لوماتان دالجيري الفرنسية : تراث سقطرى العالمي مهدد بالاندثار بسبب العدوان السعودي على اليمن

 

الثورة نت/ سبأ – ترجمة: اسماء بجاش:

حذرت صحيفة لوماتان دالجيري الجزائرية الناطقة الفرنسية من المخاطر التي تهدد أرخبيل سقطرى جراء الحرب على اليمن منذ بدء العدوان السعودي في مارس 2015م.

وتعد سقطرى احدى أهم المحميات الطبيعية في العالم واعتمدتها ( اليونسكو) ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي لفرادة مكونها وتنوعها الطبيعي.

 

ونوهت الصحيفة في مقال للكاتبة حورية آيت قاسي بنداء الاستغاثة الذي اطلق إلى جميع المنظمات الإنسانية لإنقاذ الأرخبيل وسكانه الأصليين من آثار هذه الحرب الكارثية على اليمن عموما .

 

ودعت إلى أنه بات “من الضروري حماية هذه الجوهرة الطبيعية (سقطرى) أكثر من ذي قبل وذلك جراء الحرب التي يشنها التحالف منذ 26 مارس 2015 بقيادة السعودية ضد اليمن والمدعومة من قبل الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة البريطانية مع فرض حصار كامل وشامل على جميع المنافذ البرية البحرية و الجوية”.

وأشارت الصحيفة الى أن هذه الحرب قد عادت بعواقب وخيمة على جميع انحاء البلد ولاسيما على المناطق الساحلية والجزر مثل جزيرة سقطرى حيث اصبحت المجاعة والأمراض شبح يتربص بالسكان الذين يمتهنون مهنة الصيد.

 

ونوهت “لوماتان دالجيري” بدعوات محلية سقطرية حذرت من تردي الاوضاع المعيشية في الجزيرة مطلقة صرخة الاستغاثة للمنظمات الإنسانية الدولية لإنقاذ الأرخبيل.

 

وأشارت الكاتبة آيت قاسي إلى “إن سكان هذه الجزيرة يعانون اليوم من الآثار الناجمة عن الحصار المفروض جراء الحرب ولاسيما الحصار الجوي، إذ يضطر السكان إلى اجتياز البحر من أجل التنقل وذلك بغية العمل أو تلقي الرعاية الصحية او من أجل الدراسة فهذا هو الملجأ الأول والأخير لهم حتى في الظروف المناخية والملاحية الخطرة فقد سبق وتعرض قارب للغرق قبالة سواحل الجزيرة كان يقل عددا من الاشخاص مما أدى إلى وفاة ستة أشخاص واختفاء 25 آخرين”.

 

كما أشارت صحيفة “لوماتان دالجيري” إلى أنه في 7 من شهر ديسمبر المنصرم تداولت الصحف خبر غرق سفينة شحن كانت تقل على متنها 60 شخصاً كانت في طريقها من مدينة المكلا جنوب شرق اليمن متجهة إلى جزيرة سقطرى.

 

ووفقا للصحيفة فان “سكان الارخبيل اضطروا إلى العمل خارج الجزيرة جراء تكالب الظروف المأساوية على الجزيرة مما جعل منها غير صالحة للعيش، ونتيجة للحصار الجوي المفروض على البلد اصبح من الصعب على سكان الأرخبيل الوصول إلى محافظة حضرموت إلا عن طريق البحر إذ تعتبر هي الواجهة الوحيدة امامهم فهم يقصدون المحافظة إما للعمل أو تلقي الرعاية الصحية أو من أجل شراء حوائجهم الاساسية من مواد غذائية, فالخيار الوحيد المتبقي لسكان الجزيرة هو السفر عن طريق البحر على متن قوارب خشبية”.

 

وأشارت “لوماتان دالجيري” الى أن القرارات التي فرض وسائل جديدة وحديثة من وسائل النقل وهي باهظة الثمن بالنسبة لذوي الدخل المحدود قد ضاعف من معاناتهم وباتوا الان يعتمدون اعتمادا كليا على المعونات الأساسية

 

وأكدت أن هذه الحرب قد عملت على إنهاء كافة المشاريع والخطط السياحية المستدامة التي كانت في انتظار الجزيرة وبالتالي تدهورت الظروف المعيشية في الجزيرة التي هي في الأصل في وضع يرثى له جراء سوء الأحوال الجوية.

