التوسع الدلالي في المفردة القرآنية .. اللّمم

محمد الهاملي
قال عز وجل: “الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللّمم” “النجم:22”
يقال: ألمَّ بكذا: إذا قاربه ولم يخالطه وقال المبرَّد: أصل اللمم: أن تلم بالشيء من غير أن تركبه فيه.
وقال جار الله: الإلمام: الإقلال من كل شيء، فالإلمام بالمكان: ما قل من اللبث، كما تقول: لممت الشيء لما، أي: ضميته فالمصدر لمّا. والملموم: المجتمع المدور.
ومن اشتقاق الكلمة تقول: لم الشيء يُلمُّ لمَّا: جمعه جمعاً شديداً. قال السماوي: واللّمم: مقاربة المعصية وعبر به عن الصغيرة، ويقال: فلان يفعل كذا لمما أي حينا بعد حين. واللمة: الرفقة.
قال تعالى: “وتأكلون التراث أكلا لما” “الفجر: 19” قال الطبري: اللمم الجمع الشديد وقد توسعت: الكلمة إلى معان أخرى وقال الراغب: لممت الشيء: جمعته وأصلحته وشرح الآية: يأكلون ميراث النساء واليتامى والمساكين وهذا من قبيل تخصيص دلالة اللفظة في السياق القرآني.
وقال أبو إسحاق الزجاج: أصل اللمم والإلمام: ما يعمله الإنسان المرة بعد المرة ولا يتعمق فيه ولا يقيم عليه.
يقال: ألممتُ به إذا زرتهُ وانصرفت عنه ويقال: ما فعلته إلا لمما أي: الحين بعد الحين، وإنما زيارتك إلمام ومنه أيضا: إلمام الخيال، وقال الشوكاني: اللمم: الذنوب الصغيرة ومقاربة الذنب هنا نحو القبلة وغيرها.
ومن المجاز: لم شعثه: أصلح حاله. وأصابته ملمة من ملمات الدهر نازلة من نوازله. وما فعل ذلك وما ألم: وما داد وهو غلام ملم: مراهق. ويقال: ألمّ بالأمر: أي لم يتعمق فيه وألم بالطعام: لم يسرف في أكله.
أما لما: حرف جزم يجزم الفعل المضارع وينفيه في الماضي إلى الحاضر: “بل لما يذوقوا عذاب” “ص:8” وتدخل على الماضي فتكون بمعنى حين: “فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم” “الصف:5” ومثله: لم، قال تعالى: “لم يكن شيئاً مذكوراً” “الإنسان:1”.
اللهم اغفر لي الذنوب التي تورثُ الندم، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تعجل بالفناء، واغفر لي الذنوب التي تجلب الشقاء، واجعل لي من أمري مخرجاً وفرجاً.

قد يعجبك ايضا