رحلة »بلاك ووتر« من مستنقعات كارولــــــــينا إلى صحراء أبوظبي إلى »صحن الجن«

 

> إريك برنس .. أمير الجريمة الذي أصبح مستشارا لأمير النفط ومشاركا في »تحرير اليمن«

> الإمارات تستبدل قواتها في اليمن بـ 800 مرتزق كولومبي

■ النسخة الثالثة من بلاك ووتر تأسست في أبوظبي عام 2011م بعقد تجاوزت قيمته نصف مليار دولار

> مرتزق كولمبي: نحصل على ألف دولار اسبوعيا من السعودية إضافة للراتب الشهري من الإمارات

● مجرم الحرب يدافع عن شركته ويعتبر أن أميركا بدأت كشركة خاصة عام 1607م

● »بلاك ووتر« تاريخ حافل بالجريمة في العراق وافغانستان والصومال

● مهمتنا الأولى تبدأ في عدن .. والهدف النهائي »تحرير صنعاء من الحوثيين«

● رئيس هيئة المتقاعدين في الجيش الكولمبي يدافع عن الإرتزاق ويصفه بـ»فرصة عمل«

● الجنرال باريرا : تجنيد المتقاعدين في الإمارات يتم بقرارات شخصية .. ونحن فخورون بالثقة التي يحظى بها المحاربون الكولمبيون في الخارج

عباس السيد

عام 2011 ، وتحت تأثير حمى الربيع العربي ، وقعت سلطات أبوظبي مع الرئيس التنفيذي السابق لشركة ” بلاك ووتر” الأميركي إريك برنس ، عقدا لتشكيل جيش من المرتزقة الأجانب لتنفيذ مهام العمليات الخاصة بقيمة تجاوزت نصف مليار دولار .
العقد الذي تم توقيعه في 13 يوليو 2010، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز التي نشرت بنوده ، حدد عددا من المهام لجيش المرتزقة ـ داخل دولة الإمارات وخارجها ـ من بينها : حماية أنابيب النفط وناطحات السحاب وتوفير الدعم اللوجستي للجيش الإماراتي في حالة نشوب صراع مع إيران .وكان واضحا دون لبس ، أن فوبيا الربيع العربي كانت دافعا لأمراء النفط للبحث عن وسائل حماية في حال وصلت حمى الربيع إلى الشارع الخليجي .
وبالقرب من مدينة زايد العسكرية في صحراء أبوظبي ، أنشأ معسكر المرتزقة تحت اسم ” أكاديمي ” كنسخة جديدة ومطورة من ” بلاك ووتر ” التي أسسها ” برنس ” عام 1997 على مساحة 7 آلاف فدان بمحاذاة مستنقعات كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة ، كشركة خاصة لتقديم الخدمات الأمنية وكانت الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية ” cia” أبرز عملاء الشركة أو المستفيدين من خدماتها .
بدأت عملية تجنيد المرتزقة لتشكيل الكتيبة الأولى من 800 رجل ، وتولى تدريبهم خبراء أمريكيون، ومهنيون عسكريون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا ممن لديهم خلفية في القوات الخاصة والمخابرات. يتقاضى المدربون من 200-300 ألف دولار سنويا، في حين يتلقى المجندون حوالي 150 دولارا في اليوم.
وفقا لتقرير نشرته شبكة ” فولتير ” الإخبارية الإيطالية في يونيو 2011 ، شاركت عناصر من معسكر المرتزقة بقعمع الإنتفاضة الشعبية في البحرين بوحشية . وأشار التقرير إلى أن العمليات الخاصة لجيش المرتزقة السري ، يمكن أن تمتد إل دول مثل مصر وتونس ، لكسر الحركات الشعبية وضمان بقاء السلطة في يد الحكومات التي تدعم مصالح الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى .
وجاء في التقرير : “التحالف العسكري الأمريكي ـ الناتوـ يخطط لاستخدام الجيش السري من المرتزقة لتحقيق عدد من أهدافه الكامنة ، من بينها: حماية المنشآت النفطية في أيدي شركات النفط الأمريكية والأوروبية، القضاء على خصومهم، والحفاظ على دول ضعيفة ومنقسمة.”

