الأهالي : لا خيار عدا الثأرو مواجهة العدوان

> أهالي “شراع” ومقربون من ضحايا مجلس عزاء آل النكعي يروون لـ”الثورة” تفاصيل مجزرة عزاء نساء أرحب:
> النسوة الضحايا من جميع القبائل المجاورة
> الجريمة تمثل ثأراً تاريخياً يتعاقبه الأجيال حتى زوال “آل سعود”
الثورة / ماجد حميد الكحلاني – حميد القطواني
تمادى العدوان السعودي الأمريكي الهمجي في ارتكاب أبشع المجازر الوحشية بحق أبناء الشعب اليمني ممعناً في استهداف النساء والأطفال خاصة منذ عام وعشرة أشهر، آخرها ما اقترفته صواريخهم الاربعاء الفائت من جريمة مروعة بحق مجلس عزاء للنساء في أرحب مخلفة 18 شهيدة وجريحة من النساء والأطفال ..
“الثورة” وعقب وقوع الجريمة قامت بالنزول الميداني الى منطقة “شراع” والتقت عن كثب عدداً من الأهالي وأقرباء الضحايا ممن عاشوا لحظة وقوع الجريمة, واستمعت منهم إلى تفاصيل ما اعقبتها من جهود وانتشال للضحايا وردود أفعالهم واستعداداتهم للثأر ورفد الجبهات وغيرها.. وخرجت بالحصيلة التالية:

بتنسيق هاتفي مع الأخ مبخوت أبو نشطان أحد أهالي المنطقة المنكوبة انطلقنا صباح أمس الأول الجمعة صوب منطقة ” شراع ” بمديرية أرحب محافظة صنعاء حيث استهدفت فيها طائرات العدوان منزل المواطن محمد هادي النكعي، ما أدى إلى استشهاد وجرح 17 امرأة بينهن 3 طفلات.
مسافة ليست ببعيدة فصلتنا عن الطريق الإسفلتي من مركز مديرية أرحب حتى وصلنا إلى مكان الجريمة وشاهدنا للتو تجمعا كبيرا للأهالي وآخرين توافدوا من مناطق عده حسب ما تبين لنا لاحقا تضامنا مع واستنكارا للجريمة البشعة .
مشاهد أنقاض المنزل المدمر وتناثره على امتداد وحول المنزل أوحت ببشاعة الجريمة ومأساوية ما خلفته من خسائر في الأرواح بين شهيدات ومصابات ..
هروب من هرب
التقينا في البدء بالأخ صادق دواس النُكعي وهو أحد أهالي المنزل الذي استهدفه القصف ليحدثنا عن لحظة وقوع الجريمة وما خلفه القصف من خسائر في الأرواح قائلا:
وقعت هذه الضربة الجوية – مشيرا بأصابعه إلى ركام المنزل- وهذه الجريمة في يوم لتقديم واجب عزاء الشهيد قناف محمد هادي النكعي، حيث خصص المنزل لاستقبال النساء من أهالي المنطقة والوافدات من مناطق أخرى – وكانت الحصيلة هي تدمير المنزل على رؤوس من تبقى بداخل المنزل من النساء بعد أن شوهد تحليق الطيران عن بعد في سماء المنطقة وهروب من هرب من النساء قبيل ضرب المنزل بغارة خلفت ست شهيدات وثمان أخرى جريحات بينهن ثلاث في أعمار الطفولة إصابة معظمهن حرجة.
ويتابع صادق حديثه قائلا: لقد تم انتشال الجرحى والضحايا من بين الأنقاض بعد وقوع الجريمة وبعد سماعنا الانفجار الذي هز أرجاء المنطقة بعد مضي وقت لا بأس به كون التحليق ما يزال مستمرا في سماء المنطقة منع الجميع من التقدم باتجاه المنزل واستمرت جهود الإنقاذ حتى مساء الخميس الماضي.
