العدالة المفقودة في ميراث المرأة

عبدالعزيز الحزي

حرمان النساء من الميراث بصوره المختلفة من المشكلات المنتشرة في اليمن خصوصا والعالم العربي والإسلامي عموما، فحرمان النساء من الميراث يترتب عليه مآسٍ كبيرة من ظلم وقهر وأكل أموال الناس بالباطل.
فكلنا يسمع بقصص تحايل الأقارب على النساء في الميراث أو المترك من مخلف المورث .. فيصبح الميراث للأبناء الذكور والأعمام وحرمان الورثة الآخرين من نصيبهم الشرعي وخاصة النساء في الإرث سواء كان المتوفي ذكرا أو انثى ….وكلنا يعلم بقصص كتابة عقود بيع وشراء (صورية) بين العديد من الغاصبين على تركة مورثهم وبين أبنائهم أو زوجاتهم أو احد أقاربهم للسيطرة على تركة المورث خاصة إذا لم يكن هناك ولد غيره… ولكن هناك قصص أيضا عن خسارة كلا الطرفين في متاهات القضاء ؟؟؟
وهناك العديد من القصص التي تفضح تحايل الإخوة على ميراث الأخت.. فلقد روى لي احد الأصدقاء قصة على لسانه ” أن امرأة يمنية نقلت قبل ساعات من المستشفى إلى بيتها لتبيع باقي تركتها الكبيرة لابنها الوحيد قبل ساعات من وفاتها بالرغم انه كان قد ابتاع من التركة الكثير له ولزوجته وابنيه ليحرم بقية الورثة من أخواته البنات ليجدن أنفسهن أمام فصل أمهن (المورثة) وقد عطل نهائيا.. كما قام الأخ بالتحايل على أبناء أخيه ليحرمهم من حقهم فيما أسقطته جدتهم أم أبيهم مما آل اليها إرثا من ابنها الأكبر المتوفي قبلها “.. وكلنا يقرأ ويسمع عن ضياع المرأة في متاهات القضاء حين يتخلى الولي الأخ عن مسؤولياته المادية تجاهها.. وطبقا للثقافة المجتمعية السائدة.. فإن المجتمع يتقبّل تحايل الأخ و تهربه من مسؤولية الإنفاق.. ويستهجن مطالبة المرأة بحقها…
ولقد كرم الإسلام المرأة وجعل لها حقا شرعيا في التركة التي تركها مورثها، حق ثابت لها منذ خلقها في بطن أمها، ويظل هذا الحق واجبا لها مهما كانت حالتها: فقيرة أو غنية، عاقلة أو مجنونة ،بنتا أو أما أو أختا، ولا يجوز لأحد أن يحرمها من هذا إلا بموانعه الشرعية من كفر أو ردة أو قتل لمورثها.
ولكن هناك من يضيع هذا الحق لاسيما في بعض المناطق وفي أوساط بعض القبائل لمن ليس لهم نصيب كبير من العلم والدين حيث يمنعون المرأة – وخاصة المتزوجة – من الميراث، بل إن بعضهم يقسم التركة دون الرجوع إلى الشرع ولا يعطي المرأة شيئًا!.
فحرمان النساء من الميراث هو أحد مخلفات الجاهلية التي هدمها الإسلام وأعطاها حقها ونصيبها من الميراث.
ويقول الله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء:7].
فهذه الآية الكريمة أوجبت النصيب من الميراث للرجال والنساء، والمرأة سواء كانت زوجة أو أختًا أو بنتًا فلها نصيبها من الميراث، وهذا النصيب حق شرعي لها وليس منة أو تفضلاً من أحد، فلا يجوز لأحد أن يحرمها من نصيبها الذي قرَّرَهُ الشرع الحنيف.
إن كل من يحرم امرأة من نصيبها بأي وسيلة كالتهديد والوعيد أو بإجبارها على التنازل عن ميراثها، أو بالتحايل عليها لإسقاط حقها بما يسميه عامة الناس (إرضاء الأخوات) زورا وبهتانا؛ فهو آثم ومعطل لحكم الله في هذه القضية، ومتعد على كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم – وآكل لأموال الناس بالباطل.
وتعد هذه من الجرائم الكبيرة التي لا يرتكبها إلا ضعاف النفوس على شقيقاتهم وحرمانهن من الميراث، فلماذا يحرم الأخ شقيقاته من الميراث؟ وما موقف الشرع ممن يحرم أحد أقاربه من الميراث؟ كل هذه الأسئلة وغيرها محل نقاش مستفيض من قبل الكثير من الباحثين فقهاء الشريعة والقانون والمهتمين.
خاطرة:-
هذه واحدة من القضايا الاجتماعية المثارة في الصحف ووسائل الإعلام ،نتمنى أن تلقى صدى وآذان صاغية لدى الجهات المختصة ومن قبل علمائنا الأفاضل..وبالله التوفيق.

قد يعجبك ايضا