مشروع في الصومال
أواخر 2011 ، تولى قائد المرتزقة ، إريك برنس ، تأسيس معسكر تدريبي في جمهورية أرض الصومال ـ التي تشكل الضفة الجنوبية لخليج عدن ـ بتمويل من إمارة دبي ، بهدف مكافحة القرصنة ـ وفقا لما نشرته صحيفة نيويوك تايمز في.
وعلى مدى أشهر، تلقى نحو خمسمائة صومالي تدريبات مكثفة على مختلف أنواع الأسلحة الحديثة ، وتحت ضغط الفقر والحاجة والأمل في الحصول على مصدر للرزق ، تحمل المتدربون مشقة التدريب وتعرض الكثيرون منهم للضرب ، وقتل بعضهم أثناء التدريب .
مشروع وقح
لقي المشروع انتقادات دولية واسعة باعتباره انتهاكا لقرارات حظر الأسلحة ، ووصفه تقرير أممي في 2012 بأنه مشروع وقح . في نفس العام ، ألغي المشروع في ظروف غامضة ، دون أن يدفع للمتدربين مستحقاتهم المالية التي وعدوا بها . وشكل الانسحاب المفاجئ دون معرفة مصير الشباب أو السلاح الذي كان بحوزتهم ليتحولوا إلى مصدر قلق على الأمن في المنطقة ، وتحولت أهداف المشروع المعلنة ـ مكافحة القرصنة ـ إلى النقيض منها تماما .

أزمة بلاك ووتر
كانت حادثة تدمير البارجة كول في ميناء عدن في أكتوبر 2000 بالنسبة لـ ” بلاك ووتر” بمثابة ابتسامة الحظ ، إذ بدأ نشاط الشركة ومهامها يتوسعان في الخارج ، وخصوصا بعد حادثة 11 سبتمبر 2001 ، ومن بعدها غزو أفغانستان ، ثم العراق في 2003 .
وبحلول 2007 ، بلغ إجمالي قيمة العقود التي وقعتها ” بلاك ووتر” مع الإدارة الأميركية وحكومات دول أخرى نحو ميليار دولار . وعلى سبيل المثال : حصلت الشركة على 27 مليون دولار مقابل توفير الحماية لـ ” بول بريمر ” الحاكم الذي نصبته الولايات المتحدة حاكما على العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في 2003 ـ بحسب تقارير صحفية غربية ـ .
وشكل عام 2007 نهاية العصر الذهبي لـ ” بلاك ووتر ” والذي تزامن مغ تسلم الديمقراطين مفاتيح البيت الأبيض ، وانحسار تأثير حلفاء ” البرنس ” من الصقور الجمهوريين ، وإلغاء الحكومة العراقية عقد الشركة بعد حادثة ميدان النسور .
عام 2009 عرض ” بلاك ووتر” للبيع هربا من المسؤوليات القانونية بعد تزايد الإتهامات والدعاوي القضائية على خلفية الجرائم التي ارتكبتها في العراق وأفغانستان والصومال ، والتي شملت : القتل خارج القانون ، والتهديد ، والإتجار غير المشروع بالسلاح ، وغسيل الأموال .

