المجتمع الدولي يتجاهل الوضع الانساني في اليمن

> تحالف العدوان السعودي يتمادى في جرائم القتل والتجويع
> العدوان الغاشم يدفع 7 ملايين يمني لحافة المجاعة
> مفوضية اللاجئين:  3 ملايين و154 ألفاً و572 نازحاً ونازحة
> اوكسفام : يتم تجويع اليمن ببطء حتى الموت
> الصحة العالمية: 15 مليون شخص في اليمن يفتقرون  إلى الرعاية الصحية الأساسية
> المركز القانوني: 5 آلاف طفل ضحايا الغارات الوحشية للعدوان

تحقيق/ سارة الصعفاني

اليمن تعد البلد الأفقر بين بلدان الشرق الأوسط ، عانى54 % من مواطنيه من انعدام الأمن الغذائي في عام 1102م بعد أزمة سياسية في حكم دولة لم تعرف العدالة الاجتماعية ؛ فكيف يصبح واقع الناس المعيشي بعد عامين من عدوان همجي استهدف جميع مقومات الحياة وفرض حصار خانق لم يستثنِ حتى الدواء والغذاء في بلد يستورد 09% من احتياجاته الغذائية والدوائية ، وأزمات اقتصادية خانقة متتابعة دفعت بالاقتصاد الهزيل في وطن غني بالثروات إلى حافة الانهيار، ما تسبب في اتساع شريحة الفقراء، حيث أن 01 ملايين من 72 مليونًا يعانون من سوء التغذية يكافحون يوميًا ويبيعون مدخراتهم وممتلكاتهم لتأمين احتياجاتهم الغذائية في حدها الأدنى ، وما يزيد عن 7 ملايين أصبحوا على حافة المجاعة بعد تدمير اقتصاد البلد وتعثر رواتب موظفي القطاع العام للشهر الخامس، فضلاً عن 3 ملايين نازح هم بأمس الحاجة لجميع متطلبات الحياة ..