ويستطرد النُكعي حديثه واصفا الجريمة بالشنعاء، وانها تمثل جريمة شنعاء تضاف إلى سجل جرائم العدوان ومرتزقته في الداخل، ولن ننسى هذا الفعل وهذه المأساة ماحيينا وعلى مدى الأجيال والتاريخ حتى نأخذ بالثأر لهم ولكل دماء اليمنيين بإذن الله.
مضيفا بقوله : إن هذه الجرائم لن تزيدنا واليمنيون المخلصون الصابرون، الصامدون إلا قوة وعزماً في مواجهة صلف هذا العدو الجبان، مؤكدا أنهم في أشد قوة وبأس، مشيرا بقوله : نحن على استعداد للمواجهة أكثر وسنرفد الجبهات بالمقاتلين تلو المقاتلين تلو المقاتلين حتى يأذن الله بنصره ويشفي صدور قوم مؤمنين.
وعرج صادق في سياق حديثه واصفا قبح هذا العدو وانحطاطه قائلا: هذا العدو لا يراعي حرمة لأي طفل أو امرأة أو شيخ.. إنه عدوان أمريكي إسرائيلي ولا خيار أمامنا إلا المواجهة حتى النصر وسنظل صامدين محتسبين متوكلين على الله في مواجهتنا معه ولن تثنينا هذه الجرائم أو تضعف من عزيمتنا.
من جميع القبائل
وحول ما إذا كانت الضحايا من منطقة “شراع” فحسب أم أن هناك بينهن ضحايا من مناطق أخرى أوضح صادق النكعي بقوله:
لم تكن النساء المتواجدات في المنزل من منطقة شراع فقط، بل نساء من جميع القبائل سيما قبائل أرحب ونهم وبني الحارث وبني حشيش، وبالتالي فإن هذه الضربة الآثمة ستشد من عزيمة القبائل اليمنية وسيواجهون العدو بقوة وصلابة والنصر قادم بإذن الله.
ودعا النكعي أبناء القبائل اليمنية إلى الوقوف وقفة شرف حتى يستأصل الطاغوت الأمريكي الإسرائيلي ومن يتحالف معهم واجتثاث أدواتهم وعملائهم من قوى التكفير والنفاق.
وعن القبائل اليمنية وتفاعلها إزاء هذه الجريمة النكراء اختتم الأخ صادق دواس النكعي حديثه قائلا: جميع القبائل كان لهم دور مشرف وسيظل موقفهم بارزاً ومعروفاً وخيارهم الواحد هو المواجهة والأخذ بالثأر لهذه الدماء التي سفكت، وكذلك الجرح.
لحظة الجريمة
بعد ذلك انتقلنا بمعية عدد من أهالي الضحايا والمتواجدين هناك للاطلاع على حجم الدمار الذي خلفه الانفجار الصاروخي وكان الدمار هائلا حيث تناثرت أجزاؤه على امتداد المكان فيما مقتنيات المنزل من أثاث وغيرها ما تزال هي الأخرى تحت الأنقاض وأخرى متناثرة على قارعة الطريق..
سمعنا أصوات تحليق
وبينما كنا نشاهد ذلك المنظر المؤلم شد انتباهنا أحد الحاضرين وهو الأخ محمد عبدالله السرحي ضيف على أهالي العزاء من أبناء صنعاء القديمة عايش لحظة وقوع الجريمة والتي أوجزها بحديثه قائلا:
كنا متواجدين في مجلسي للعزاء أحده للرجال والآخر للنساء وفي الساعة الخامسة عصرا سمعنا أصوات تحليق وأزيز الطائرات فانتاب الناس التوجس والحذر ما دفعهم للخروج من مجالسهم وسط حالة من الهلع والخوف خاصة النساء، حيث خرجن من المنزل بتدافع وما هي إلا لحظات وسمعنا صوت الضربة مستهدفة المنزل وكانت أصوات النساء مرتفعة، حينها أصيب الجميع بحالة انهيار نفسي توقعا منهم أن تكون الخسائر كبيرة في صفوف النساء المتواجدات ومن بينهم نساء أبناء القبائل المجاورة من نهم وبني الحارث وصنعاء وغيرها.