بلاك ووتر في قوالب جديدة
وفي عام 2010 ، ظهرت الشركة تحت اسم XE” ” وهو كما قال إريك برنس في مقابلة مع قناة ” الجزيرة أميركا ” الرمز الكيميائي للزينون ، وهو غاز خامل غير قابل للإحتراق . ومع ذلك ، استمرت الملاحقات القضائية للبرنس وشركته وسط حملات إدانة وتشهير من قبل ناشطين ومنظمات حقوقيوقية في أميركا والعديد من دول العالم .
وقد جاء العرض الإماراتي بمثابة إعادة الروح لإمبراطورية الشركة التي أطلقت في أبوظبي نسختها الثالثة المعروفة حاليا باسم ” أكاديمي” بعد أكثر من ثلاث سنوات عجاف للشركة التي كانت تعيش حصارا قضائيا وشعبيا وانحسارا في مواردها المالية ، وخصوصا بعد إدانة عناصرها بقتل 17 مدنيا عراقيا وجرح عشرين آخرين في ميدان النسور بالعاصمة العراقية بغداد عام 2007 . وهي الحادثة التي دفعت الحكومة العراقية إلى فسخ العقد مع الشركة ووقف أنشطتها في العراق .

مجرم حرب
فشل إريك برنس في الدفاع عن شركته أمام القضاء ، وفشل أكثر أمام معارضيه من عامة الشعب الأميركي الذين يصفوه كمجرم حرب . وفي 22نوفمبر 2013 ، تحولت فعالية توقيع كتابه ” يورز وور” الذي حاول فيه الدفاع عن شركته إلى مناسبة لإدانته ، حيث اصطف العشرات من الناشطين الأميركيين حول مبنى المكتبة المركزية في فيلادلفيا حاملين اللافتات المنددة بجرائمة حول العالم .
ودعا المحتجون إلى ضرورة القبض عليه ومحاكمته . كما اعتبروا إقامة حفل توقيع كتابه في مكتبة المدينة بمثابة عارعلى المكتبة العريقة ، ويتنافى مع أهدافها السامية والنبيلة .
خلال المحاضرة التي ألقاها في المكتبة ، دافع برنس بشدة عن شركات الأمن الخاصة ، معتبرا أن الولايات المتحدة بدأت عبر شركة خاصة .. وقال لمنتقديه : ألم تكن ” جيمس تاون ” تابعة لشركة خاصة يجري تدوالها في بورصة لندن ـ في إشارة منه إلى أول مستوطنة بريطانية دائمة في أميركا ، أسست عام 1607 بإسم جيمس تاون ، وكانت تابعة لشركة لندن التي عملت على استثمارها اقتصاديا وبشريا وجلبت إليها المستوطنين والعمال من أوروبا وأفريقيا ـ .
وأضاف : لو أن بلاك ووتر كانت مسؤولة عن حماية القنصلية الأميركية في بنغازي لما قتل السفير كريستوفرستيفنز. وحول مقتل 17 مدنيا عراقيا على أيدي عناصرمن شركته في العراق ، قال أنها فعلا مأساة ، لكن تصرف أولئك العناصر كان مناسبا !!.

من المستنقع إلى الصحراء
انتشل محمد بن زايد مجرم الحرم الحرب من مستنقعات كارولاينا وغرسه في صحراء أبوظبي ، في عملية أشبه بإعادة الروح لإمبراطورية الجريمة المنظمة العابرة للقارات.. أصبح البرنس الأميركي الآن أكثر تحللا من المسؤوليات والأخلاق وأكثر تعطشا للمال والدماء . وأن كان من قبل يعمل في ظل قانون الغاب ، فقد بات يعمل في ظل قانون الصحراء ، حيث لا حياة لمن تنادي .
لا يوجد معلومات دقيقة عن أعداد المرتزقة الذين تم حشدهم إلى معسكر أكاديمي في الإمارات خلال الخمس السنوات الماضية ، لكن بعض المصادر الغربية تشير إلى أن الاتفاق قضى بتشكيل لواء من بضعة آلاف .

