مستقبل السياحة اليمنية

 

عبد الوهاب شمهان

لا يغيب عن ذهن كل مواطن يماني ما ميز الله به الجمهورية اليمنية من اختلاف في التضاريس وتنوع في المناخ وفي نمط الحياة . فتهامة حيث الحرارة الشديدة تختلف فيها الحياة السكانية عن المناطق المعتدلة والجبال العالية الباردة فالحياة التهامية المسبوغة بالمعاناة هي نبع للصفاء والصفوة في الفقه والأدب والبساطة والصبر الذي امتزج بقوة الروح وعظمة النفس والتسامح فالحياة التعزية الصوفية المنتقلة إلى الثقافة العصرية الحاظنة للنضال ضد الاستعمار البريطاني وإب عاصمة السياحة اليمنية واكبر محافظة تمثل التعايش الشافعي الزيدي في الماضي والحاضر والمستقبل إنها تمثل روح الإنسان اليماني الحر الأبي منها انطلق الرجال للدفاع عن اليمن ومنها الثوار والقادة وهي المساحات الخضراء، الشاهد على كونها مصدر الهام الأدباء والكتاب وصنعاء حصن التاريخ والحضارة واكبر مكون سكاني يماني يؤكد وحدته والتحامه في مسيرة البناء والدفاع والتعايش الأكبر تحرسها الجبال الشامخة (كجبال النبي شعيب ونقم وعيبان والطويل وظفار وعطان والصباحة، وجبال نهم وغيرها) لننتقل إلى صعدة بدورهام وبنيانها وقلاعها وحصونها ومساجدها ثم حجة وعلوها الذي يحاكي الغمام وسحب السماء وترتفع فيها الهامات كشموخ جبالها وحصونها، ونتجه إلى حضرموت ومدارسها الفقهية ورحلاتها التجارية البحرية وهجرتها نحو الشرق بقيمها وأخلاقها ودعاتها دعاة الخير والتسامح وجميع تلك المحافظات تحتضنها تهامة والساحل البحري ووديانه وسهوله والصحراء الممتدة بكثبانها الرملية الذهبية التي تظهر مع شروق الشمس وغروبها وفي كل هذا التنوع المتداخل مع المدنية والحضارة والتاريخ الموغل في القدم الشاهد له على ذلك الآثار البارزة والمطمورة في تراب مأرب والجوف وشبوة والمناطق الوسطى والمحويت بمعمارها المعلق وصنعاء وشبام الوادي وتريم القصور والمكتبات والعلماء ولا ننسى مناخة الشاهقة الجبال الأكثر زيارة من قبل السياح وعدن الصهاريج والحداثة والمتاحف والفن ، وكل ما ذكرناه قطرة من بحر واسع مما تزدهر به اليمن من مدن ومعالم ومواقع ومناطق أثرية التي تقود إلى مستقبل مزدهر والى سياحة تدل على أصالة الضيافة العربية.
– إن العدوان الذي لبس قناع الاخوة والمساعدة قد ضرب السياحة في مقتل كلما لاح أفقها وبزغ ربيعها إلى أن أزاح عن وجهه قناع الاخوة في 26 من مارس 2015م وأعلن العدوان على الجمهورية اليمنية المعد أمريكيا بسعي إسرائيلي وكان قطاع السياحة احد القطاعات المستهدفة منه بصورة مباشرة في منشآته ومقوماته السياحية الطبيعية والتاريخية والثقافية والأثرية، مستهدفا الإنسان وحياته ومصادر دخله بما يؤكد عدوانيته البعيدة الأمد الممتدة من الماضي والمستمرة مركزا على محو المناطق الأثرية ومواقعها وتدمير المتاحف التي منها متاحف ذمار وعدن وتعز وغيرها وهذا ما يضع على الحكومة وفي ظل هذا الظرف مسؤوليات جسيمة مشتركة ومترابطة لا بد من تنفيذها والقيام بها وفق خطوات تدريجية وغير متسرعة وعقلانية، فمثلا لا يمكن أن يكون هناك استثمار ما لم تتحقق عدد من الأسس الرئيسية والحوافز المشجعة وتخصيص مواقع الاستثمار وإسقاطها في الخرائط وعلى الطبيعة وهذا يكاد يكون عملاً تكاملىاً مع عدد من الجهات وعلى رأسها الهيئة العامة للاستثمار التي ينتظر منها البدء في التهيئة ومتابعة الجهات المعنية والتشاور في التعديلات القانونية الواجبة على قانون الاستثمار كإحدى خطوات التهيئة لعودة الاستثمار بعمومه والاستثمار السياحي على وجه الخصوص.