 

ونوهت “لوماتان دالجيري” بما اطلقته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حيث اشارت إلى ان اكثر من 1600 عائلة بحاجة للمساعدات الإنسانية الطارئة والمتمثلة في الخيام, البطانيات وأواني الطبخ جراء الإعصار الذي ضرب المناطق الساحلية لليمن : حضرموت, المهرة, شبوة وارخبيل سقطرى.

 

كما اشارت المفوضية ايضاً إلى أن 76% من اجمالي عدد السكان اي ما يعادل 1.4 مليون نسمة في تلك المناطق بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية العاجلة, ناهيك عن نزوح اكثر من 100 الف شخص وتشريد اكثر من 27000أخرين .

 

تقول الكاتبة آيت قاسي : اليمن حاضنة مملكة سبأ بلد الجمال و الفن المعماري الفريد والتي أُطلق عليه العربية السعيدة، أصبح اليوم ضحية للحرب الضروس التي شنتها عليها الجارة الشمالية –السعودية – على راس تحالف يضم في طياته أكثر من عشر دول بما فيها جميع ممالك الخليج باستثناء سلطنة عُمان, فقد أدى هذا الصراع إلى سقوط أكثر من 11 الف شخص معظمهم من المدنيين، كما أدت هذه الحرب إلى تدمير البنية التحتية للبلد بشقيها الاقتصادية و الاجتماعية, كما عملت هذه الحرب ايضاً على تدمير الأرث الحضاري اليمني الذي تم الاعلان عنه بالفعل ضمن قائمة التراث العالمي.

 

ووفقا لنص المقال ” لقد عمدت قوات التحالف على تلوين سماء اليمن بشكل يومي بالقاذفات والصواريخ إذ لم تستثن المدن والمواقع الأثرية المدرجة ضمن قائمة الامم المتحدة اليونسكو؛ فمدينة صنعاء القديمة لم تكن في منأى عن هذه الغارات الجوية بالرغم من تصنيفها ضمن قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي منذ العام 1986. وفي منتصف شهر مايو من العام 2015 تعرضت مدينة زبيد في محافظة الحديدة-التي صُنفت في العام 1993 ضمن قائمة التراث العالمي- للغارات الوحشية التي أدت إلى تدمير جزء من المدينة التاريخية.

وكذلك هو الحال بالنسبة لـ سد مأرب الذي وجد نفسه في مرمى غارات طيران التحالف إذ يعتبر هذا السد أحد أهم المعالم التاريخية ليس في منطقة شبة الجزيرة العربية فحسب بل وعلى مستوى العالم حيث يعود تاريخ بناء هذا السد إلى بداية الألفية الاولى قبل الميلاد.

وتعرضت المدن الساحلية للقصف حيث أبحرت سفينة المملكة وسط دماء الصيادين وحطام قواربهم الذي قتلوا في عرض البحر، إذ أخذت قوات التحالف على عاتقها تدمير الموانئ الموارد السمكية, المستودعات والمخازن وأسواق بيع الاسماك. فكل هذه الأحداث والغارات جعلت من شبح المجاعة يلوح في سماء بعض المدن الساحلية كمدينة الحديدة الواقعة شمال غرب اليمن.

واستطردت الكاتبة قاسي: لم تكن العمليات العسكرية هي السلاح الوحيد الذي تنتهجه قوات التحالف في حربها ضد اليمن إذ جعلت من الجوع سلاح فتاكاً آخرا ضمن قائمة أسلحتها حيث عمدت على تدمير مصادر الرزق والحصار بجميع أشكاله، وهي بالفعل إبادة جماعية يتعرض لها اليمن.

وأوضحت : لقد استندت الشخصيات الرئيسية في هذه الحرب الشعواء على اليمن على الخطة المكيافيلية فيما يخص العرض الذي تقدمت به شخص الألعوبة عبد ربه منصور هادي والذي نص على تأجير ارخبيل سقطرى لمدة 99 عاماً لدولة الامارات العربية المتحدة العضو في قوات التحالف على اليمن.