بلاك ووتر في اليمن
بعد مقتل العشرات من الضباط والجنود الإماراتيين في مارب بالعملية النوعية التي نفذها الجيش اليمني واللجان الشعبية من خلال إطلاق صاروخ توشكا على معسكر الغزاة في منطقة صافر في الرابع من سبتمبر الماضي ، لجأت الإمارات إلى استخدام ورقة المرتزقة في معسكر ” اكاديمي ” بصحراء أبوظبي ، ليحلوا بديلا عن قواتها التي أعلنت سحبها من اليمن أواخر الشهر الماضي .
عادت جحافل الإماراتيين إلى بلدهم مثل أطفال تعرضوا للضرب في الشارع فعادوا إلى عائلتهم شاكون باكون . وفي بلد كالإمارات ، ليس للعائلة سوى المرتزقة ” من السواق إلى مربية الأطفال إلى حامي الحمى” .. ودفعوا بالمرتزقة للثأر.
في العراق ، وفي معظم البلدان التي مارست فيها بلاك ووتر أنشطتها القذرة ، كان عناصرها يرتدون زي الشركة ويرفعون علمها ” قدم الكلب ” وكانت مسؤولة عن تبعات أعمالها ـ على الأقل ، تلك التي تنفذها بموجب عقود معلنة كما في العراق .
ولكن مرتزقة الشركة في اليمن يرتدون ملابس الجيش السعودي والإماراتي ويمارسون جرائمهم بكل حرية في ظلال أعلام دول التحالف .

