دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور في حوار خاص لــ»الثورة «:

حكومة الإنقاذ جاءت من تحت قبة البرلمان ولا شرعية لجماعة ارتبطت بالقاعدة وداعش

أجرى الحوار/محمد يحيى المنصور

محمد محمد إبراهيم

ساعة وربع، ليست كافية للإلمام بمصفوفة برنامجها العملي ومهمتها الإنقاذية، وإن كان زمن اللقاء مشتعلا بالنقاش الجاد السابر لأغوار الملفات اليمنية الشائكة في زمن العدوان والحصار.. غير أن معالي دولة رئيس مجلس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني الدكتور عبد العزيز بن حبتور الذي يقود فريق المهمة بهمِّة عالية لا تهاب عواصف التحديات وشحة الموارد، كان حاضر الذهن، ضليعاً باختزال تفاصيل المشهد العصيب الذي تعيشه البلاد، واقتضاب فضاء الإصرار الإداري والوظيفي والعملي الرصين وما تمخض عنه من تحولات المعادلة وتجلي المفارقات لصالح من يحمل قضية الأرض والإنسان والوطن، وباتجاه تجاوز عتمة هذا المشهد إلى ضياء النصر المبين..
صحيفة «الثورة» في لقاء استثنائي خاص مع دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد العزيز بن حبتور، ناقشت ملفات الوضع الاقتصادي الشاغل للناس، ومسار الرواتب وأزمة السيولة وأبعاد نقل مهام البنك المركزي إلى عدن، وحصار اليمنيين من المشتقات والدواء والسفر والعلاج في الخارج، وكذلك ملف الأمن والميدان العسكري وفي جبهات الدفاع عن الوطن وحقيقة ما يجري في ذباب، والشريط الساحلي الغربي.. وغيرها من القضايا ..إلى التفاصيل:

* دولة رئيس مجلس وزراء حكومة الانقاذ الوطني.. لنبدأ من سؤال الشارع اليمني اليوم هو سؤال الرواتب.. فضعنا أمام صورة عامة حول جهود الحكومة لحل إشكال تعثر رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين.. ؟
–  في البدء.. أشكر صحيفة «الثورة» على مستوى الديمومة والاستمرارية المهنية الطويلة رغم الظروف والصعاب.. هذه الشعلة التي رفعتموها في العنوان، وواصلتم مسارها على اعتبار أنها صحيفة معبرة عن اليمنيين بشكل عام.. فيما يتعلق بسؤال تعثر الراتب الذي يتكرر كثيراً.. أولاً نحن جئنا كحكومة إنقاذ وطني في مهام محددة، أولاها كيف ندعم جبهات القتال من الجيش واللجان الشعبية، ونعزز صمودهم في مواجهة العدوان السعودي على اليمن.. وهذا الدعم في نواحٍ عديدة، في الجوانب اللوجستية والجوانب التدريببة، لإعادة تأهيل بعض القطاعات من الجيش وافراد اللجان الشعبية والقبائل الذين يحضرون إلى ميادين الدفاع عن الوطن طواعية.. أما المهمة الثانية فهي الملف الاقتصادي وعلى رأس أجندة هذا الملف الرواتب، والحفاظ على المؤسسات الإيراردية بشكل منتظم وتعزيز روافدها.. وبالتالي كان القرار الأول في هذا المسار لحكومة الانقاذ الوطني باتجاه عملي اجرائي يترجم برنامج الحكومة المقدم للبرلمان يقضي بتعزيز موارد الدولة لحل معضلة السيولة.. وحاولنا منذ اليوم الأول تركيز البحث في ما هو لنا وما هو علينا.. البنك المركزي لم تكن به سيولة نقدية سوى مليار وثلاثمائة مليون ريال.. لأن القرار التعسفي الذي اتخذ في الرياض بشأن نقل مهام البنك المركزي اليمني إلى عدن.. أثر علينا في جانب العملة الصعبة، والعلاقات القائمة مع المؤسسات الخارجية، وحتى في العملة المحلية حصل فيها بسبب عوامل عديدة انكفاء وعدم تدفقها إلى البنك المركزي، فسعينا بجدية من خلال القرار رقم «2» لمجلس الوزراء إلى توحيد كل الموارد وتحويلها إلى البنك المركزي، لتبدأ دورة السيولة بالحركة من جديد…
* مقاطعاً- حتى اللحظة أين وصلت ثمرة هذا القرار.. فيما يتصل بحجم الإيرادات ..؟
–  استطعنا من خلال هذا القرار تحريك كل المؤسسات الإيرادية، حركنا جهاز الجمارك وكان غير مفعل، حركنا الضرائب التي كانت فيها إشكالات واختلالات كبيرة.. درسنا بصورة عاجلة ملف التهريب الذي أصبح ظاهرة متواصلة كأنها أمر طبيعي، وحاولنا التعامل بشكل مسؤول وصارم مع الأحزمة والمنافذ التي يتدفق منها سيل السلع المهربة، واستطعنا إغلاقها، وأن نحقق إيرادات في شهر ديسمبر تجاوزت أربعمائة مليار ريال يمني..
