عيد.. بلون الأمان والفرح

أبناء عدن في “صنعاء” هربا من جحيم الموت الذي جلبه العدوان

قضاء العيد في صنعاء له مذاق خاص .. والأمن هو ما نبحث عنه
تحقيق:حاشد مزقر

قبل عام ونيف دخلت قوات من تحالف العدوان ومعهم مجموعات من المرتزقة والعملاء مدينة عدن بعد أن شنوا بعشرات الطائرات على الجيش واللجان الشعبية والأحياء السكنية مئات الغارات فدمروا كل شيء فيها عندها أعلنوا بأنهم قد حرروا عدن وأعادوها إلى شرعيتهم المزعومة غير أن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، فمنذ ان وطأت أقدامهم عدن الباسلة تنامت الجماعات التي تحمل السلاح وعلى رأسها تنظيم القاعدة ودخلت المدينة في دائرة الأعمال الإرهابية والتفجيرات وعمليات النهب وأصبحت الشوارع والأسواق تحت خط النيران وكما قال أحد أبناء المحافظة: تحرير عدن هذا استهدف حياة ومعيشة معظم الأسر وحرم آلاف الشباب والشابات من فرص العمل وسلبنا نعمة الأمن والاستقرار..
ونحن بدورنا سنستعرض في هذه المساحة قصصاً لعدد من أهالي عدن ممن نزحوا إلى صنعاء وهم يقضون فيها لحظات عيد الأضحى المبارك:
* هزاع شمسان تجرع مرارة الخوف والهلع طيلة أيام مكوثه في عدن منذ بدء الحرب فيها وحتى اليوم الذي قرر الرحيل عنها بحثا عن الأمن والاستقرار ليستقر به المقام لاحقا في العاصمة صنعاء ..يقول هزاع : أنا من أبناء محافظة عدن عشت فيها كل أيام عمري ومن قبلي عاش بها آبائي وأجدادي ولأني اعشق تراب مدينتي رفضت فكرة الهروب بنفسي وأسرتي خلال فترة الحرب فيها ففضلت المغامرة بالبقاء فيها ولو كلفنا ذلك حياتنا وبعد ان دخل تحالف العدوان ومعهم المرتزقة توقعنا انتهاء المعارك واستتباب الأمن لكن تلك التوقعات سارت هباء منثورا، إذ لم نلمس الأمن الذي كنا نعيشه سابقا فالتفجيرات الارهابية تحصد أرواح الأبرياء باستمرار والمجموعات المسلحة تهدد حياة المواطنين وتهدر دمائهم فأدركنا بذلك ان الغازي والمحتل لا يأتي إلا بالدمار والخراب لذلك قررت الذهاب الى صنعاء بعد ان عشت أنا وأسرتي عيد الفطر في عدن حيث كان عيداً من الألم والمعاناة والخوف وبعد وصولي صنعاء لمست الفرق بين المدينتين حيث تنعم صنعاء بالأمن والاستقرار الأمر الذي نفتقده في مدينة عدن ومع قدوم عيد الأضحى رأيت فرحة العيد ترتسم في أعين أسرتي وخصوصا الأطفال لتحل بديلة عن مشاعر الخوف والقلق التي عاشوها في العيد السابق.
الموت بديل للفرحة
* ومن بين متاهات المعاناة الدائمة اختار محمد باحميد قدره المليء بالأوجاع بعد أن وجد صفحات اقداره خالية من أي راحة ..كان محمد يعمل في مهنة حرة في محافظة عدن ومن خلال هذه المهنة كان يؤمن لقمة العيش الضرورية لاطفاله السبعة القصر اغلبهم ويحاول صناعة بسمة العيد على وجوههم ولو تطلب الامر حرمانه من تلك الابتسامة فهو يفضل في كل الأحوال سعادة أولاده على سعادته هو ..ورغم المهنة القاسية التي يعمل بها إلا انه لم يفلح في المحافظة عليها في تلك المحافظة فالموت الذي يتهدده في كل لحظة بأيدي تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة التابعة للعملاء والمرتزقة وتحالف العدوان اجبره على الرحيل وكما يقول: هذه الجماعات لاتتوقف عن إراقة دماء المواطنين البسطاء وحتى ولو لم يكن لهم علاقة بالصراعات السياسية او الدينية ..
