عزاء غير مرغوب.. على شريط العاجل

نبض
رند الأديمي

موعد  نشرة أخبار التاسعة  في بيت صغير ذي ضوء خافت وعيون مترقبة..
مر شريط  عاجل وبالأحمر العريض ” مصرع عدد كبير من المرتزقة في نهم”.. بدت تلك الأسرة  في حالة من الجمود والدهشة  وهي تقرأ اسم ولدها  ضمن  صفوف المرتزقة القتلى, وعندما وزع الإعلام الحربي الصور كانت هنالك صورته.. ملقى على الأرض يرتدي لباسا ليس لباس الجندي اليمني.. ويحمل في معصمه سلاحا مستوردا لقتل أبناء اليمن ..,أغلق الوالد شاشة التلفاز وقال وقد أطلقت شرارة من عينيه وبدت عيناه كجمرة موقدة: إبكوا سرا …لا  تخبروا أحدا…. فلنبك قليلا … ولننفض هذا الدمع  النجس ولن نقيم الجنازة ….ولن نعد مراسم العزاء..,
بدا الوالد في حالة من التماسك والثبات والجمود  وهو يأخذ صورة ولده العميل المعلقة بالحائط والمعلقة على جدران الزمن وألقى  بها بقوة  الى أسفل الأرض وندم كثيرا لأنه فشل في بذرته.., وفي اليوم التالي همست أخته قائلة لصديقتها: البارحة مات أخي في صفوف العدو  وإياك أن تخبري أحدا, وبكيا معا بهمس شديد أيضا.., وماتوا غرباء من باعوا أوجههم بأبخس ثمن واشتروا وجوها أخرى..,
********
وفي المنزل المحاذي لذلك المنزل انطلقت زغاريد  ودموع أيضا, ظن الجيران  أنه عرس مقام,  ولكن كانت زغاريد فخر لتستقبل موكب شهيد قادم من أرض نجران  حمل الشمس على راحتيه وأهدانا وطنا..,
ورفع الأب هامته كثيرا قائلا: أنا من أنجبت هذا الشهيد.., وعلقت صورته في الحارات.. صورة الشهيد.. كان لا يشبه أحدا سوى رمل هذه الأرض المباركة..,
كلهم رحلوا وفي نفس اليوم..,  ولكن هنالك من رحل في جنازات مشمسة وضاءة.. وهنالك من رحل في دهاليز الظلام يبحث عن حناجر تصرخ لأجله أو حتى عيون مستعارة.., أتساءل: إن عاد هل كان سيحمل هما غير هم اليمن ؟

قد يعجبك ايضا