* هل هذا الرقم يعد سيولة ناجزة..؟
–  طبعاً هذا الرقم ليس عملة «كاش» أو سيولة ناجزة، بل يتوزع بين تحويلات وشيكات وسيولة نقدية.. فقد تدفقت التحويلات –سواء عبر الشيكات أو التحويل الرقمي- من الشركات الخاصة والعامة والمؤسسات الحكومية والمختلطة والوحدات الاقتصادية وغيرها.. وهذا هو المال الحقيقي.. ما يعني أننا تجاوزنا مراحل الخطر كلها.. يبقى الجانب الآخر المتعلق بالسيولة والتي فيها إشكال كبير لأن حجم الكتلة النقدية المتداولة المفترض أن تكون طبيعية تصل إلى نحو «تريليون وثلاثمائة» مليار ريال.. وهذا الرقم في الحقيقة يخرج من البنك المركزي ليأخذ مدى زمنياً لا يتجاوز ما بين أسبوع إلى شهر ثم تعود دورته عبر البنك المركزي.. لكن هذه المبالغ لم تعد في دورتها الطبيعية بعد، بسبب أن العدوان كان يريد تركيع الشعب اليمني من خلال هذه النقطة الاقتصادية عبر احتلال جزء من الخارطة الإيرادية للبلد، وضرب ريع الخزينة العامة عبر إغراق السوق المحلية بسلع تدخل خارج الدوائر الجمركية والضريبية.
* كم تقدرون حجم الموارد التي سيطرت عليها قوى العدوان..؟
–  العدوان السعودي ومن تحالف معهم يقودون عدواناً اقتصادياً ظالماً على اليمن.. سيطروا على المنافذ في عدن والمكلا والشحر.. منافذ التصدير والاستيراد وأيضا الممرين الرئيسيين من عمان ومن الوديعة.. وكذلك أغلقوا مطار صنعاء الدولي ودمروا المطارات الأخرى.. وبالتالي احرموا موازنة الدولة جزءاً كبيراً من ريع هذه الموارد.. ثم سيطروا على حقول النفط والغاز، وبالتالي هم يقومون بالتصدير المعلن والخفي.. وهذا الموضوع أثر كثيراً على الموازنة العامة ..
* كم يقدر الرقم..؟
–  لا يوجد رقم محدد.. لكنها بالطبع مليارات الدولارات..
* هل هناك إجراءات اتخذتها حكومة الانقاذ الوطني فيما يتعلق بمسألة الحد من تسرّب بقية الموارد من المناطق المسيطر عليها العدوان أو التي يحاول السيطرة عليها..؟
–  نعم.. تم ضبط هذا الموضوع بإجراءين إثنين، الأول: قمنا بتفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة التهريب وأعدنا تشكيل قيادتها من جديد ومن الجهات المالية من الضرائب والجمارك من الأمن الشرطوي، والسياسي ، والقضائي «النيابة»، كل هذه الأطراف تلعب دوراً في هذه الموضوع.. وأيضا من خلال الآلية التي اعتمدناها منذ اللحظة الأولى.. المتمثلة بعمل نوع من المقارنة بين الوثائق التي يحملها من يستورد البضائع عبر ميناء الحديدة ومن يستوردها عبر ميناء عدن.. والفارق الواضح بالأرقام في الفواتير والتي لا يستطيع أحد تزويرها لأنها أرقام عالمية بمعيار المدى الزمني، كم يجب أن تدفعه خلال فترة عبور حركة البضاعة من ميناء المنشأ إلى ميناء الاستيراد، ومن خلال هذه الفوارق يلتزم المورد بإيصال استحقاق خزينة الدولة من الضرائب والجمارك.
ملف التهريب
* أشرت إلى تفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة التهريب.. ولكن عبر تشكيلها من الأطر القيادية العليا في الجهات المالية والأمنية وبرئاسة مجلس الوزراء.. فكيف ستتحرك الهيئة دون وجود كيان مؤسسي مستقل..؟ وهل هناك آليات إدارية تساهم في تنشيطها..؟
–  بالنسبة للهيئة نحن اتخذنا القرار القاضي والنافذ بفعليها وعبر الجهات المعنية.. التي يتواجد ممثلوها على كل المداخل الرئيسية للبلد .. حتى في المحافظات الجنوبية… آفة التهريب صارت دولية وعالمية لها طرقات وأساليب وحيل وسماسرة، ولها تجارها.. كانت هذه الآفة إلى قبل تفعيل الهيئة أكثر توغلاً في السوق بفعل انشغال مؤسسات الدولة بما تشهده من تدمير ممنهج قصفا وحصاراً.. فإذا افترضنا أن هناك مائة قاطرة مهربة تدخل العاصمة صنعاء، لا يتم ضبط سوى خمس قاطرات من المائة.. حتى هذه الخمس القاطرات تخرج بمساومات ومفاوضات.. اليوم موضوع ضبط هذه العملية وصل إلى 70% والشيء الآخر في مشكلة التهريب، هو أن الموانئ مفتوحة على البلد وبعض السفن الوسطية تستطيع أن تقف في عرض البحر والصغيرة تنقل ما تحمله هذه السفن وبالتالي أي شاطئ متاح في الظروف الطبيعية أما في ظل العدوان والحصار فقد أصبح التهريب تجارة رائجة بل جزءاً من الحرب العدوانية في المجال الاقتصادي.. غير أن الحرب الاشرس عدوانية والتي يمارسها تحالف العدوان السعودي، هى موضوع البنك المركزي وموضوع السيولة.. وهي الحرب الأهم التي حاول العدوان الضغط بها على المجتمع اليمني….
