أقلمة اليمن مشروع خليجي بامتياز

> عجزوا عن تحقيقه سلما.. فشنوا عدوانهم

إبراهيم الأشموري
في الـ18 من مارس 2013م انطلقت أولى جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي واستمر لمدة عشرة أشهر بمشاركة 565 عضواً جرى اختيارهم وترشيحهم يمثلون جميع الأطراف السياسية والفاعلة ومنظمات المجتمع المدني وكان الشعب اليمني يرى في مؤتمر الحوار مخرجا لأزماته وأوكل إلى المتحاورين مهمة رسم معالم الدولة المدنية الجديدة والمستقبل المنشود في دولة المساواة لكن النفوذ الخارجي داخل كواليس المؤتمر كان قويا واستطاع فرض الكثير من المخرجات بطرق التفافية شتى.
وبرز مشروع الأقلمة كحالة ملحة وأولوية قصوى، فيما غابت بقية المخرجات أصبحت الأقلمة خيار بديل بعد فشل النظام السعودي في إجهاض للوحدة من لحظة تحقيقها 1990م وخيبة مساعيه في العودة للانفصال على أساس اقليمين أو هي تطوير المشروع السعودي الذي طرح في 1994م ستة أو سبعة أقاليم أو مخاليف.
وكان سفير السعودية في الأمم المتحدة آنذاك بندر بن سلطان قالها آنذاك اليمن السعيد سنقسمه إلى سبع دويلات ليظل اليمن التعيس.. إذا الاشتراكي طرح مشروع السعودية لليمن 1994م وهدفها الحقيقي كان «فصل حضرموت» والمؤتمر طرح مشروع السعودية 1994م المطور في نسخة ما بعد 2011م لقياس الاختيار والاختبار للأطراف السياسية وهكذا في ظل استحالة توافق الأطراف السياسية المتحاورة على الأقلمة.
وحين فشل عملاء السعودية في تمرير مشروع الدستور باعتباره الضامن لتحقيق الأقلمة التفكيكية اختارت سبيل العدوان لتحقيق هذه الغاية الدنيئة بالقوة وهو ما يتجسد فعليا من خلال العدوان الغاشم الذي بدأ في مثل هذا اليوم 26 مارس قبل عام تحت شعارات زائفة لا صلة لها بالنوايا الحقيقية المبيتة.
وبقدر ما مثل «هادي» والحوار الوطني المخرج من الأزمة كما تصورها الجميع فقد باتا»هادي والحوار» المدخل للأزمة أشد وبالذات وقد أصبحت الأقلمة والدستور صلاحيات لهادي ولا علاقة لها بالحوار والمتحاورين.

النقاط العشرين والاحدى عشر
ومنذ مرحلة ما قبل مؤتمر الحوار الوطني كان هادي ومن معه يتنصلون عن تنفيذ النقاط العشرين والإحدى عشر التي أقرتها اللجنة الفنية التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل كتمهيد وتهيئة لانعقاد مؤتمر الحوار.
كذلك المماطلة في إعادة هيكلة الجيش والأمن وفق الأسس الوطنية التي أقرتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وعوضا عن ذلك تم اتخاذ العديد من الإجراءات في هذا الخصوص بما يخدم الأجندة الخارجية في اليمن.
بالإضافة الى عدم إنجاز مهام المرحلة الانتقالية خلال الفترة المحددة بعامين حيث انتهت تلك المدة الزمنية ومازالت المرحلة الانتقالية متعثرة في مؤتمر الحوار الوطني
إضافة الى التمنع عن تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار بعد استكمال أعماله وعدم الالتزام بما نصت عليه تلك المخرجات بداية من رفض تشكيل المؤسسات الحاكمة للمرحلة الانتقالية التي نصت عليها وثيقة الضمانات لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومنها عدم تشكيل حكومة الشراكة الوطنية من كافة القوى والمكونات السياسية في البلد.
وعدم تحقيق الشراكة الوطنية في كل مؤسسات وأجهزة الدولة على مستوى المركز والمحافظات.
