الكويت.. حراك سياسي لديمقراطية عريقة

خالد عبد المنعم
شهدت الساحة السياسية الكويتية تطورات سريعة ومتغيرة على مستوى البرلمان والحكومة، أتت ردًّا على السياسات الاقتصادية للحكومة السابقة التي وصفت بالفاشلة، والتي تمحورت حول إجراءات تقشفية وسياسات ضريبية وغلاء الأسعار.
البرلمان الكويتي القديم
أصدر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يوم 16 أكتوبر مرسومًا يقضي بحل مجلس الأمة السابق، وقالت مصادر حكومية كويتية إن رئيس مجلس الوزراء جابر مبارك الصباح بحث خلال اجتماع لمجلسه التوتر الحاصل مع البرلمان على خلفية تقديم عدد من النواب استجوابًا لكل من وزير المالية ووزير العدل.
وجاء في المرسوم طبقًا لما نشرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أنه “نظرًا للظروف الإقليمية الدقيقة وما استجد منها من تطورات وما تقتضيه التحديات الأمنية وانعكاساتها المختلفة من ضرورة مواجهتها بقدر ما تحمله من مخاطر ومحاذير، الأمر الذي يفرض العودة إلى الشعب مصدر السلطات لاختيار ممثليه”.
وطبقًا للمادة 107 من الدستور فإن “للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، وإذا حل المجلس، وجب إجراء انتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل”.
البرلمان الجديد
تنص المادة 102 من الدستور الكويتي الصادر عام 1962م على أنه “لمجلس الأمة في حال عدم تمكنه من التعاون مع رئيس مجلس الوزراء أن يرفع الأمر إلى الأمير الذي له أن يعفي مجلس الوزراء أو يحل المجلس، فإذا ما حل المجلس، وصوت المجلس الجديد بالأغلبية على عدم التعاون مع نفس رئيس مجلس الوزراء، اعتبر معزولًا، وتشكل وزارة جديدة”.
وهو الأمر الذي حدث مع البرلمان الكويتي الجديد، وذلك بحل الحكومة بعد إعلان نتائج انتخابات البرلمان الذي يتميز بصبغة مختلفة عن البرلمان السابق، حيث ضمنت المعارضة التي يهيمن عليها الإسلاميون نحو نصف مقاعد مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) بعد فوزها بـ 24 مقعدًا من مجموع 50 مقعدًا التي يتشكل منها المجلس، كما شارك المعارضون الإسلاميون والليبراليون والقوميون في الانتخابات المبكرة بعد مقاطعة استمرت أربع سنوات؛ احتجاجًا على تعديل قانون الانتخابات.
وتعد هذه الانتخابات ضربة للنواب الموالين للحكومة في المجلس المنتهية ولايته، إذ فشل كثير منهم في إعادة انتخابه للمجلس الجديد، كما أن اثنين من ثلاثة وزراء في الحكومة فشلوا في تأمين مقعد لهم في البرلمان الجديد، هذا ولم يتمكن غير عشرة نواب من البرلمان السابق من الاحتفاظ بمقاعدهم في البرلمان الجديد، وفازت امرأة وحيدة، وهي صفاء الهاشم، بمقعد في البرلمان الجديد، كما يعد ثلث الفائزين في الانتخابات هذه من الشباب، ومن الكفاءات الجديدة في عالم السياسة والعمل البرلماني.
وبالنسبة لتشكيل الحكومة الجديدة فإنه وعلى الرغم من الفوز المعتبر للمعارضة الكويتية، فمن المتوقع أن يكلف أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح رئيس الوزراء الحالي، أو أحد أعضاء الأسرة الحاكمة، بتشكيل الحكومة الجديدة.
وكان قد تنافس في الانتخابات البرلمانية 293 مرشحًا، من بينهم 14 امرأة وفق نظام الصوت الواحد، ويحق لنحو نصف مليون شخص التصويت لاختيار عشرة مرشحين في كل دائرة انتخابية.
ويُعد البرلمان الكويتي من أقوى المجالس النيابية في دول الخليج.
البرلمان الجديد والسياسة الاقتصادية
جميع المؤشرات في الكويت تقول إن التغيرات السياسية يقف وراءها العامل الاقتصادي، فكثير من النواب الفائزين في هذه الانتخابات أعلنوا خلال حملتهم الانتخابية أنهم في حالة الفوز، سوف يقاطعون خططًا للحكومة تهدف إلى التقشف وخفض النفقات العامة، وذلك بعد الانخفاض الشديد في عائدات النفط، بسبب تدهور أسعار النفط في العالم مؤخرًا.
تطلعات البرلمان الجديد الاقتصادية قد تصطدم بتطلعات الأمير الكويتي وحكومته، ما يجعل مهمة البرلمان شبه مستحيلة، حيث تأمل الحكومة أن يتمكن المجلس الجديد من اعتماد إجراءات تقشف لمساعدة البلد على التغلب على انخفاض أسعار النفط، وكانت الحكومة قد خفضت من الدعم على المحروقات؛ مما رفع أسعارها بنسبة 80 في المائة.
تطلعات البرلمان الجديد تصطدم أيضًا بحاجز عجز الموازنة الكويتية على ما يبدو، حيث قال وكيل وزارة المالية الكويتية، خليفة حمادة، إن الوزارة بدأت في إعداد الميزانيات العامة للدولة لمدة ثلاث سنوات مقبلة بدلًا من سنة واحدة، وذلك من أجل زيادة القدرة على التنبؤ المالي وتعزيز إدارة الموارد المالية، وأضاف حمادة أن ميزانية السنة المقبلة 2017/ 2018 ستكون محملة بعجز، وليس هذا فحسب، حيث أوضح أيضًا أن ميزانيات الأعوام المقبلة ستظل تعاني من العجز إذا استمرت أسعار النفط دون ارتفاعها، ما يعني أن ميزانيات السنوات الثلاث المقبلة للكويت ستكون محملة بالعجز، وبالتالي لا يملك البرلمان الجديد آليات التغيير المادي لتحسين الاقتصاد الكويتي وإلغاء الإجراءات التقشفية للحكومة السابقة، في ظل تدهور أسعار النفط الذي تعتمد عليه الكويت في تمويل الميزانية، ويخشى معظم الكويتيين خفض الإنفاق على الصحة والتعليم والإسكان، التي تمولها عائدات النفط.
ولا يعد التحدي الاقتصادي المهمة الوحيدة للبرلمان الجديد، فالملف الأمني حاضر بقوة على طاولته، حيث تعرضت الكويت لهجمات لمتشددين إسلاميين منذ بروز تنظيم داعش الإرهابي، فقد استهدف التنظيم في عام 2015م مسجدًا للشيعة بتفجير أسفر عن مقتل 27 شخصًا، وجرح عدد آخر.

* كاتب صحفي مصري

قد يعجبك ايضا