* على ذكر البنك المركزي.. ما حقيقة رفضكم.. إعطاء جماعة عدن البيانات..؟!
–  أولاً نحن لا نعترف أصلاً بهؤلاء.. هؤلاء عبارة عن مجاميع من العملاء والمرتزقة يعملون مع دول العدوان وبالتالي هم غير مأمونين.. نسلمهم ماذا؟! رقاب الشعب اليمني، مسألة الرواتب مرتبطة بالوظيفة العامة، بحقوق المواطن، بحاضره، بمستقبله، بمعيشته.. وفيما يتعلق بمسألة نقل مهام البنك المركزي إلى عدن.. ليس هناك ثمة أساس فني ولا إداري ولا قانوني ولا موقع يستطيعون أن يعملوا عليه شيئاً للناس، هذه مجموعة هاربة سواء أكانت في الرياض أو في عدن في المعاشيق فهي محمية بقوى محتلة من الإمارات والسعودية والجنجويد، وبالتالي.. نعطي من..؟! العاصمة صنعاء وأجهزة الدولة السيادية والوزارات والمؤسسات والوثائق المتعلقة بها تبقى في صنعاء.. كل هذه الوثائق موجودة في صنعاء وملك هذه الأجهزة.. ولن نتخلى عن شيء منها..
*  ماذا رددتم على جماعة عدن بخصوص البيانات..؟!
–  كما أشرت لكم في البداية نحن لا نعترف بمن يدعون أنهم سلطة شرعية ويعيشون في المعاشيق وفي فنادق الرياض وبقية عواصم الدول المعتدية.. هؤلاء لا يمثلون لنا أي معنى أو قيمة، العاصمة في صنعاء والوثائق ملك الوزارات في صنعاء وبالتالي ليس هناك أي أثر لأي منشور يصدرونه بشأن البنك المركزي ولا بشأن الخدمة المدنية ولا بشأن وزارة المالية وبالتالي هم أدوات فقط.. وهدفهم من أي إجراء الإضرار بالمواطن اليمني.. وردنا واضح بأننا لن نمكنهم من أي وسيلة يستطيعون عبرها الإضرار بالشعب اليمني.. على الاطلاق..
* وماذا عن حقيقة أنهم طبعوا مائتي مليار ريال.. عبر روسيا..؟
–  نعم.. طبعوا ذلك.. وهذا إجراء ضمن مصفوفة من سلسلة إجراءات لخنق الشعب اليمني بغية ايصاله للفوضى..
* كيف سمحتْ روسيا بهذا.. وهي صديقة.. ؟!
–  الحقيقة.. ربما هناك تفاهمات وسيناريوهات يتم العمل بها بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وبين بعض الدول الإقليمية، بأن يحولوا جزءاً من هذه المبالغ إلى عدن وجزءاً إلى صنعاء .. على اعتبار أن الناس مسؤوليتهم في العرف العالمي وفي أي مكان في العالم، ووفقاً لقوانين الأمم المتحدة، وبهذا يحاولون أن يكونوا عادلين حتى في قتلنا، يكون هناك قدر من العدالة وتوزيعها.. هذا احتمال من السيناريوهات لكن المجلس السياسي ممثلاً برئيس المجلس الاستاذ صالح الصماد، وجه رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهذا الشأن، ونحن ووزير المالية وجهنا مذكرة إلى رئيس الوزراء الروسي مدفيدف بهذا الشأن.. ونحن معترضون من حيث المبدأ على طباعة الورق وتحويلها إلى أماكن تسيطر عليها عملياً تنظيمات القاعدة وداعش، وهي تنظيمات غير مؤتمنة، لا كأشخاص، ولا كوضع أمني.. وبالتالي كأن روسيا اليوم تقدم هذه الأوراق والكتلة النقدية لجماعات لا شرعية لها، وفي منطقة قريبة من التنظيمات الإرهابية.
* لكن البعض يرى أن هذه توجهات مدعومة دولياً باتجاه تشطير وحدة موارد البلد المالية.. كخطوة أولى للإنفصال..؟!
–  ليس لهذا الإجراء علاقة بالتشطير.. نحن نعتبر البنك المركزي في عدن أو في غيرها من المحافظات فروع للبنك المركزي في العاصمة وبالتالي نستطيع أن نضع هذه الأوراق المالية كسياسة نقدية في المهرة أو في مارب أو في الحديدة أو في إب أو في العاصمة صنعاء.. فهذا الموضوع سهل ولا مجال للتفسيرات فيه، لكن الممارسة التشطيرية الخطيرة التي تقوم بها الحكومة غير الشرعية في عدن.. هي أن يصرفوا رواتب للوحدات العسكرية التي أطروها عبر الإماراتيين، حتى أفراد الجيش الموجودون هناك وبعضهم موجود يقاتل النظام الشرعي في صنعاء لا يستلمون أي مستحق.. بما يعني أن المستحقات تصرف لتلك المليشيات.. لا تصرف للموظفين العاملين في الجهاز الحكومي في صنعاء ولا يصرفون للمؤسسات العسكرية الموجودة في المحافظات الجنوبية والشرقية.. فهؤلاء مستحقاتهم تأتي من صنعاء، ونقولها ليس منّة على ذلك، لكنها مسؤولية أخلاقية ومسؤولية اجتماعية وسياسية ووطنية تقوم بها حكومة الإنقاذ الوطني، نحن على سبيل المثال صرفنا مؤخرا التعزيز الخاص بالمتقاعدين في الجمهورية كلها.. بدون استثناء وتم التعزيز من البنك المركزي اليمني، وهيئة التأمينات والمعاشات هنا في العاصمة صنعاء..
