ربات الأسر مفتاح أمان الأسرة من الاضطرابات المالية

*في ظل استمرار الحصار الهمجي:
الأسرة/نجلاء الشيباني
تجد الكثير من الأسر نفسها في صراع دائم مع متطلبات الحياة خاصة مع استمرار العدوان العنجهي على بلدنا الحبيب مما تسبب في مضاعفة المعاناة التي يعاني منها المواطن اليمني بالتزامن مع صمت المجتمع الدولي الذي فقد ضميره الحي في التعامل مع الأزمة اليمنية وها نحن نطل على بداية شهر مبارك يصطحب معه متطلبات إضافية على عائل الأسرة المسؤول الأول عنها.. فالدخل محدود والمتطلبات الأسرية تفوقه بكثير.. ترى كيف يتصرف رب الأسرة أمام هذه الاحتياجات؟ وأين الأسرة اليمنية من ثقافة الادخار ومقولة القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود؟ وبماذا ينصح المختصون لمكافحة الضغوط النفسية والاقتصادية التي تطرأ جراء المتطلبات.. نتابع:
عجزت مريم أحمد بملامحها الهادئة عن توفير أي مبلغ تواجه به الظروف الطارئة وبعد بحث طويل عن السبب اكتشفت مريم التي تشارك زوجها في إعالة أطفالها الثلاثة أنها تنفق 15 ألف ريال شهرياً ثمنا للخبز !! صدمة الاكتشاف دفعتها للاستغناء عن امدادات المخبز والاعتماد على الخبز المنزلي وألزمتها الميزانية الجديدة إضافة جهد لمجموعة مهامها المنزلية.
محدودية الوعي
على العكس من مريم حال فاطمة أم الأطفال الثمانية.. محدودية الوعي لديها جعلها تفشل في ترتيب ميزانية أو ادخار أي مبلغ ينقذها وقت الازمات وفي تدبير احتياجاتها وقت الطوارئ كقدوم شهر رمضان مثلاً وها هي الآن كما تقول تبحث عن دين لشراء المتطلبات الرمضانية.
لكن محدودية الوعي لا تعفي عائشة المعلمة المتخرجة من قسم الاجتماع بكلية التربية إزاء اختلال ميزانية بيتها والموازنة بين الدخل والانفاق، إذ تؤكد عجزها وزوجها المعلم عن ضبط مواجهة نفقات إيجار السكن ووايتات الماء وأساسيات الحياة الأخرى والتمتع بأمن غذائي وحالة معيشية مستقرة تمنحها العيش بهدوء واطمئنان مع طلفتها سناء ابنة الخمس سنوات التي تسأل أحيانا عن حاجات تراها مع الأطفال الآخرين ويعجز والداها عن توفيرها.
بناء المنزل
يؤكد الدكتور محمد معمر أستاذ علم النفس في جامعة صنعاء على فكرة مريم ويقول: يجب على الإنسان تكييف حالته المعيشية مع دخله البسيط حتى يكفل لأسرته العيش باستقرار من دون التأرجح بين ضيق الفقر وسعة الغنى.
بينما يرى أستاذ علم الاقتصاد في جامعة صنعاء الدكتور محمد الحاوري أن المنزل هو عملية استثمارية تترجم تطلعات الأسرة من خلال بناء أسس للاستقرار في المنزل ومستوى تربية الأطفال والحالة المعيشية المستقرة ويردف: جمعيها عوامل تساعد في إيجاد اسر مستقرة تستطيع الموازنة بين الاستهلاك وتوزيع مخصصاتها مع احتياجاتها الأساسية الموزعة على العام من مأكل ومشرب وغيرها من المتطلبات.
صندوق منسي
الدكتور محمد الحاوري ينوه هنا بضرورة تواجد صندوق منسي تلجأ إليه الأسرة.. ويقول: الوضع الاجتماعي الراهن يتطلب أن يكون لدى الأسرة احتياطي نقدي للضروريات ولمواجهة الصعوبات المستقبلية التي قد تتعرض لها الأسرة.
ويقدم دكتور علم الاقتصاد وصفة ناجحة مفادها توفير خمسة إلى 10 % من الدخل ونسيانه حتى يأتي وقت طلبه، متمنيا ارتفاع الوعي بأهمية الادخار والتفكير بطريقة تهتم بإعداد ميزانية للأسرة.