كذلك التأخير المتعمد لمدة أربعة أشهر في إنشاء وتشكيل الهيئة الوطنية المعنية بالإشراف والمتابعة والرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني إلى حين تمرير وفرض بعض القرارات المحورية كقرار تحديد الأقاليم وقرار تشكيل لجنة صياغة الدستور، وعلى الرغم من ذلك فقد جاء قرارا إنشاء وتشكيل الهيئة الوطنية مختلين ومخالفين لوثيقة الضمانات لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار.
بالإضافة إلى تشكيل لجنة تحديد الأقاليم بصورة مختلة ومن ثم فرض رؤية معدة سلفاً مخالفة للضوابط والمحددات والمعايير التي نصت عليها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرار الرئاسي القاضي بإنشاء اللجنة.
من أهم تلك المخالفات إلزام لجنة صياغة الدستور بمخرجات لجنة تحديد الأقاليم المختلة.وإعداد مصفوفات تنفيذية لمخرجات مؤتمر الحوار بطريقة مختلة ومجتزئة من قبل حكومة غير مخولة بذلك وفقاً لوثيقة ضمانات مؤتمر الحوار الوطني
قرارات مخالفة
كما جاء قراره هادي بتشكيل الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار متسرعًا وغير مستوعب كافة الأطراف الممثلة في مؤتمر الحوار، بالإضافة إلى كونه جاء مخالفًا لِما نصت عليه وثيقة الحوار الوطني، وبالذات ما له علاقة بالمادة الثالثة التي نصت على عدم ضم أيّ من أعضاء مجلسي النواب والشورى حينها اصدر المجلس السياسي لأنصار الله توضيحًا بخصوص القرارين الرئاسيين رقم (30،31) للعام 2014م حول إنشاء وتشكيل الهيئة الوطنية المعنية بالإشراف والمتابعة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، أكد فيه على أن عددًا من موادهما جاءت مخالفة لما تم التوافق عليه في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واجتماعات هيئة رئاسة المؤتمر.. وطالب بسرعة إعادة النظر فيهما بحيث يتم الالتزام بما تم التوافق عليه بخصوص التشكيل والمهام المسندة إلى الهيئة وعدم إلزامها بأي قرارات جاءت مخالفة ومتجاوزة للتوافق ولمخرجات مؤتمر الحوار، وفي مقدمتها مخرجات لجنة تحديد الأقاليم.
وحذّر المجلس من مغبة استمرار مسخ مخرجات مؤتمر الحوار ومبدأ التوافق والإصرار على التجاوزات التي حصلت منذ انتهاء مؤتمر الحوار دون أن يتم تصحيحها أو إعادة النظر فيها، وأكد أنصار الله على أن أي قرارات خارجة عن إطار مخرجات مؤتمر الحوار المتوافق التوافق، تعتبر فاقدة للشرعية.
ولاقى تشكيل الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار اعتراضات وملاحظات من قبل حقوقيين وسياسيين حول المخالفات التي تم ارتكابها بقرارات جمهورية فيما له علاقة بتنفيذ مخرجات الحوار أبرزها صياغة ضمانات لمخرجات الحوار الوطني على عجل وفي أجواء متوترة يسودها الضغوط بحُجة الحرص على إنجاح المؤتمر
مشيرين إلى أن تنفيذ تلك المخرجات بدأ بطريقة انتقائية مخالفة للضمانات المتفق عليها في الوثيقة النهائية للحوار الوطني، ابتداءً بتشكيل لجنة تحديد الأقاليم التي تم تشكيلها فرضاً على مكونات الحوار الوطني ومارست عملها مخالفة لنصوص وثيقة الحلول والضمانات للقضية الجنوبية بدراسة خيارات الإقليمين والستة الأقاليم وما بينهما.. معتبرين ذلك تحيزًا واضحًا وفرض خيارات غير مدروسة، ومن لجنة غير توافقية، وبإجراءات غير سليمة عقّدت حل القضية الجنوبية، وفي وقت يثير الغرابة (13 يوماً) وتلي ذلك المخالفة الثانية، لجنة صياغة الدستور تم تعيينها مخالفة لشروط ضمانات الوثيقة النهائية وإرادة المكونات.