العقلاء وضياع الهوية
* هذه المفارقة- معالي دولة رئيس الوزراء تقودنا إلى سؤال حول الجنوب الوطني الذي يبدو اليوم بلا رأس أو بلا عقلاء.. الكل اندفع في صف العدوان وشعارات التبعية الجلية للإمارات، وللسعودية، ولقطر.. فهل فقد الجنوب هويته تحت ضغط المال الإماراتي والسعودي والقطري..؟! وكيف تقرأون مشهد اليوم في جنوب الوطن..؟
–  هذا سؤال مهم ومحوري في المشهد اليمني.. أولاً المحافظات الجنوبية والشرقية بالإضافة إلى أجزاء من مارب وتعز، واقعة تحت الاحتلال بكل معايير الاصطلاح.. هم انزلوا الدبابات، الطائرات والمعدات العسكرية، ومولوا ما أسموه بالجيش الوطني الذي لا يعدو عن كونه مجرد مليشيات مسلحة، هم مولوا التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش والقاعدة.. لذلك صوت التبعية والعمالة هو الذي تسمعه اليوم وهو مدجج بالمال والسلاح الخليجي، فبدا بسبب هذا المال وكأنه الصوت الوحيد في جنوب وشرق الوطن المحتل.. أصحاب هذا الصوت ليسوا سوى عبارة عن مجاميع لا تتجاوز ما بين 8-11% من سكان هذه المحافظة، هذه النسبة مبنية على أساس المجاميع التي التحقت بدول العدوان، وهي من بعض الشرائح التي كانت تسمي نفسها الحراك الجنوبي المسلح، وليس السلمي، الحراك السلمي جزء منه في صنعاء وجزء في الخارج، ولكن الحراك المسلح المطالب بتشطير الوطن أو ما يسمى بفك الارتباط، تحولوا إلى عملاء ومرتزقة وأنت تشاهد كيف ساعدهم المال والسلاح ومن ثم الإعلام.. وحولهم إلى فئة تقوم بأبشع الأعمال التنكيلية ضد المواطنين، ضد 90% من المواطنين، فلا يمر يوم واحد إلا وتأتينا معلومة عن اقتحام عدد من المنازل، وعدد من الشقق لمواطنين يمنيين من كل المحافظات، جنوبية وشمالية وغربية وشرقية.. هذه العمليات هي التي تشاهدها يومياً.. يخطفون الشباب ويعذبونهم، ولا يسمح أن تؤخذ من هذه الأجهزة القمعية أية معلومة عن هذا المختطف أو ذاك.. وبعد شهر يوجد شبه إنسان بعد التعذيب أو جثة هامدة في أحد الشواطئ أو أحد الطرقات.. هذا الحال جعل 90% من سكان هذه المحافظات والمناطق، يخافون ويسكتون.. فلو أن واحداً تفوه بأن النظام السابق كان يؤمن لنا الطريق والمعيشة والجانب الأمني.. مباشرة يقولون هذا خلية تابعة للحوثي وعلي صالح.. طبعاً نحن ندرك أنه لولا هذا الاحتلال السعودي الأمريكي البريطاني المدعوم بالمال القطري والإماراتي والسعودي.. لن يصمد هؤلاء لأقل من أسبوعين أمام غضب الشعب اليمني.. وممكن تتم تصفية هذه المناطق من حركة داعش وتنظيم القاعدة وهؤلاء الذين تحولوا إلى أشبه بخدم لقوى العدوان والاحتلال في ظروف قصيرة وبأقل الخسائر..
* لم تجبن عن سؤالي معالي دولة رئيس الوزراء.. أين ذهبت نخب المحافظات الجنوبية والشرقية.. فلا صوت يبدو معقولاً باستثناء علي ناصر محمد.. حتى الأصوات الانفصالية كالعطّاس والبيض والجفري وغيرهم الذين نادوا بفك الارتباط اختفوا أثناء هذا الاحتلال الإماراتي والسعودي..؟!
–  يا أخي من ارتهن للخارج لا يستطيع أن يقول رأيه، هؤلاء يستلمون رواتبهم ومستحقاتهم من دول العدوان فماذا تنتظر منهم..؟! ليس شرطاً أن يكون ينتمي لحزب من الأحزاب.. هذه الحرب العدوانية العبثية ضد اليمن، كشفت عن هذه الرموز التي أشرت إليها.. هؤلاء موظفون يعملون بأجر شهري مع دوائر استخباراتية صغيرة.. فمن خرج من الوطن من أجل أن يعمل ضده فلا خير فيه، فهو عميل وفاشل.. كان بإمكانهم أن يتقبلوا الهزيمة، ويجلسوا في صنعاء التي تحتضن كل أطياف اليمن، وفيها قوى مناهضة للمجلس السياسي لأنصار الله ومناهضة للمؤتمر الشعبي العام ومناهضة لحكومة الإنقاذ الوطني وبالتالي تجدها مكرمة معززة في مساكنها تقوم بعملها وتتحدث برأيها.. وهذا ليس إطراء بأن هذا النظام جنّة، لكنها الحقيقة والناس تستطيع المقارنة بين شوارع وضواحي صنعاء وبين شوارع وضواحي عدن.
