الدراما الرمضانية .. تسلية على حساب الحقيقة

مسلسل “هفة ” نموذجا
أخصائيون :
“هفة” يمن شباب تجنٍ واضح على واقع الطب النفسي في اليمن
الدعوة إلى محاسبة القائمين على الدراما غير المسؤولة

استطلاع / زهور السعيدي
الدراما الرمضانية لهذا العام اعترتها الكثير من الهفوات وأساءت كما يقول مختصون للعديد من القطاعات والتخصصات الحيوية والإنسانية في المجتمع اليمني وألحقت بصورتها تشوهات عميقة قد تكون لها تداعيات خطيرة مستقبلا.
ومن هذه الأعمال الدرامية وفقا لأخصائيين نفسيين مسلسل”هفة” الذي يُبث حاليا على فضائية “يمن شباب” والذي يتضمن إساءات مباشرة وكبيرة لقطاع الطب النفسي حيث يقدم هذا القطاع لجماهير المشاهدين على غير حقيقته ما يثير كثيرا من علامات الاستفهام حول أهداف وأبعاد مثل هذه الأعمال وهل يتوقف الأمر عند مسالة الفكاهة وتسلية الجمهور على حساب الحقيقة وهل هناك من دور لجهات الرقابة والمساءلة على مثل هذه التناولات والتجاوزات؟
“الثورة” استطلعت آراء عدد من الأخصائيين والمعنيين حول الدراما الرمضانية ومسلسل “هفة” تحديدا فإلى التفاصيل:
تقول الدكتورة عبير الصنعاني رئيسة قسم الخدمة النفسية بمستشفى 48 الطبي:إن مسلسل “هفة” جعل الطب النفسي يبدو بصورة مهينة وقضى على الخدمات الرائعة التي يقدمها الطب النفسي للمرضى النفسيين وقد حاولنا جاهدين خلال الأعوام السابقة الارتقاء بالطب النفسي حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن في مجال متقدم من تقديم خدمات طبية جيدة للمرضى ونطالب بإيقاف هذا المسلسل لما يبثه من مهزلة تمثيلية ساخرة.
-وتقول الأخصائية النفسية غادة محاسن أن مسلسل “هفة” يشوه دور الأخصائيين النفسيين وينقل صورة ساخرة عنهم وينقص من عملهم الإنساني الرائع والنبيل الذي يقدموه للمجتمع ككل وللمرضى بصورة خاصة.
-وتضيف غادة محاسن وهي المشرفة الفنية لمركز قدرات للعلاج الطبيعي أن مسلسل” هفة” يسيء بحق للأخصائيين والمعالجين النفسيين وينقل صورة خاطئة عن الدور العظيم الذي يقوم به المعالجين في الوقت الذي يحتاج المواطن للتوعية والإرشاد بأهمية العلاج النفسي لما تمر به البلاد من ظروف قاسية سببت أزمات نفسية كبيرة فلا بد أن يعرف الجميع بأهمية التدخل المبكر لتلافي الأمراض النفسية التي تعيق الحياة بشكل عام.
نموذج سيئ
-الأخصائي النفسي أحمد شرهان : مسلسل هفة لم يحاك الواقع بل تم تجبيره لكي يكون ترفيهياً ولدينا أطباء وأكفاء وأخصائيون متميزون لماذا لم ينقلوا الواقع ومعالجة السلبيات إن وجدت ولكن أفكاره مستقاة من القنوات المصرية ولا تحاكي الواقع والبيئة اليمنية.