ويتابع السرحي حديثه قائلا: حين سارعنا لإنقاذ الضحايا وجدنا أن الضحايا وبفضل الله قليلة بحجم عدد المتواجدات ، وهذا الاستهداف لم يكن استهدافا لآل النكعي فحسب حيث كانت من أسرتهم المتواجدات في المنزل حينها قرابة ثلاثين امرأة وطفلا – بل هو استهداف لأبناء اليمن جميعا ممن كانوا حاضرين شاهدوا الجريمة وعاشوا تفاصيلها، وها يستدعي تضافر أبناء القبائل للأخذ بالثأر وقد اجتمعت قبائل نهم فضلا عن التنديد بهذه الجريمة من خلال المسيرة الحاشدة في صنعاء بمناسبة ذكرى الشهيد السنوية.
زوج أحد الشهيدات
وعلى بعد خطوات من حطام لسيارة كانت بالقرب من المنزل تأثرت هي الأخرى من الضربة التقينا هناك بالأخ حسين بن صالح دواس النكعي زوج إحدى الشهيدات، تحدث إلينا بحرقة قائلا :
استشهدت زوجتي وهي نورية حزام أحمد مسعود رحمها الله ومن استشهد معها في هذه الجريمة البشعة والمؤلمة التي ارتكبها العدوان الصهيوني الأمريكي ومن تحالف معهم من المرتزقة والمنافقين.. حسبنا أن نقول.. رحمة الله الواسعة تغشاهن، ولا رحم الله من سعى ودبر ونفذ هذه الجريمة التي لا يرضى بها دين ولا عرف ولا أي ضمير إنساني.
واختتم حديثه واصفا هذه الجريمة بقوله : إن هذه الجريمة تعد الأبرز من بين الجرائم التي ارتكبها العدوان في جميع مناطق اليمن، وهي جريمة لم يسبق لها مثيل.. لا نقول إلا الله الحاكم بين عبادة وإنا الله وإنا إليه راجعون.
المرأة شعرة من الذقن
أما الأخ حمود سنان وهو احد المتواجدين ومن المسعفين الذين شاركوا في انتشال الضحايا تحدث من جانبه حول واقعة الجريمة قائلا:
هذا العدوان على اليمن لا هدف منه سوى تمييع القضية الفلسطينية وإدخال العرب والمسلمين في عداء وصراع فيما بينهم.. فأما بالنسبة للجريمة النكراء لصهاينة العرب بحق مجلس عزاء للنساء فهذا هو العيب بذاته، واللعنة التي ستطارد مرتكبيها إلى ابد الدهر..
وأضاف قائلا : ليس من أخلاق وآداب الحروب استهداف وقتل المدنيين الآمنين والنساء والأطفال، وهذا الجريمة أكدت الحقد الدفين لقوى العدوان على اليمن أرضا وإنسان، وبالتالي فإن رسالتنا إلى كل القبائل هي أن النساء ليست نساء قرية (شراع) فقط إنما هن عار لكل يمني – والمثل اليمني المعروف يقول: إن المرأة شعرة من شعر الذقن.. ومثل آخر “إذا كانت حربنا خالية من اللوائم فقتل الرجاجيل ما هي بعيب “.
واستطرد سنان معتبرا هذه اللوائم هي الخسائس وأعمال الجبناء، الضعفاء الذين يأذون النساء إلى أخدارهن.. فهناك جبهات قتال إن يمتلكوا الشجاعة – لكنهم ضعفاء، جبناء يستندون في عدوانهم إلى أمريكا بينما نستمد نحن قوتنا من الله .
رسائل مختصرة
وتابع قوله: إن هذا الجريمة بمثابة الثأر.. وهو ثأر تاريخي يقتضي توصية الأبناء والأجيال المتعاقبة به حتى نهاية آل سعود وأقول لكل يمني غيور إن النساء هن نساء اليمن جميعا.. والعار عار كل يمني فلابد من التوجه إلى جبهات القتال للدفاع عن الدين وحياض الوطن.
