الحوار.. الفريضة المغيبة

*رغبة السعودية في استمرار العدوان عطلت كل الحلول السلمية الممكنة

إعداد/ إدارة التحقيقات
عشرة أشهر من العدوان السعودي على اليمن، حرب حصدت عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليمني، الذين ذهبوا ضحايا بلا ذنب، عشرة أشهر من تدمير البنية التحتية في مختلف محافظات الجمهورية أوقفت مع توقف دورة حياتها اليومية أغلب مصادر دخل الشعب اليمني.. ولأن الجميع يوقن بأن الحرب لن تقدم حلا للصراع ولن يخرج طرف منها منتصرا على الآخر، فإن جميع فئات وشرائح المجتمع اليمني، خصوصاً أبناء الطبقة الكادحة من الشعب تدعو المتواطئين مع العدوان ممن يقبعون في فنادق الرياض إلى الجلوس على طاولة حوار وطنية خالصة بدون أي تدخلات خارجية ليصنعوا الحلول الجذرية للصراع ويستعيدوا أحلام الشعب في بناء دولتهم الحديثة المنشودة .. في السطور التالية تجدون دعواتهم المثخنة بمآسي الحرب….. إلى التفاصيل:

“لقد نزفت الكثير من الدماء اليمنية وخسر الشعب بنيته التحتية وخسر الكثير من أبنائه مصالحهم وممتلكاتهم وترملت الكثير من النساء ويتم الأطفال، وكل ذلك والحرب مستمرة ضد اليمن ولا مصلحة إلا لدول إقليمية على حساب حياتنا، لذا يكمن الحل الأسلم بل والأوحد في الحوار الذي يعد الطريقة السلمية الوحيدة القادرة على حسم نقاط الخلاف بين جميع الأطراف”.
هذا ما أوضحه – بغصة كبيرة – الناشط الاجتماعي صدام الحربي الذي أضاف: إذا ما جنحت كل الاطراف بعيدا عن الحوار واستمروا في إيقاد الحرب فإن ذلك يعني المزيد من القتلى والجرحى والأرامل والأيتام ومزيداً من الدمار لمصالح الشعب العامة والمصالح الخاصة وفي نهاية المطاف لن تحسم المعركة إلا بالحوار فالأفضل للجميع تحكيم العقل والمنطق للدخول في مفاوضات مباشرة وبنوايا صادقة تحمل معها هموم الوطن وآلامه وجراحاته العميقة”.
ضياع الحقوق
يرى حقوقيون أن الحرب الظالمة التي يقودها العدوان السعودي ضد اليمن قد سلبت اليمنيين البسطاء أبسط حقوقهم الإنسانية التي من أبرزها العيش بأمان..
الناشط الحقوقي جابر الشرعبي يقول في هذا السياق: سلبت أغلب الحقوق من نسبة كبيرة من الشعب وأصبح أغلب المواطنين يفتقدون لأبسط الحقوق بل إن شريحة كبيرة منهم لم يعودوا قادرين على تأمين الحاجات الأساسية المتطلبة في حياتهم فبدخول الحرب على حياتهم توقفت كل مؤسسات الدولة، وتوقف أغلب القطاع الاقتصادي لتتوقف معها الكثير من مصالح المواطنين إذ سرحت بعض الشركات عمالها والبعض سرح بسبب قرار الشركات تقليص عدد العمال فيما لم يعد بوسع الدولة الإنفاق على جميع مواطنيها باستثناء المواطنين المقيدين لديها في مكاتب الخدمة المدنية أو من يعملون في المؤسستين العسكرية والأمنية، وهؤلاء لا يشكلون غالبية الشعب فالأغلب كان يعمل في القطاع الخاص أو في الأعمال الحرة المختلفة وهذه قد توقفت أغلبها منذ بدء العدوان حربه على اليمن .. ويرى الشرعبي “أن الحل ليس باستمرار المعارك بل بالحل السلمي والمتمثل بالحوار الجاد الذي يضع مصلحة الوطن العامة فوق كل المصالح ووضع اعتبار الوطن فوق كل الاعتبارات”
قطاعات حيوية تموت
