مخاطر الوهّابية التكفيرية

احمد الحبيشي
تشهد المنطقة العربية منذ عام 2011 الأسود ، مؤامرات خطيرة تستهدف إعادتها لعهود الاستعمار والرجعية والتبعية ، ولعل القاسم المشترك بين مخرجات ( الربيع العبري) الذي خططت له وموّلته وأشرفت على تنفيذه واشنطن وتل أبيب والرياض ، بالتنسيق مع التظيم الدولي للإخوان المسلمين وممالك النفط والجماعات الوهّابية التكفيرية ، هو استخدام ورقة ” الإسلام السياسي” بهدف تنفيذ مخطط تفكيك الدول والجيوش التي وُلدت من رحم الكفاح الوطني ضد الاستعمار ومن أجل التحرر والاستقلال.
في هذا السياق تزايدت مخاطر الجماعات الإرهابية التكفيرية المسلحة والخطاب الطائفي والعنصري والمناطقي ، تحت مُسمّى (المقاومة الشعبية أو المعارضة المعتدلة) بدعم وإسناد عسكري ومالي وسياسي وإعلامي من القوى الاستعمارية والرجعية والصهيونية ، من أجل خدمة مشروع تفكيك الوطن العربي ودوله وجيوشه الوطنية ، تحت شعار (الشرق الأوسط الكبير) ، حيث خرج من رحم تنظيم “القاعدة” جيل جديد من التظيمات الإرهابية الوهّابية المسلحة التي تحمل مُسميات (اسلامية) مختلفة ، وترتكب مذابح دموية لم تعرف لها البشرية المعاصرة مثيلا ، بالتوازي مع انتشار الفكر الوهّابي التكفيري ، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية ، وبث ثقافة الكراهية في أوساط المجتمع ، والإدعاء باحتكار تمثيل وتعريف الإسلام.
الثابت ان مخطط تفكيك الدول والجيوش العربية ، وإعادة خارطة المنطقة ، يراهن على استخدام التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في تنفيذ مشاريع التفكيك والتقسيم ، بالنظر إلى أنه يتبنى مشروعا سياسيا وإيديولوجيا لا يؤمن بحقيقة الوطن والولاء الوطني ، ويسنخدم الإسلام كشعار مموّه للوصول إلى السلطة لا غير.
لم يعُد خافيا على أحد ، أن هذا التنظيم يمتلك تاريخا طويلا من التعاون والتخابر مع أجهزة الاستخبارات الاستعمارية ، في مواجهة الحركات الوطنية والقومية ، والأفكار التنويرية و التحررية والتقدمية ، التي رفعت شعارات الاستقلال عن الاستعمار والكفاح ضد الاستبداد ، بدءا بالشيخ محمد عبده ورفاعة رافع الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني وعبدالرحمن الكواكبي وأحمد عُرابي في القرن التاسع عشر ، مرورا بسعد زغلول ، وانتهاء بجمال عبدالناصر في القرن العشرين.
وقد شهدت الفترة الماضية منذ ثلاثينات القرن العشرين حتى الآن ، متاجرة غير مسبوقة بالدين الإسلامي الحنيف ، كغطاء للوصول إلى السلطة بالتعاون والتنسيق مع أجهزة استخبارات الدول الاستعمارية.. وكان التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية التكفيرية الوهّابية التي ولدت من رحمه برعاية مملكة آل سعود الوهابية ، وفي مقدمتها (القاعدة وجبهة النُّصرة وأنصار الشريعة وجيش محمد ، وحُماة العقيدة ، وداعش ، وجيش عدن ــ أبين الإسلامي ) وغيرها من المسمّيات التي تستخدمها الدوائر الاستعمارية والرجعية والصهيونية لتمرير مخططاتها المعادية لآمال وتطلعات الأمة العربية والإسلامية.
لم يكن الإسلام سوى غطاء للوصول إلى السلطة والحكم باسم الإسلام بواسطة نشر الفكر الوهّابي التكفيري ، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين أتباع الأديان السماوية ، وهو ما تميّز به مخطط سايس بيكو لتقسيم المنطقة العربية بين بريطانيا وفرنسا بعد انهيار الاستعمار العثماني في الحرب العالمية الأولى ، وهما أكبر دولتين استعماريتين في العصر الحديث ، بالإضافة إلى مشروع إنشاء الدولة الصهيونية الذي تم الإعلان عنه بصدور وعد بلفور وزير الخارجية البريطاني آنذاك ، بالتزامن مع مشروع إنشاء الدولة السعودية الذي تولّى السير بيرسي كوكس رعايته والإشراف على تنفيذه ، وهو من كبار خبراء وزارة المستعمرات البريطانية.
الشعب اليمني يريد أمناً واستقراراً وحياةً كريمةً وديمقراطية وحرية وعدالة ومساواة بين الجميع ، بحسب ما تقتضيه القيم الإسلامية الحقيقية والقيم الإنسانية المشتركة التي تجمع كافة الأمم والشعوب والأديان السماوية.
ان قضية الدفاع عن الوطن في وجه العدوان السعودي والمخططات الاستعمارية تتطلب من كل القوى الوطنية الارتقاء إلى مستوى مواجهة المؤامرات والتحديات التي تتعرض لها الأمة العربة والإسلامية ، الأمر الذي يضع أمامنا جميعاً واجب التصدّي للمشاريع الاستعمارية الجديدة والأدوات التي تستخدمها القوى العدوانية والغازية من أجل إضعاف وحدة القوى الوطنية وتمزيق أوطاننا وشعوبنا وتفكيك جيوشنا ، ونشر الإرهاب المستند الى الفكر الوهّابي التكفيري برعاية مملكة آل سعود.

على هذا الطريق يتوجّب علينا جميعا تجسيد الولاء للوطن في سلوكنا وحياتنا ، والابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة النزعات الطائفية والمذهبية ، وحشد كل الطاقات والقدرات لمواجهة العدوان السعودي الغاشم والحصار الاقتصادي والمالي الجائر ، والدفاع عن السيادة والاستقلال.
مخاطر الوهّابية/ خالد محمد عرهب ج8

1

قد يعجبك ايضا