العرب والمسلمون في العدسة الصهيوأمريكيّة

نور الهدى صالح

لا بُدّ أنّ مشهدًا لشخصيةٍ عربيةٍ قد لفتك وأنت تشاهدُ أحد الأفلام الأمريكيّة. ولا بدّ أنّك تساءلت حينها ماذا يَفعل عربي في هذا الفيلم وفي هذه الحبكة تحديدًا. سؤالٌ آخر يراودك وأنت تسمع اللهجة العربية التي تبدو غريبةً في سيناريو أجنبي بامتياز، فتستفهم عن الغاية وراء هذا التوظيف، وعن هذه النظرة التي باتت نمطية للعرب في السينما الأمريكية. تبحث عن الإجابة وأوّل ما يثير انتباهك كتاب بعنوان “العرب الأشرار في السينما الأمريكيّة”.
السينما الأمريكيّة والعرب بنظر النقاد
كتاب “العرب الأشرار في السينما الأمريكيّة” الذي ألّفهُ الناقد السينمائي والمخرج جاك شاهين-الأمريكي ذو الأصل اللبناني- يحتوي تحليلا لمضمون  أكثر من 1000 فيلم أمريكي على مدار القرن الماضي، يتبيّن من خلالها كيف تنظر هوليوود إلى العرب. فمن بين 1000 فيلم، لم يجد جاك شاهين سوى 12 فيلمًا فقط يقدّم صورة إيجابية عن الشخصية العربية، بينما تعكس البقية صورةً سلبيةً متوحشةً وشهوانيّة. ويقدّم شاهين في هذا الكتاب رؤية شاملة لهذه الأفلام، مشددًا على الترابط الوثيق بين العمل الدرامي السينمائي الأمريكي وكل من الإدارة السياسيّة والعسكريّة هناك. وهذا ما يراه شاهين من الأمور التي تؤثّر حتمًا على صنع الصورة النمطيّة للعربي والتي بغالبيتها تنتزع ملامحه الإنسانية.
العربي الارهابي
إنّ السينما الأمريكية وهوليوود أشهرها، تعتبر من أهم أدوات الحرب الناعمة التي تسعى إلى تكريس الأذواق والأفكار لدى الشعوب وتروّج لها.
في هذا الإطار يؤرّخ الفيلم الوثائقي “اشباح فالانتينو” من إنتاج وإخراج مايكل سينج- أمريكي من أصل هندي- علاقة السينما الأمريكيّة بالعرب منذ تأسيسها. بحسب هذا الفيلم، فإنّ النظرة إلى العرب والتي انطلقت ايجابية في السينما سرعان ما انقلبت، ليصبح العرب همج رعاع في الأفلام الأمريكيّة خصوصًا عندما بدأوا يقاومون الاستعمار الأجنبي في ديارهم. فنجد أن هوليوود هنا صارت تقدّمهم كمتخلفين وإرهابيين.
هوليود :العربي إرهابي وتافه
تؤكد الدراسات ان ذروة العداء  وصلت إليها السينما الأمريكيّة بعد قيام الكيان الإسرائيلي . حيث باتت بعض الأفلام تحارب العرب والمسلمين بشدّة وتروّج لإسرائيل وتزوّر حقائق الصراع العربي الإسرائيلي لصالحها.   فيلم “ايكسودوس” احد تلك الافلام  .وقد قام ببطولته أبرز نجوم هوليوود في ذلك العصر مثل بول نويمان وايفا ماري سينت. كذلك يبيّن فيلم “Cast a Giant Shadow”  و”Munish 2005 “صورة الفلسطينيين كإرهابيين يحاولون مرارًا قتل الإسرائيليين الذين صُوّروا على أنّهم “مضطهدون”. أمّا بالنسبة للعربي الصالح في السينما الأمريكيّة فيتمثل غالبًا بذاك الثائر على نظام بلده والذي يصبح فيما بعد عميلاً أمريكيًا، نرى ذلك في فيلم “The Siege”. ومن الأفلام التي ظهرت مؤخّرًا والتي أشعلت الكراهية ضد العرب في أمريكا بعد أن صورتهم على أنهم مجرمون، فيلم” American Sniper 2014″، الذي يحكي عن القناص الأمريكي كريس كايل والذي خدم في العراق وقتل أكثر من 160 شخصًا هناك.
العربي الثري والتافه
نجد صورة العربي الثري ثراء فاحش والشهواني في معظم الأفلام الأمريكية. حيث ينفق أمواله على النساء وغيرها من الأمور اللاأخلاقيّة. ترسّخت هذه الصورة خصوصًا بعد اكتشاف ثورة النفط في الخليج. نجد ذلك في فيلم “The Son of the Sheikh”،  وتتكرر الصورة عن العربي الغني الشرير والتافه في فيلم” Cannonball Run II”، وفي فيلم” Protocol 1984″ وحتى في بعض أفلام جيمس بوند، نجد فيلم “Never Say Never Again 1983” الذي يصور الشخص العربي كشهواني خسيس، كذلك في الفيلم الذي ظهر مؤخرًا تحت عنوان “Taken”.
ولا بدّ لنا أن نشير إلى أنّ جاك شاهين قدّ أكّد على أنّ هذه الصورة النمطيّة هي من أكثر الصور الموجودة في الأفلام الأمريكيّة حيث كان من بين 1000 فيلم التي شاهدها، 300 فيلم يكرس هذه الصورة.
السخرية من العربي والمسلم
وبما أنّ هوليوود تمثّل احدى المنابر الأساسيّة للفكر الصهيو-أمريكي، فليس مستغربًا أن تتمادى في تجسيد النظرة اليهودية للعرب والمسلمين معتمدة على أسلوب السخرية. فنجد أنّها ومنذ العام 1986م قد أنتجت ما يزيد عن 150 فيلماً يسخر من الإسلام. منها أفلام “أكاذيب حقيقيّة”، “قرار إداري”، و”الحصار”. في المقابل نرى أنّ اليهودي يُصَوَّر كبطل، على غرار “أمير مصر” الفيلم الكرتوني من اخراج الصهيوني “سيليزج”. وهذا ليس مستغربا فاليهود يمتلكون أكبر الشركات السينمائية العالمية منذ بداية القرن العشرين، لا وبل يشاركون في كتابة وإنتاج وإخراج هذه الأفلام.
خطورة الافكار
يقول جوزيف ناي كبير منظري القوة الناعمة “إن مصانع هوليوود وبغض النظر عن فسادها وعدم نظافتها فهي أكثر ترويجاً للرموز البصرية للقوة الأمريكية الناعمة من جامعة عريقة كجامعة هارفرد، ذلك أن الإمتاع الشعبي للأفلام الأمريكية – الجنس والعنف والابتذال – كثيراً ما يحتوي على صور ورسائل لا شعورية عن الفردية وحرية الخيار للمستهلك وقيم أخرى لها رسائل سياسية مهمة ومؤثرة. وهذه السلبيات – العنف والجنس والابتذال- هي ما يأتي بالناس إلى شباك التذاكر ودور السينما لحضور ومشاهدة الأفلام الأمريكية وهي ما يسرق انتباه المشاهدين نحو القنوات والبرامج التلفزيونية الأمريكية.” وبناء على ذلك تظهر هنا أهميّة مواجهة الرسائل التي تبثها السينما الأمريكيّة والتي تتلاعب بالعقول؛ خصوصًا تلك التي تحارب العرب وتشوّه صورة المسلمين.

قد يعجبك ايضا