الشكر للمجلس السياسي الأعلى

مطهر تقي

هو عبئ تنوء عن حمله الجبال ولكنه قدر بلادنا وقدر المجلس السياسي الأعلى ورئيسه ونائبه وأعضائه أن يتحملوا المسؤولية لقيادة الوضع السياسي للأمر الواقع ورعاية احتياجات أثنى عشرة محافظة وثمانين في المائة من سكان اليمن في ظل ظروف سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية غاية في الصعوبة والتحدي بين طرفي الصراع وفي زمن وصل حاله مرحلة عض الأصابع لإعلان أحد الطرفين الاستسلام أو الانتصار. ونسي المتصارعون أن كل يوم جديد في هذا الزمن الأسود يدفع الشعب من دمه ودموعه أنهار, ومن الجوع والمرض والخوف ما لا تطيقه الأنفس, وليس أمام الشعب إلا أن يصبر ويصابر ويحمل بصيص أمل ليوم الفرج. وتوصل الأطراف إلى قناعة بأن صنع الأمن والسلام للشعب والوطن ليس بالمستحيل إذا توفرت النوايا الصادقة لأطراف الصراع وتغليبهم مصلحة الشعب والوطن الواسعة على مصالحهم الضيقة.
من أهم قرارات المجلس السياسي الأعلى هو قرار العفو العام وتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك والإشراف على نجاحه خلال شهرين من تاريخه وذلك قرار حكيم يكتب فضله للمجلس وحماس رئيسه وأعضائه الذين وصلوا إلى قناعة بأن العفو من شيم الكرام ومن طبع الأقوياء وأن مبدأ عفا الله عما سلف ينبئ عن نية طيبة وحس وطني عال. وما على المستهدفين من العفو العام إلا أن يستغلوا طبيعة هذا التوجه الكريم ويعودوا إلى وطنهم وأهلهم للإسهام في صنع الأمن والسكينة لهم ولأهلهم على طريق إحلال السلام والآمان لوطنهم.
وبقدر ما أعتقد أن هذا القرار خطوة هامة كما ذكرت إلا أني أتمنى أن يصاحب تنفيذ ذلك القرار اتخاذ المجلس السياسي الأعلى خطوة لا تقل أهمية عن قرار العفو العام وهي اتخاذ قرار جديد خاص بالمعتقلين السياسيين وكذلك المتحفظ عليهم لدى الجهات الأمنية فبقدر ما لسلطة الأمر الواقع الحق في اتخاذ الإجراءات الأمنية للاعتقال أو التحفظ على العناصر التي ترى أن ذلك ضرورة لإحلال الأمن وأن ظروف الحرب والعدوان وتواطؤ البعض من المنتسبين لعدد من القوى السياسية التي شاركت أو تواطأت مع العدوان حسب تقدير الأجهزة الأمنية فمن حق أولئك المواطنين أيضا أن لا يستمروا في الحجز أو مراكز الاعتقال إلى ما شاء الله من الزمن الذي طال عليهم وعلى أسرهم وأن يتم النظر في وضعهم من خلال التحقيق المنصف معهم فمن ثبت جرمهم بصورة أو بأخرى يتم إحالتهم إلى القضاء لإجراء المحاكمة اللازمة وفق القانون ومن لم يثبت جرمهم ولا زالت الشبهة عليهم يتم إطلاق سراحهم وأخذ تعهد منهم بحسن السلوك ومشاركة مجتمعهم في الحفاظ على الأمن العام وسلامة المجتمع.
فنتائج تلك الإجراءات ومبدؤها ستزيد من اطمئنان فرقاء الخلاف السياسي وتقنعهم بأن المجلس السياسي الأعلى ينظر إلى أبناء الوطن نظرة موضوعية أساسها العدل ووسيلتها العمل بالقانون والأنظمة والحرص على التئام النسيج الاجتماعي وإرساء السلم والمودة بين أوساط المجتمع وتخفيف حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي بين المنتمين إلى ذلك الحزب أو التجمع أو تلك الجماعة.
أرجو من الله للمجلس السياسي الأعلى العون في مهمته العظيمة التي نتمنى أن تخدم كل أبناء الوطن بمختلف مشاربه السياسية وقواه الاجتماعية.
و الله من وراء القصد.

قد يعجبك ايضا