالغارات الجوية وتدميرها كليا  وعبر القذائف البحرية والبرية التي تفتك بكل شرايين الحياة السكانية بل وإطالة أمد أضرارها  وآثارها على البيئة والإنسان  إلى ما بعد العدوان بعشرات  السنين.
إن التدمير الممنهج والمتدحرج والطاغي على كل العمليات الحربية العسكرية قد أضر بالقطاع السياحي ونشاطه وأخرج العشرات من المنشآت السياحية من الخدمة وأحال العمالة السياحية إلى عمالة عاطلة تضاف إلى البطالة المتسارعة في زيادة عددها وتضاؤل قوة العمالة المشتغلة والتي يقل منتسبوها مع مرور كل ساعة الأمر الذي يحرم الأسر اليمنية من أرزاقها اليومية ويجعلها  عرضة للامتهان والحاجة ، إنها حالة إنسانية بالغة الخطورة ، زاد من قوة تأثيرها الحصار الجائر على مجتمع محافظ قليل الموارد يعتمد على الواردات من الغذاء والدواء والملبس والوقود وحتى المياه ، اليمن  يعيش هذا الحصار الذي لم يعرف في تاريخ البشرية أو الحروب وفي عصر الهيمنة الغربية الامريكية  والديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان والمدنية المزعومة .
إن اليمن بلد يعتمد في نشاطه وحياته على علاقته بالعالم وبالجوار ، فهو حاضر ومتواجد في أنحاء العالم بجالياته المستقرة والمستوطنة ، وبجالياته المتحركة غير المستقرة وبأفراده العاملين في كل مناشط الحياة ، متميزون بأدائهم وإخلاصهم وتفانيهم في الولايات المتحدة ،وبريطانيا ، وشرق آسيا ، والكثير من الدول الافريقية والكل يدرك هذا التميز الذي يوازي تميز أي شعب من الشعوب الحرة وهو مايجب أخذه في الاعتبار ضمن نشاط الوزارة.
إن الكثير من المعلومات والحقائق عن العدوان غائبة عن الساحة السياحية وهو مايعطي فرصة سانحة للتحرك  في تبيان واقع الحال وخسائره المادية والكاريثية التي أصابت اليمن من قبل المجتمع الدولي ودوله ومنظماته ونتيجة حتمية لصمته وانحيازه للثروة والمال المسال انهارا وعيونا وينابيع.
إن أمام العمل السياحي فرصة متاحة لإعداد نشط مع الجهات المعنية لتثبيت المواقع السياحية وإعداد رؤية مستقبلية للاستثمار تفرض إعداد مشاريع  لإجراء تعديلات في قانون الاستثمار تساعد على جذب الاستثمار وإعادة الحياة ومواجهة دول العدوان التي لن تقف مكتوفة الأيدي عند انتهاء العمليات العسكرية بل أن عدوانها سيظل مستمرا ومتواصلا حتى لايفيق اليمن اقتصاديا ولاتنشأ دولة ، ولاتنجح تنمية، ولاتقوم للسياحة قائمة فإذا استمر هذا الوضع الوزاري  على رؤى فردية منفردة لا دعم لها  مهما كانت حسن النوايا والجهود فإنها ستظل عاجزة عن المشاركة الجادة في إبراز عنفوان هذا العدوان على السياحة ومقوماتها.
إن ما أصاب رجال الأعمال في بلادنا يعد كارثة اقتصادية واجتماعية وإنسانية ينتج عنها أخطارا وأوضاعا صعبة لمجتمع متكامل على مستوى كافة القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والسمكية والحيوانية والسياحية ، وإهمال إيضاح هذه الصورة السياحية القاتمة للعالم يعتبر تقصيرا يجب تجاوزه وتلافي مخاطره ، ولو فتشنا بعناية لوجدنا وسائل وأدوار ومهاماً يجب أن يشارك فيها كل العاملين في وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي  بل وكل المشاركين في شبكات التواصل الاجتماعي من يهتمون بأمر وطنهم ويتوقون للخروج من هذا العدوان الظالم والذي يعد نفسه لعمليات تدمير أوسع والعالم يراقب بصمت  وينتظر فقط النتائج ليبني عليها مواقفه وبقدر مصالحه ، فهل يراد من اليمن وشعبه  أيضا  انتظار النتائج ، حتى تتضاعف النكبة عشرات المرات والمجتمع الدولي والأمم المتحدة لا تزيد مواقفهم عن المناشدة والتسويف والمماطلة والصمت الذي يرقى إلى المشاركة في دعم و استمرار الحرب العدوانية التي لا سبب لها ولامبرر إلا تدمير اليمن وإبادة شعب اليمن ، إنها الحرب التي جمعت كل مامر بهذا العالم من طغيان وعنف وقهر ودمار وقتل وسفك للدماء من الحرب العالمية الأولى حتى الآن ، إنها هوية  الاستعمار الجديد وسياسة صراع السيطرة على المنافذ البحرية والثروة وعلى تفتيت  القدرات العربية العسكرية والاقتصادية والعلمية مهما كانت ضآلتها وحجب المنطقة العربية عن نفوذ الدب الروسي والتنين الصيني وتطلعات الهند العظمى وهذا مايتطلب حضورا مؤسسيا لوزارة السياحة في الساحة السياحية لهذا العالم خدمة لليمن ومجتمعه والدفاع عنه في ظل هذا الصراع الذي أصبح اليمن وقوده وموقعا لتصفية الحسابات بين الدول.
فهل يمكن توحيد الرؤية السياحية ومساعدة وزارة السياحة القيام بمهامها في ظل العدوان.

قد يعجبك ايضا