لا إرهاب.. عدالة..(5)

هلال جزيلان
لقد أجتهد الفلاسفة القدماء منذ القرن الرابع قبل الميلاد في البحث عن ماهية العدالة لأنهم كانوا يعتقدون أن العدالة لا مفر من تطبيقها كحق إنساني ملح؛ لأن بها يستقيم حال الإنسان، وتبنى أفكاره، ولا يفكر تفكيراً غير منطقي، أو يفكر للقيام بعمل إرهابي، اعتقدوا أنه متى ما طبقت العدالة سيسود الأمن والأمان والتقدم للبشرية، فقد قال أرسطو: ((إن اللامساواة هى السبب الحقيقي والأول للثورات!!!.. فكل المذاهب السياسية أياً كان اختلافها تعترف بحقوق الأفراد في المساواة، إلا أنه أمام التطبيق نجدها تحيد عن هذه المساواة!!..)) وبهذا تشتكي من الإرهاب، ونستنتج من هذا القول أنه متى ما طبقت العدالة ساد الهدوء والطمأنينة ومتى ما فقدت العدالة كلما رأيت الاضطرابات والفوضى والإرهاب في كل مكان لأن العدالة لم تحقق لأن العدالة شيء إذا ما صح عنها القول فإنها شيء فطري متعلق بالطبيعة البشرية، حيث يرى أفلاطون أن السلوك الإنساني يجري من منابع ثلاثة رئيسية هي الرغبة والعاطفة , والمعرفة ، ‏الرغبة والشهوة أمر واحد, والروح والطموح والشجاعة أمر واحد والمعرفة والفكر والذكاء والعقل أمر واحد، وهذه القوى الثلاث موجودة في كل الناس بنسب مختلفة ‏وهذه القوى الثلاث توازنها العدالة.
إن نظرة الفلاسفة اليونانيين، بالتأمل نلاحظها نظرة إنسانية شاملة دون تحديد لأناسٍ بعينهم وكانوا أصحاب خيال واسع، يضم فيه كل إنسان على البسيطة، ولكن الفلسفة التي تعيش عليها دول العالم اليوم كلها فلسفة مصالح بحتة لا تتعلق ببناء الإنسان للأسف!! ويشكي العالم ويبكي من الإرهاب، فلو نأتي لنظرة عادلة ورؤية للآخر باتزان، وهي نظرة هتلر للإسلام، موقفه من الإسلام، فبعد دراسة هتلر للتاريخ القديم، والأمم المسيطرة على العالم، ركز على دور العرب والمسلمين، حيث كما قال: إن هناك ثلاث قوى متحضرة احتلت العالم هم: الفرس، والروم، والعرب، أما الفرس والروم فقد كوَّنوا حضارة، ثم قوة، ثم استعملوها لغزو العالم، عكس العرب الذين كانوا «عصابات همجية» احتلت العالم، ثم بعدها كوَّنوا حضارة، ومميزات حضارتهم أنهم لم يفرضوا حضارتهم، ويلغوا حضارة الآخرين، بل أضافوها إلى غيرها من الحضارات، فكانت الحضارة الإسلامية دليل على تحضر أهلها.. هذا هتلر الذي يصفه الغرب اليوم واليهود بالنازي!!.
ثم أعجب بالإسلام، فطبع المطبوعات التي تعرف الناس بالإسلام ووزعها على جيشه ليطلعوا عليها، وخصوصاً غير المسلمين، رغم ظروف الحرب المادية، وأعطى المقاتلين الألمان من المسلمين الحق بالصلاة في أي مكان وفي أي وقت مهما كانت الظروف، فكانوا يصلون جماعة في ساحة برلين وهتلر ينتظر حتى يكملوا صلاتهم ليلقي بعدها خطاباته للجيش النازي، وكان يجتمع برجال الدين العرب، ويسمع منهم عن الدين وسيرة الصحابة، وكيف كانوا يتصرفوا، وحث المشائخ أن يكونوا مع جيشه أسوة بالقساوسة، فيدعون غير المسلمين، ويحثوا المسلمين على قتال اليهود.. هذا هو تاريخ هتلر الحقيقي، وليس كما يصوره الغرب اليوم، ولكن لماذا الدول الغربية تصور هتلر بأنه رجل حرب، ولا تذكر هذا في سيرته، وفي وسائل إعلامهم لا يذكرون هذا؟، بل يذكرون أنه رجل حرب وحسب؛ لأن النظرة البراغماتية هي الطاغية اليوم، وهم لا يريدون سلاماً طبعاً، وبهذا يقولون: إرهاب.. سيبقى الإرهاب حتى تتغير نظرتهم، وتكون نظرة عادلة ورؤية حياة للإنسانية جمعاء..

helalejezilan2012@gmail.com

قد يعجبك ايضا