“القطاع الصحي أحد أبرز القطاعات المتضررة من العدوان الغاشم فالمستشفيات تعاني من مشاكل جمة أضيفت إلى قائمة المشاكل التي كان القطاع الصحي يعاني منها مسبقاً، فالكثير من الأصناف العلاجية انتهت ولم يعد هناك وارد يغطي العجز بينما الأصناف الأخرى تعاني من شح كبير، أيضاً هناك أمراض معدية كان للحرب اليد الطولى في خلقها وانتشارها في أوساط المواطنين كحمى الضنك والتي تحتاج سرعة للقضاء عليها من المريض وإلا أنهت حياته، كما أن الحرب فرضت على الواقع أن يكون هناك جرحى وهم كثر وهذا كله يسبب عجزاً كبيراً في المستشفيات العاملة .. هذا فضلاً عن أن هناك مستشفيات أعلنت الإغلاق لأسباب كثيرة وهذا أدى إلى مضاعفة العبء على المستشفيات العاملة”.. هذه الاستغاثة هي ما وجهه الطبيب عبدالجبار الحجري، مطالباً بحوار جاد وموضوعي بعيدا عن التدخل الخارجي والوصاية.
لإنقاذ ما تبقى
من جانبه تحدث التربوي سلطان الشهري، عن الأضرار التي لحقت بالقطاع التعليمي وضرورة إنقاذ ما تبقى من البنية التحتية التعليمية وإنقاذ الوطن بشكل عام.. مضيفاً: “نحن كتربويين ندعو كافة التنظيمات السياسية المتصارعة إلى تفعيل الحكمة والعودة إلى طاولة الحوار حتى ننقذ ما تبقى من الوطن الجريح بشكل عام والقطاع التعليمي بشكل خاص فالبنية التحتية للتعليم التربوي تعرضت للتدمير .. بينما عشرات الآلاف من الطلاب لا يستطيعون الوصول إلى مدارسهم بينما الآخرون يجدون صعوبة في التحصيل العلمي بسبب الحرب”.
فيما قال الطالب الجامعي جمال الحاج: “لم نكن نتوقع حدوث هذه الكارثة على الوطن أبعد ما كنا نتوقعه هو خلافات سياسية نجد صعوبة في حلها ولكنها في النهاية تنتهي بتقديم تنازلات من جميع الأطراف ..لكن قدّر الله وما شاء فعل وها نحن قد ذُقنا ويلات الحرب وما زلنا نذوقها ولن ينتهي هذا العذاب إلا بتوافق جميع الأطراف على حل سياسي ينهي معاناة الشعب”.
أوجاع ومآس
المواطن البسيط غير القادر على السفر أو الاستمرار في مشروعه الصغير يعد الضحية الأكثر قرباً من تداعيات الحرب، ويعد الشريحة الأكثر ملامسة لمآسي الحرب، وهذا ما لفت إليه المواطن عبدالكريم الحمادي الذي يعمل حمالاً في أسواق تعز التجارية .. شاكياً من مرارة الحرب وويلاته وأثرها على أسرته بالذات، ويترجم الرجل تلك المرارة بقوله: “أبلغ من العمر ثلاثة وأربعين عاماً، لا أملك أي مؤهل دراسي يمكنني من الحصول على أي وظيفة بأجهزة الدولة تعينني على مآسي الزمن، كل ما أملكه كمصدر دخل لأسرتي المكونة من خمسة أبناء إضافة إلى الزوجة هو العمل حمالاً في أسواق تعز التجارية، غير أن هذا المصدر البسيط، رغم وضاعته، لم أعد بإمكاني مزاولته، لذا فالحرب الحالية قد أنهت هذا العمل حيث لم تعد المدينة تعمل كالسابق بينما أغلب محلاتها التجارية مغلقة والمحلات المتبقية قليلة في الوقت الذي تكاثر العمال في هذه المهنة خلال هذه الأيام بسبب الحرب التي حرمتهم من مصادر دخلهم، ولأني لن أترك أسرتي تموت جوعاً فقد قررت ممارسة المهنة “حمال” بطرق أخرى حيث أذهب إلى أماكن بعيدة وأحمل المواد الغذائية وآتي بها إلى طالبيها وهذا يجعلني أقطع مسافة يومية تزيد عن عشرة كيلو مترات، لذا فإنني أطالب كل القوى المتصارعة بوقف الحرب عن طريق الحوار وتقديم تنازلات حقيقية لعودة السلام والأمان للشعب فنحن كطبقة بسيطة في الشعب تعبنا كثيراً ولم يعد بإمكاننا تحمل أكثر من هذا الوضع”.
وحدة مطلب السلام
أخيراً لا يتسع المجال لعرض مآسي 25 مليون يمني تحملوا تبعات هذه الحرب وهذا العدوان المستمر منذ عشرة أشهر، غير أن الأهم هو الإشارة إلى وحدة مطالبهم التي لم تختلف عن مطالب من ذكرناهم آنفاً حيث مطلب الحوار بين القوى السياسية لوقف الحرب كمطلب رئيس وضروري لا حياد عنه، وهم بذلك يتمنون أن تصل أصواتهم إلى آذان كل القوى السياسية الفاعلة وكل من له يد لوقف هذه الحرب التي قالوا إنها عبثية.

قد يعجبك ايضا