وبالعودة إلى هذه الرموز والأصوات، فعلي ناصر محمد لا يستطيع إلا أن يكون وحدويا لأسباب تتعلق بطبيعة شخصيته وثقافته بالإضافة إلى كونه من أول الشخصيات الوطنية التي وقعت على اتفاقيات الوحدة في ليبيا عام 1972م، لكن ما سواه فهم يتلونون بلون الذهبي أو الأخضر أو الفضي، بلون المبالغ التي يحصلون عليها، فهم لم يكونوا يوماً من الأيام ذوي حظوة في الشارع اليمني، هناك غوغاء، وهناك مستفيدون من هذه الأصوات الانفصالية .. أنا قلتها في 2011م في أحد اللقاءات الصحفية.. قلت: من يريدون الانفصال لا يتجاوزون الـ30% وأنا أعطيتهم رقماً كبيراً.. ولكن يمكن يكون هناك 60% ليسوا راضين عن معيشتهم، وعن حالهم بسبب بعض السلوكيات الصادرة عن الشخصيات النافذة في صنعاء وأضرت بقيمة الوحدة ورسالتها فكانوا يقولون من أين يأتي الدكتور بهذه المعلومة..؟! .. لكن أنا أصحح اليوم هذه المعلومة، فهم لا يتجاوزون 10% لكنهم ظاهرة صوتية عالية وتربيتهم تربية قمعية وقادتهم ينكلون بأي صوت يخالفهم حتى من الحراك الجنوبي ذاته.. خلاصة القول: إن هذه الحرب العدوانية كشفت عن معادن العديد من السياسيين المتاجرين بالقضية كقضية.. كما كشفت عن زيف الادعاء بالأفكار.. وإلا كيف يمكن أن تفسر تربية أعضاء الحزب الاشتراكي على معاداة الرأس مالية والإقطاعية في السعودية، ويأتي أمين عام الحزب الاشتراكي يقدم القسم الدستوري، وهو يشاهد السيفين والنخلة أمامه وصورة الملك الذي «نظرياً ناصبه العداء النظري والفكري».. أيضاً الفكر الناصري قام على معاداة الرجعية وتأتي الناصرية في اليمن ترتمي في أحضان القاتل الحقيقي للحمدي.. لقد تحولت هذه الإدعاءات إلى أكذوبة.. من فوائد العدوان أنه كشف عن طبيعة الفكر الزائف الذي روج له اليسار وروجت له السعودية أكثر من أربعة عقود.
الحصار الاقتصادي
* بالعودة إلى ملف الحصار الاقتصادي هل لدى حكومة الإنقاذ الوطني تصور لاجتياز الحصار الاقتصادي خارجياً..؟
–  هناك تواصل جدي مع العديد من الدول وقد أبدت استعدادها لتأمين حسابات المواد الأساسية للاستهلاك الشعبي.. وبالتالي تجاوز الحصار في هذه النقطة أصبح وشيكاً.. فقط جوانب إجرائية بيننا وبين هذه الدول.. نحن نواجه أبشع حصار غير أخلاقي، لا يستند إلى أي مصوغ قانوني أو إنساني، ينطلق من أن دول العدوان تغالط العالم لإلباسنا لباساً ليس لنا، تحت ذرائع واهية.. نحن لا نقاتل لأجل مال أو نفوذ أو لسواد عيون أي قوى خارجية نحن نقاتل على هويتنا ووجودنا، على كرامتنا ولذلك ينتصر الكلاشنكوف على الابرامز.. لا يمكن لأحد من صناع احدث الأسلحة.. ان يتقبل هذه المفارقة.. الأرض تقاتل مع المواطن اليمني البسيط.. السلاح الخفيف يتحول إلى سلاح فتاك بيد هذا الجندي الفدائي المجاهد المسيج بالوعي، بأهمية وضرورة الاستماتة دفاعاً عن الأرض، لأن الأرض مرتبطة بالعرض والكرامة والهوية والتاريخ والحاضر والمستقبل.. هم يحاولون الآن منع الإمدادات الطبية والدواء والمشتقات والغذاء.. وبالتالي الاستشهاد في اليمن لم يعد بسبب قصف طيران العدوان للمنازل والأسواق والمدارس.. بل يستشهد المواطن الذي لا يجد الدواء أو جرعته لغسيل الكلى، الذي لا يجد دواء الضغط، والقلب، المواطن الذي لا يجد فرصة السفر للخارج للعلاج الاضطراري، فإغلاق مطار صنعاء حرم 27 مليون شخص يمثلون الكتلة البشرية اليمنية الموجودة في الهضبة اليمنية (صنعاء وعمران وحجة صعدة وذمار وإب وتعز والبيضاء ومارب والجوف) وبمعدل 85% من السكان وبالتالي أنت تمنع هذا العدد من اليمنيين من الذهاب إلى مطار سيئون أو عدن.. صحيح هي أرضنا المحتلة.. لكن المواطن الذي سينتقل من حجة أو من عمران أو من الجوف وهو مصاب بمرض يستدعي السفر للخارج.. ويقطع مسافة برية 24 ساعة كي يسافر جواً من مطار عدن أو سيئون.. أليس هذا انتهاكاً لحقوق الإنسان..؟! هذا النوع من الحصار هو محاولة لكسر القدرة الصمودية لدى المواطن اليمني ومع ذلك لم يستطيعوا ولن يستطيعوا..
