الفساد المالي والإداري.. آفة المجتمعات

عبدالعزيز الحزي
الرغبة الجامحة لدى بعض الأشخاص في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية بطرق غير مشروعة واستغلال السلطة لأغراض خاصة سواء في تجارة الوظيفة أو الابتزاز أو المحاباة أو إهدار المال العام أو التلاعب فيه سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أم غير مباشرة في المؤسسات الحكومية، أصبحت ظاهرة مألوفة وغير صحية مرتبطة ارتباطا وثيقا بظاهرة الفساد المالي والإداري، وظهور هذا الآفة المجتمعية (الفساد المالي والإداري) خاصة في المؤسسات الحكومية التي تعاني من إشكالات اقتصادية في ظل قيادات ضعيفة ليس لديها فلسفة أو رؤية أو كفاءة، ما يزيد الوضع تعقيدا في هذه المؤسسات، ويظهر ذلك جليا في حالة الإحباط لدى العاملين فيها والتخبط في سير عمل المؤسسة.
وستظل هذه الآفة المجتمعية الخطيرة -الأكثر فتكا- المتفشية بعض مؤسسات الدولة تقف عقبة في سبيل التطور الصحيح وفي وجه الانتعاش الاقتصادي في البلاد ،وتنتج عنها آثار سيئة وهي تحويل الموارد والإمكانات الحقيقية من مصلحة الجميع إلى مصلحة أشخاص حيث يتم تركيز المصلحة والثروة في يد فئة قليلة من أبناء الشعب، وهذا ليس في صالح الدولة على المدى البعيد مما يولد مستقبلاً ذا آثار سيئة وضارة .
وهذه الظاهرة غير الصحية لا ريب في أنها ستعرقل عملية البناء والتقدم في كافة المستويات الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية والثقافية لكافة أبناء الشعب، فهي تهدر الأمـوال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات، والاستغلال غير المشروع للصلاحيات الإدارية أو المنصب الحكومي المخول لأي موظف وفق القانون ،لأغراض شخصية أو نفعية أو لميول أو قبلية وكل ما يدخل تحت نمط المحسوبية ومما يخل بعدالة العمل الحكومي الإداري، وكذلك استخدام ما يسمى بالعمولات وهو المال الذي يدفع لموظفي الحكومة لتعجيل النظر في أمر خاص للغير ويمثل ذلك واحداً من أهم آليات الفساد التي تؤثر في نسيج المجتمعات وسلوكيات الأفراد مما تكون له آثار سلبية واضحـة ومباشرة على التنمية الاقتصادية وتخلفها .
ويتمثل الفساد المالي في مجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل المالي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية المختصة بفحص ومراقبة الحسابات والأموال، ويمكن ملاحظة مظاهره في: الرشاوى والاختلاس والتهرب الضريبي وتخصيص الأراضي والمحاباة وتفشي المحسوبية وذلك كله تحت مسميات كثيرة.
وتتعلق بمظاهر الفساد الإداري أيضا الانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات والمحسوبية في التعيينات الوظيفية، ومظاهره متعددة ومتداخلة وتكون سببا في انتشار بعض المظاهر الأخرى وكذلك مخالفة القوانين واللوائح والقيم والأخلاق، وأيضا السرية التامة في ممارسة الفساد وبطريقة غير مباشرة والاعتماد على التحايل والخديعة في التعامل، والروتين في عمل دوائر الدولة ووضع العراقيل في طريق مصالح المواطنين والتقاعس عن أداء الواجب.
ونتيجة لغياب الرقابة الإدارية الصارمة وغياب مبدأ الثواب والعقاب، فالتجاوزات القانونية والمالية لأي مسؤول تشجع كل موظف في مؤسسات الدولة على ارتكاب تجاوزات مماثلة، مما يؤدي إلى تراكم الفساد، وزيادة انتشاره في إدارات الدولة.
ويعد الفساد المالي والإداري من الجرائم الصعبة الاكتشاف وغالباً ما يتم الفساد عن طريق وسطاء ولا يكون مباشراً،ومع وجود الفساد متجذر في بنية مؤسسات الدولة وتبلور هذه الظاهرة الخطيرة يجعل منها عقبة في طريق تقدم عملية التنمية بأصعدتها المختلفة والابتعاد عن الخطط والبرامج التنموية .
ومن هذا المنطلق فإن على الدولة أن تسهم في محاربة الفساد المالي والإداري والمعالجات الجذرية له ومواجهته للتوصل الى بناء اقتصاد مبني على أسس متينة يصل إلى مرتبة الدول المتقدمة.
وعلى الحكومة أيضا إيجاد نظام إداري يعتمد على الكفاءة والفعالية والاقتصاد في استخدام الموارد، والنوعية والاستمرار والمساءلة والشفافية والاستجابة السريعة لحاجات المواطنين، والصدق والاستقامة والوفاء لمبادئ العدالة وعدم التحيز وتحقيق الرفاهية لأفراد الشعب كافة.

قد يعجبك ايضا