وفي هذا الجانب، يلفت الدكتور الحاوري إلى أن المرأة تتحمل مسؤولية تدبير تصريف الراتب حيث تخطط وتوزع ميزانية أسرتها بما يلبي ويوفر احتياجات أسرتها من السلع الضرورية .. ويضيف : ستجد المرأة فائضا ماليا بسيطا تستطيع من خلاله إضافة بعض الكماليات الأسرية.
من هنا يعتبر الدكتور الحاوري أن جهل الأسرة اليمنية بأهمية التوفير والادخار وإعداد الميزانية سبب في تدهور وضعها اجتماعيا ومادياً حيث يلقي الزوج كافة مسؤولياته على زوجته بينما هي تنفق حسب المطلوب ومن بعد تحاول إيجاد المعدوم وأحيانا أخرى يتولى الزوج التدبير للصرف فيمنح الزوجة مصروفاً يومياً ويحاسبها عن مكان انفاقه ويسترد ما تبقى منه من دون أن تستطيع هي توفير الفائض.
تبعات نفسية!
في السياق نفسه يؤكد استاذ علم النفس الدكتور محمد معمر أن اضطراب ميزانية الأسرة يخلف اضراراً نفسية على الأطفال ويقول: «قد يعاني الطفل اضطرابات نفسية وانحرافاً ليس بسبب الفقر ولكن نتيجة شعوره بتجاهل أسرته لطلباته والعبث برغباته من خلال منحه وعوداً لتوفيرها ثم لا يتم شيء مما يدفعه إلى محاولة ايجادها وتوفيرها بطريقته الخاصة التي قد تصادف أساليب خاطئة ومنحرفة خاصة إذا كان في سن المراهقة لأن الطفل أو الشاب لا يستوعب شيئاً سوى تحقيق رغباته بأي طريقة سلوكية خاطئة حيال عدم تلبية احتياجاته والسخرية منها عن التسويف أو الكذب عليه بتوفيرها لاحقا أو تجاهلها .
جرعة علاجية
دينياً تؤكد المراجع أن الإسلام أعلن الحرب على الفقر وشدد عليه الحصار وقعد له كل مرصد دوءا عن العقيدة وعن الأخلاق والسلوك وحفاظاً على الأسرة وصيانة المجتمع وعملا على استقراره وتماسكه وسيادة روح الإخاء بين أبنائه هنا أوجب الإسلام أن يتحقق لكل فرد يعيش في مجتمعه ما يحيا به حياة إنسانية لائقة وتتوافر له فيها على أقل تقدير حاجاته المعيشية الرئيسية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس للصيف وآخر للشتاء.
القرآن الكريم والسنة النبوية حددا مواقف الإسلام من التبذير والبذخ وضيق العيش فجعل الصبر مفتاحاً لزوال هموم الفقر وضيق الحال وجعل الصدقة وفك ضيق الآخرين والتمسك بالتعاليم الدينية أساسا لتسهيل العيش كما أكد الله تعالى في سورة الانشراح على ضرورة الصبر بعد أن اختتم الآية بوعد « إن مع العسر يسراً» وفي السنة النبوية قال النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم «من قرأ قل هو الله أحد حين يدخل إلى منزله نفث الفقر من أهل ذلك المنزل والجيران»رواه الطبراني عن جرير. وتحفل الشريعة الإسلامية بتعاليم تشدد على التفكير والتدبير والتيسير والتفريق بين التوكل على الله في طلب الرزق والعمل وبين التواكل والاتكال.
التخطيط السليم
وهو ما يؤكد عليه العلم الحديث فيقدم الأكاديميان د. محمد معمر ود.محمد الحاوري حلولا بسيطة لربات الأسر باعتبارهن مفتاح سلامة الأسرة من الاضطراب المالي يلخصانها أولا في التخطيط السليم لمخارج الراتب وتحديد احتياجات الأسرة المالية والمعيشية بهدف إدراجها ضمن الميزانية التي يشترك فيها الزوجان ويصران على التزامها وثانياً في المصارحة فليس من واجب الأبوين تزييف الحقائق لأبنائهما الذين يتمنون أموراً متعبة ومكلفة على أسرهم كونهم لا يشعرون ولا يعلمون بحقيقة أوضاع .أبويهم… وحدود فقرهما أو غناهما وثالثاً المصدر الإضافي للعيش عبر إيجاد صندوق ادخار منزلي للطوارئ ليكون منقذاً للميزانية وحلاً مريحاً للأسرة لكي تضمن ثلاثين يوماً هادئاً من دون عناء التفكير في ماذا سنأكل غداً.

قد يعجبك ايضا