أقول قولي هذا.. تساؤلات

عبدالمجيد التركي
أريد أن أستعيد جزء عمَّ وربع ياسين.. أن أستعيد طفلاً أضعتــُه في صنعاء، حين رأى (الرُّوتي) وأثمَـلَته رائحة الخميرة لأوَّل مرة.. حين رأى قنينة الماء وعلى صدرها تاريخ انتهاء الصلاحية، فتساءل: هل ينتهي الماء!!
أحتاج إلى التخلُّص من كلِّ الملفات المؤقتة والبرامج الضارة التي في رأسي.. عقلي يقوم بعمليات عشوائية، فيملأ جمجمتي بالتفاهات والخيالات التي لا أقدر أن أصارح بها أحداً كي لا أسقط من نظره..
سأصمت كي أحافظ على ما تبقى من أصدقائي.. سينظرون إليَّ بعيون مثقوبة وكأنهم ملائكة، ولم تراودهم هذه التفاهات والخيالات..هم جبناء، وأنا متهوِّر، لأنني أفكر بصوتٍ مسموعٍ وأقولها جهراً نيابة عنهم.
أريد أن أستعيد وجهي فقد تعبتُ من الأقنعة، لم أعد أعرف من أنا.. أضعتُ وجهي بين كومٍ هائلٍ من اللَّوحات كل يومٍ أجرِّب وجهاً جديداً فأكتشف أن هذا ليس لي.. أكره الاكتشافات هذه.. كما أكره كلمة “لا مندوحة” التي يتعمَّد أحدهم قولها ليسبب لي الغثيان.
الغثيان حالة مزمنة، تـُشعرني أن هذا الذي في فمي ليس لـُعابي.. كم هو مقرف هذا الشعور.. هي هواجسُ مراهَقَة متأخرة، لأنني لم أعِ شيئاً عنها، فقد كنتُ تحت المراقبة كأيِّ مراهق عربي يعاني كبتاً موثَّقاً بأحاديث ذكورية.
تساؤلاتٌ كثيرة كان يقمعني فقيه القرية حين أضعها في طريقه، وكأنها ستحول بينه وبين الله:
كيف يمتلئ ماءُ الجامع بالقشعريرةِ حين يمشي عليه الشتاءُ كأقطابِ الصُّوفية!!
كيف يتسلَّلُ إلى رئاتنا مختبئاً في شراب السُّعال !!
لماذا لا يصلِّي البرد كي يتهذَّب قليلاً !!
تساؤلاتٌ طفولية كان يخاف الفقيه إجاباتها، وكأنها نوعٌ من الإلحاد البريء!!

ــــــــــــــ
magid711761445@gmail.com

قد يعجبك ايضا