أرقام مخيفة حذرت منها المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في اليمن وتعكس جزءاً بسيطاً من المعاناة في واقع مأساوي ومساعدات إغاثية محدودة لمنظمات دولية تبقى الأمل الوحيد للبقاء على قيد الحياة لمن يتضورون جوعًا وينزفون وجعًا.. وليس ببعيد ما حدث من مجاعة في التحيتا حتى بلغت معدلات سوء التغذية الحاد لدى الأطفال دون سن الخامسة 31 % – أي أكثر من ضعف حد حالة الطوارئ الذي يبلغ 15 % ..
في القرن العشرين فقط مات ما يقرب من 70 مليون شخص جوعاً بسبب المجاعات في مختلف بلدان العالم حيث دور المنظمات الإغاثية محدود لا يلغي دور الحكومات.
منذ عامين يقصف العدو السعودي الأمريكي مقدرات الوطن وجميع مقومات الحياة ، قتل الآلاف في البيوت والمساجد والطرقات ومجالس العزاء وقاعات الأعراس وحتى الصيادين في البحر.. وصار الملايين على حافة المجاعة في اليمن السعيد.
يكفي فقط لحدوث مجاعة فرض حصار خانق منذ عامين وتدمير 15 مطاراً ،14 ميناء ، 1.565 حقل زراعي ، 1.162 مخزن وناقلة غذاء ،207  مزارع دجاج ومواشي ، 281 خزاناً وشبكة مياه ، 806 مصانع وسوق تجاري ، 1520 طريقاً وجسراً ، وحتى موظفو الحكومة الأفضل حالاً في بلد ممتلئ بالبطالة والفقر باتوا على حافة المجاعة والتشرد بعد توقف الرواتب منذ خمسة أشهر !
بلغت نسبة البطالة في العام الماضي 60% بحسب تقرير للبنك الدولي و70 % من العمالة لدى شركات القطاع الخاص وجدوا أنفسهم في صفوف البطالة.
يقول مارك غولدرينغ، الرئيس التنفيذي لمنظمة أوكسفام بريطانيا :‘‘ يتم تجويع اليمن ببطء حتى الموت. في بداية الأمر فُرض حصار على الموانئ وعندما تم رفع جزئي لهذا الحصار تم قصف الرافعات في الموانئ، ثم المستودعات، ثم الطرق والجسور، هذا ليس بالصدفة .. هذا أمر ممنهج ‘‘. وأضاف غولدرينغ ‘‘ اقتصاد اليمن ومؤسساتها وقدرتها على إطعام ورعاية شعبها كلها تقف على حافة الانهيار . هناك متسع من الوقت لتدارك الموقف قبل أن نشهد جوعاً مزمناً قد يصل إلى مستوى مجاعة واسعة النطاق. القتال يجب أن يتوقف وطرق الإمدادات الأساسية من الغذاء والوقود والدواء يجب أن تفتح ‘‘.
وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة فإن عدد النازحين حتى أغسطس الماضي 3 ملايين و154 ألفاً و572 نازحاً ونازحة.
وفي إحصائية للمركز القانوني للحقوق والتنمية بعد 700 يوم من العدوان كانت حصيلة المجازر إنهاء حياة 12.041 و جرح  وإعاقة 20.001 مدني غير قادرين على تلقي العلاج من بين الضحايا ما يقرب من خمسة آلاف طفل !
تدهور الوضع الصحي
في السياق ذاته، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن نيفيو زاغاريا: يفتقر حوالي 15 مليون شخص في اليمن إلى الرعاية الصحية الأساسية والوضع الصحي في تدهور لغياب النفقات التشغيلية  ‘‘.
وتبين نتائج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) من يونيو 2016م أن 14.1 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 7 ملايين على حافة المجاعة.
من جهته قال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن جيمي مكغولدريك :إن الأوضاع كارثية وماضية في التدهور حيث أكثر من 7 ملايين يمني أصبحوا على حافة المجاعة من بين 17 مليون إنسان يعانون في الحصول على طعام ويتناولون وجبات غذائية غير كافية.
انعدام الأمن الغذائي
ووفقاً لتقرير تصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC) الذي صدر في يونيو العام الماضي ، يعاني 6.1 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي البالغ الخطورة ما يفرض حصولهم على مساعدة خارجية عاجلة.
في حين أطلقت الأمم المتحدة في فبراير من عامنا الحالي مناشدة بهدف جمع 2.1 مليار دولار لتوفير الغذاء والمساعدات الإنسانية العاجلة لنحو 12 مليون يمني مهددين بالمجاعة في هذا العام.
وبالتزامن مع تقرير منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة ، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة ‘‘ اليونيسف ‘‘من كارثة الموت الوشيك لنحو 1.4 مليون طفل جراء المجاعة في اليمن والصومال وجنوب السودان ونيجيريا.
وقال مدير وحدة الطوارئ في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) دومينيك بيرجون إن الوضع المعيشي في اليمن هو الأسوأ منذ 20 عامًا، واصفًا إياه بالمأساوي حيث يضطر المواطنون لبيع ممتلكاتهم والمواشي لتوفير الأغذية الأساسية، محذراً من حدوث كارثة إنسانية : ” من غير المقبول في القرن الــ 21 أن يواجه 20 مليون شخص خطر الموت جوعاً في مختلف أنحاء العالم”.
وفي تقرير لمحكمة الرقابة والتفتيش الأوروبية كشفت أنّ الدول الأوروبية قامت خلال عام 2016م بإلقاء نحو 88 مليون طن من الأطعمة في القمامة ، وهي كمية تكفي لإطعام 200 مليون إنسان.
وبحسب تقييم أجرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ‘‘ التقييم الطارئ للأمن الغذائي والتغذية ‘‘ فإن 17.1 مليون شخص في اليمن يواجهون صعوبات في الحصول على الغذاء من بينهم 7.3 مليون إنسان بحاجة إلى مساعدة غذائية طارئة، ومليونا طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
سوء التغذية
