“أرض الذهب” تطالب بالانفصال عن الولايات المتحدة

لم يمض على حكم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب سوى بضعة أيام، حتى اتتفضت أولى الولايات الأمريكية المعروفة بـ”أرض الذهب” بوجه سياساته التقوقعية مطالبةً بالانفصال. وأجازت السلطات في كاليفورنيا (التي تقع في أقصى الغرب من الولايات المتحدة) لحملة “نعم كليفورنيا” ببدء جمع التوقيعات اللازمة لإجراء استفتاء يقرر فيه الناخبون ما إذا كانوا يريدون البقاء في الولايات المتحدة أو الانفصال عن الوطن الأم. هذا التحرك حرّك معه سؤال كبير: هل هي بداية التفكّك الأمريكي؟
ليست أول مرة
مطالبة كليفورنيا بالانفصال لم تكن الاولى بل هي الثانية، حيث شهدة أمريكا قبل 171 حركة تمرد قادتها حركة “جمهورية كاليفورنيا” والتي استمرت ما يقارب الشهر وجرى إخمادها في التاسع من يوليو 1846م، والتي ذهب ضحيتها عدد كبير من القتلى والمفقودين حتى هذه الأيام.
اما اليوم تعود مطالبة كليفورنيا الى الانفصال عن الولايات المتحدة عبر حركة “نعم كليفورنيا” والتي يراهن ناشطيها على جمع 600 ألف توقيع بحلول 25 يوليو القادم، أي ما يعادل  8% من إجمالي عدد الناخبين المسجلين على قوائم الشطب في هذه الولاية الشاسعة والغنية الواقعة في غرب الولايات المتحدة والتي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة. ويطالب “الاستقلاليون” بالانفصال ولإلغاء جزء من دستور الولاية والذي ينص على “تبعية كاليفورنيا للولايات المتحدة”.
أسباب المطالبة بالانفصال
تنقسم أسباب الانفصال هنا الى قسمين وهما على الشكل التالي:
سياسي
في المطاف الاول، ذكرت تقارير اخبارية أنّ انتخاب “دونالد ترامب” الجمهوري المتطرف رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، أعاد احياء آمال الكليفورنيين بالانفصال عن الولايات المتحدة، وخاصة أن كليفورنيا متعصبة جداً للديمقراطيين حيث ظهر ذلك جليا في الانتخابات الأخيرة حيث تفوقت كلينتون على ترامب بفارق كبير. ويتخوف سكان كليفورنيا من سياسات ترامب المجنونة التي سوف تطال جيوبهم لا محال بفرض ضرائب جديدة عليهم بسبب سياسته الخارجية التي ستجلب الويل للولايات المتحدة و خاصة إليهم من أجل تعويض الخسائر الخارجية.
اقتصادي
وفي المطاف الثاني، وكما قلنا سابقا، تعرف كاليفورنيا بأرض الذهب، حيث تم اكتشاف في عام 1848م مخزونات كبيرة من الذهب مما دفع عشرات الآلاف من الراغبين في اقتناص الكنز في الانتقال إلى هناك.، حيث سجلت سجلات الواردين الى المدينة بين عامي 1848م و1855م، انتقل ما يزيد عن 300 ألف شخص إلى هناك.
ويعتبر سكان كليفورنيا أن نعمة الذهب عليهم أصبحت نقمة وذلك بسبب الضرائب الكبيرة التي فرضة عليهم، حيث تدفع ولاية كاليفورنيا النسبة الأعلى من الضرائب بين الولايات الأمريكية، حيث تسدد سنويا ضرائب تبلغ 16 مليار دولار وهو ما يتجاوز الميزانية التي يخصصها لها المركز الفيدرالي لتمويل الخدمات الطبية والتعليم وتطوير البنى التحتية.
ومن هنا قال “لويس مارينيللي” احد أعضاء حركة ” نعم كليفورنيا” المطالبة بالانفصال: “نريد التصرف بأموالنا، وأكثر ما يغضب السكان في علاقات الولاية مع الحكومة الفدرالية هي سياسة واشنطن الضريبية، حيث تسدّد كاليفورنيا سنويا ضرائب بحجم 16 مليار دولار أكثر مما تحصل من المركز الفدرالي لتمويل الخدمات الطبية والتعليم وتطوير البنى التحتية، ونتيجة لهذا يتكون وضع تدفع فيه ولاية كاليفورنيا النسبة الأعلى من الضرائب وتحصل على أسوأ المؤشرات في التعليم، نحن نريد التصرف بعوائد كاليفورنيا الضريبية بأنفسنا، وليس إعالة الولايات الأخرى”.
ولم تكن مطالبة كليفورنيا بالانفصال هي الأولى حيث سبقتها ولايات أخرى، مثل تكساس وألاسكا، بل إنّ ولاية تكساس كانت دولة مستقلة في القرن التاسع عشر، وبعد ذلك انضمت إلى الولايات المتحدة، وبصورة عامة، فالولايات المتحدة “دولة كونفدرالية”، ونظريا يحق لأي ولاية الانفصال.
اذا في حال توافر غالبية مؤيدة لمطلب الاستقلال في كليفورنيا، عندها يتعين إجراء استفتاء في 2019م يقرر خلاله الناخبون ما إذا كانوا يؤيدون استقلال كاليفورنيا، وفي حال انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة فإنها سوف تصبح سادس أكبر اقتصاد في العالم، متقدمة على فرنسا والهند، وذلك استنادا إلى بيانات صندوق النقد الدولي لعام 2015م وتضع أمريكا أمام واقع خطير يشابه انهيار الاتحاد السوفيتي.

قد يعجبك ايضا