الإعلام .. وشر البلية !!

أحمد يحيى الديلمي

من الأمثلة الشائعة الدارجة على ألسنة الناس المثل القائل ( شر البلية ما يضحك ) وهو مثل واسع الدلالة، يتم استحضاره عند الكوارث أو الانحرافات السلوكية التي تجعل ردود أفعال من يتأذون منها يستغرقون في الضحك بدلاً من الغضب .
استحضرت المثل السابق أثناء متابعة تقرير أخباري مصور بثته قناة العربية السعودية عصر السبت 25 فبراير 2017م بهدف تأكيد الخبر الذي أعلنت فيه القناة أن ما يسمى بقوات التحالف والجيش الوطني أحكموا السيطرة على مديرية باقم محافظة صعده ..
مع أني لم أعد أتابع هذه القناة وغيرها من قنوات الافك والفاحشة المناصرة للعدوان نتيجة الاستغراق في بث أخبار كاذبة والتغني بانتصارات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع إلا أن القناة كررت الإعلان عن التقرير قبل بثه ، لأني أعرف مديرية باقم ، وسبق أن تنقلت في معظم عزلها وقراها ، شدني أسلوب القناة الخادع في التمهيد للتقرير ولأني من حيث المبدأ أومن بأن الحرب كر وفر وهزائم وانتصارات قررت متابعة التقرير وأنا أضع يدي على قلبي خوفاً من أن يتضمن ولو مفرده مما ورد على لسان المذيعة كانت المفاجأة مذهلة تجاوزت كل معاني السخرية والضحك ، بعثت عندي وعند الحاضرين الرغبة في البكاء ، لما حمله من أكاذيب وخزعبلات وهو يتحدث عن جملة من الانتصارات لم تنفها الصورة وتنقل عدسة الكاميرا في أنحاء المكان المفترض أنه في مديرية باقم ، أنما ورد النفي المطلق وتكذيب مزاعم الخبر والتقرير على لسان الضابط السعودي الذي قدمه المراسل لتأكيد المعلومة وإثبات مكان وزمان الحدث كانت المفاجأة أن الضابط أكد من حيث لا يعلم أو يعلم أن الأمر لا يعدو كونه استعراضا وهميا لانتصارات يكذبها الواقع وهو يقول :
(الحمدلله نحن نحقق انتصارات متوالية لم يعد أمامنا سوى أسبوع ودخلنا باقم)
يعني أنه لا يزال على بُعد مسافة كبيرة من باقم ، أوردت كلام الضابط كما جاء على لسانه لأنه كرر عبارة عدم دخول باقم أكثر من مرة والمراسل يكابر ويحاول استدراجه للنطق بكلمة واحدة تؤكد المضمون إلا أنه لم يتمكن ، تمسك بموقفه مما دفع المراسل إلى الاستعانة بأحد الأطفال للإفصاح عن المعلومة التي حضر من أجل تأكيدها بلا جدوى ، مما أضطره إلى اختلاق مكاسب أخرى ملوحاً إلى أن المنطقة التي يقف فيها تبعد عن ضحيان مسقط رأس القائد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ووالدة كما زعم 25كيلو فقط إضافة إلى بعض المعلومات التي طالما رددتها نفس الأبواق أثناء معارك دماج .. بالفعل ما اتصف به التقرير من هشاشة وما أشتمل عليه من أكاذيب وخزعبلات حول السخرية والضحك إلى نوع من البكاء لا بدافع الخوف من المستقبل ، وما قد يحمله من المفاجآت ليقيننا أن غرور وغطرسة وجبروت المعتدين والتفاوت الكبير في القوة والعدد والعتاد ، كلها لن تفت في عضد المجاهدين الأبطال مهما طال زمن العدوان ، وإن كان هذا الصمود الأسطوري والتحدي التاريخي قلب معادلة الردع لكنه بكاء بدافع الحسرة على هذا الإعلام لما وصل إليه من إفلاس وتماد في الضلال ، إلى أن فقد أبسط معاني المصداقية ، فأضحى بلا هوية ولا كرامة ، نفس الحسرة تمتد إلى وسائل الإعلام الإقليمية والدولية التي سجدت لسلطان المال السعودي المدنس وتحولت إلى ببغاوات تردد ما يصدر عن غرفة عمليات العدوان دون أي مراعاة لمعاني المسؤولية تجاه الكلمة وصدق المعلومة .
لا أخفي أننا تواصلنا مع عدة وسائل عربية وغير عربية ، وطلبنا منهم إرسال بعثات تواكب الأحداث وتنقل الصورة كما هي التزاماً بالمصداقية وأمانة المسؤولية وترجمة مواثيق الشرف الصحفي ، لكن الجميع تقاعسوا ، قال مدير الأخبار في إحدى القنوات العربية ، الاستجابة لهذا الطلب مستحيلة ، طالما أن رائحة المال السعودي فواحة ، لا تزكم الأنوف فقط لكنها تخرس الألسنة .
أمام هذه الإجابة نقول ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) سنستعين بالله سبحانه وتعالى. وهو نعم المولى ونعم النصير ..

قد يعجبك ايضا