لجنة الأقاليم
في ?? يناير ???? اصدر هادي قرارا بتشكيل لجنة تحديد الأقاليم تتولى هذه اللجنة القيام بدراسة واقرار خيار ستة أقاليم – اربعة في الشمال واثنان في الجنوب وخيار إقليمين وأي خيار ما بين هذين الخيارين يحقق التوافق ويكون قرارها نافذاً، كما تقوم اللجنة بتحديد عدد الأقاليم والولايات (المحافظات) التي سيتشكل منها كل اقليم مع مراعاة الواقع الحالي والتجاور الجغرافي وعوامل التاريخ والثقافة على ان ‌ترفع اللجنة تقريرها النهائي إلى لجنة صياغة الدستور وتحدد فيه عدد الأقاليم والولايات (المحافظات) التي يتكون منها كل اقليم، ليتم النص عليها في الدستور
وفي 29يناير -2014 رأس هادي الاجتماع الأول للجنة تحديد الأقاليم وذلك بغرض البدء في التنفيذ العملي لمهام اللجنة.
وفي 10فبراير2014 تم الإقرار النهائي لاقاليم الدولة الاتحادية على أساس ستة أقاليم وذلك في الاجتماع الذي رأسه هادي و اعتماد الأقاليم الستة الإقليم الأول المهرة حضرموت شبوة سقطرى ويسمى إقليم حضرموت وعاصمته المكلا، الإقليم الثاني الجوف مارب البيضاء ويسمى إقليم سبأ وعاصمته سبأ، الإقليم الثالث عدن ابين لحج الضالع ويسمى إقليم عدن وعاصمته عدن، الإقليم الرابع تعز إب ويسمى إقليم الجند وعاصمته تعز، الإقليم الخامس صعدة صنعاء عمران ذمار ويسمى إقليم أزال وعاصمته صنعاء،الإقليم السادس الحديدة ريمة المحويت حجة ونظراً للأهمية الخاصة لمدينتي أمانة العاصمة صنعاء وعدن فقد تم تقديم عرضين خٌصصا لإعطاء رؤية عامة حول وضع هاتين المدينتين لتمكينهما من لعب الدور المتوقع منهما كركيزتين أساسيتين في الدولة الاتحادية.
وقد مثل اليوم الذي صدر فيه قرار بتشكيل لجنة الأقاليم محطة خطيرة في مسار الحوار التي انخرطت فيه كافة القوى السياسية الفاعلة في الساحة فقد بدأت واضحاً في ثنايا هذا القرار تأثيراً حمل لأجندة الخارجية الهادفة لتقسيم البلاد وإضعاف الكيان اليمني كدولة موحدة ذات سيادة.
وعبرت العديد من المكونات والنخب السياسيين بينها أنصار الله عن رفضهم لمخرجات لجنة تحديد الأقاليم، واستهجانه للطريقة التي جرى بها سير عمل اللجنة.
وحملو في بيانهم القوى التي كانت ورائها وكذا القوى التي قبلت بالتوقيع عليها كامل المسؤولية لما يترتب على هذه المخرجات من مخاطر جمـة تهدد الجميع».
وجاء في البيان إن لجنة تحديد الأقاليم «تجاوزت مهامها المنصوص عليها في وثيقة الحل للقضية الجنوبية والقرار الرئاسي وكذا مبدأ التوافق والشراكة في عملية اتخاذ القرار التي قام على أساسها مؤتمر الحوار.
دستور الدولة الاتحادية
في الـ8 مارس 2014 صدر قرار بتشكيل لجنة صياغة الدستور وبعد عشرة أشهر من تشكيل اللجنة التي طالتها انتقادات واسعة لعدم أهلية غالبية أعضائها بحسب المنتقدين، وكثرة سفرها، والتعتيم الذي أحاط بعملها، بالإضافة لكونها أعدت المسودة النهائية خارج البلاد.
