جــبـلة.. مدينة التاريخ العريق تصارع الإهمال والعبث

*هيئة الحفاظ على المدن التاريخية : انتشار المخالفات سببها عدم تفاعل الجهات الضبطية بجبلة في إيقاف المخالفين

كتب / عبدالباسط محمد

تعاني معظم المدن والحواضر التاريخية اليمنية على امتداد الأرض والجغرافيا في هذه البقعة من الغالية التي تواجه اليوم اعتى وأبشع حرب متعددة الأوجه والميادين أثرت على مختلف مجالات الحياة بما فيها العمران الحديث والقديم ومنها المدن التاريخية العريقة التي تناقلها الآباء عن الاجداد عبر مئات السنين وحافظوا عليها لتكون اليوم اكبر الشواهد والأدلة التي لا لبس فيها على عراقة وأصالة هذا الشعب .
هناك من المدن التاريخية من تضررت بشكل مباشر وعنيف جراء هذه الحرب وبفعل العدوان الذي تعمد بحسب المعنيين قصفها بطائراته ومنها صنعاء القديمة وكوكبان وشبام حضرموت التي تضررت بفعل تفجيرات إرهابية لتنظيمات العدوان من داعش والقاعدة وأدواتها ، وهناك من المدن التاريخية من تضررت بشكل غير مباشر جراء العدوان وما سببه من أوضاع استثنائية غير سوية كان لها بالغ الأثر في إهمال تلك المدن وعدم الالتفات لها .
ازدياد وتيرة الإهمال
ففي مدينة جبلة تعاني مبانيها التاريخية العتيقة إهمالا وعبثا منظما اشتدت وتيرته خلال فترة العدوان بسبب ضعف استجابة الجهات الضبطية لإجرات الحفاظ وعدم اهتمامها في التعامل مع المخالفين والعابثين بالنمط التقليدي لهذه المدينة وبحسب مدير فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بإب احمد محمد النوعة فإن المخالفات المعمارية في جبلة ازدادت بنسبة لا بأس بها مقارنة بالأعوام السابقة ولو تردي الأوضاع الاقتصادية لدى سكان جبلة لكانت المخالفات لا حصر ولا رقم فقد أصبحت الجهات الضبطية لا تتعاون البتة مع فرع الهيئة في ضبط ومنع حدوث المخالفات بموجب قانون الحفاظ على المدن التاريخية وإذا ما خاطبناها لا تبدي اي تفاعل أو تحرك ، وقال : نريد ان نبين ان ما يحصل في مدينة جبلة من استغلال للوضع السيئ الذي نتج عن العدوان كان له بالغ الأثر في ازدياد المخالفات المعمارية وأصبحت المخالفات تنتشر في الكثير من الأحياء والحارات في المدينة وكان لانعدام إجراءات الضبط الدور الأساسي والبارز فيها فلا امن ولا نيابة باتوا يتعاونون معنا برغم من مخاطباتنا وتواصلنا معهم لضبط المخالفين ولكن لا يعملون شيئا حتى لم يعودوا يكلفون أنفسهم بالنزول لضبط المخالفين .
وأشار مدير فرع هيئة الحفاظ إلى ان الهيئة تقوم بعملها مع المخالفين بموجب ما حدده قانون الحفاظ فهي جهة فنية غير ضبطية وهناك جهات ضبط من اختصاصها ضبط المخالفين ومنعهم من تشويه الطابع المعماري بموجب مذكرة للضبط من قبل الهيئة وهو ما تقوم به الهيئة حاليا ولكن الإهمال في الجانب الضبطي الغائب حاليا .
وأضاف : من هذا المطلق نخلي أي مسؤولية أو تقصير من جانب الهيئة إزاء ما يحصل في جبلة فما هو اختصاص الهيئة تقوم به على أكمل وجه ، محملا إدارة الأمن والنيابة المسؤولية في ما يحدث من تشويه للطابع المعماري للمدينة . داعيا الجهات المعنية والسلطة المحلية بالمحافظة الى التحرك السريع والعاجل لإيقاف المخالفات المعمارية التي بات مرتكبوها بلا رادع ولا حسيب .
انتشار كبير للمخالفات المعمارية
وحقيقة تجولنا في مدينة جبلة مطلع الأسبوع الجاري وشعرنا بالأسى والحزن لما شاهدناه من مخالفات ومبانٍ اسمنتية خرسانة جديدة تنتشر في احياء وحارات المدينة ولا زالت هناك مبان في طور الإنشاء وأخرى أوشكت على الاكتمال في مشهد ينم عن مدى الإهمال الذي تعانيه هذه المدينة وقلة الوعي أو لنقل انعدام الوعي الحضاري لدى شريحة كبيرة من سكان المدينة الذين لا يدركون فداحة ما يرتكبونه بحق أنفسهم والأجيال القادمة ( تدمير للماضي وطمس للحضارة في المستقبل) تفريط كبير بكنز عظيم سترخي اضراره على المستوى الحاضر والمستقبل وستفقد الأجيال كنزا كانوا سينهلون منه ولا ينضب .
طوابق اسمنتية ثلاثة فوق سمسرة
وجدنا تحت مسجد القبة بناية كبيرة من الخرسانة المسلحة تمثل جريمة حضارية جسيمة بحق جبلة والأدهى من ذلك اننا عندما سألنا عن ماهية البناء الذي بنيت فوقه هذه الجدران الصامتة من الخرسانة المسلحة قيل لنا أنها بنيت على فوقي سمسرة تاريخية كانت بطراز معماري فريد عقود حجرية في كافة أرجائها وزخارف حجرية على جدرانها من الخارج طمست ملامحها وأضحت من الخارج وكأنها حديثة فقد بنيت فوق هذه السمسرة القديمة ثلاثة طوابق اسمنتية حديثة طغت على الأصل وأفقدته روحه وأصالته .

قد يعجبك ايضا