الوحدة مستمرة وثابتة بوعي أبناء الشعب اليمني ولا بد من ردم هوة الانفصال التي خلقها العدوان

> الكاتب والمحلل السياسي  زيد الغرسي لـ”الثورة”

> إعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي في عدن من قبل الاحتلال خطوة للدفع بالمحافظات الجنوبية  نحو الانفصال تحت شعار إنصاف أبناء الجنوب
> العدوان يراهن على إذكاء الصراعات المناطقية والمذهبية لتفكيك النسيج المجتمعي
لقاء / أسماء حيدر البزاز
الكاتب والمحلل السياسي زيد الغرسي يتحدث لنا في حوار شيق عن التحديات الجسيمة التي تستهدف الكيان الوحدوي للجمهورية اليمنية من قبل دول الاحتلال التي فشلت في مواجهة البلاد عسكريا ، وتراهن اليوم على تحقيق مشروعها التدميري بإذكاء الصراعات المناطقية والمذهبية وتحت شعارات مدغدغة لأبناء المحافظات الجنوبية استغلالا همجيا لقضيتهم ، وتطرق الغرسي إلى عدد من القضايا المحورية التي تستهدف الجبهة الداخلية في مؤامرة عالمية وصفها بالخطرة إن لم يتم مواجهتها بحزم وصمود واستبسال على مختلف الاصعدة والمجالات. . تفاصيل عدة تقرأونها في سياق اللقاء الآتي.. نتابع:
بداية كيف تقيّمون ثبات الوحدة اليمنية طيلة 27 عاما خاصة في ظل العدوان الذي يسعى جاهدا لاستهداف الوحدة ومحاولات إعادة التشطير و الانفصال؟
– بداية أشكر صحيفة الثورة الصامدة على إجراء هذا الحوار الذي يناقش قضية مهمة وحساسة في تاريخ اليمن وحقيقة.. الوحدة اليمنية تحققت بإرادة شعبية حقيقية مما كان يعرف بالشطرين الشمالي والجنوبي وتوجت هذه الإرادة في عام 90 باجتماع شمل اليمنيين تحت دولة واحدة لكن جاءت بعض المراحل التي تعرضت فيها الوحدة لاستهداف بسبب بعض التصرفات التي أساءت فهم الوحدة الاندماجية وجعلت من الوحدة مغنما لا شراكة ثم جاءت تبعات ذلك في ظهور القضية الجنوبية التي كانت تنادي بمطالب حقوقية لا لبس فيها وبالرغم من كل ذلك لازالت الوحدة بفضل الله مستمرة وثابتة بوعي أبناء الشعب اليمني  فالوحدة اليمنية تمثل ركنا مهما في طريق توحد الأمة العربية والإسلامية وجاءت حينها كبارقة أمل لبقية شعوب المنطقة وأوقعت تغييرا استراتيجيا في المنطقة لصالح الشعوب ولذلك تسعى دول الاستكبار بقيادة أمريكا وأنظمة الخليج إلى  تقسيم اليمن وتفكيكية لكنتونات صغيرة عبر ما سمي بالأقاليم الستة التي عجزوا عن فرضها في مؤتمر الحوار ليعودوا حاليا عبر غطاء العدوان لفرض ذلك وهذا ما نلمسه في تحركات دول الاحتلال من السعودية والإمارات في المحافظات الجنوبية المحتلة…
تحديات
برأيكم كيف يمكن الحفاظ على هذه الوحدة في ظل هذه التحديات ؟
– لا شك أن محاولات تقسيم اليمن وتفكيكه أصبحت واضحة للعيان وبالذات في السنوات الأخيرة وهناك عوامل يستغلها العوان لتغذيتها خدمة للانفصال ولذلك فالحفاظ على الوحدة يتطلب عدة خطوات حقيقية لردم الهوة التي أوجدها العدوان وأول حل لذلك الاعتراف بوجود أخطاء سياسية مورست ضد أبناء المحافظات الجنوبية والعمل على حل تداعياتها من خلال التطبيق الفعلي والجاد والحقيقي للنقاط العشرين التي أعلن عنها  قبل مؤتمر الحوار ثم العمل على فتح قنوات تواصل مع كافة فصائل الحراك الجنوبي والعمل سويا لحل كل العراقيل والمشاكل وفي المقابل أيضا هناك مسؤوليات على أبناء المحافظات الجنوبية تتمثل في عدم ارتهان بعض القيادات للخارج ومشاريعه التدميرية وبهكذا يمكن الوصول لحلول جدية ودائما إذا ما جلس اليمنيون بدون تدخلات خارجية نجد أن الحلول سهلة وليست صعبة.
