المعارضة التونسية تطالب الحكومة بخطة استراتيجية لإنقاذ البلاد من الأزمة

طالبت المعارضة التونسية الائتلاف الحاكم بخارطة طريق تنموية وسياسية وأمنية واضحة تستجيب لمشاغل التونسيين وتضع حدا لحالة الاحتقان التي تشهدها البلاد في ظل غياب أية خطة إستراتيجية لإنقاذ البلاد من أزمتها الهيكلية التي تعصف بها منذ خمس سنوات.
وجاءت المطالبة في أعقاب تفجر احتجاجات اجتماعية من جديد في عدد من المناطق المحرومة يقودها الأهالي وقوى المجتمع المدني، مطالبين بتشغيل العاطلين وتوفير التنمية وتحسين مستوى المعيشة.
كما يطالب المحتجون بإشراكهم في مواقع صنع القرار السياسي والإداري والاقتصادي بشأن الملفات التي تهم مناطقهم باعتبارهم الأكثر دراية بمشاغلهم ووضع حد لاحتكار السلطة المركزية للقرارات.
ويدعو الحزب الجمهوري إلى ضرورة اتخاذ إجراءات استثنائية لتوفير الموارد المالية لتحقيق التنمية في المناطق الداخلية، مشددا على أن الفقر هو الذي كان المحرك الأساسي للاحتجاجات والمطالبة بالتنمية والتشغيل.
ويشدد الجمهوري على ضرورة وضع خارطة طريق وطنية تنموية وسياسية تشارك في رسمها مختلف القوى السياسية والمدنية والخبراء في التنمية الاجتماعية لوضع لحالة الفقر التي توسعت رقعتها بشكل مفزع.
ووفق أكثر من دراسة ميدانية تتجاوز نسبة الفقر 60 % في عدد من الجهات المحرومة مثل محافظات سليانة والكاف شمال غرب البلاد ومحافظات القصرين وسط غرب البلاد ومحافظات قفصة ومدنين وتطاوين جنوب البلاد.
وجراء توسع رقعة الفقر تآكلت الشرائح السفلى من الطبقة الوسطى التي تعد ضمانة الاستقرار الاجتماعي إذ تدحرج صغار الموظفين والأجراء والحرفيين ليلتحقوا بالفئات الفقيرة في ظل تدهور المقدرة الشرائية.
ويشدد زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب على أن “تعاطي الائتلاف الحاكم مع الأوضاع العامة كان بعيدا كل البعد عن المطلوب” داعيا إلى ضرورة تفعيل المشاورات مع الأحزاب السياسية.
وبرأي المغزاوي فإن المهم “هو وضع خطة وبرنامج أو استراتيجية للمرحلة القادمة” مضيفا إن “حركة الشعب تقترح عقد حوار وطني اجتماعي يأتي بالحلول ويقدم معالجات جذرية هيكلية من خلال ترتيب الأولويات وإيجاد الحلول للمشكل الاجتماعي الخيار الأمثل لاستيعاب الأزمة”.
ويقود الحبيب الصيد رئيس الحكومة مشاورات مع الأحزاب السياسية سواء منها المؤتلفة في الحكم أو المعارضة وأيضا مع القوى المدنية لم تسفر بعد عامين من تركيز الحكومة عن التوصل إلى خارطة طريق توحد الرؤى في رؤية واحدة تحظى بالإجماع بشأن معالجة الأوضاع.
وتطالب المعارضة بضرورة اشراك الشباب وممثلي الجهات في حوار اجتماعي يكون تحت إشراف الحكومة وبمشاركة المنظمات الوطنية وأبرزها الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل حشد قوى المجتمع في مشروع وطني طموح.
وتأتي دعوة إشراك الشباب في الشأن العام في ظل العزوف على المشاركة في الحياة السياسية إذ لا تتجاوز نسبة انتماء الشباب للأحزاب خمسة بالمئة وهو ما يؤكد فشل السياسيين في استقطاب أهم فئة اجتماعية.
وإزاء ارتفاع منسوب الاحتقان يطالب الاتحاد العام التونسي للشغل أقوى منظمات المجتمع المدني بعقد لقاءات ومشاورات بين مختلف الأطراف من أجل التوصل إلى حلول عملية بناء على تشخيص مشاغل الجهات والفئات.
وكثيرا ما يحذر إتحاد الشغل الذي توترت علاقته بالحكومة خلال الفترة الأخيرة من التداعيات السلبية لغياب خارطة طريق حتى أنه لا يتردد في التنبيه من “تفجر” الأوضاع الاجتماعية في ظل تعمق التهميش والفقر.
ويرى فوزي عبد الرحمان الأمين العام لآفاق تونس على أن أنسب الحلول خلال هذه الفترة هو التعويل على الحوار، مشددا على أن السلطة السياسية مطالبة بتطبيق برامج تنموية واضحة.
وتتفق المعارضة على أنه بات “من الضروري إعطاء قيمة للاحتجاجات والإصغاء للعاطلين عن العمل والمهمشين من خلال حوار اجتماعي حقيقي والاعتماد على مشروع سياسي والتزام السلطة بتنفيذ ما التزمت به.
وفي ظل تشظي المشهد السياسي إلى العشرات من الأحزاب التي تختلف اختلافا كبيرا سواء من حيث مرجعيتها الفكرية أو توجهاتها السياسية يبدو الحوار معرضا إلى الكثير من التعقيدات.
وترى الجبهة الشعبية القوة الانتخابية الرابعة المعارضة أن خارطة الطريق يجب أن تنأى بالبلاد عن نمط الاقتصاد المتوحش وتنتهج نمط الاقتصاد الاجتماعي وبعده التضامني وهي تطالب الحكومة بالقطع مع سياسة الدين الخارجي وإملاءات صندوق النقد الدولي.
ويرجع الخبراء في التنمية الاجتماعية حالة الاحتقان التي تعصف بتونس مند انتفاضة يناير 2011م التي أطاحت بنظام الرئيس بن علي إلى غياب آليات حوار ناجعة بين الأهالي المحتجين والائتلاف الحاكم، مشددين على أن الحكومة لم تصغ جيدا لمطالب الفقراء والعاطلين والمهمشين.
ويشدد عبدالرحمن البدوي الخبير في التنمية الاجتماعية على أن تونس اليوم هي في أمس الحاجة إلى تركيز آليات حوار وقنوات تواصل بين الائتلاف الحاكم من جهة وبين القوى السياسية والمدنية المعارضة والخبراء من أجل التوصل إلى صياغة خارطة طريق تنأى بالبلاد عن تفجر الأوضاع.
ويرى البدوي أن احتكار الائتلاف الحاكم لصنع القرار التنموي والسياسي لم يقد سوى إلى حالة استقطاب خطيرة، مطالبا بضرورة إشراك الفاعلين السياسيين والمدنيين والاقتصاديين في الجهات بما يعزز مختلف الجهود باتجاه الرهان على الحكم المحلي والقطع مع مركزية القرار التي يرى فيها أهالي الجهات نوعا من الاحتقار والشعور بالحيف.

قد يعجبك ايضا