الغرب الوهابي… والشرق الشيعي

عبد العزيز الحزي
العدوان والجرائم الوحشية وقتل الأبرياء أطفالا ونساء ورجالا في اليمن في حالة مستمرة على مدى أكثر من عام ونصف من قبل تحالف العدوان السعودي بمساندة غربية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية التي اختارت التدخل غير المباشر في الشرق الأوسط لفرض سيطرتها على العالم العربي.
الغرب وعلى رأسه أمريكا الذي يدعي مساندة أهل السنة ويدافع عن حقوقهم تمادى في غيّه في إشاعة القتل والدمار في الشرق الأوسط بواسطة ملوك وأمراء الخليج الوهابي بقيادة آل سعود.
الغرب يتشدق بغياب الديمقراطية في معسكر الشرق (روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين) بينما هو يحتضن الخليج بقيادة نظام آل سعود المتخلّف في كل المفاهيم الإنسانية والمتفوق بالإرهاب والتعذيب والقتل.
وفي تقاسم غريب للأدوار، يسعى الشرق بقيادة روسيا إلى احتضان الشيعة وتقديم العون لهم وذلك لخلق واقع مرير يجذر العداء بين المسلمين ويغذي استمرار الصراع في حين يتقاسم الغرب والشرق غنائم الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج.
ومع ظهور تنظيم “داعش”، حاول الغرب بقيادة أمريكا تحويل الصراع في المنطقة إلى صراع سني – شيعي؛ ووجدت واشنطن وحليفاتها من الدول الأوروبية من سيتبنى هذا الاتجاه، وهي السعودية ذات الأيدلوجية الوهابية السلفية، الجهادية؛ التي تعتقد إلى حد بعيد في أن الشيعة هم ” العدو الأول “، وإيران هي المنافس في الهيمنة علي المنطقة، ولذا نشأ التحالف السعودي ، الخليجي، التركي، المسمى بالتحالف السني.
وهنا يجمع الكثير من المحللين في الغرب والشرق، أن “داعش” صناعة سعودية، ذات أيدلوجية سلفية وهابية، وتمويل سعودي، بمباركة أمريكية إسرائيلية في البداية.
كما يجمع المحللون بأن تحالف أمريكا مع السعودية ودول الخليج قصير أو متوسط المدى ولا يحمل بعدا استراتيجيا ، ينتهي بانتهاء أو تقلص احتياطي النفط، وظهور الطاقة البديلة وأنه لا يعول عليها في أي تحالف استراتيجي على المدى الطويل.
داعش أصبح اليوم مشكلة للغرب الذي روج له في البداية حملة كبيرة لتضخيم حجمه ومساعدته على بسط نفوذه في العراق والشام، الآن في المنطقة يدور نقاش معمق وسط الدوائر الغربية وصانعة القرار، بأن الانتصار على “داعش” يجب أن لا يقتصر على التدخل العسكري فقط، بل يجب أن يشمل محاربة الأيدلوجية التي تستند عليها في مرجعيتها ، وجميعهم أجمع بأنها الوهابية السعودية ؛ وأيضاً الحرب يجب أن تتم بقطع مصادر التمويل، وهي أيضا سعودية في الجزء الأكبر منها وخليجية، سواء من جهات حكومية بطريقة غير مباشرة أو من أفراد وجماعات؛ ثم ثانيا وقف دعم اردوغان في تركيا، ذو التوجه السياسي الإسلامي، والذي ظل يساعد “داعش” لفترة طويلة في ثلاثة محاور،: شراء النفط المهرب، تسهيل دخول الأسلحة ، وفتح الحدود للمحاربين القادمين من كل العالم .
الكونجرس الأمريكي طرح مؤخرا خلال جلسة استجواب رؤية خلصت إلى أن السعودية، حليف أمريكا الأول في المنطقة، هي الداعم الأساسي لـ”داعش”، ماديا وأيدلوجيا؛ وخلص في الجلسة إلى أن ذلك يشكل “خطرا على الأمن القومي الأمريكي”، وأن محاربة “داعش” تتطلب موقفاً صلباً من الولايات المتحدة نحو السعودية والأيديولوجية الوهابية، وهو ما ينذر بتغير كبير في استراتيجيتها وتحالفاتها في المنطقة.
الأيام القادمة ستكشف كثير من الحقائق بعد هجمات باريس وتحالف الدول الغربية للدخول في حرب “جدية” ضد التنظيم المتطرف، ليست فقط عسكرية إنما أيضا محاربة الفكر المتشدد بوسائل شتى ،وستكون دول الخليج، بالأحرى حكومات الخليج، هي الخاسر الأكبر، وسيفشل مشروع السعودية في حربها سواء في اليمن أو في سوريا خصوصا بعد أن رمت روسيا بثقلها في المعركة ودخلت في تفاهمات مع أمريكا واتفاقات لتحديد وتقاسم الأدوار في المنطقة.
ويرى المراقبون من خلال كل هذه المستجدات في المنطقة أنها بداية لشرق أوسط جديد ،خصوصا بعد هبوط سعر النفط ، والذي لن يعاود الارتفاع على المدى القريب أو المتوسط ، وأن السعودية لن تكون مركز الثقل فيه كما كانت تأمل.

قد يعجبك ايضا