مجلس عدن الانتقالي
وكيف تقرأون إعلان المجلس الانتقالي في ظل احتفالات بلادنا بعيد الوحدة الوطنية؟
– أعتقد أن إعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي في عدن من قبل دول الاحتلال وخاصة الإمارات خطوة للدفع بالمحافظات الجنوبية نحو الانفصال حيث يأتي في سياق تحركات سابقة تمثلت في تشكيل جيوش لكل محافظة جنوبية  بمسميات مختلفة كالنخبة الحضرمية في حضرموت أو الحزام الأمني لعدن وغيرها ثم إعلان ما سمي بمؤتمر حضرموت الجامع الذي يهدف إلى فصل حضرموت عن اليمن تماما واعتبار جزيرة سقطرى خارج الجغرافيا اليمنية تحت مبرر تأجيرها من الفار هادي.هذه الخطوات وغيرها تؤكد المشروع الأمريكي لتقسيم اليمن وفق ما عرف بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف المنطقة العربية بما في ذلك اليمن ولو لاحظنا أن مشروع الستة الأقاليم أول من طرحها كان السفير الأمريكي السابق في اليمن قبل مؤتمر الحوار بستة أشهر تقريبا ووفقا لذلك تم تقسيم المناطق العسكرية إلى سبعة مناطق تمهيدا لهذه الأقاليم. لكن وعي أبناء الشعب اليمني افشل هذه المؤامرات خصوصا بعد ثورة 21 سبتمبر 2014م التي رأى فيها الجنوبيون بارقة أمل في إصلاح أوضاع البلد وحل المشاكل وبدأ فعلا التواصل حينها بقيادة الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي  للتنسيق لولا تدخل العدوان الذي أوقف ذلك.
وهنا انوه بأن بعض فصائل الحراك الجنوبي أعلنت رفضها لهذا الإعلان كما أكدت بعض القيادات رفضها تقسيم اليمن وأبرزها موقف الرئيس علي ناصر محمد.
رهانات خاسرة
وعلى ماذا يراهن الاحتلال لتحقيق الانفصال ؟
– هناك الكثير من العوامل والأسباب التي يراهن الاحتلال لتحقيق الانفصال فعلى مستوى الداخل استغلاله مظلومية أبناء المحافظات الجنوبية المتمثلة في القضية الجنوبية والتي دائما ترفع كشعار لدغدغة عواطف أبناء الجنوب بالإضافة إلى محاولته إذكاء الصراعات المناطقية والمذهبية ، كما يراهن بشكل كبير على تفكيك النسيج الاجتماعي من خلال الزج بأبناء الجنوب في جبهات المواجهات ضد الجيش واللجان الشعبية وهذا يترتب عليه اثار سيئة في إيجاد الحقد والكراهية بين أبناء البلد الواحد أما العوامل الخارجية فتستند دول الاحتلال إلى الدعم الأمريكي المباشر.
الجبهة الداخلية
كيف يمكن الحفاظ على الجبهة الداخلية والنسيج الاجتماعي ؟
الجبهة الداخلية هي سبب الصمود الأسطوري للشعب اليمني لأكثر من عامين في وجه حرب عالمية تشن على اليمن ولذلك يركز العدوان حاليا على تفكيك الجبهة الداخلية فبعد فشله عسكريا في الجبهات واقتصاديا في إركاع الشعب من خلال نقل البنك المركزي اليمني وسياسيا ها هو الآن يلقي بثقله في محاولة تفكيك الجبهة الداخلية من خلال زرع بعض المندسين ليقوموا بأدوار مشبوهة خدمة للعدوان وبالوعي وتوحيد الجهود في مواجهة العدوان وتصويب كل الجهود في التصدي لمؤامراته ستكون الجبهة الداخلية قوية ومتماسكة كما يجب أن أنبه أيضا إلى عدم الانجرار من بعض الإعلاميين في المحافظات الشمالية إلى بعض العناوين المنطقية في التعاطي مع الأحداث في الجنوب لان هذا يخدم توجهات الاحتلال فلا زلنا شعبا واحدا يجمعنا عدوان واحد وما يجري في الجنوب سحابة صيف ستزول قريبا.