رحل محمد الى العاصمة صنعاء بعد عيد الفطر مباشرة بحثا عن الأمان والعمل في آن واحد وبالفعل استطاع ان يجدهما هناك ولو بدخل بسيط ويقول: سأعيش مع اسرتي فرحة العيد بكل تفاصيلها هنا في صنعاء ويكفينا نعمة الأمن التي نعيشها مع سكانها الطيبين.
تحريرها من الحياة
* محمد علي، من أبناء مديرية الشيخ عثمان، يعمل في صنعاء منذ سنوات في إحدى المؤسسات الحكومية ومع بدء تحالف العدوان لأول غاراته على صنعاء تملكه بعض من هواجس الخوف فهو في كل يوم يسمع إعلام دول العدوان يتحدث عن اقترابهم من صنعاء وبأنهم سيحررونها كما حرروا عدن ففضل العودة إلى جنوب الوطن وبالتالي العمل في محافظة عدن ظنا منه أن المدينة قد استعادت امنها واستقرارها وبعد أن وصل إلى عدن لم يجد ما كان يتوقعه ويقول: قبل أن أصل كنت أفكر بالعمل الذي سأعمله هناك لكنني وبمجرد أن وصلت بدأت أبحث عن شيء آخر لي ولأسرتي انه الأمن والاستقرار فالعمليات الإرهابية لا تكاد تتوقف عن استهداف المواطنين المدنيين وقوات هادي والتحالف لا تستطيع إن تؤمن حتى نفسها بل انها قد تحولت إلى مجموعات مسلحة تصفي من لايقبل بأفكارها ..
محمد ادرك ان قرار رحيله من صنعاء كان متسرعا وغير صائب فعدن لم يجدها كما كان يتصور ويعتبر نفسه من المحظوظين بعد ان عاد إلى صنعاء مع اسرته رغم انه باع كل اثاث منزله ليؤمن تكاليف السفر، معتبرا العيد في عاصمة وطنه عيدين عيد الاضحى وعيد الامن والاستقرار.
العدوان ومجموعاته الارهابية
* عبدالسلام سلام شاب يبلغ من العمر 34 عاما ورب أسرة لثلاثة أطفال بنتان وولد أكبر أطفاله تبلغ من العمر تسعة أعوام تدرس في الصف الثالث الابتدائي والثانية في الصف الاول، اما الولد فما يزال في مرحلة الرضاعة ..وهو يدرك أن ابنتيه بحاجة للدراسة من جهة والعناية الأسرية من جهة ثانية وكذلك الولد يحتاج للرعاية الصحية بدرجة أساسية وكل ذلك يتطلب ميزانية مستقرة يتمكن من خلالها من تصريف شؤون أسرته ولأجل هذا الاستقرار رحل عبدالسلام إلى صنعاء ومعه أسرته بعد أن انعدمت كل هذه الخدمات من عدن.
ويتساءل: أي تحرير يتحدث عنه هؤلاء الغزاة وقد جاءوا بالوبال والخراب والدمار إلى عدن وقاموا بامتهان كرامة المواطنين وتجنيد افراد القاعدة والعصابات المسلحة في ميليشياتهم وجعلهم يديرون الامور في عدن وتسميتهم بالشرعية.
ويقول :بعد دخولي صنعاء حصلت على عمل في محل صيانة تلفونات وتمكنت من إدخال ابنتي في إحدى المدارس الحكومية القريبة من سكني كما تمكنت من توفير متطلبات الاسرة الضرورية ويأمل في آخر حديثه بالعودة إلى مدينته الأم عدن بعد ان يتم تحريرها من أيدي الغزاة والمرتزقة واصفا صنعاء بالجوهرة التي لا تقدر بثمن.
استعادة الباسلة
كثيرون من أبناء الوطن يتمنون استعادة عدن ودحر الغزاة ومرتزقتهم كما أنهم واثقون من قدرات الجيش واللجان الشعبية وبجانبهم كل فئات الشعب على تحقيق ذلك فلابد للباسلة عدن ان تعود لطبيعتها المستقرة كما كانت بالسابق العاصمة الاقتصادية ومتنفس اليمن من اقصاه إلى ادناه ووجهة كل يمني يود اغتنام إجازة العيد .

قد يعجبك ايضا