بعد أن استباح العدوان دماء آبائهم في البحر وضيّق عليهم معيشتهم في البر

أطفال الصيادين.. دعاء ودموع

الحياة لم تعد كما كانت بالأمس القريب في قرى الشاطئ الغربي وفي أماكن تجمعات الصيادين التقليديين على طول الشريط الساحلي للبحر الأحمر, حيث أحالت طائرات العدوان السعودي وصواريخها وحمم حقدها المدمر حياة هؤلاء المساكين إلى أحزان ومآسٍ ودموع لاتكاد تفارق أحداق أُسر وأطفال أبناء هذه الشريحة الاجتماعية الأكثر شقاء وحرمانا ومعاناة في اليمن.

تحقيق : زهور السعيدي

استهداف متعمد

عائلات الصيادين من الأطفال والنساء في تلك المدن والقرى حاضرة البحر أمست حياتهم كوابيس مرعبة بسبب الاستهدافات شبه اليومية لقوارب آبائهم من قبل طائرات العدوان وبوارجه والتي اتخذت منهم أهدافا عسكرية وأمعنت في قتلهم وتدمير قواربهم سواء كانوا على الشواطئ عندما يكونون في مراكز الإنزال السمكي لبيع ماحصلوا عليه من أسماك أو حتى وهم في عرض البحر على قواربهم يصارعون الأمواج والأعاصير العاتية طلباً للرزق العسير في هذا الزمان الصعب, والظروف الطبيعية القاسية والتي زاد العدوان السعودي وحصاره الجائر من تعقيداتها ولكن هذا العدوان الوحشي لم يكتف بما تسبب به من أضرار وتداعيات على ممتهني الاصطياد التقليدي فراح يستهدفهم بالصواريخ والقنابل دون رحمة بل ومضى يمعن ويوغل في جرائمه بحق هؤلاء المستضعفين والتي زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة وأصبحت شبه يومية تقريبا. ومؤخراً لم يكد يمر يوم دون أن تستقبل قرى الصيادين هناك أعداداً جديدة من جثامين أو ماتبقى من أشلاء أبنائها ممن قضوا غِيلةً وبدمٍ بارد على أيدي طائرات الأباتشي أو طائرات الآف16او بقذائف البوارج البحرية المتواجدة بشكل كثيف في المياه الإقليمية اليمنية وعلى مقربة من شواطئ البلاد..ويقول سالم صديق القيادي في الاتحاد التعاوني السمكي بأن استهداف العدوان لقوارب الصيادين باتت دائمة وشبه يومية تقريبا مايدحض تماما فرضية الخطأ في ارتكاب هذه الجرائم كما أنها تؤكد بأن هناك استهدافاً ممنهجاً وتعمداً واضحاً في قتل الصيادين.

أحزان ومعاناة

الحزن والألم والمعاناة عناوين بارزة في حياة عائلات الصيادين في الوقت الراهن ..فالمهنة صارت مشلولة تماما بسبب ممارسات العدوان واستهدافه المجنون لكل القوارب التقليدية سواء كانت صغيرة أو كبيرة حيث تقوم الطائرات والبوارج بإطلاق قذائفها تجاههم بمجرد إبحارها من الشاطئ . يقول عبدالكريم أمين وهو صياد يعمل في قارب متوسط الحجم بشواطئ المخا بأن القيام بالرحلة البحرية أصبح بمثابة مغامرة خطيرة جداً وقد يدفع الصيادون حياتهم لمجرد انطلاقهم في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر والأهوال ..ويشير إلى أن البوارج البحرية التابعة لتحالف العدوان والمرابطة في المياه الإقليمية غير بعيد من السواحل تستهدف بصواريخها وبصورة مباشرة ووحشية كل مايتحرك في البحر وحتى على الشواطئ ماجعل الغالبية العظمى من الصيادين يتوقفون عن مهنتهم وهو الأمر الذي انعكس سلباً على الأوضاع المعيشية للصيادين وعائلاتهم إذ أنهم لايمتلكون أي وسيلة أخرى يعتاشون منها. ويؤكد الصيادون بأنهم يشاهدون أطفالهم يتضورون جوعاً أمام أعينهم دون أن يستطيعوا فعل شئ أمام هذا التعنت والاستكبار والممارسات الإجرامية التي يرتكبها العدوان وآلات حربه الوحشية ..ويوضحون بأن على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية حول العالم التدخل العاجل لوضع حدٍ لهذه المعاناة التي باتت تعصف بهم وتهدد أطفالهم بالموت جوعا.

