السياحة والقطاع الخاص

عبدالوهاب شمهان

تعتمد السياحة في نمو خدماتها ومنشآتها المتعددة على استثمارات القطاع الخاص المحلي والخارجي وحتى الآن لا يوجد تقييم متكامل لدى وزارة السياحة أو غيرها يحدد مساهمة القطاع الخاص المحلي على مستوى الجمهورية والذي يحصر دوره في إنشاء الوكالات السياحية التي تحول الكثير منها إلى نشاط تفويج الحجاج والمعتمرين في ظل الخلافات التي اشتدت في العام2013، 2014 بين وزارتي السياحة والأوقاف، ومنها توقف دور وزارة السياحة كليا فيما يتعلق بمراقبة خدمات الحج والعمرة وهي الأكثر ارتباطا بوزارة السياحة، فالطابع الديني غاية المسافر ومع ذلك يكون النشاط السياحي أكثر حضورا لدي المعتمر من خلال زيارته للأهل والأقارب المقيمين في أراضي المملكة، لكن الكثير من القضايا والاهتمامات تداخلت ومكنت الأوقاف من إزاحة دور وزارة السياحة المحدد بقوانين السياحة النافذة، ما شجع الوكالات السياحية من تجميد ارتباطها أو يكاد مع وزارة السياحة نتيجة لعدم الاكتراث بها، وضاعف هذا الموقف توقف الأفواج السياحية الوافدة وخروج المناطق السياحية اليمنية من الخارطة السياحية لأسباب عدة اختتمها العدوان الغاشم بعدوانه وحصاره، وبذلك أقفلت الوكالات أبوابها وفقد نسبة كبيرة من العاملين مصادر رزقهم، ولم يبق للقطاع الخاص إلا حضور ممثليه أسبوعيا في مجلس إدارة صندوق الترويج السياحي .
إن القطاع الخاص المحلي قد لا يكون له مشاركات استراتيجية في بناء المنشآت السياحية إلا أن المغتربين يعدون المصدر القوي لتشغيل العمالة السياحية باستثماراتهم المنتشرة في أنحاء اليمن إضافة إلى بعض الاستثمارات الوطنية لمجموعة هايل سعيد أنعم ومجموعة العالمية وبعض من رجال الأعمال الذين يشكون اليوم من أوضاع تشغيل منشآتهم التي تقود ربما إلى خسائر أو أنها تعرضت لقصف العدوان في تعز، وعدن، وحجة، وصعدة وصنعاء حتى وصل آخر رصد إلى (119) منشأة سياحية لحق بها التدمير جراء القصف، ناهيك عن قصف المناطق السياحية والأثرية ومواقعها المهيئة لزيارة السياح أو التي لازالت تحت البحث والتنقيب، وما أصاب المتاحف من تدمير بل إن القصف بلغ حدا لا يمكن أن يحدثه إلا عدو حاقد عندما يعمل جاهدا على تدمير الأراضي والمدرجات الزراعية، ومزارع الدواجن ومصانع ألبان الأطفال وغيرها من معامل ومصانع تقدم خدماتها للناس، إنه أسلوب نازي صهيوني أمريكي بريطاني فرنسي، فهذه الدول هي التي تملك خبراء لإبادة الشعوب وتدمير مصادر الحياة فيها بما في ذلك قصف آبار المياه التقليدية المتوارثة جيلا بعد جيل .
– لقد شمل التدمير الإنسان العامل في وزارة السياحة والصندوق والقطاع السياحي بكل منشآته وهو الأشد ضررا، وليس للباحث إلا التنبيه رغبة في الوصول إلى النجاح .
– إن وزارة السياحة والصندوق بحاجة فعلية لتوحيد القرار وتمكين المسئولية لأي كان تراه اللجنة الثورية قادرا علي إدارة الجانب السياحي ويمتلك القدرة علي اتخاذ القرارات الحكيمة لخدمة السياحة والقطاع السياحي والمحافظة على الإنسان الثروة الأساس وهذا لا يمنع من إضافة الدماء الجديدة وفق أسس سليمة تجمع الجهود وتصبها في خدمة السياحة دون تمييز، أو تجاوز للمسؤولية مع معرفة أن بعض من المهام تقتضي الإجادة الكاملة نطقا وكتابة للغة الإنجليزية بحكم طبيعة العمل وبعضها تتطلب القدرة علي التفاهم الذي يمكنه من تقديم الخدمة أو إيصال الرسالة، إن العمل السياحي في الوزارة والصندوق متلازمان ولا يمكن فصلهما عن بعض ولذلك كان المشرع أكثر اهتماما بهذا الجانب عندما حدد أن يكون الوزير هو رئيس مجلس الترويج السياحي وهو رئيس مجلس إدارة الصندوق حتى يتكامل العمل السياحي ولا تشكل مؤسسات منفصلة بل تمثل غاية واحدة وترتبط بتنمية نشاط واحد وفق استراتيجية وسياسة الوزارة التي لا تبتعد عن السياسة العامة التي يحددها مجلس الوزراء، والمسئول عن تنفيذها الوزير أمام رئيس الحكومة، وإن وجد قصورا في الفترة الماضية قبل تعيين قائم بأعمال الوزارة فلا يعني هذا رمي الأخطاء وتوظيفها لفصل المهام الرئيسة عن بعضها البعض.
إن المهام القادمة التي يجب الإعداد لها بوحدة الرؤية لا يقوى المجلس على مواجهتها بدون الوزارة ولا يمكن للوزارة أن تقوم بدورها بدون المجلس والصندوق، فوحدة الرأي تشكل الضمان لسلامة الأداء وعدم الانحراف ما وجدت الأمانة، فالعمل السياحي بعد انتهاء العدوان يتطلب إعداد استراتيجية سياحية وطنية لإعادة تأهيل وتدريب الإنسان العامل أولا فهو مصدر القوة ومصدر الثروة الموجودة في اليد وإهمالها سيكون له أثر سلبي على مستوي الخدمات في الوزارة والصندوق والقطاع السياحي عموما، إضافة إلى عرض مشاكل القطاع السياحي وتحديد دور الصندوق في عملية التمويل وتنظيمه، أو في عملية المساهمة والشراكة في مشاريع استثمارية سياحية، أما المشاريع الاستراتيجية فليس بمقدور المجلس القيام بأي منها أو حتى إعداد وثائقها الهندسية ولا حتى الوزارة، فهناك بيوت خبرة دولية تمتلك الإمكانات والقدرة التي تحظى بالثقة بما يعرض ويقدم من تصاميم هندسية كما أن الوزارة مهمتها إعداد وعرض المواقع الاستثمارية وليس لها حق الشراكة والاستثمار المباشر والفعلي.
-إن توحيد الرؤية السياحية الواحدة للجمهورية اليمنية ضرورة يحتمها الواقع الحالي ويفرضها المستقبل الذي يتطلب حكمة في تقليص سنوات إعادة الإعمار السياحي والعودة إلى السوق السياحية وكسب ثقة منظمي الرحلات السياحية، وتحقيق الأمن والاستقرار مع توافر كافة الخدمات العامة من كهرباء ومياه وصحة وزراعة وصناعة ومواصلات وطرقات….الخ فالسياحة منظومة متكاملة وحلقات متواصلة مع بعضها لا يمكن الاستغناء عن حلقة واحدة أيا كان موقعها وإلا انفرط العقد وذهبت الجهود.

قد يعجبك ايضا