– الحصار الاقتصادي سيفرج قريباً
ذباب وحلقات الحصار
* ذكرت أن الحصار الاقتصادي سيفرج قريبا في الوقت الذي يتحدث الإعلام السعودي ومن تحالف معهم عن حشود وأعمال عسكرية لإسقاط الشريط الساحلي الغربي بدءاً بذباب ووصولاً إلى ميناء المخا والصليف والحديدة وميدي.. ما يعني أن هناك تحركات خطيرة تحاول إحكام السيطرة على الساحل الغربي لاستكمال حلقات الحصار البحري.. فهلاّ أعطيتنا تفاصيل ما يجري في الساحل الغربي وبالذات في «ذباب»..؟!
–  ما يجري في «ذباب» والساحل الغربي، أسطورة نصر وصمود أخرى، سيكتب عنها التاريخ، الآن وفي لاحق الزمن.. أنت تتخيل هذه الأسلحة التي أتت بها دول العدوان وبالذات الإمارات.. خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية وفي البحر، تتمزق بأسلحة خفيفة بيد الجيش اليمني.. فالإحصاءات المؤكدة من معارك النصر في «ذباب» تشير إلى أن عشرات الآليات والمعدات العسكرية الحديثة ما بين دبابات ومصفحات وناقلات جُند ودبابات محمولة وأطقم، وهذه المعلومات لا تخرج عن الواقعية على الإطلاق، الأهم أنه بعد أن تم تدمير هذه المعدات، هرب المعتدون الذين حاولوا السيطرة على «كمب» أي بعض أمتار، فروا مدبرين وتركوا جثامين قادتهم وأصحابهم، في العراء وفي عرض البحر، وتفضل مشكوراً محافظ محافظة لحج المناضل الوطني أحمد جريب بحمل جثمان «الصبيحي» وسلمه لأسرته.. هؤلاء معتدون ومرتزقة لا يحملون قضية وهذا هو الواقع.. فمن حمل قضية سيستميت عليها.. ولذلك أفراد الجيش واللجان القلائل- والعدد في الليمون كما يقولون- هم من يحملون قضية، فالجندي الذي يموت بخطة عسكرية محكمة ويحمل فكرة وطنية ودينية عميقة سيستمر في الصمود ويدمر أي شيء يقترب منه.. لكن هؤلاء الذين يقاتلون بلا قضية لأنهم ارتهنوا للعدوان لن ينتصروا.. فهيثم مثلا اليوم مرتزق إمارتي، بعد أن كان وزير دفاع يمني، وانهزم في مشروعه الانفصالي الصغير في صيف 94م.. فذهب وأخذ الجنسية الإماراتية وأعطوه المال والسكن وأرادوا المحافظة عليه، حتى احتاجوه اليوم في عدوانهم على اليمن بعد أن «علفوه» منذ 94 – 2016م، فذهب في ركب عدوانهم باتجاه ذباب.. فماذا حقق..؟!! الهزيمة.. حتى أنه عجز عن نقل جثة قائد الحملة الميداني «الصبيحي» بعد مصرعه، بل تركه وهرب.. فهؤلاء محروقون، وأسماء على ورق، ليست مرتبطة بقيمة اجتماعية أو إنسانية أو أخلاقية.. وبالمناسبة هيثم ينتمي لمنطقة يمنية أصيلة من ردفان لكنه لم يحمل قيمها وفكر أهلها الوطني، ولدينا من هذه المنطقة أحرار ورموز وطنية، ومنهم نائب رئيس المجلس السياسي الدكتور قاسم لبوزة وهو مناضل غيور وصلب.. وهذه المفارقة تؤكد معادلة مفادها أن من كان وطنياً غيوراً يبقى بجوهره، ومن ارتزق يوماً ما يظل مرتزقاً طوال حياته.. ويجب أن يدرك المرتزقة حقيقة أنهم لن تقبلهم أرض ولن تحميهم سماء حتى وإن كان في تاريخهم شيء إيجابي في الزمن الماضي فقد قضوا عليه من خلال تآمرهم على الوطن ووضع أيديهم في أيدي القوى الغازية والمحتلة اليوم..
مشاورات السلام
* ملف العمل السياسي ومفاوضات السلام.. ما هو الجديد في هذا الاتجاه..؟!