دموع وتضرعات

لايمتلك الصيادون وهم الفئة المجتمعية الأكثر فقراً وضعفا الكثير من المقدرة ووسائل المواجهة في معركة البقاء هذه لذلك يخيم على منازلهم الحزن والدموع والتضرع إلى جبار السموات والأرض بالانتقام لهم ممن أزهقوا أرواح أبنائهم ودمروا وسائل رزقهم وضيًقوا عليهم معيشتهم..وباتت أسرة الصياد عقيل قاسم محمد, والتي تسكن في منطقة القطابا بمديرية الخوخة والمكونة من سبع بنات يتيمات مع أمهن, دون مصدر رزق..
وتشير أكبر هؤلاء اليتيمات ذات ال19عاما في حديث لـ”الأسرة”إلى أن والدهم المتوفى قبل عامين تقريبا ترك لهم قارباً صغيراً وقد قمن بتشغيله عبر أحد الأقارب من الصيادين مقابل أعطائهن الربع من ثمن مايبيع من الأسماك في كل رحلة بحرية لكن هذا القارب تعرض قبل أيام لصاروخ طائرة حربية سعودية ما أدى إلى غرقه بالقرب من جزيرة زقر ومقتل جميع البحارة على متنه وكلهم من أبناء وأحفاد هذا الصياد الذي كان يقوم بتشغيل قارب الأيتام إلى جانب القاربين اللذين يملكهما. ولم يعد بوسع هؤلاء اليتيمات إلا البكاء والابتهال الى الخالق العظيم بأخذ حقهم ممن اغرق قاربهم وقتل العاملين فيه. مأساة هذه الأسرة المكلومة بمنطقة القطابا الساحلية التي تقع على بعد4كيلومتر تقريبا شمال مدينة الخوخة ماهي إلا نموذج بسيط لمعاناة عظيمة ومتزايدة بات يعيشها الصيادون على امتداد السواحل الغربية لليمن بسبب العدوان السعودي وآلة بطشه بالضعفاء والمساكين ناهيك عن حصاره المطبق الذي يفرضه عليهم بلا رحمة وتحت مبررات وحجج واهية لايصدقها عقل إذ أن مايسوقه العدوان من تبريرات بضلوع الصيادين في تهريب الأسلحة سخيفة وغير منطقية إطلاقا. إذ يستحيل على هذه القوارب التقليدية الصغيرة كما يؤكد القيادي في الاتحاد التعاوني السمكي سالم صديق أن تقوم بمثل هذه المهام الكبيرة كما يستحيل تماما إبحارها لمسافات بعيدة وكذا اجتيازها للبوارج البحرية الحديثة المزودة بأحدث تقنيات الرصد والمراقبة. تدمير القطاع السمكي المسئولون في القطاع السمكي يرون في هذه الجرائم التي يرتكبها العدوان السعودي ضد الصيادين التقليديين استهدافا مرسوما ومخططا له بعناية فائقة لضرب هذا القطاع الحيوي الذي يعد من أبرز ركائز الاقتصاد الوطني . وتوضح الهيئة العامة للمصائد السمكية في البحر الأحمر وكذا الاتحاد التعاوني السمكي والجمعيات السمكية في المحافظات الساحلية بأن القطاع السمكي أضحى في الآونة الأخيرة هدفاً رئيسيأ لطيران تحالف العدوان لما لهذا القطاع من دور وركيزة أساسية يعتمد عليها معظم السكان في مختلف مناطق الجمهورية اليمنية. ويضيفون في بيانات إدانة لجرائم قتل الصيادين اليمنيين صدرت مؤخرا بأن جرائم الاعتداء على الصيادين في الجزر اليمنية ومراكز الإنزال السمكي وغيرها من الجرائم والمجازر الشنيعة التي يرتكبها العدوان، تتنافى مع كل القيم والمبادئ الانسانية والقوانين والأعراف الدولية وهي مجازر تستهدف البنية التحتية للقطاع السمكي في البحر الأحمر. وتوضح هذه الكيانات السمكية والنقابية بأن استهداف طيران العدوان للصيادين الذين يجوبون مياه البحار بحثا عن رزقهم، يمثل استهدافا لحياة المواطن اليمني الذي يسعى إلى الكسب الحلال من خلال بحثه عن لقمة العيش في البحار والجبال والوديان. وطالبت هيئة مصائد البحر الأحمر والاتحاد السمكي والجمعيات التعاونية السمكية الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية بسرعة العمل لوقف هذه المجازر التي يرتكبها العدوان السعودي وحلفاؤه بحق اليمنيين من الصيادين والمدنيين وسرعة إيقاف الحصار و التحقيق الدولي في تلك الجرائم باعتبارها جرائم حرب وإبادة.والعمل السريع في سبيل تقديم من يرتكبون هذه المجازر إلى المحاكم الدولية لنيل جزاءهم العادل. واليوم وفي ظل استمرار هذه الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها العدوان على طول الساحل الغربي لليمن والتي أصابت مهنة الاصطياد التقليدي بالشلل فان مئات الآلاف من أبناء الصيادين وعائلاتهم أمام خطر الموت جوعاً .. فأين ضمير العالم ياتُرى؟

قد يعجبك ايضا