وتقول الأخصائية غادة حمزة : في الوقت الذي كنا نحتاج للدعم والمساندة المجتمعية والإعلامية حول أهمية الطب النفسي ودوره الفعال في تخفيف وترميم آلام المرضى الذين يعانون من المرض النفسي والعقلي إذ وجدنا أنفسنا أمام نموذج سيئ معيق للرسالة الذي كنا ولا زلنا نطمح بها وهي أن نخرج مجتمعنا من الأفكار الضلالية والسمعة المفبركة نحو العلاج النفسي وأساليبه وهذا المسلسل هو فعلا مترجم سلبي سينعكس أثره على المشاهد بصورة أو بأخرى ويطبع بذاكرته صورة مشوهة وبالتالي يبرمج عقله الباطن على الرفض والتهميش للعلاج النفسي بكل طرقه
-محمد الجميل معالج نفسي ورئيس منظمة يمن اسفير : في الوقت الذي يستخدم العالم الفن والدراما لمعالجة قضاياه المجتمعية وزيادة التوعية في أوساط المجتمع هاهم اليمنيون يسلكون العكس ويبثون التناقضات ويدمرون الوعي المجتمعي في مسلسلات لا تهدف لخدمة المجتمع في شيء بقدر ما تهدف للفكاهة الساخرة مسلسل ساخر يتناول صحة المجتمع بشكل هزلي وغير منطقي سيخلف ثقافة تخلف وجهل وسيخلف وعي ثقافي مشوه تجاه أهم تخصص طبي يحتاجه المجتمع في وقتنا الحالي سيزيد معاناة الألم النفسي الذي خلفته الحرب وسيزيد ثقافة الشعوذة والخرافة فهذا المسلسل يدمر أكثر مما يعالج..
إساءة للعامل والإداري
الدكتور صلاح الصنعاني باحث دكتوراه في الصحة العامة : مسلسل هفة الذي يذاع على قناة يمن شباب بدلا من أن يعرض واقع الطب والمريض النفسي قام بالإساءة إليهما وعرض مواقف وأحداث مغلوطة عن الطبيب والمريض والممرض والإداري العامل في المجال النفسي فما ينقل معيب وأتمنى إيقافه فالمريض النفسي والعاملين في المجال النفسي ليسوا بحاجة للمزيد من الإساءة.
-الخبير الاجتماعي مروان علي زهير : هذا المسلسل لا يعبر عن شخصية الطبيب النفسي وإنما يعبر عن شخصية المؤلف والممثلين الذين يمثلون الأدوار ويدل على نفسيتهم المريضة
-أما الدكتور عوض محمد باصالح طبيب ومسئول عن الصحة النفسية قال : من يتكلم على الطب النفسي أو مستشفى أمراض نفسية ويستخدم هذا المصطلح عبارة عن إنسان لا زال جاهلاً لا يعي من العلم أي شي وهو يسيء للمرضى والعاملين ويخترق ويعتدي على حقوقهم وبدلا من مد يد العون لهم والمساعدة والتقدير نرى أنهم يقدفون بجهالة وعدم إحساس ويصبحون كوميديا للاستهتار المنطوي تحت عباءة الفن والرسالة الفنية التي لا تراعي أصول أو أخلاق المهنة أو المجتمع أو المرضى أو الدين.
الأخصائية النفسية زينب الاسدي : ما كنا نتوقعه في الإعلام أن نرى أصداء يقدمه الأطباء والأخصائيين النفسيين لتوعية المجتمع اليمني بأهمية الدعم النفسي.. ما رأيناه في مسلسل هفة هو الاستخفاف بالطب النفسي ونحن لا نقبل أن تشوه صورتنا أمام المجتمع.
يعكس الحقائق
-أما الأخصائية النفسية ألطاف الشجين : مسلسل هفة يعكس ثقافة من قام به فالعلاج والطب النفسي أسمى وأرقى مما يقومون بعمله فكل المجتمعات تحاول أن ترتقي بثقافتها في نقل الدراما الهادفة في طرح وحل مشاكلها للمشاهدين بعكس ما يحصل في مسلسل هفة الذي يعكس الحقائق ويسيء إلى الطب النفسي وإذا نظرنا إلى الطب النفسي سنجد أن العلاج النفسي يعد من أكبر التخصصات لحل المشاكل النفسية والاجتماعية على مستوى المجتمعات سواء في الإرشاد او التوعية المجتمعية ويعتبر الأخصائي أو المعالج النفسي الظل الخفي في تعدي الكثير من المشاكل والأزمات المجتمعية ولن نسمح لهذا المسلسل أن يشوه هذا العلم الإنساني السامي.