في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، مما دفع البعض لوصف دستور اللجنة بـ»دستور أبو ظبي» وبعد تسلمه مسودة الدستور قال هادي أن أهم استحقاقات الدستور الجديد هو تحوّل اليمن لدولة اتحادية من ستة أقاليم».
وتضمّن الدستور الجديد، الذي كان سيصبح نافذاً بعد استفتاء شعبي، جملةً من التغييرات الجوهرية على سمات الدولة شكلاً ومضموناً، فبالإضافة إلى تغيير شكل الدولة من موحّد إلى اتحادي، تم تغيير اليوم الوطني الذي كان في الدستور السابق يوم إعلان الوحدة في 22 مايو/???? وكذلك اسم الدولة، وعلمها. وحسب التسريبات المنشورة من دستور أبو ظبي، فإن المسودة قفزت على تحديد هذه النقاط الثلاث (اليوم الوطني، اسم الدولة، العلم)، وتركت ذلك لقانون لاحق، وهو ما أثار انتقاد خبراء دستوريين يرون أن تحديد هذه النقاط في نص الدستور أمر جوهري ولا يجوز تركه لقانون لاحق أو لائحة مرفقة.
وكشف سياسيون وحقوقيون أن اليوم الوطني الذي يُراد اعتماده للبلد، هو يوم إقرار مسودة الدستور الجديد، أما عن مسمى الدولة الذي يراد له أن يكون بديلاً عن مسماها الحالي (الجمهورية اليمنية) فهو بحسب التلميحات الرسمية المتكررة «دولة اليمن الاتحادية». ولعل آخر هذه التلميحات ما ورد في وكالة سبا الرسمية «رئيس الجمهورية يتسلم مسودة دستور دولة اليمن الاتحادية»
وتأتي هذه التغييرات الجوهرية في مسودة الدستور اليمني التي لاقت اعتراضا شعبيا واسعا، خلافاً لتجارب إعادة صياغة الدستور في كل من مصر وتونس، حيث تم فيهما الإبقاء على اسم الدولة والعلم واليوم الوطني كما هي ومسمى الدولة الذي يراد له أن يكون بديلاً عن الحالي هو (دولة اليمن الاتحادية).. وجاءت المسودة النهائية للدستور في 70 صفحةً، ضمت 15 باباً و8 فصول، بالإضافة إلى الديباجة، وشملت كافة المواد الدستورية التي تنظّم عمل الدولة الاتحادية وجميع سلطاتها.
وبحسب المسودة، فإن الدستور الاتحادي ينص على أن يقوم كل إقليم من الأقاليم الستة في البلد بصياغة دستور خاص به، أي أن اليمن الاتحادي سيكون بسبعة دساتير، الأمر الذي لاقى انتقاداً من قبل مختصين وصفوا مسودة الدستور الجديد بأنها «تفكيكية».
انقلاب على مخرجات الحوار
ورغم كل الجهود التي بذلت فإن هادي أصر على المضي في ذلك المسار المنحرف وانقلابه على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، وفي اليوم التالي لوصول المبعوث الأممي جمال بن عمر حينها إلى العاصمة صنعاء قدم هادي وقبله رئيس الحكومة استقالتهما في خطوة خطيرة تهدف إلى إرباك المشهد وإحداث فراغ في السلطة في ظل اختلالات أمنية خطيرة كان يعيشها البلد، ورغم محاولات البعض لإثنائه عن الاستقالة إلا أنه أصر عليها متعمدا إلحاق الضرر بالبلد.
فيما واصل جمال بن عمر رعاية حوار بين القوى والمكونات السياسية للخروج بحل للأزمة السياسية التي تفاقمت بعد استقالة هادي وحكومة بحاح.
طوال فترة الحوار التي استمرت شهرين تحت رعاية الأمم المتحدة ؛ والسعودية تعمل جاهدة على تعطيل هذا الحوار من خلال إيعازها إلى بعض أدواتها على الطاولة بالتطويل والتعطيل وكذا دفعها هادي لرفض هذا الحوار بعد أن دفعته لمغادرة صنعاء إلى عدن والإيعاز له بالدعوة الى حوار في الرياض.

قد يعجبك ايضا