وتساءلت الكاتبة : ما هي هذه المشاريع والصفقات الدنيئة وما السر الذي يكمن وراء ذلك؟ وما هي التنبؤات التي تتمحور حول الارخبيل: أهي السياحة المستدامة, السياحة الراقية والفاخرة أم السياحة الجماعية… فهذه الصفقة التجارية تعتبر بمثابة تهديد يقوض مستقبل ارخبيل سقطرى ولا يكمن السبب في ذلك في أن هذه الصفقة ليست مخالفة للاتفاق الذي وقعته اليمن مع منظمة اليونسكو والتي تنص على حماية والحفاظ على الجزيرة من كل الأطراف الموقعة بل لأنه تم منح هذه الصفقة لأولئك الذين جعلوا من قصف المدارس, الطرق, المستشفيات والمرافق الصحية هدفاً نصب أعينهم, حتى المقابر وأماكن التراث التي تعتبر في الأصل أرث عالمي لم تسلم منه نيرانهم لذا أيمكن لمن أضمر كل هذا لليمن ان يكون حامياً للأرخبيل وسكانه؟

 

وقالت صحيفة لوماتان دالجيري : إن الدفاع عن ارخبيل سقطرى واجب على جميع أولئك الذين يحملون حس الدفاع والحفاظ على الطبيعة وحقوق الانسان في العيش بسلام في بيئة تخلو من أعمال القرصنة وسلطة المال او القوة العسكرية.

 

ووفقاً لنص المقال فان ” أرخبيل سقطرى قطعة سماوية من الفردوس على الأرض تم تصنيفها في العام 2003 كإحدى المحميات الطبيعية الحيوية وفي العام 2008 تم تصنيفها كإحدى مواقع التراث العالمي نظراً للتنوع البيولوجي الحيوي الاستثنائي الفريد . أرخبيل سقطرى يقع بالقرب من خليج عدن على بعد 380 كم جنوب السواحل اليمنية, و إلى الشمال الغربي من المحيط الهندي على بعد 80 كم قبالة سواحل شبه جزيرة الصومال و سواحل القرن الأفريقي. يشمل الأرخبيل جزيرة رئيسية وهي سقطرى وثلاث جزر صغيرة: درسة وسمحة وعبد الكوري بالإضافة إلى جزيرتين صخريتين صغيرتين.

ووفقا لمنظمة اليونسكو تعد أرخبيل سقطرى محمية طبيعية, فهي موقع استثنائي من حيث التنوع الكبير في النباتات ونسبة الأنواع المستوطنة, حيث أنها تحتطن ما يقرب من 37% من أنواع النباتات من أصل 825 نوعاً, 90% من أنواع الزواحف, 59% من أنواع الحلزونيات البرية المتواجدة في الأرخبيل وغير المتواجدة في أي مناطق أخرى على مستوى العالم, أما بالنسبة للطيور فالأرخبيل يؤوي ما يقرب من 192 نوعاً, في حين إنها تمتاز بوجود 42 نوع نادر ومن بينها بعض الأنواع المهددة بالانقراض.

كما تتميز الحياة البحرية في ارخبيل سقطرى بتنوع كبير مع تواجد 253 نوعاً من المرجان الباني للشعب و730 نوعاً من الأسماك و300 نوع من السراطين والكركند والإربيان. ونظراً للتنوع النباتي والحيواني البري والبحري الذي يمتاز به الارخبيل فقد صُنف من قبل منظمة اليونسكو كأحدى مواقع التراث العالمي وواحدة من اغنى الاماكن من حيث التنوع البيولوجي وابرز جزر العالم. ففي العام 1996 صادقت الحكومة اليمنية على الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي كما تم اصدار مرسوم حكومي قضى باعتبار الجزيرة محمية طبيعية خاصة في حاجة ماسة للحماية.