وداد القدسي معالجة نفسية في مستشفى العلوم تقول أن مجتمعنا في الوقت الراهن بحاجة ماسة إلى بث ونقل صورة حقيقية عن العلاج النفسي والأطباء النفسيون حتى يتسنى للكثير من الأسر الاطمئنان لهذا الطب والدفع بأولادهم المرضى لتلقي العلاج النفسي المناسب والتأهيل وخاصة بما مر به الشعب من حروب وأزمات قد تخلف الكثير من الأزمات النفسية ولكن هذا المسلسل هفة نقل صورة سيئة عن الطبيب النفسي مما يشكل تنفير من هذا العلاج.
ظروف الحرب
-الدكتورة انتصار كرمان رئيسة مؤسسة كن إنسان قالت : نحن نعيش ظروف حرب ويعاني منها كل المجتمع ونحتاج إلى ما يزيد الثقة بهذا التخصص “علم النفس ” وأطبائه فالأمراض النفسية والاضطرابات تزداد خلال هذه الفترة وفيما بعد سنجد الكثير منها بعد الحرب وقد أسفرت الحرب الحالية في اليمن عن العديد من الآثار النفسية لكل شرائح المجتمع وفئاته ومختلف مستوياته العمرية وهذه الآثار تحتاج إلى أطباء نفسيين لمعالجة أمراضهم وتطبيب نفسيتهم إلا أن هذا المسلسل جاء ونقل صورة سيئة للطبيب والمعالج النفسي وتفقد الثقة به كمرجع وملاذ امن لكل من اعتلت نفسه واحتاج إلى علاج أو استشارة أو إرشاد من قبل هذه الفئة العمرية المتخصصة.
الباحث محمد الزراعي : كل من ساهم وشارك في مسلسل هفة فإنه قد دمر ما بقي لدى المجتمع من وعي فإذا كان لم يستفد منكم المجتمع في تنمية الوعي فلا تحطموه بجهلكم فهذا المسلسل يضر بالمشاهد ويشوه مقصد علم النفس وعلمائه وأطبائه ومعالجيه ونحن كأخصائيين نفسيين نحمل القائمين على هذا المسلسل مسؤولية هذا الضرر الذي يلحقوه بالإنسان اليمني ونعده قضية تشهير وإساءة تمس كيان الأخصائي النفسي وتضليل لعقل المريض.
الأخصائي النفسي وليد الأهدل : عندما أدركوا وقرروا بشن حملة مضادة على علم النفس بكل فروعه ومجالاته وأكبر دليل أن يكون من السهل أن يسب أو يهان شخص في قعر داره عن رضى وقبول وأريحية من قبل بعض القنوات اليمنية المريضة التي لا تعبر إلا عن نفسها وعن شخصية بعض القائمين عليها وذلك بإطلاق مسلسل له اسم ينطبق على أصحابه “مسلسل هفة” الذي يعرض على قناة يمن شباب ومما لا شك فيه فإن هذا العمل مدعوم بأفكار خارجية بنماذج يمنية ولكنها قد تنكرت لهويتها وكما قال العالم النفسي فرويد ” كلا ليس علمنا وهم وإنما الوهم هو أن نتصور أنه في وسعنا أن نجد لدى غيره ما يستطيع هو أن يقدمه لنا”.
ومن جهتها قالت الأخصائية منى إبراهيم : من واجبنا نحن الأخصائيين أن نزيد من التوعية بأهمية العلاج النفسي بين المجتمع على نقده بين العامة فندفع بالعامة لمتابعة المسلسل فأنا عندما سمعت النقد عن المسلسل بحث عنه في القنوات وتفاجأت بإساءته للعلاج النفسي وكيف صوروا تعامل القيادات الطبية داخل المستشفى.

قد يعجبك ايضا