أب يُعاقب ابنه بالدفع به الى طريق الإجرام

مِن واقع الحياة

عادل بشر

صعق الحاج محمد 50 عاما وهو يستمع الى سيل الاتهامات الموجهة لابنه احمد 20 عاما والمتنوعة بين السرقة والنهب والقتل ومطالبة النيابة للمحكمة بتطبيق العقوبة القانونية عليه واعدامه ,فأصيب الأب بحالة هستيرية وصاح بأعلى صوته “انا السبب يا سيادة القاضي أنا من دفعت بولدي الى طريق الإجرام واستاهل العقاب”.
وعن أصل الحكاية من بدايتها حسبما ذكرها المتهم فهي كالآتي : عاش احمد في كنف والده منذ أول يوم خرج فيه إلى الحياة ووفر له والده كل متطلبات العيش الرغيد من جانبه لم يقصر احمد أو يخيب أمل والده فيه فاجتهد في دراسته وكان يحصد المرتبة الأولى في كل صف تلبية لرغبة والده وخوفا من تهديداته المتكررة له اذا اخفق في دراسته أو تنازل عن المرتبة الأولى حتى أصبح اجتهاد احمد ومذاكرته لدروسه والتزامه بواجباته المدرسية فقط من باب الخوف من الأب القاسي وليس دافعا ذاتيا منه.
مضت السنوات وتجاوز احمد سنوات الدراسة ومراحلها الأساسية والمتوسطة بكل تفوق حتى بلغ المرحلة الثانوية .
في هذه المرحلة اخبر احمد والده عن رغبته في اختيار القسم الأدبي فجن الوالد واجبر ابنه على دراسة القسم العلمي وإلا فمصيره الطرد من البيت وذّكره بأنه موفر له كل ما يحتاجه من المتطلبات والمصاريف وما عليه سوى الاهتمام بالدراسة وتحقيق حلم والده فيه وإلا ….؟
خضع الفتى لرغبة أبيه وضغط على نفسه إلا انه لم يستطع الحفاظ على مستوى نجاحه كالسابق واخفق في إحدى مواد الصف الثاني ثانوي القسم العلمي. يوم ظهور نتيجة الاختبارات عاد احمد إلى منزله ووجد والده وجميع أفراد أسرته ينتظرونه مثل كل عام ليزف إليهم خبر التفوق بامتياز ولكنه صدمهم بخبر السقوط وهو ما لم يكن يتوقعه أحد وبمجرد أن تأكد الأب من صحة كلام ابنه وانه فعلا سقط في إحدى المواد لم يتمالك نفسه وانهال عليه ضربا حتى يسقط الفتى على الأرض من شدة الضرب فحاولت الأم التدخل وانقاذ ابنها من مخالب والده الا ان الأخير منعها واخبرها بانها طالق اذا تدخلت في هذا الأمر واستمر بالضرب والفتى يصيح ألما تحت اقدام ابيه وعندما تعب الأب أمر أحمد بالخروج من المنزل وعدم العودة إليه مجددا مهما كان قائلا له “أمك طالق بالثلاث إذا حاولت دخول هذا البيت أو الرجوع إليه”.
اخذ احمد أغراضه البسيطة ولجا إلى بيت عمه شقيق والده واستمر هناك قرابة شهرين حتى جاء اليوم الذي طرده فيه عمه من المنزل بناء على طلب عمته زوجة عمه التي لم تطق بقاء الفتى عندهم معللة ذلك بقولها : “لو كان فيه خير ما طرده ابوه من البيت”.
وفجأة وجد احمد نفسه في الشارع محطم النفس والقلب والفؤاد بعد ان ضاع منه كل شيء ,حتى مستقبله الجميل الذي كان يحلم به , لم يعد لأطيافه أثر في سماء التعب.
ومن لوكندة إلى أخرى استقر به المقام أخيرا في حضن “شلة” رحبوا بانضمامه إليهم ولم يكن هؤلاء الرفاق سوى عصابة للنشل والسرقة وبعد مضي عدة أيام أصبح احمد واحدا من أفراد هذه العصابة خاصة وانه كان معرضا للطرد في الآونة الأخيرة بسبب بسيط جدا وهو انه لا يعمل ولا يملك نقودا يقتات منها.
انخرط احمد في صفوف العصابة واحترف نشل جيوب المواطنين في الأسواق المزدحمة فلوسهم.. تلفوناتهم المحمولة.. حقائب اليد النسائية ..أي شيء المهم انه لا يعود صفر اليدين فيطرد من الشلة وكانوا يقتسمون كل شيء بالتساوي فيما بينهم.
وفي احد الأيام نما إلى علم العصابة ان أمين صندوق إحدى المؤسسات سيذهب إلى استلام مبلغ مالي كبير من البنك فقرروا اغتنام هذه الفرصة والتقطع لهذا الشخص وسلبه المبلغ المالي الكبير ووضعوا خطة محكمة قضت بأن تتم مراقبة أمين الصندوق حين خروجه من البنك وانتظاره في احد الشوارع وعندما يقترب بسيارته من أفراد العصابة يقفز اثنان منهم الى أمام السيارة وهما يتعاركان فيما بينهما بينما ثالثهم يحاول فك الاشتباك فحاول الهدف تجاهلهم والمرور بسيارته من جوارهم ولكنه لم يستطع فترك سيارته وخرج للمشاركة في فك اشتباك الرجلين ولكنه عندما عاد إلى السيارة لم يجد حقيبة الفلوس لان احد أفراد العصابة كان قد أخذها وفورا شك في ان الاشتباك لم يكن سوى مجرد تمثيلية من قبل عصابة منظمة خططت لسرقته وانطلق اثر الرجلين المتعاركين فامسك بهما على مقربة من مكان الحادثة وصاح بأعلى صوته بانهما لصان مستنجدا بالناس لمساعدته في القبض عليهما إلا انه وقبل ان يقترب احد من المارة بادره احدهم بطعنة من جنبيته في الرقبة اسقطته أرضا مضرجا بدمائه وعلى أثرها فارق الحياة ثم فر المجرمون إلا ان أجهزة الأمن
استطاعت القبض عليهم بشكل سريع بعد ان تعرف احد شهود العيان عليهم كونهم كثيرا ما يترددون على تلك الشوارع واعترف أفراد العصابة بجرائهم ومن ضمنهم الشاب احمد الذي دفعه ابوه الى هذا الطريق.

قد يعجبك ايضا