وشدد سنان في سياق حديثه موجها حديثه للمتخاذلين في صفوف الشعب اليمني قائلا: عليهم أن يدركوا أن المستهدف هو جميع أبناء الشعب وليسوا فئات معينة “الحوثي، عفاش” كما يزعمون .
واختتم حديثه مذكرا بحرب جرت بين أبناء هذه القرية استمرت لمدة عشرين عاماً – وإذا كان احد يريد التسوق اخذ بيد ابنته أو طفله أو امرأته ويمضي بأمان، كون الخصم يعمل احتراما للطفل وحرمة وهذا سلف وعرف لدى جميع قبائل اليمن.. متسائلا بقوله: أين الأخلاق التي يتمتع بها هؤلاء، ويدعون أنهم خداما للمسجد الحرام وإنما هم خدام لأمريكا وإسرائيل فحسب.
أقرباء للضحايا
أما الأخ عبده حزام أحمد مسعود أخ لإحدى الشهيدات فقد تحدث عن الجريمة قائلا :
إن الدماء التي سقطت لن تروح هدرا ولابد من الثأر لها ولكل قطرة دماء يمنية سفكها العدو وعملاؤه، مضيفا إن شقيقته الشهيدة كانت متواجدة بمنزل الشيخ محمد هادي النكعي لتأدية واجب العزاء.
كذلك تحدث إلينا الأخ علي عبدالله المهدي وهو أحد أقارب الضحايا واصفا الجريمة بالشنعاء، لم يعرفها التاريخ لها مثيلا، داعيا قبائل اليمن للتوجه إلى الجبهات والأخذ بالثأر في القريب العاجل، مشيرا إلى أن هكذا جرائم تندرج ضمن جرائم الحرب، ولا تمت لأخلاق الحروب بصلة.
كذلك الأخ مرشد على المهدي وهو أحد أبناء المنطقة تحدث عن هذه الجرائم قائلاً : كنا متواجدين في مجلس عزاء الشيخ محمد هادي النكعي، وتفاجأنا بضربة على مجلس عزاء النساء بالقرب منا وقد استنفر الجميع لإنقاذ الجرحى وانتشال الأشلاء وعندها رأينا الجثث وهي مقطعة تناثرت في أرجاء المكان، مضيفا إن انتشال الجثث استمر حتى عصر اليوم التالي للجريمة، بينما الإصابات بلغية وجرى إسعافها وتتلقى العلاج حتى اللحظة.
حضور لافت..
كان أيضا لأعضاء حكومة الإنقاذ لأطفال اليمن ورئيسها حضور في الأثناء بموقع الجريمة للتنديد بها.. مؤكدين أن هذه المجزرة تعد من جرائم الحرب تضاف إلى سلسلة جرائم العدوان التي ارتكبها بحق المواطنين في مخيمات وقاعات الأعراس والعزاء والأسواق وغيرها وراح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى .
وقال رئيس حكومة إنقاذ أطفال اليمن علي عبدالله القرماني لـ”الثورة” إن هذه المجزرة الوحشية وما سبقتها من مجازر استهدفت فيها مجالس العزاء والأعراس تعد من أقبح وأفظع الجرائم التي تحرمها وتجرمها كافة الأعراف والمواثيق والقواعد الإنسانية والأخلاقية .
خاتمة..
بينما كنا في طريقنا للعودة من حيث أتينا إذا بنا نشاهد تجمعا للأهالي مقابل مكان الجريمة وركام المنزل، وحين تقدمنا إليهم وجدناهم يحفرون قبرين لجثتين من الشهيدات اللواتي ظللن تحت الأنقاض وانتشالهن في ساعات متأخرة من مساء الخميس حسب تأكيد المقربين لهما..

تصوير / عادل حويس

قد يعجبك ايضا