– إن استعادة الكيان الإداري والفني لوزارة السياحة والمحافظة على الكادر السياحي مع بناء جيل جديد من القيادات هي الخطوة الأولى في تحقيق الوجود الوزاري المؤسسي الإشرافي على قطاع السياحة المعد للإستراتيجيات والخطط والبرامج من منطلق وطني معتمدا على الكفاءة مع التركيز الكبير على إعادة تنمية مكاتب السياحة في المحافظات وتطوير قدراتها وفي نفس الوقت تنمية القدرات الموجودة في مجلس الترويج السياحي والمهيئة لاستيعاب مستويات أعلى من التدريب لزيادة قدراتها فلا يمكن الدخول في المنافسة في الأسواق السياحية واستعادة الثقة دون رجال تحمل العبء في كل محافظات الجمهورية ورجال تنقل الصورة الجمالية الحضارية التاريخية والثقافية إلى العالم عبر الترويج والتسويق السياحي لليمن كمقصد سياحي إقليمي ودولي .
– إن المستقبل سوف يجعل اليمن مِعرَضا عالميا واضحا لهمجية التحالف العربي الغربي وجرائمهم في اليمن وذلك بالمشاركة والدعم والتمديد للعدوان من قبل الرعاة للتحالف .
إن اليمن اليوم أمام وضع استثنائي يتطلب الكثير من الرصانة والحكمة وعدم العجلة والتركيز على الداخل مع عدم إهمال نقل الصورة الواقعية للعالم . وكل جهد يتم ولا يوظف في استعادة القدرات والتهيئة لمقاومة عدوان من نوع آخر هو محاربة عودة اليمن إلى السوق السياحية العالمية بتفكير يضع الجميع في إطار العمل المتخصص والعمل الفني المتكامل بعيدا عن الترغيب والترهيب خاصة والجميع يعيش ظروفا صعبة لا تقبل الهمز واللمز وإنما وحدة الرأي والفكر والعمل والاتجاه الواحد، ولاشك أن الوزراء جميعا متفقون على صعوبة المرحلة ويدركون أهمية النجاح في هذا الظرف الذي يتكالب فيه الأعداء ويعملون كل جهدهم لإفشال الحكومة محليا ودوليا .
– إن السياحة التي ينظر إليها البعض لا قيمة لها ولا جدوى بينما الواقع الدولي يؤكد أن للسياحة دورا كبيرا في خدمة اقتصاد البلدان وامتصاص البطالة والتخفيف من الفقر وفي التعريف بها كدول مدنية تهتم بضيوفها وتوفر لهم كافة الخدمات السياحية مقابل ثمن متعارف عليه يزيد أو ينقص وفقا لمستوى الخدمة ومستوى ارتفاع الدخل القومي وارتفاع الأسعار ناهيك عن أهمية وجود هيبة الدولة المستضيفة محليا وسمعتها دوليا والتي تتحقق من خلال تلك الهيبة والسمعة الأمن والاستقرار وتكسب ثقة الدول المصدرة . لقد عادت السياحة في بلادنا إلى نقطة الصفر مما يؤكد الحاجة اليوم إلى الخبرات والتخصص كضرورة لإعداد ورسم السياسات السياحية المستقبلية ، ولدى الوزارة خبرات لا يستهان بها وأساتذة لا تستغل قدراتهم ولا يتم الاهتمام بهم .
– وستظل وزارة السياحة الواجهة الميدانية لفعالية الحكومة والجهة التي تملك المفاتيح لدخول بلدان العالم … فالمستقبل للسياحة اليمنية وللضيافة العربية الأصيلة واعد بالنمو وإن احتاج للزمن .

قد يعجبك ايضا