في طريق الصبر والبناء

عبدالوهاب شمهان

كلما لاح أفق السلام أدركنا أن المراحل للوصول إلى سلام دائم لازالت طويلة وتقتضي من اليمانيين الكثير من الجهد والسعي الجدي نحو حوار صادق وبناء وهذا الحوار لا يمكن أن يتحقق في ظل غياب القرار النابع من الروح اليمانية المشهود لها على مر التاريخ بالحكمة والقوة والجنوح  للسلم والسلام وأقرب الأحداث تشير إلى أن اليمانيين يحققون بذاتهم الكثير من إنجازات التعايش والالتقاء لكن نزعة الأنا الحزبية والفردية اليوم  وحب السلطة والسيطرة على مراكز القوة والمال والثروة كثيرا ما تقود من يُعتمد عليهم إلى الخروج عن المألوف المتعارف عليه في حب الأرض والدفاع عنها لتقودهم إلى مصاف العدوان رغبة منهم في التنكيل بخصومهم  و بكل معارض  للعدوان  ولو كان الشعب اليماني بأكمله وهذا هو الفعل القائم منذ 2011م تنكر وخروج وانقسام في الصفوف والوقوع في فخ عاصفة الحزم والانضمام إليها بكل قوة وعنف دون اكتراث للعواقب والنتائج المدمرة وإن حسب لانتصارها الأيام والأسابيع فقد خاب الأمل ولم يتوقع لكل مشارك أن يكون التدمير المتواصل لليمن  للعام الثالث على التوالي فأصبح من خرجوا أسرى فكرة الانتقام والقضاء على عفاش والحوثي بحجر واحد أسرى للمملكة والإمارات وعطائهما إلا أن  العيب الأكبر تمثل في الدبلوماسية اليمنية في كل أقطار العالم فلم يكن بينهم رجل وفي لليمن فقد أثبتوا أن ولاءهم لغير اليمن وأن لا ولاء لليمن وشعبها وأن الدبلوماسية اليمنية في السفارات لا تتعدى المساومة والتجارة والمجاملة فلم نسمع منهم كلمة لا للعدوان  ولا عذر لأحد منهم  ولو انقطع الزاد خير من التذلل على حساب اليمن وشعبه ولذلك فإن أمام  وزارة الخارجية حاليا ومستقبلا تقع مسؤوليات  إعادة بناء الولاء لليمن فقط فهي في أهميتها مثل الجيش والأمن الذين أثبتوا أنهم مع اليمن عدا  الذين انصهروا  تحت لواء المؤامرة إما خشية من تعنت او غرربهم او طمعا في المال والجاه   نسأل الله لنا ولهم الهداية والتقوى من الله حقا والرجوع إلى صواب الأمر مع الوطن والدفاع عن اليمن لا منتفعين في مشاركة تدمير اليمن  لصالح عدو إجنبي متربص بالعروبة والإسلام  . فالدين والوطن هما وحدهما  من يجود الإنسان بدمه الغالي من اجلهما والوطن يشمل  التراب والدار والولد والعرض والمال والكرامة أما الدين فمعلوم (ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) …ومن هنا نؤكد  أن لكل منتسب لقطاع من قطاعات الدولة او للقطاع الخاص وظيفة يجب أن يؤديها ويقوم بواجباته نحوها وأن على من يتولى السلطة عليه أن يقوم بواجبه تجاه كل منتسب لخدمة الدولة كما هي مهمة القطاع الخاص تجاه المنتسبين إليه إلا أن واجبات الدولة تكون أكثر وجوبا وحضورا لأنها القدوة والحامية للمصالح العامة والخاصة وإذا فسدت وظيفة الدولة فسدت الحياة وتعثر أداء الوظيفة العامة و يقال ( إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع )  وكل لما خلق له وتربى وتدرب للقيام به وجميع الوظائف مسؤوليات مرتبطة بالحياة العامة وحمايتها واستمرارها ولا وجود للدولة إلا بها ومن يتولى أمراً لاشك أن الوضوح يكون مرآته والصدق مذهبه والحزم موقفه وإلا صار الناس بلا راع يدبر لهم حياتهم وينظم مؤنهم ومعاشهم فلا تستقر الحياة ولا يستتب الأمن بالعصا الغليظة فقط وإنما للناس شرايين يجب أن يضخ فيها الدم وتلك مشيئة الله ولا يضخ الدم في الجسد  إلا بقضاء الحاجات ومن تولى أمرا فشق على الناس فإن الله لاشك كفيل به. أو كما جاء في الحديث عن عائشة أم المؤمنين أنها سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ) والسمع والطاعة واجبة فيما استطاع الناس ..