المدونة العالمية لآداب السياحة (1)

عبد الوهاب شمهان

في إطار نشر المعرفة والثقافة السياحية نحاول المساهمة في إعطاء صورة واضحة عن المدونة العالمية لآداب السياحة التي تم اعتمادها( بموجب قرار الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية في دورتها الثالثة عشرة التي عقدت في سانتياغو / تشيلي في الفترة من 27 سبتمبر إلى أكتوبر 1999م.والتي أكدت من جديد الأهداف التي نصت عليها المادة (3) من النظام الأساسي لمنظمة السياحة العالمية من لها دور مركزي وحاسم أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في تنشيط السياحة وتنميتها من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية والتفاهم الدولي والسلام والرفاهية والاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتوفيرها للجميع دون تمييز من حيث العرق أو الجنس أو اللغة او الدين . وأن السياحة تمثل قوة حيوية لإحلال السلام وعاملا لتعزيز الصداقة والتفاهم بين شعوب العالم .)
ولا بد هنا أن نؤكد أن العدوان على السياحة لم يكن جديداً فقد انطلق من العداوة لهذا الهدف أو المفهوم منذ أن بدأ انتعاش السياحة حيث كان الإصرار على ضرب السياحة وقطاعها في الجمهورية اليمنية دون تردد او تراجع او مهابة او خشية من المجتمع الدولي والذي كانت الولايات المتحدة ترى نفسها زعيمته وقائدة مسيرته دون منازع وذلك خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين والعشر الأول من القرن الواحد والعشرين والتي كانت شريكا في تشجيع وتطوير قدرات ما يسمى التنظيمات الإرهابية عبر استخباراتها واستخبارات دول أخرى مشاركة في هذا الإعداد لمسميات تتوالد وماهي إلا ميليشيات عسكرية قوية يمولها الاشقاء العرب وتستغلها الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق أهدافها الاستعمارية ودفع عملائها للقيام بدور المساعد والمصلح تارة وبدور حامل العصا الغليظة تارة أخرى معتمدة على تلك الميليشيات العسكرية، إلى تضاعف عددها وصارت جيوشا قوية وليس جيشا تمكنت من الانتشار في أكثر من قطر عربي حتى اصبحت لها فروع في ذات البلدان التي تمولها وتحميها وتدافع عنها .
ولقد تركز نشاط تلك المجموعات في اليمن على ضرب السياحة وتقديم صورة مكررة لحوادث الفتك بالسياح لتثبيت الصورة الذهنية بأن هذا البلد غير آمن للسياحة والاستثمار مما اعاق تعميق الصداقة مع الشعوب ومنع الاستجابة للاستثمار في اليمن وجعل من السهل ضرب هذا البلد دون التأثير على مصالح الدول ودون إثارة الشعوب التي شبعت بوهم أن البلد مرتع للإرهاب ومأوى له وشجع هذا عملية الحوار التي دارت داخل السجون وبقبول الدول الراعية لتلك الميليشيات العسكرية ، وصنع منها انتصارا وفي نفس الوقت تمكنت الدول الراعية من إخراجهم من السجون وإعادة تأهيلهم وتدريبهم وتمكينهم من زيادة نشاطهم وضم عناصر جديدة وابعادهم من التهم وفعلا كانوا أكثر حذقا واستيعابا لما هو مطلوب منهم وإن كان كلهم ينطلقون بدافع حماية الإسلام وإقامة الخلافة وتحقيق العدل واعادة المجتمعات الإسلامية إلى الإسلام الصحيح . إنها عملية بناء ظاهرة على الواقع ولم تكن في الخفاء وعلى مرأى ومسمع الجميع ولذلك فالمسؤولية تقع على الجهات المعنية في حينه التي تساهلت وأعطت مساحة مفتوحة دون رقابة لم يجدوها في بلد آخر ولكنهم لم يقدروا تلك الروح السمحة بل صبوا عليها الويل والثبور بتحريض خارجي متقن وهذا ما برز في كل من سوريا وليبيا والعراق بشكل رئيسي .وها هي اليوم قوة لا يستهان بها .