مؤسس بلاك ووتر .. محطات
ولد برنس في عائلة محافظة في ميشيغان عام 1969م، وخدم كمتدرب في البيت الأبيض عام 1992م، خلال ولاية الرئيس جورج . كما عمل في وقت لاحق بمجلس “غاري باور” لأبحاث الأسرة، وهي منظمة دينية يمينة ساهم والده ” إدغار برنس ” في تأسيسها . اعتنق الكاثوليكية الرومانية من الكنيسة الإصلاحية الهولندية ” الكالفيني ” في نفس العام .
لديه بطاقة أمن لمقر وكالة المخابرات المركزية و” يجتمع مع كبار الناس داخل وكالة المخابرات المركزية .
« رغم الحرارة الشديدة في الخليج ، إلا أن ظروف الحرب هناك أفضل من تلك التي كنا نخوض خلالها المعارك ضد الـ « فارك ـ FARC « . هناك ـ يقصد في اليمن ـ نقاتل تحت غطاء جوي كثيف ، ونستخدم أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية ، وإذا لم نعد ، ستحصل عائلاتنا على الجنسية « .
هكذا استهل محارب كولومبي سابق ـ مرتزق حالي في اليمن ـ حديثه لصحيفة «EL TIEMPO، إلتيمبو» الكولومبية في الـ 16 من اكتوبر الماضي .
المرتزق الذي لم تنشر الصحيفة إسمه أو صورته مكتفية بصفته كآمرفي الكتيبة الكولومبية باليمن قال للصحيفة : نعمل في اليمن لفترة أقصاها ثلاثة أشهر ، وثلاث وارديات في اليوم . يتقاضى كل فرد ألف دولار أسبوعيا كراتب من السعودية إضافة إلى الراتب الشهري الذي نتسلمه من الإمارات منذ وصولنا هناك .
وكشفت الصحيفة المحلية الكولومبية عن دخول 92 مقاتلا إلى مدينة عدن مطلع اكتوبر الماضي ، وقد ظهر عناصر منهم « بالزي العربي « إلى جانب ضباط ومسؤولين إماراتيين بعدن ، وهم يمثلون طلائع الكتيبة الكولومبية البالغ قوامها 800 عنصر ، والذي من المتوقع أن تدخل عدن نهاية اكتوبر لتعمل مع قوات التحالف الذي تقوده السعودية .
المحارب الكولومبي ـ الذي كان في زيارة لبلده في مهمة تبدو لحشد المزيد من المرتزقة ـ قال للصحيفة أنهم تلقوا تدريبات مكثفة في حرب المدن ، والسيطرة على المواقع في الصحراء ، وتأمين القوافل ، ومكافحة الشغب . ويكلف الكولومبيون من ذوي الخبرة بمهمة الإستخبارات المتقدمة تحت إمرة ضباط إماراتيين .
وحول الهدف الرئيسي لمشاركتهم ، قال أن مهمتهم الأولى تبدأ في عدن ، وبعد ذلك سيعملون مع السعوديين والجنود من جنسيات مختلفة للزحف على العاصمة صنعاء « وتحريرها من الحوثيين « .
ريبورتاج إعلاني
اللقاء الذي أجرته صحيفة « إلتيمبو» مع المرتزق الكولومبي بدا أشبه بريبورتاج إعلاني لحشد المزيد من المرتزقة ، حيث تم التركيز في المقابلة على الضمانات والإمتيازات التي يحصل عليها الكولومبيون الملتحقون بمعسكر المرتزقة في أبوظبي .
ونقلت الصحيفة عن المحارب المرتزق ، تواجد «3300 « كولومبي في دولة الإمارات ، تم استقدامهم بإشراف محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي والقائد العام للقوات المسلحة الإماراتية بعد إجراء فحوصات طبية صارمة .
ويبلغ الترويج ذروته من خلال سرده لما يحصلون عليه من إمتيازات وضمانات حيث قال : حاليا ، لديهم السكن والتأمين الصحي والتعليم ـ لمن ولدوا في الإمارات ـ وبعد عودتهم من « البعثة « ربما يقصد المهمة في اليمن « سيحصلون على الجنسية التي ستشمل دائرة الأسرة الأولى .
تواطؤ كولمبي رسمي
ليس هناك شك في تواطؤ السلطات الرسمية الكولومبية في عملية تصدير المرتزقة إلى الإمارات ، على الرغم من نفي مصادر حكومية علاقتها بهذا الشأن ، باعتبار أن قرارات الالتحاق والعقود تتم من خلال الأشخاص أنفسهم .
وفي مقابلة أجرتها إذاعة « آر سي إن « الكولومبية الحكومية ، مع رئيس هيئة متقاعدي الجيش الكولومبي الجنرال « رويز باريرا « في الـ 18 من اكتوبرالماضي ، قال : هذه ليست المرة الأولى ، فالمحاربون المتقاعدون يتوجهون إلى أكثر من بلد بحثا عن فرص « عمل « أفضل لتحسين أحوالهم وتأمين مستقبل عائلاتهم ، كما أن الإمارات فيها محاربون من جنسيات مختلفة ، وليس من كولومبيا فقط .
وأضاف : نحن فخورون بأن ينال المحاربون الكولومبيون ثقة الآخرين نظرا لما يتمتعون به من شجاعة ومهارات وقدرات متميزة . ونوه الجنرال بان قرارات إلتحاق المحاربين المتقاعدين من الجيش والشرطة تتم بشكل شخصي من قبل المتقاعد نفسه ولا علاقة للحكومة بها .
وعلى طريقة الصحيفة « إلتيمبو « كانت المقابلة الإذاعية مع جنرال المتقاعدين ريبورتاجا دعائيا إيضا ، حيث دافع بشدة عن « الإرتزاق في الخارج « واصفا إياه بفرصة عمل ومصدرا لتحسين الداخل والبحث عن ضمانات وامتيازات يفتقدها المتقاعدون في بلدهم .
مواقف كولومبية مناهضة
بعض الذين علقوا على المقابلة في الموقع الإلكتروني للإذاعة سخروا من حكومة بلدهم ووصفوها بالدمية التابعة للبيت الأبيض ، وأنها حولت الكولومبيين إلى مرتزقة ينفذون مخططات الناتو . فيما دعا آخرون كل من فنزويلا وكوبا إلى تقديم دعم أكبر للمعارضة الكولومبية اليسارية المعروفة بإسم « فارك ـ القوات المسلحة الثورية في كولومبيا « .
كما سخرت وسائل إعلامية لاتينية من استمرار تجنيد الكولومبيين كمرتزقة في الخارج ، والذي يأتي بالتزامن مع تقديم النظام الحاكم في بوجوتو خمسة آلاف جندي كولومبي للعمل في مهام حفظ السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة في مناطق مختلفة حول العالم .

