مسرحية أردوغان

عبدالفتاح علي البنوس
من السخف تصديق الكثير من الناس بأن ما حصل في تركيا مساء الجمعة الماضية من أحداث هي محاولة انقلابية فاشلة قادها مجموعة من الضباط والعسكريين واستمرت لساعات فقط، فما حصل عبارة عن مسرحية هزلية إخوانجية بامتياز من إخراج وإنتاج أردوغان وذلك بهدف التغطية على خبر التطبيع مع إسرائيل وإلهاء الرأي العام التركي والعربي والإسلامي عن ذلك بالحديث عن الانقلاب وتبرير أي أعمال أو تصرفات انتقامية يقوم بها أردوغان في حق الأتراك الرافضين للتطبيع مع إسرائيل والمعارضين للتدخلات التركية السافرة في شؤون بعض الدول العربية واستخدام الأراضي التركية لحيك المؤامرات واحتضان العناصر الإخوانجية التي هربت من بلدانها بعد فشل مشروع الربيع العبري الذي كان يهدف إلى تمزيق الدول وتفكيك جيوشها وتحويلها إلى دويلات متناحرة خدمة للمشروع الصهيوأمريكي الذي يعرف باسم الشرق الأوسط الجديد، فمن لا يفقه في السياسة ولا في المنطق والمشاهد لما حصل في تركيا يدرك تماما بأن ما حصل عبارة عن مسرحية هزلية أراد من خلالها أردوغان أن يصنع من نفسه بطلا قوميا وسيتحول الى زعيم تاريخي كونه نجح في إفشال الانقلاب الهزلي وحافظ على الشرعية التي يبدو أنها ستتحول إلى لعنة على الشعوب العربية والإسلامية المناهضة لمشروع الهيمنة والاستعمار الأمريكو صهيوني.
ولتأكيد صوابية ما ذهبت إليه أتساءل: ما هو الانقلاب وكيف يتم وما هي الخطوات التي تتخذ من أجله؟ !والإجابة على هذه التساؤلات تؤكد بأن ما حصل في تركيا عبارة عن مسرحية، فالرئيس ورئيس الحكومة لم يتعرضا للاعتقال بل وصل أردوغان مطار إسطنبول قادما من أنقرة بحرية رغم أن الانقلابيين كانوا يحكمون السيطرة على المطار بالإضافة إلى أنه لم تتم السيطرة على القصر الرئاسي ومقر الحكومة والبرلمان ووسائل الإعلام الرسمية ولعل مشاهد استسلام العسكريين وهم على ظهور الدبابات والمصفحات وكأنهم لا يدركون بأنهم يساقون إلى حبل المشنقة أكبر دليل على أن ما حصل لعب عيال الهدف منه تحقيق مكاسب حزبية وشخصية لأردوغان وحزبه عبر شماعة الانقلاب .
فلو سلمنا جدلا بأن ما حصل في تركيا انقلاب فلماذا صدرت توجيهات بفصل وعزل أكثر من ألفي وسبعمائة قاض من قضاة المحاكم التركية رغم أنه لا علاقة لهم بالانقلابيين على حد وصفهم لا من قريب ولا من بعيد ؟!ولماذا طالت الاعتقالات عناصر من المعارضة التركية رغم أنه لا علاقة لهم بما حصل ؟!
كل هذه التداعيات وما هو قادم سيؤكد بأن المحاولة الانقلابية الفاشلة كانت عبارة عن مشهد درامي تركي بطله أردوغان وحزب العدالة والتنمية الهدف منه تصفية الخصوم وإقصاء كل من يقف ضد سياستهم وجعل هذه الزوبعة مبررا لعمليات القمع والاستهداف باعتبار هذه من فلسفات وأساليب الإخوان في الوصول إلى الغايات والأهداف الخاصة بهم، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ولعل هذا هو السبب في فشلهم الدائم وتراجع شعبيتهم ونزعة الكراهية الموجهة ضدهم، لأن المصداقية مفقودة لديهم ويعتمدون في عملهم ونشاطهم على المراوغة واللف والدوران وتوظيف الدين لخدمة المصالح السياسية والحزبية وهو ذات الأسلوب الذي عليه أردوغان .
من طبع مع إسرائيل قبل أيام وأظهر طاعته العمياء لها ولأمريكا وجند كافة إمكانيات ومقدرات بلده من أجل الوصول الى حلم الإمبراطورية الإخواجية. من الحماقة والغباء أن يفكر حزب أو تيار سياسي في القيام بانقلاب عليه، لأنهم يدركون بأن العالم كله سينقلب عليهم وستقوم قيامته من أجل مساعدته على تجاوز هذه المحنة، أردوغان صاحب دهاء سياسي وقد نجح في تنفيذ مسرحية الانقلاب الهزلية ولكنه وإن أتقن اللعب هذه المرة فإنه لا يدرك بأنه فتح على نفسه وحزبه أبواب جهنم وخصوصا إذا ما استمرت سياسته متسمة بالعربدة والتدخل في شؤون دول أخرى وتحويل تركيا إلى حاضنة للعناصر الإرهابية والإجرامية ومن ثم تتحول إلى فقاسة جديدة لتصدير الإرهابيين والقتلة والمجرمين إلى مختلف أرجاء العالم وبأن بلاده هي أول من ستكتوي بنيران هذه العناصر التي فتح لها ذراعيه وحدود بلاده من أجل خدمة أسياده وتمكينهم من تحقيق أهدافهم وأن كل هذه الممارسات سيدفع ثمنها الأتراك غاليا وهو الأمر الذي أنا على ثقة بأنه لن يمر مرور الكرام على الشعب التركي الذي يدين بالولاء لتركيا لا لأردوغان والعدالة والتنمية والإخوان وستكون له ردة لعل مزلزلة لأركان أردوغان ومن يقف خلفه ويسانده من قوى الداخل والخارج حينها لن يكون هناك أي قبول أو رواج للمسرحيات الهزلية والمشاهد الدرامية التي ينتجها أردوغان وحزبه باعتبار هذه هي النهاية الحتمية للظلمة والطغاة والمتجبرين والخونة والعملاء وهي نهاية مخزية ومذلة.
فهل يعي ويعقل أردوغان وحزبه ويعودون لرشدهم وصوابهم ويحجمون عن المشاركة في تدمير سوريا والعراق واليمن وغيرها من دول المنطقة أم تراهم سيواصلون غيهم وهمجيتهم إرضاء لأمريكا وإسرائيل وآل سعود وبقية الفراعنة ؟
تساؤل ستجيب عليه تطورات الأحداث في الأيام القادمة وما تحمله من مستجدات على مختلف الأصعدة والمجالات.
وحتى الملتقى ………..دمتم سالمين .

قد يعجبك ايضا