– ونعود للمدونة (وبمنطق التوفيق بين حماية البيئة والتنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر على نحو مستدام ، وفقا لما توصلت إليه الأمم المتحدة في (قمة الأرض) التي عقدت في ريو دي جانيرو في عام 1992م ولما تجلى في جدول أعمال القرن الحادي والعشرين الذي اعتمده المؤتمر أخذ أعضاء المنظمة العالمية للسياحة في الحسبان النمو السريع والمستمر الذي تحقق في الماضي او الذي يتوقع تحقيقه في المستقبل المنظور للنشاط السياحي سواء كان ذلك للأغراض الترفيهية او التجارية أو الثقافية او الدينية او الصحية والتأثير الشديد لهذا النمو سواء كان إيجابيا ام سلبيا على البيئة والاقتصاد والمجتمع في كل من الدول المولدة والمستقبلة .وعلى المجتمعات المحلية والسكان الأصليين وعلى العلاقات والتجارة الدولية وسعيا لتنشيط سياحة مسؤولة ومستدامة تكون في متناول الجميع في إطار حق كل فرد استخدام وقت الفراغ في الترفيه أو السفر مع ما تختاره الشعوب كافة لمجتمعاتها ).
– فكان النظر إلى السياحة بأنها صناعة يمكن أن تحقق المكاسب بالعمل في جميع البلدان (في بيئة تشجع اقتصاد السوق والمشاريع الخاصة والتجارة الحرة وتتيح التوصل على أفضل وجه إلى آثارها النافعة في خلق الثروة وإيجاد فرص العمل ، واقتناعا بأن السياحة المسؤولة المستدامة لا تتعارض مع التحرر المطرد في الشروط التي تخضع لها التجارة في الخدمات والتي تعمل مشاريع هذا القطاع في ظلها شريطة احترام عدد من المبادئ والالتزام بقواعد معينة وأنه من الممكن التوفيق في هذا القطاع ما بين الاقتصاد والبيئة وبين البيئة والتنمية وبين الانفتاح على التجارة العالمية وحماية الهوية الاجتماعية والثقافية ) .
– ومن ثم تؤكد المدونة في ديباجتها أنه تقع على جميع أصحاب المصلحة في تنمية السياحة من سلطات وطنية واقليمية ومحلية ومشاريع ومؤسسات أعمال ، والعاملين في هذا القطاع والمنظمات غير الحكومية وكافة أنواع الهيئات التي تنتمي إلى صناعة السياحة وكذلك المجتمعات المحلية المضيفة ووسائل الإعلام والسياح أنفسهم مسؤوليات متباينة وإن كانت مترابطة من حيث التنمية الفردية والمجتمعية للسياحة وأن تدوين حقوق وواجبات كل منهم سيسهم في تحقيق هذا الهدف .
– كما تسعى منظمة السياحة العالمية لتحقيقها منذ اعتماد جمعيتها العامة المنعقدة في اسطنبول سنة1997م للقرار 364( د12) فيما يتعلق بإيجاد شراكة حقيقية بين أصحاب المصلحة في التنمية السياحية بالقطاعين العام والخاص .لتشمل الشراكة العلاقات بين الدول المصدرة والمستقبلة وصناعتها السياحية بتعاون وانفتاح وتوازن.
ومن خلال هذه المقدمة نستشف اهمية السياحة ودورها في المجتمعات وفي عملية التنمية والاستثمار ودور القطاع الحكومي المؤسسي في التنمية السياحية واهمية الشراكة المسؤولة والمستدامة بين القطاع العام والخاص وبين الدول المصدرة والمستقبلة ، وسنواصل الموضوع في متابعة قادمة إن شاء الله .

قد يعجبك ايضا