——

> على مدى 50 عاماً فشل مليون جندي كولومبي في القضاء على ميليشيات ” الفارك ”

> من هربوا من الموت في ظلال غابات الأمازون لن يواجهوه في صحن الجن!

بعد الصفعة التي تلقتها القوات الإماراتية في مارب في سبتمبر الماضي ، أعلنت الإمارات بعدها بأيام سحب قواتها من اليمن ، لتحل مكانها مئات من المرتزقة الكولومبيين الذين تدربوا في معسكر ” أكاديمي بأبوظبي ـ النسخة الثالثة من بلاك ووتر، التي يشرف عليها مجرم الحرب الأميركي إرك برنس ” .
800 مرتزق من متقاعدي الجيش والشرطة الكولومبية دخلوا عدن خلال أكتوبر الماضي يرتدون ملابس الجيش الإماراتي ، والمهمة النهائية لهم هي ” تحرير صنعاء من الحوثيين ” كما قيل لهم .
والسؤال الذي يفرضه هنا : هل تنجح الكتيبة الكولومبية ـ أو حتى لواء كولومبي ـ بتحقيق أهداف التحالف باحتلال اليمن أو” تحرير صنعاء ” ؟!.
وهل يمكن لمن هربوا من الموت في ظلال غابات الأمازون أمام الميليشيا المسلحة للمعارضة الكولومبية أن يواجهوا الموت في صحن الجن ؟!.
50 عاما من الفشل
على مدى خمسين عاما ، فشل الجيش الكولومبي المدعوم أميركيا من إلحاق الهزيمة بجيش المعارضة اليسارية المعروفة اختصاراً بالفارك ” القوات المسلحة الثورية في كولومبيا ” فما عسى أن تفعله كتائب أو ألوية من متقاعدي الجيش الكولومبي في اليمن ؟ .
وبحسب موقع المعارضة الكولومبية ، تلقى النظام الحاكم في بوغوتو ـ الذي يبلغ قوامه قرابة المليون جندي ـ 6 مليارات دولار، كمساعدات عسكرية اميركية خلال العشرالسنوات الماضية ، وهو مبلغ يزيد عن إجمالي ما قدمته أميركا للدول اللاتينية كلها .
ويعمل في الجيش الكولومبي نحو 2000 من الضباط والخبراء العسكريين الأميركيين ، بعضهم مرتزقة يعملون بعقود خاصة . كما يوجد في كولومبيا 6 قواعد عسكرية أميركية ، وهي أكثر من عدد القواعد الأميركية في دول القارة الجنوبية مجتمعة .
ومع ذلك ، لا تزال كولومبيا تشهد ما بات يعرف بأطول حرب أهلية في التاريخ ـ بدأت مطلع الخمسينيات من القرن الماضي ـ وراح ضحيتها أكثر من 200 ألف قتيل وملايين النازحين .
كولومبيا التي يبلغ عدد سكانها نحو 45 مليون نسمة ، وتتجاوز مساحتها المليون كيلومترمربع ، لا تزال الدولة الأكثر خطرا من حيث الأمن في القارة الأميركية الجنوبية . وتسيطر المعارضة المسلحة على مساحات شاسعة في جنوب وشرق البلاد .
وشهد العقد الأخير جولات عدة من المفاوضات بين الحكومة والمعارضة لإحلال السلام ، وإشراك المعارضة في الحكم ، لكنها تتعثر باستمرار ، لأن تحقيق ذلك يتعارض مع رغبة الإدارة الأميركية التي تخشى من فقدان نفوذها ومصالحها في الدولة التي تعد بمثابة بوابة القارة الجنوبية .

قد يعجبك ايضا