أطفال اليمن في ظل العدوان: أوبئة ..مجاعة ..سوء تغذية وكل أشكال الحرمان

تقرير/ زهور السعيدي

الأطفال لم تعد مخاطر وآثار العدوان السعودي تقتصر على الاستهداف المباشر للأطفال وإزهاق أرواحهم من خلال غارات الطائرات على المدن والأحياء السكنية في عموم مناطق البلاد والتي خلفت آلاف الضحايا من الشهداء والجرحى طيلة الـ18شهرا الماضية وإنما أصبح خطر هذا العدوان يتهدد حياة الملايين من أطفال اليمن سواء من خلال انتشار الأمراض والأوبئة وخاصة مرض الكوليرا الذي انتشر مؤخرا على نطاق واسع في أكثر من محافظة يمنية وتعالت الأصوات والتحذيرات المحلية والدولية من خطر هذا الوباء المتفشي جراء القصف الجوي والحصار المفروض على البلاد وتهديده لحياة ملايين اليمنيين وخاصة الأطفال ولكن تلك التحذيرات ومنها ما أطلقته منظمة الصحة العالمية قبل أيام وشددت فيه على ضرورة توفير 22مليون دولار لخطة مواجهة تفشي الكوليرا في اليمن كل ذلك لم يلقَ أي أذان صاغية من قبل تحالف العدوان الذي يصر على مواصلة جرائمه بحق اليمن وشعبه صغارا وكبارا:

الآثار الكارثية للعدوان المتواصل على اليمن باتت كما يقول المختصون والمراقبون ومسؤولو المنظمات الإنسانية بمثابة العقاب الجماعي وجرائم الإبادة الجماعية ويشيرون في هذا الجانب إلى أن المجاعة التي ضربت مناطق في تهامة وخاصة في مدينة التحيتا في الحديدة ما هي إلا مؤشراً خطيراً للوضع الكارثي الذي سيحل باليمن وشعبه خلال فترة وجيزة إذا ما استمر العدوان وما يفرضه من حصار خانق على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية..ناهيك عن حالات سوء التغذية التي انتشرت في الفترات الأخيرة بشكل واسع في أوساط الأطفال وأصبحت تهدد 3ملايين طفل يمني كما توضح ذلك احدث التقارير لمنظمات دولية متخصصة وفي مقدمتها منظمة رعاية الطفولة والأمومة العالمية “يونيسف”
النازحون والشتاء
أما الأطفال النازحون الذين نزحوا مع عائلاتهم في إطار الداخل الوطني وباعداد مهولة فإنهم باتوا مع دخول فصل الشتاء وبرودة المناخ عرضة للكثير من الامراض والأوبئة خاصة وإنهم باتوا يعيشون في مناطق النزوح ظروفا معيشية في غاية الصعوبة ناهيك عن عدم توفر ادنى وسائل الحياة الأساسية في هذه المناطق ما يجعل المجتمع الدولي ومؤسساته الكبرى أمام مسؤوليات إنسانية وأخلاقية إزاء معاناة الشعب اليمني وعلى وجه التحديد الأطفال والنساء وهما الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا والأكثر تأثرا بالإحداث الدامية والصراعات المسلحة.
وتشير آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة العامة والسكان إلى أن أعداد الشهداء والمصابين جراء العدوان تجاوز الثلاثين الفا ” بأن أعداد الشهداء من الأطفال بلغ أكثر من الفين فيما بلغ أعداد المصابين منهم بلغ قرابة الثلاثة آلاف.
آثار وتداعيات
الآثار والتداعيات الخطيرة للعدوان على الأطفال لم تقف عند هذا الحد بل امتد ليحرم الملايين منهم من التعليم وتلقي الأدوية والرعاية الصحية اللازمة والتي انعدمت وأصبحت في أدنى مستوياتها بسبب العدوان والحصار الجائر.
ناهيك عن أضرار نفسية خطيرة قد تلازم أطفال اليمن منذ الولادة إلى مراحل متقدمة من حياتهم جراء الممارسات الإجرامية التي اقترفها العدوان بنفس الوحشية التي فتكت بالمدنيين ومقومات حياتهم ومن ذلك حالات ولادة لأطفال مشوهين والتي حدثت في أكثر من محافظة يمنية.
كما أن الآثار الناجمة عن العدوان تأخذ أشكالاً متعددة ودرجات مختلفة من الشدة وبحسب أخصائيين فإن تلك الآثار تبدأ من الإحساس بالإحباط والقلق إلى الاكتئاب وأشكال أخرى من الأعصاب وقد يصاب بعض الأشخاص بخلل في الوظائف العقلية كالذاكرة أو ضعف التركيز أو الإدراك.
ويؤكد المتخصصون أن “الأطفال يظلون أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بما تخلفه الحروب من آثارٍ نفسية.. وتظهر هذه الآثار في عدة صور” يذكرون منها على سبيل المثال لا الحصر: الفزع الليلي ومعاناة القلق والشعور بعدم الراحة.
والإصابة بحالة “الفوبيا” أو الخوف المرضي من الأصوات والظلام وكذلك الانتكاسة في بعض المهارات التي تم اكتسابها، فيظهر التبول اللاإرادي أو زيادة في التبول إلى جانب ظهور بعض الاضطرابات السلوكية مثل قضم الأظافر والكذب، وظهور مشكلات في الكلام، كالتلعثم أو الفقدان الوظيفي للكلام وكذا حدوث اضطرابات الأكل.
تدمير مستمر
وتشير تقارير “اليونيسف”إلى أن الحرب على اليمن دمرت الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال، وتحذر من أن “عدد القتلى قد يكون أعلى من الأرقام المعلنة”.
ويوضح احد تقارير اليونيسف أن “أكثر من نصف مليون من النساء الحوامل موجودات في المناطق الأكثر تضررا وهن أكثر عرضة للولادة أو مضاعفات الحمل ولا يستطعن الوصول إلى المرافق الطبية”.
تقرير المنظمة الأممية للأمومة والطفولة يشدد على أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر للصراع في اليمن حيث يتعرضون إما للقتل وإما للإصابة إضافة إلى خطر تعرضهم للأمراض وسوء التغذية والتشريد.
ويحذر التقرير من أن نحو 2.5 مليون طفل معرضون لتهديدات متزايدة من الأمراض وسوء التغذية هذا العام إضافة إلى مليون طفل أصيبوا بأمراض سوء التغذية العام الماضي.
المروعة خاصة في أوقات الغارات المخيفة في حال وقوعها على مقربة منهم، فهذه اللحظة هي الأهم في حياة الطفل النفسية وكلما تركناه يواجهها وحده يزداد أثرها السلبي بداخله على المدى القريب والبعيد كما يجب اختيار الأسلوب والألفاظ التي يمكن للطفل استيعابها والتجاوب معها .

قد يعجبك ايضا