10.3 مليون يمني بحاجة ماسة لمساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة

الرواتب.. ليست كـــل الحل
تقرير/ أحمد الطيار
ألقت التقارير الدولية التي تتحدث عن مستوى المعيشة في اليمن بظلال من الشك في جدية العالم لإنقاذ اليمنيين من براثن الجوع والفقر المتفشية بينهم منذ عامين جراء العدوان والحصار الاقتصادي، ورغم إدراك العالم لحجم الكارثة إلا أن التحركات الدولية التي يعول عليها اليمنيون ماتزال بعيدة خصوصا وقد وصل عدد المحتاجين للمساعدات الغذائية إلى 18.8  مليون إنسان فيما يقبع نحو 51 % من السكان تحت خط الفقر المدقع.
عوامل مخيفة
ويؤكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانة “اوتشا ”  إن “سبل كسب العيش الكريم لملايين اليمنيين دمر  لأسباب تتعلق بالعدوان والحصار والاحتراب الداخلي وهذا ما يدفع بالناس نحو الاعتماد على المساعدات الإنسانية أو تبني استراتيجيات سلبية للتأقلم وهو ما يؤدي إلى ازدياد مواطن ضعفهم والمخاطر التي يكونون عُرضة لها أي سوء التغذية والفقر والمرض”.
وتقول الاوتشا أن تقطع دفع رواتب موظفي الحكومة منذ أشهر بسبب شحة السيولة وتعثر الاقتصاد بالإضافة للقيود المفروضة على الواردات وعلى حركة السلع داخل اليمن، وعلى التحويلات المالية  إلى داخل اليمن وفي كافة أنحائها هي أسباب مخيفة لم يشهدها بلد ما سابقا”.
أرقام كارثية
وحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة “اوتشا” فإن  “18.8 مليون نسمة من سكان اليمن بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية أو المساعدة المتعلقة بالحماية، منهم 10.3 مليون نسمة بحاجة ماسة للمساعدة أي بحاجة إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة، كما أن هناك حوالي 8.5 مليون نسمة من المحتمل أن ينزلقوا إلى وضعية الأشخاص الأشد احتياجاً ما لم تصلهم المساعدة قريباً”.
وتشير التقديرات الأممية حالياً إلى أن “14 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي؛ منهم 7 ملايين نسمة يعانون من الانعدام الشديد للأمن الغذائي – وهو ما يمثل زيادة بنسبة 33 % منذ أواخر عام 2014 م. فيما يفتقر ما يقرب من 15 مليون نسمة إلى الرعاية الصحية الكافية؛ ويشمل ذلك أكثر من 8 ملايين نسمة ممن هم أشد احتياجاً. ويعاني حوالي 4.5 مليون شخص من سوء التغذية؛ وهم بحاجة إلى خدمات معالجة سوء التغذية أو الوقاية منها، وهو رقم يمثل زيادة بنسبة 148%  منذ أواخر عام 2014 م. ويفتقر أكثر من 14 مليون نسمة إلى إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والمرافق الصحية”.
انهيار الخدمات
التقارير الأممية نفسها تؤكد أنه وفي الوقت الذي تزايدت فيه الاحتياجات، يتعرض تقديم الخدمات الضرورية للانهيار. فقط 45 % من المرافق الصحية مازالت تعمل، وحتى هذه المرافق تواجه نقصاً شديداً في الأدوية والمعدات والقوى العاملة، بينما تضررت أكثر من 1,600 مدرسة بسبب النزاع “العدوان” وأصبحت غير صالحة للاستخدام، وأصبح مليونا طفل خارج المدرسة”.
كما شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعا بنسبة 26 % مما كانت عليه قبل الأزمة، في وقت تآكلت فيه القدرة الشرائية بشكل كبير؛ وأصبحت أكثر السلع تتوفر بشكل متقطع فقط في الأسواق.