–  بالنسبة لهذا الموضوع هناك عمل سياسي جار متمسكون، فقد بعث وزير الخارجية اليمنية المهندس هشام شرف إلى ولد الشيخ بمذكرة واضحة، تفيد بأن المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني نقلت الملف إلى وزارة الخارجية اليمنية، كي يكون هناك تفاوض بين دولة معتدى عليها ودول معتدية والموضوع يسير بهذا الاتجاه، ونحن متمسكون بهذا الأمر.. وهم يريدون العودة إلى فكرة أن هناك أحزاباً متمردة ونتفاوض مع ممثلي هذه الأحزاب، ونسوا أن الموضوع تغير وتبدل جماهيريا وشعبيا ودستورياً.. فقرار الحزبين الرئيسيين «أنصار الله، والمؤتمر الشعبي العام» وبتوجيه واضح من السيد عبدالملك الحوثي والزعيم علي عبدالله صالح، هو الذي قطع الطريق أمام الاجتهادات الفردية، هذا القرار تأسس بموجبه المجلس السياسي الأعلى وبموجبه اقسموا اليمين في البرلمان المنتخب شرعاً من الشعب اليمني -من سقطرى إلى صعدة، من الوديعة حتى جزر حنيش وكمران وسط البحر الأحمر-.. كما نتجت عن هذا الاتفاق والمجلس، حكومة الإنقاذ الوطني التي أخذت مشروعيتها من قبة البرلمان، بناء على برنامج تم التصويت عليه، بأغلبية ساحقة ليتم بعد ذلك منحها الثقة والمشروعية الدستورية.. الآن ليس هناك مبرر لا لدى ولد الشيخ ولا لدى السعودية ولا غيرها لأن تتعامل مع ما تطلق عليها «مليشيات انقلابية» ويجب عليها أن تدرك أنها تتعامل مع سلطة شرعية نبعت من إرادة شعبية، نحن لن نقول لهم راجعوا ميدان السبعين أو ميدان التحرير أو الستين والحشود الجماهيرية التي شهدتها هذه الميادين، نحن نتحدث معهم بلغة القانون المقرة في الأمم المتحدة، التي تدرك وتعترف أن لدينا برلماناً شرعياً هو المخول دستورياً في نزع الثقة والسلطة أو منحها..
* هم يقولون أن البرلمان هو من منح هادي الشريعية أيضا.. فما هو ردكم على ذلك..؟! وكيف تفسرون اصرارهم على العدوان والمغالاة في المغالطات..؟!
–  صحيح البرلمان اليمني منح هادي الشرعية المزمنة التي انتهت وهم يعرفون ذلك.. والبرلمان أيضا هو الذي منح المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني الشرعية والسلطة.. وبالتالي عليهم أن يتعاملوا مع الواقع كواقع..
أما تفسير هذا الإصرار والمغالطات فلا يخرج عن كون الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب واضعاً في خطته القادمة.. الضغط باتجاه إيقاف هذه الحرب الظالمة، وهم يحاولون أن يستعجلوا الحصول على انجاز معيّن، في الزمن الضائع وقبل أن يغادر الرئيس أوباما الذي لا أخفي إعجابي به كإنسان جاء من طبقة فقيرة جداً، ويحكم أقوى دولة في العالم.. لكن هذا الشخص الذي تضامنا معه هو أسوأ رئيس للولايات المتحدة الأمريكية عبر التاريخ والذي اغرق الوطن العربي في دوامة من الدماء والدموع والموت الجماعي .. من خلال ابتلاع البحر والحرائق والدمار لهؤلاء الناس، واليوم.. سيغادر غير مأسوف عليه وستأتي حكومة جديدة لها مصالحها التي تدعم إسرائيل ضد الوجود العربي والفلسطيني، لكنها لا تحبذ العمل مع قوى تنتج الفكر الإرهابي والوهابي وهي السعودية..
العفو العام والمصالحة الوطنية
* على صعيد الحوار اليمني – اليمني أو المصالحة الوطنية.. أين وصل قرار العفو العام..؟!
–  المصالحة الوطنية، بلجانها المنبثقة عن المجلس السياسي الأعلى تسير بشكل جيد.. وهناك إفراج مستمر للمغرر بهم الذين تم القبض عليهم في جبهات القتال بصف العدوان، وأدركوا خطأهم وقرروا الاستفادة من قرار العفو العام والعودة إلى جادة الصواب سواء في العاصمة صنعاء أو الحديدة أو تعز أو إب.. الأمر الآخر هو أن موضوع الحوار مع السعودية أو مع الأطراف التي تمثل السعودية، يتعلق بمدى قبول المعتدين بالحوار والجنوح إلى السلم، لكن السعودية تأبى الحوار وتروج بأن يكون يمني – يمني، وهي بذلك تتهرب من تحمل المسؤولية الأخلاقية والجنائية التي باتت تتحملها بموافقة ضمنية عالمية.. ونحن متمسكون بمظلومية الشعب اليمني المحاصر والمعتدى عليه.. وأن الذي يقتلنا هو السعودية والعملاء الذين هم أدواتها، مثلهم مثل جنود «البلاك ووتر» و»الجنجويد» وغيرهم من المرتزقة الدوليين، جاءوا بفلوس السعودية والإمارات وقطر والبحرين.. هؤلاء هم من يقتلون الشعب اليمني بأوامر دول تحالف العدوان.. إذاً من يقوم بالقتل الجماعي والتدمير المتعمد، عليه أن يتحمل كافة المسؤولية الأخلاقية أولاً من خلال إيقاف العدوان، ثانياً رفع الحصار، ثالثاً تحمّل كل التبعات الأخلاقية والجنائية وإعادة إعمار اليمن.. دون ذلك لن يكون هناك سلام في الجزيرة العربية على الإطلاق.
