مبان تاريخية معرضة للاندثار بفعل الإهمال المتراكم منذ عقود

*حي السور بالحديدة .. تاريخ يعانق البحر

استطلاع / عبدالباسط النوعة

تحتضن عروس البحر الاحمر (الحديدة) معالم تاريخية عريقة وقديمة بقدم الارض اليمنية ففيها واحد من الاحياء القديمة الذي يحتضن الكثير من المباني القديمة شاهقة الارتفاع جميلة البناء اصيلة المعمار مزخرفة الجدران تكلم هي حي السور الذي يعد واحدا من أقدم الاحياء في هذه المدينة الفاتنة ويقع هذا الحي قرب البحر على بعد خطوات قليلة من الشاطئ وبالقرب أيضا من قلعة الحديدة التاريخية المعلم الأشهر في الحديدة وهذا الحي بمنازله التاريخية الكبيرة والواسعة ذات الزخارف والنقوش البديعة والنوافذ المستطيلة عندما تتجول بين أزقته ومنازله القديمة تشعر أنك تعيش في العصور الغابرة منازل الحي أشبه بقصور كونها تمتاز بضخامة البناء وعظمة المعمار وارتفاعه الشاهق.
عندما زارنا هذا الحي وتجولنا بين أزقته ومنازله والتقينا عددا من سكانه الذين تحدثوا عن مأساة يعيشونها بين جدران هذه المنازل القديمة ذات القيمة الحضارية الاستثنائية.
فهم يدركون ان هذا الحي يعد أقدم احياء الحديدة ويستدلون على ذلك أنه يقع بالقرب من قلعة الحديدة ، ويؤكدون ان منازلهم القديمة تعود إلى فترات زمنية مختلفة إلا أن معظمها كما تنص عليه الألواح التأسيسية أو بالأصح الخشب المردم الموجود فوق كل باب والتي تورد عددا من النصوص ربما قرآن كريم أو حكمة وفي بعض المنازل شعر وتورد هذه الألواح الخشبية الفترة الزمنية التي بني فيها كل بيت فمنها ما يعود تاريخه إلى ما قبل 300 عام وأخرى إلى 400 عام ومنها 200 عام..
ويقول من التقيناهم من اهالي هذا الحي إن سكانه يعيشون حالة من الرعب والخوف بسبب الحالة المتردية لهذه المنازل ويخشون أن تنهار عليهم بأي لحظة وتسقط على رؤوسهم.حيث تحدث البعض عن أحد المنازل الذي انهار قبل اكثر من ثلاثة اعوام ولولا أن قدرة الله جعلته ينهار والسكان خارج المنزل لكانت كارثة بكل المقاييس فالأسرة التي كانت تسكن هذا البيت المنهار كبيرة أطفال ونساء ورجال بحكم أن كافة منازل الحارة كبيرة.
منازل شبه منهارة
مواطن آخر أخذنا إلى منزله وأطلعنا على الأضرار الموجودة في هذا المنزل والتشققات المنتشرة هنا وهناك على الجدران والأسطح يقول: نخشى كل يوم عندما ننام أن لا تطلع علينا شمس ولا ندري ماذا نفعل حاولنا طرق أبواب الجهات ذات العلاقة في المحافظة رفعنا إلى صنعاء من أجل ترميم المنزل الذي لا نملك سواه ولكن دون جدوى وليس لدينا الإمكانيات المادية التي تجعلنا نقوم بالترميم كوننا من ذوي الدخل المحدود.مواطن آخر يصيح من بعيد ماذا ستعمل لنا الحكومة والدولة هل ينتظرون أن تنهدم هذه المنازل على رؤوسنا وبعدها تتحرك ولكن بعد أن يفوت الأوان.
المناخ يفاقم الأضرار
ما رأيناه في هذا الحي القديم ذات المباني الفريدة يندى له الجبين فالحالة التي وصلت إليها المنازل بفعل الإهمال وعوامل المناخ يصعب وصفها ويمكن أن تحدث كوارث في هذا الحي من خلال تهدم تلك المنازل التي تمثل تاريخا عريقا فوق رؤوس ساكنيها.
وحول الأهمية التاريخية والحضارية لهذه المباني يقول المهندس نبيل منصر نائب رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية والذي كان سبق وإن زار هذا الحي عدة مرات: فعلا حي السد يحوي منازل غاية في الجمال والأهمية التاريخية وتستحق هذه المنازل أن تكون منطقة محمية لأنها المنطقة الوحيدة التاريخية المتبقية في مدينة الحديدة ويجدر بالدولة الحفاظ عليها وإن كان الحي بهذه المنازل القديمة يستحق وبجدارة أن يندرج ضمن قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو إلا أنه ينبغي على الأقل أن يدرج ضمن القائمة الوطنية لدى الحكومة اليمنية.
وأضاف: لا بد على الجهات المعنية أن تبدأ سريعا بالتحرك في ترميم المنازل والحيلولة دون سقوطها فهذه المباني فعلا جميلة وكبيرة يمكن إعادة استخدامها كمساكن للسكان ليس لأسرة واحدة وإنما لعدة أسر في البيت الواحد أو يمكن أن تستخدم مراكز حكومية أو مبانُ عامة.
بيئية المكان
ومن الناحية الفنية يؤكد منصر أن هذه المباني تاريخية وتعكس تاريخ مدينة الحديدة وعلاقتها بالبحر وبالعالم وعلاقتها بالمناطق المجاورة على مستوى تهامة وساحل البحر الأحمر..مشيرا إلى أن هذه المباني ربما تكون قد عملت البناء وفن العمارة للمناطق المجاورة خارج اليمن لا سيما تلك المناطق القريبة من البحر ولهذا لا بد من الحفاظ على هذه المباني وإعادة تأهيلها..
ولعل الأشياء التي وجدناها تشوه النسق المعماري في هذا الحي القديم هو انتشار العمارة الحديثة التي تستخدم الاسمنت والخرسانة المسلحة ، وهنا يوضح نبيل منصر أن هذه المباني الحديثة لا تشوه الطابع التقليدي بشكل كبير كما هو الحال في المدن التاريخية والأهم من كل هذا هو سرعة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه المباني التاريخية القديمة التي صممت بعناية فائقة لكي تتلاءم مع العوامل البيئية وعوامل التهوية بل وعوامل العيش السليم.