ثبات وصمود
صمود الشعب اليمني لعامين ونيف من العدوان في ظل هذه الحرب الشرسة والحصار المطبق كيف تنظرون إلى ذلك   ؟
– حقيقة أن صمود الشعب اليمني نستطيع معرفة عظمته وقوته من معرفة حجم المؤامرات التي تنهال على الشعب اليمني عسكريا واستخباراتيا وسياسيا وثقافيا وأخلاقيا حيث استخدم العدوان كل ما استطاع فعله بأسلحته وأمواله ومخابراته وإعلامه ووووالخ, هنا ندرك قيمة هذا الصمود الأسطوري العظيم ولو شن هذا العدوان الكوني والعالمي على إحدى البلدان العظمى فما بالك باليمن ، وهذا يقودنا إلى نتيجة واحدة ان الصمود بفضل الله وعونه ثم بحكمة قيادة الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي يواجه العالم ويقدم الدروس لكثير من الشعوب في مواجهة الظلم والعدوان ثم بفضل صمود الشعب اليمني العظيم.
أما تداعيات هذا الصمود فله أكثر من شق, فعلى المستوى الداخلي فهو يعبر عن ولادة يمن كبير حر ومستقل يبني نفسه بنفسه دون اللجوء لأحد ودائما تولد الشعوب العظيمة من رحم المعاناة وهذا ما يحققه الشعب اليمني في هذه المرحلة أما على  مستوى المنطقة سنلاحظ ان الدول التي شنت العدوان لن تخرج كما كانت وستتغير خارطة و المنطقة من جديد لصالح الشعوب الحرة والمستقلة وستكون على موعد مع اليمن الجديد الذي سيكون له الأثر الكبير في ملفات المنطقة والعالم وسيعود إلى تاريخه المجيد والحضاري ولن أبالغ إذا ما قلت أنه سيكون لليمن شأن سياسي واقتصادي وثقافي كبير في المنطقة ستحتذي به الشعوب الأخرى فهو على مدى التاريخ شعب الحضارة والثقافة والعزة والكرامة ونصرة الإسلام واليوم يعود لمكانه الطبيعي.
أما على المستوى العالمي فبما يمتلكه اليمن من موقع جغرافي استراتيجي عالمي سيكون محط أنظار بقية دول العالم التي لن تتعامل معه كتابع أو ملحق لها في مصالحها.
المجتمع الدولي
كيف ينظر المجتمع الدولي إلى مطالب”فك الارتباط”؟
– إلى الآن لازال المجتمع الدولي يستغل قضية الجنوب في تحقيق إطماعه ومصالحه وبين الفترة والأخرى نسمع تصريحات متقلبة من بعض الدول بحسب ظروف الصراع الدولي على باب المندب واليمن ولكني أرى أن المجتمع الدولي ينظر إلى مسألة تقسيم اليمن من نظرة شاملة تعم المنطقة فمتى ما نضجت الأحداث في بعض الدول كسوريا والعراق سيعمل المجتمع الدولي على محاولة فك الارتباط بشكل فعلي لأن المسألة من أساسها تخدم مصالحهم الاستعمارية المتمثلة في تفكيك المنطقة وشعوبها لنهب ثرواتها والسيطرة عليها.
الشارع الجنوبي
الشارع الجنوبي كيف ينظر لهذه التطورات ؟
– هناك ثلاثة اتجاهات في الشارع الجنوبي: الأول يرى اعتماده على المجتمع الدولي هو الذي سيحقق فك الارتباط ولازال متمسكاً به, والثاني فقد الأمل في المجتمع الدولي خاصة بعد الكثير من الوعود التي لم تتحقق على ارض الواقع, والرأي الثالث يرى ان الوحدة هي الحل الصحيح مع تصحيح بعض الاختلالات التي رافقتها.
كلمة أخيرة لكم?
– إذا كان من كلمة أخيرة فأوجهها لأبطال الجيش واللجان الشعبية المجاهدين الأحرار وأقول لهم اقبل أياديكم وجباهكم التي رفضت الانحناء إلا لله ولولا انتم لكان اليمن شيئاً آخر كما أن لأسر الشهداء والجرحى الدور الأكبر بعد الله في صمودنا وتضحياتهم هي التي جعلتنا نعيش في امن واستقرار وعزة وكرامة وشموخ وفي الأخير أقول أن علينا كشعب يمني الاستعانة بالله والثقة به فهو القادر على كل شيء وهو ناصرنا وليس علينا إلا الصبر في مقام العمل والتحرك في مواجهة العدوان ومنافقيه والنصر حتما حليفنا وما ذلك على الله بعزيز.

قد يعجبك ايضا