وهذا يشير إلى ما صار إليه الحال في بعض قطاعات الدولة واخص بالذكر قطاع السياحة  وهو قطاع حيوي في نشاطه وخدماته وصنائعه يعتمد في القيام بها على كثافة اليد العاملة ولذلك تجده مجالا واسعا لكسب المعاش والسعي للرزق الحلال شأنه شأن كل قطاع يقدم خدماته للسكان والمقيمين والزوار والسياح في السلم والحرب مقابل قيمة او أجر معلوم ولقد أصيب هذا القطاع في إدارته الموجِهة والمُشرفة عليه بشلل أصاب عمودها الفقري الذي تقوم عليه منذ تحرك  أحداث 2011 التي دمرت مبنى السياحة وما احتواه من تجهيزات ومستلزمات عمل بلغت قيمتها المئات من ملايين الريالات وهي ملك للدولة والشعب كان استباحتها ونهبها وبيعها والسماح بها  جريمة أدت الى تشريد الموظفين  من مبنى إلى آخر ولم تنظر أي حكومة لطلب استعادة مبنى السياحة حيويته ونشاطه وكل فريق وظف هذا المطلب لما يحز في نفسه من مكايدة للآخر حتى كان العدوان برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ومساندة ما يسمى بالمجتمع الدولي وبينهم الأصدقاء لليمن والواقع يشير  أن لكل دولة سياستها وفي السياسة لا صداقة دائمه ولا عداوة دائمه وإنما المصالح المستمرة أينما ظهرت هي الدائمة وهي المطلب الذي يحافظ عليه ولو كان فيه فناء بلدان  وحياة شعوب  وقد كانت الضربات الأولى موجهة  لقطاع السياحة تعمدا  حيث شمل القصف المباشر والتدمير الشامل  كافة المنشآت السياحية  في كل مناطق ومدن المواجهة الحدودية وكل مناطق الاستثمار والمدن والمواقع السياحية الطبيعية والبيئية والتاريخية والآثارية حتى  الحمامات الطبيعية وأماكن الاستجمام لم تسلم  وكل ما  هو مساعد  لاستمرار الحياة والعمل والانتقال وزاد الطين بله وضع هذا القطاع في المهمل من شؤون الدولة واستبعاده من كل عناية ورعاية حتى صار المبنى المستأجر الخالي من مستلزمات العمل والمكاتب والكراسي مقرا للأشباح  وكل من زاره يعد بأن يعالج  متطلباته الأساسية ودفع ايجاره ثم يقف أمام حصن المالية لايفتح له بابا ولا يستجاب له طلب . والمالية لاتعد هذا القطاع ماليا  من مقومات عمل الدولة وهو  الجاذب للاستثمارات المحلية والخارجية وأن المستقبل يكمن في الاهتمام به فهو يضم أكثر المنشآت حيوية وطلبا واستيعابا للعمالة بكثافة  وهي  منشآت الطعام والشراب والمنشآت الفندقية بكل مستوياتها وتنوعها والوكالات السياحية والمهن السياحية المختلفة ومكاتب تأجير السيارات ووسائل النقل الأخرى  وغيرها من الخدمات كما ترتبط بتشغيل الكثير من القطاعات المساعدة كالاتصالات والتجارة والتسوق والطيران وانعاش وتنمية المجتمعات المحلية والمناطق الريفية والساحلية والجبلية والصحراوية والكثير من المهن والأنشطة . وهو القطاع الذي تظهر عليه الرعاية والعناية والاهتمام إذا قدمت وذلك بعودت العافية سريعا إلى  كافة مرافقه  وهذا ما يجعل كل مشتعل ومهتم بهذا القطاع أكثر تفاؤلا بالمستقبل وأكثر حرصا على استمرار المطالبة  برعاية الدولة له وتطوير منظومته التشريعية والعناية بالتدريب والتأهيل لكوادره وخاصة العمالة السياحية في كافة المنشآت السياحية أما أن تظل الصورة الضبابية القاتمة لدى كل مسؤول في  الحكومات اليمنية فلا يزيد اهتمامهم عن حديث مفرغ من كل عمل مساند فعلي ومن كل موقف  داعم وكل اهتمام جاد فكل ما يدور  لا يزيد عن كونه حديث  للإعلام والإعلان والدعاية وتلوين زي الحكومة بالألوان الناصعة  الملفته للأنظار حتى في مجالات الاهتمام بالمدن  التاريخية والأثرية والمعالم  ومواقع الآثار والمتاحف والمواقع السياحية الطبيعية والبيئية مجرد اهتمام خال من كل عمل يقود إلى استغلال تلك المناطق والترويج لها والإنفاق من أجلها والمحافظة عليها .
-إن حكاية السياحة اليمنية قصة طويلة بحاجة إلى من يتدارك فصولها ويربط فيما بينها ويحسن التنسيق لخطوطها ويلم أماكنها ويهب وقته وجهده لإخراجها إلى الحياة بما يليق باليمن وحضارته وعقيدته الإسلامية وتطلعه للحياة والتعايش مع الأمم  لا أن يشارك في دفنها وتغييبها وسلام الله على كل يد عملت وتعمل وستعمل في خدمة السياحة وتنمية خدماتها ونشاطها واستثمارها وحمايتها . ونتمنى لقيادة الوزارة توحيد الرؤية وتكاملها ولا يوجد فرد واحد مهما بلغت قدراته أن يكون حاملا لكل الأعباء و ملما بكل التفاصيل ولا يمكن تحقيق الصورة الرائعة للإدارة إلا بالتقارب والتكاتف واحترام القدرات والمسؤوليات وإعطاء الصلاحيات وفقا للوظائف ومهامها وتمنياتنا للأخ الوزير والوكلاء ومدراء العموم كل النجاح لاعادة الحياة الإدارية إلى سابق عهدها ففيهم جميعا القدرة المتكاملة التي يمكن من خلالها تجاوز الصعاب مع القليل من الدعم  المعين وأقصد به دعم مجلس الوزراء ووزارة المالية فلا ادارة بدون مستلزمات العمل ولا وزارة بدون رعاية وعناية واهتمام ومتابعة .

قد يعجبك ايضا