وبحسب برنامج الأمم المتحدة الانمائي فان الجزيرة تمتاز بان لديها جميع المقومات التي تجعل منها صاحبة اقتصاد مستدام, بالإضافة إلى كونها واحدة من المناطق السياحية غير الضارة بالبيئة, فهذا سيعود بالنفع على سكان الجزيرة الذين عاشوا في توازن صحيح مع البيئة لعدة قرون وحتى يومنا هذا لا زال هذا التنوع البيولوجي واضح على ارض الواقع. كما شدد برنامج الأمم المتحدة الانمائي على أن مُجمل الممارسات التقليدية تتلاءم بشكل متوافق مع أهداف الحفاظ على التنوع البيولوجي.

تُعرف جزيرة سقطرى ايضاً باسم جزيرة السعادة, فهي جزيرة ذات طابع احفوري بسبب عزلتها الجيولوجية, إذ سمح هذا الطابع الجيولوجي على الحفاظ لملايين السنين على انواع من النباتات الغريبة. وبحسب العلماء فان النباتات في هذه الجزيرة تتكيف تماما مع المناخ, ولهذا السبب يتجلى امامنا السر الذي ساعد على بقاء هذه النباتات على قيد الحياة منذ ما يزيد عن 20 مليون سنة.

يتسم مناخ ارخبيل سقطرى بالمداري الصحراوي و شبة الجاف بالتناوب, كما انها تتأثر بشكل كبير جراء رياحها الموسمية, ففي الفترة ما بين شهر مايو إلى شهر سبتمبر يتعرض الأرخبيل لرياح شديدة جنوبية غربية يصاحبها حالة اضطراب شديد للبحر مما يجعل الوصول إلى الجزيرة صعب للغاية عن طريق البحر او الجو, اما في الفترة ما بين شهر نوفمبر إلى مارس تشهد الجزيرة هطول الامطار بشكل غزير.

وفي الوقت الحاضر – وفقا للصحيفة- تفوق ارخبيل سقطرى على جزر أخرى مثل جزر الغالاباغوس الواقعة قبالة سواحل الإكوادور, جزر الهاواي الواقعة قبالة السواحل الامريكية وكاليدونيا الجديد الواقعة في قارة اوقياسيا” استراليا” في جنوب المحيط الهادي شرق استراليا وذلك من حيث احتضانها لأكثر انواع النباتات المستوطنة.

و اشتهرت جزيرة سقطرى بالبخور واللبان والنباتات الطبية مثل الصبار حيث تكثر هذه الشجرة في الجزيرة, كما انها تعتبر موطن لأشجار اللبان ذات الصيت و الاهمية الكبرى في العصور القديمة.

يبلغ عدد سكان ارخبيل سقطرى قرابة 40000 نسمة, إذ عاش هؤلاء السكان في وئام وانسجام مع الطبيعة بعيدا عن ضحيح الحياة الحديثة, حيث تم تعبيد اول طريق في الجزيرة في العام 2008 بعد ان تم ادراج الارخبيل ضمن منظمة التراث العالمي. لقد ظلت هذه الجزيرة لفترة طويلة معزولة عن العالم الخارجي بسبب صعوبة الوصول اليه عن طريق البحر، وهذا ما يفسر محافظة السكان عليها. يمتهن معظم سكان ارخبيل سقطرى مهنة الصيد, ولكنهم اليوم اصبحوا في مواجهة شرسة مع السفن الكبيرة التابعة للبلدان الاخرى التي بدورها تعمل على بسط يدها على الثروة السمكية للجزيرة.

تم بناء مطار جزيرة سقطرى في العام 1999 إذ عمل المطار على استقبال رحلتين خلال الاسبوع, بيد أنه في الفترة التي يشهد فيها الارخبيل رياح شديدة – ما بين شهري يونيو وسبتمبر- يتوقف المطار عن العمل جراء الرياح الموسمية الشديدة والتي تصل سرعتها إلى 150 كم في الساعة.

ضرب اعصار تشابالا ارخبيل سقطرى في الأول من نوفمبر من العام 2015 حيث دمر العديد من المنازل والإنتاج الزراعي للأسر, وبشكل خاص أولئك الذين يعيشون في المناطق القريبة من الساحل, كما اضطر آلالاف من الصيادين الذين ابتلع الاعصار قواربهم إلى الفرار إلى المناطق الجبلية هرباً من الرياح العنيفة والأمواج المتلاطمة الهائجة”.

قد يعجبك ايضا