الفكرة والمعنى

زياد السالمي

لم تكن لحظة مستفزة هذه الأحداث، إنها تطلعات ناتجة عن أحلام وواقع ورفض متراكم، أفرزت وعيا بالتمرد على الظروف، ربما الأداة المستخدمة لإثبات ذلك الرفض ليست بالشكل المأمول، سيتطور ذلك الوعي طالما أصبح واقعاً إلى استخدام الطريقة المناسبة للتجاوز بحجم التكلفة والشعور بالحرج والضيق أو عدم الاحتمال .. المهم أن إرادة مقتدرة تقف وراءها إرادة فاعلة، ينبغي ليس فقط مسايرة هذه المجريات بعين الناقد البناء بل الرفض ومقت الفعل المقصي صاحبه عن التطلع نحو أفق الإنسان المكتمل، التبرم ليس معضلة إلا إذا أعقبه صمت وتراخ وانزواء، مثله خوض التجربة معيق بعض الشيء، بينما تحديد الهدف كمغامر يمنح الساعي له مكنة قد تصل به إليه، وبالتالي يقتضي تحديد نوعية الهدف وكيفيته وأفقه، أولى به وصف الشاعر الكبير المتنبي : إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم، كما قد يكون هذا الوصف حالة متقدمة على الوعي الجمعي إلا أن مفرزات الأحداث الحالية قد تفرض ذلك الوعي المأمول / المستوجب كمعنى بالقيام بما يؤهل الذات والآخر ويهيئ السبل والرؤى المناسبة للبزوغ …، لأي كان التبرم كيف يشاء أمام الفعل إنما لا يقف بعيداً أو محايدا بل وضع الرؤى الممكنة بالتغلب على الطمع والأنانية والاتكال، إيجابا تناسبيا مع الظروف المحيطة بهذا السلوك، يأتي بالتلازم الحتمي الأمكن كوجود، كمن يقف من أعلى ويضع حلولاً نهائية، تحتاج إلى أدوات ومقاربة للحال المعاش، كهدم هوة التطبيق والمعرفة، يفضي بالآخر إلى التفاعل كتفاصيل طالما قد منح المفاهيم أو قدم البنى الأساسية للعمل المنتج كما ينبغي، الفكرة الجادة للمعنى الجاد جدوى والمعنى الجاد للفكرة الجادة جدوى أيضاً، أما أن يصطدما بمكون/ات، عدم/ية، ما يمنح التكليف الملزم بأن يضع المعنى على عاتقه تكليفين الأول ما يخصه من فكرة جادة والآخر تكليف العدمي، مع أن الكثير من العراقيل والهدم ستوجه مسيرته، إنما لذة السعي وسعادة المحاولة تكفي كمعادل موضوعي لهذا التعب وموتيف يتأتى معه وجوديا بين العدم أو إيجاد العدم حتى يغدو فاعلا إن لم يكن إلزامه بذلك هو المفترض، مهما كان أفق المتاح ضيقاً والممكنات شبه معدومة للمعني بالفكرة كفعل، إلا أن ذاته أكبر كقيمة أفقية أو كحرية متاحة يتماهى معها الإصرار دون الالتفات إلى الحافز الذي ما يزال إحباطا في ذاته أو التفاعل الذي لا يعدو عن كونه إخفاقا كذلك فيما قد يكون النظر إلى الوراء لمعرفة المسافة كحافز والسعي كتفاعل، يحدث الارتياح والأمل على الاستمرار والمتابعة كي يتمتم بعد ذلك سـ(يقضي الله أمراً كان مفعولا)، حينها سينتبه أن أمامه منحدرا قد يكون نوبة اغتراب ما عليه حياله سوى الانشغال عنه ببناء سور يمنعه من التدحرج، إنما تظل حرية الاتجاه كمؤدى وإلزامية التساؤل هما الوصل بين الفكرة والمعنى .

قد يعجبك ايضا