الجبهة الإعلامية
* بعد عامين من العدوان.. وفي ظل الظروف الصعبة عملت الجبهة الإعلامية المتمثلة في المؤسسات الإعلامية، بطاقة قصوى وبنجاح مشرّف.. وفي نفس الوقت تعاني من شحة الموارد حتى اللحظة.. كما أن القطاع البشري الإعلامي تضرر كثيراً من هذا العدوان.. فمثلاً لم تستلم مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر سوى 20 مليون ريال خلال 2016م، بينما كانت موازنة المؤسسة تصل إلى مليار وسبعمائة مليون ريال… فما الذي بوسع حكومة الإنقاذ أن تقدمه لمؤسسة الثورة خاصة.. والمؤسسات الإعلامية بصفة عامة .. ؟!
–  أسجل في هذا المقام إعجابي وتقديري لما قدمته الجبهة الإعلامية ممثلة بمؤسسات الإعلام اليمنية وأجهزتها المرئية أو المطبوعة أو المسموعة من عملٍ جبار في مواجهة العدوان وفضح جرائمه.. وأنا أهنئ هذه المؤسسات والقائمين عليها بشرف هذا الاستبسال وهذه القوة الداخلية الدافعة.. وأنا أعرف أن هناك معاناة شديدة يتحملها اخواننا في جهاز الإعلام.. الإشكال.. وكما تعرفون هناك ظرف صعب وِضْعنا في مربعه في زمن العدوان.. لكنني أود التأكيد في هذا السياق على جملة من النقاط أولاها اننا لم نرسم بعد سياسية إعلامية بشكل واضح، بعد مجيء حكومة الإنقاذ الوطني.. وأنا حددت عدداً من اللقاءات لكن لم تتم بسبب انشغالات الأطراف، وسنعكف عليها خلال الأسبوع القادم بإذن الله، لكي تكون الصورة واضحة، حول ماهية السياسة الإعلامية التي يجب أن نسير عليها تواصلاً مع ما تم انجازه خلال الفترة الماضية.. أما النقطة الثانية سيتم اللقاء بكل القيادات الأساسية في وزارة الإعلام من الوزير إلى النائب والوكلاء إلى رؤساء الأجهزة، إلى الصحفيين والإداريين وسنعرض هذه القضية ونناقشها بعمق، لأن الإعلام هو الوجه المكمل للمعركة العسكرية.. وهو يقوم بعمل مضاعف، مقارنة بما تقوم به بقية الأجهزة والجبهات الأخرى المنضوية في مواجهة العدوان.. ليس هذا تزلفاً وإنما هو الواقع.. الإعلام سلاح فتاك حقيقي، يستطيع أن يقوم بدوره المحوري في النصر، أو بالاتجاه المعاكس.. فتخيلوا الفارق الشاسع بين ما نملكه إعلاميا وبين ما يملكه العدوان.. فنحن نواجه دولاً عدوانية متخمة بالمال والإمكانيات، وفقيرة في الأخلاق.. عندما يلتقي هذان العنصران، بذخ هائل، وانحطاط في التفكير، ماذا سيُقدم على هذه الشاشات..؟! بالتأكيد سيقدم دمار شامل للحقائق، ولعقل المشاهد البسيط.. فلذلك أنتم برغم هذه الإمكانات الشحيحة، وبرغم الضغط الهائل عليكم، وبرغم تدمير مؤسساتنا الإعلامية، عبر قصف وتدمير طيران العدوان لمعظم المؤسسات الإعلامية وتحويلها إلى أطلال.. التلفزيون ضرب والإذاعة ضربت، وصحيفة الجمهورية نهبت من قبل عملاء دول العدوان، بل وفككوا المطبعة، ونقلوها إلى خارج تعز، وهو الخوف الذي كنا قد حذرنا منه.. نحن نحاول قدر الإمكان أن تكون السياسة الإعلامية واضحة، لدى هذه الأجهزة وأن يكون الدعم لهذه الأجهزة يتناسب مع ما تقوم به، وانتم ستراعون ظروفنا المالية العامة.. ولكن يجب أن لا نغفل حقيقة هامة في مواجهة العدوان والحصار مفادها: «بما أنه يجب علينا أن نشتري السلاح و»الكلاشنكوف» ونجهز «الاسكود» و»التوشكا» و»البركان»، ينبغي علينا أن نجهز أقلام الصحفي وأدواته بدعم مادي يستطيع من خلاله أن ينهض بمسؤولياته.
كلمة أخيـرة
* دولة رئيس مجلس الوزراء.. ما الكلمة الأخيرة التي تُوّدُون قولها..؟!
–  أكرر شكري لكم، ولصحيفة «الثورة» التي نعتز بها كثيرا، والتي نعتبرها مدرسة صحفية كبيرة، نشأت منذ أكثر من خمسة عقود.. ونشكر الإعلام الوطني المقاوم للعدوان والحصار، تلفزيون، وإذاعة، وصحافة ومواقع إلكترونية، والتي بإمكاناتها المحدودة استطاعت أن تغير المعادلات الوطنية في أذهان العديد من الناس، وأيضا نحن نقدر كثيرا الشخصيات التي وقفت منذ اللحظة الأولى في مواجهة العدوان، وثبتت في المؤسسات وحافظت على مكانتها وسياقها وممتلكاتها.

تصوير/ فؤاد الحــرازي

قد يعجبك ايضا