تقاعس دولي
وفي المقابل، يؤكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “اوتشا” إن نداء الإستغاثة الإنساني لعام 2016م لم يتحصل إلا على 58% فقط من التمويل المطلوب للاستجابة الإنسانية، مما يتسبب في الحد من الاستجابة، حيث تجد وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية نفسها مجبرة، في ظل نقص التمويل وطول أمد النزاع “العدوان” وتصاعد انعدام الأمن الغذائي وتفشي الكوليرا، على اتخاذ قرارات صعبة وإعادة برمجة الموارد الحالية للاستجابة للاحتياجات الأكثر إلحاحاً”.
حال استثنائية
ولا تفاجئ هذه النتيجة الباحثين والمختصين الاقتصاديين إذ أن النتيجة متوقعة لديهم في ظل ارتفاع معدلات الفقر العالية وتحديات التنمية الاقتصادية التي تواجه اليمن وفي ظل تقاعس الجهات المسؤولة ومن تمثل الدولة عن تنفيذ وتطبيق أي إجراءات ملموسة للتنمية والاستثمار.
لكن المحللين والاقتصاديين لا يخفون تعجبهم كيف أن اليمنيين مازالوا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي في ظل وضع مزر لا يوجد له أي أفاق مستقبلية بعد أن وقف العالم يتفرج عليهم والخسائر التي سببها الحصار الاقتصادي والعدوان المتواصل على اقتصادهم وبنيتهم التحتية بلا هوادة.
من جانبهم يعرف اليمنيون أنهم يعيشون وضعا اقتصاديا غير طبيعي فهم يؤكدون أن حقوقهم الاقتصادية منتهكة ليس من اليوم فحسب بل منذ العام 2011م وجاءت هذه التأكيدات منسجمة مع نتائج مسح أجرته الأمم المتحدة عام 2013م وعرضت نتائجه مؤخرا, حيث عبر أكثر من 25% من المبحوثين عن حرمان يتعرضون إليه في الحق في مستوى معيشي لائق وفقا لما تحدده القوانين والاتفاقيات الدولية.
75% بلا فرص
ووفقا للدراسة التي نفذت في إطار تعزيز قدرات حقوق الإنسان الوطنية من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان فقد تم اشتمال ثلاثة مؤشرات اقتصادية هي التوظيف أو توفر فرص العمل والوصول إلى الأسواق وأماكن ممارسة التجارة والخدمات المالية والمصرفية.
وتبين الدراسة في مجال الفرص الاقتصادية والوصول إليها أنها تشمل الحق في العمل ،والمستوى المعيشي اللائق والفرص المتكافئة وهي من مكونات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها اليمن أن نسبة الرضى والوصول إلى هذا الحق منخفضة جدا بالنسبة لتوفر فرص العمل وكذلك الخدمات المالية والمصرفية.
ويقول 75% من المبحوثين انهم غير راضين عن التوظيف وفرص العمل في حين أفاد 23.3% أن تلك الفرص متوفرة. وعلى الرغم من أن فرص الوصول إلى الأسواق كانت متاحة بشكل اكبر فقد ذكر 52.2% فقط بأنهم راضون تماما عن ذلك ،وأفاد ثلاثة أرباع المبحوثين تقريبا 73% وغالبيتهم من الرجال بأنهم غير راضين عن فرص التوظيف الحالية أو أن هذه الفرص غير متوفرة.
كما قال نصف المبحوثين 52% بأن الخدمات المالية والمصرفية غير متوفرة في مناطقهم ،وقال 58.7% بانهم راضون نوعا ما بشأن قدراتهم الحالية في الوصول إلى الأسواق للأغراض التجارية. وأفاد 82% من المبحوثين في الريف عن انعدام راضاهم أو عدم توافر الفرص الاقتصادية وينطبق ذلك على البنوك والخدمات المصرفية ،وقد عبر أكثر الرجال عن عدم رضاهم أو قالوا بانعدام التوظيف وفرص العمل فيما أفادت النساء بعدم توافر إمكانية الوصول إلى الأسواق وبمعدلات أعلى.

قد يعجبك ايضا