وبيّن التقييم أن معدلات سوء التغذية الحاد قد تجاوزت مستوى الطوارئ والمستوى الخطير في إحدى عشرة محافظة وسط تراجع مستمر في الإنتاج الزراعي.
وحذرت ميريتشل ريلانو ممثلة اليونيسف في اليمن من وفاة أطفال اليمن الذين يعانون من سوء تغذية حاد إذا تأخر إنقاذ حياتهم بالقول: ‘‘ حتى لو بقى أطفال اليمن المصابون بسوء تغذية حاد على قيد الحياة ، فإنهم مهددون بعدم القدرة على النمو بهيئة طبيعية ، ما يشكل تهديداً خطيراً لجيل كامل واستمرار غرق البلاد في حلقة مفرغة من الفقر وتدني مستوى التنمية ‘‘.
نهاية يناير الماضي تحدث مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين أمام مجلس الأمن : ‘‘ الحرب في اليمن هي المحرك الرئيسي لأكبر حالة طوارئ في مجال الأمن الغذائي في العالم حيث يموت طفل لا يتجاوز العاشرة كل عشر دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها مثل الإسهال وسوء التغذية والتهاب الجهاز التنفسي ‘‘. وأشار إلى أن 80% من الناس بحاجة إلى مساعدات غذائية ، ومليوني شخص على الأقل في حاجة إلى مساعدة غذائية طارئة للبقاء على قيد الحياة محذراً من أن 7.6 مليون شخص في اليمن على بعد خطوة من المجاعة ، مضيفًا ‘‘ هناك تراجع مروع في الدعم الذي تقدمه الجهات المانحة لملايين الناس الذين يحتاجون إلى الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية ‘‘.
ويعد برنامج الأغذية العالمي معدلات سوء التغذية بين الأطفال في اليمن من أعلى المعدلات في العالم، ويعاني نحو نصف إجمالي عدد الأطفال دون سن الخامسة من التقزم نتيجة سوء التغذية ، ويؤكد برنامج الغذاء أنه يسعى إلى علاج سوء التغذية والمساعدة على الوقاية منه بين أكثر من 700 ألف طفل في اليمن دون سن الخامسة ، معلنًا احتياجه لمبلغ 43  مليون دولار شهرياً لتوزيع المساعدات الطارئة على2.5  مليون يمني.
مستويات الجوع
بدوره ناشد مدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن ستيفن أندرسون العالم تأمين الدعم اللازم لتوفير الغذاء لـ 7 ملايين إنسان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد: ‘‘ مستويات الجوع الحالية في اليمن غير مسبوقة ، بحيث باتت تشكل صعوبات شديدة وتبعات إنسانية سلبية تؤثر على ملايين اليمنيين خاصة الفئة الأشد فقراً ، قد لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة لفترة أطول في هذا الوضع ‘‘.
وبحسب  الفاو واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي يعد القطاع الزراعي المصدر الرئيسي لمعيشة ما لا يقل عن 60% من الأسر ما تسبب في حدوث أزمة معيشية في ظل تراجع الإنتاج الزراعي، وباتت مليون ونصف المليون أسرة تعمل في الزراعة بحاجة ماسة إلى دعم زراعي طارئ، حيث أنها لم تعد قادرة حتى على الحصول على المداخلات الزراعية الضرورية ( بما في ذلك البذور والأسمدة والوقود لأغراض الري ) ، ومن بين هذه الأسر 860 ألف أسرة تعمل في قطاع الإنتاج الحيواني لم تعد قادرة على تأمين العلف، كما اضطرت أسر كثيرة تعتمد في معيشتها على الماشية إلى بيع قطعانها لتوفير متطلبات الحياة.
وحذرت الأمم المتحدة والمجلس النرويجي للاجئين من مجاعة وشيكة في اليمن تمس حياة 2.5 مليون شخص ، وقالت المنظمة الأممية للطفولة (اليونيسف) في تقرير حديث “معدلات سوء التغذية في اليمن هي الأعلى، وصحة أطفال اليمن الأفقر في الشرق الأوسط لم تشهد مطلقاً مثل هذه الأرقام الكارثية”.
وأوضح البيان أن مليوني ومائتي ألف طفل يمني يعانون سوء التغذية الحاد، وبحسب اليونيسف في البيان ذاته أنها في العامين الماضيين فقط دعمت علاج 460 ألف طفل في اليمن يعانون من سوء تغذية مفرط المأساوية، معلنة الحاجة لمبلغ 237 مليون دولار لمواصلة تقديم مساعداتها الإنسانية الغذائية والعلاجية، فيما حددت الفاو مبلغ 48.4 مليون دولار لمساعدة 3 ملايين يمني خلال عام 2017م.
نداءات لا تلقى استجابة
وفي إطار خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام ذاته، أطلق برنامج الأغذية العالمي نداءً لتأمين 950 مليون دولار لدعم أكثر من سبعة ملايين شخص في اليمن.
وقال مهند هادي المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ‘‘ يزداد الجوع كل يوم وقد استنفد الناس كل ما لديهم من استراتيجيات للبقاء ، وهناك الملايين من الناس لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة دون الحصول على مساعدات خارجية ‘‘.
وكان المدير الإقليمي قد أعلن نهاية أكتوبر الماضي احتياج برنامج الغذاء العالمي لمبلغ 60 مليون دولار وللدعم السياسي من المجتمع الدولي.
وساعدت المعونات الخارجية في منع حدوث كوارث إنسانية في مناطق معينة ولكن الاحتياجات تتزايد لتتجاوز الموارد المتاحة، حيث قال توربين دو المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن ‘‘ هناك جيل كامل يمكن أن يصاب بالعجز بسبب الجوع ، نحن بحاجة لرفع مستوى مساعداتنا المنقذة للحياة للوصول بالمساعدات الغذائية والعلاج الوقائي إلى عدد أكبر من الناس في الوقت المناسب” .وأضاف “نأمل توفير حصة كاملة لكل أسرة محتاجة، ولكننا للأسف نضطر في الوقت الحالي للحد من حجم السلة الغذائية وإلى تقسيم المساعدات بين الأسر الفقيرة لتلبية الاحتياجات المتزايدة”.

قد يعجبك ايضا